طريقة تنظيف الجسم من النيكوتين

الصحَّة تاجٌ على رؤوس الأصحَّاء، لا يراها إلا المرضى، فالصحة من النِّعم الهامَّة التي لا تُقدَّر بثمن، ومعظمنا غافل عنها، فأجسامنا أمانة في أعناقنا، سنُسأل عنها يوم القيامة، وممَّا لُوحِظ في الآونة الأخيرة انتشار عادات غير صحية، وقد اعتمدها معظم الأشخاص بوصفها تقليداً وموضة حتى انتشرت بكثافة، وانتشرت معها الأوبئة والأمراض، ومن أبرز تلك الظواهر التي تدل بمفهوم الجيل الجديد على المكانة المرموقة ظاهرة التدخين، هذه الظاهرة التي تبدأ من أجل تقليد الآخرين وتنتهي بالإدمان، يستمر الفرد في شربها بكثرة، فتراه لاحقاً جثة هامدة، وبعضهم يدرك مدى خطورة الأمر، فيبحث عن سبل للإقلاع عنها.

لقد كثرت برامج التوعية التي تهدف إلى مساعدة الشباب على التخلص من هذا السَّم القاتل، فخرجت بحلول كثيرة لتشجيع الشباب على الابتعاد عن أهوال ومخاطر التدخين، فالسجائر على الرَّغم من صغر حجمها، فإنَّها تحتوي مادة النيكوتين التي تعدُّ مادة كيمائية في التبغ تجعل الإقلاع عن التدخين أمراً صعباً، فهذه المادة أي النيكوتين تصل في ثوانٍ قليلة بعد استنشاقه إلى الدماغ، ومن ثمَّ يعمل الدماغ على إفراز مواد كيميائية يُطلَق عليها الناقلات العصبية، وتؤدي دوراً في تنظيم المزاج والسلوك، ويعدُّ النيكوتين من المخدرات، وله تأثير في الجسم، ومع ذلك له فوائد وسلبيات كثيرة.

أضرار النيكوتين:

قد يسبب تناول النيكوتين أضراراً كثيرة، منها:

• زيادة في ضغط الدم.
• زيادة في معدل ضربات القلب، وتدفق الدم إلى القلب.
• تضيُّق الشرايين.
• تصلُّب جدران الشرايين والذي يؤدي إلى نوبة قلبية.

يرى الباحثون ضمن هذا السياق أنَّ النيكوتين يبقى في الجسم من 6 إلى 8 ساعات حسب عدد مرات التدخين مثله مثل كل المواد التي تؤدي إلى الإدمان.

كيف تتخلص من النيكوتين في الجسم؟

1. الإرادة:

على المدمن على النيكوتين اتخاذ القرار أولاً، فهو أمام تحدٍّ صعب، عليه أن يحدِّد الهدف من تركه، وما الذي جعله يُقدِم على هذه الخطوة، والإصرار على الالتزام ببرنامج أو خطة التخلص من النيكوتين، فثمَّة محاولات باءت بالفشل لعدم وجود الإرادة أولاً.

2. الاختيار:

يقصد بالاختيار اختيار اليوم المناسب للبدء بالخطة، يوم هادئ خال من أي توتر نفسي، أو مقرون مع حدث هام يعرقل خطة البدء.

3. المحفزات:

ثمَّة بعض الأشياء التي يستخدمها المدخن تحفزِّه على الاستمرار بالتدخين، مثل: (شعلة النار، أو ما تعرف بالقداحة، وعلب الكبريت، ومطفأة السجائر)، هذه الأشياء يجب التخلص منها؛ لأنَّها تجعل المدمن على استعداد دائم لاستخدامها، فلا بدَّ من الحزم في التعامل مع هذه المحفزات، فالقهوة الصباحية محفِّزة، ولتجنُّب التدخين في الفترة الصباحية يمكن تأجيل تناولها واحتسائها في العمل؛ أي عندما يكون الوقت غير مناسب للتدخين، ومن الأشياء التي تخفِّف التوتر بسبب عدم التدخين، كرات الضغط؛ لذا احتفظ بواحدة منها بجانبك، ستساعدك على التقدم نحو تحقيق هدفك.

4. شرب الماء:

يُنشِّط شرب الماء عمل الجسم وخاصة الكلى، ويعدُّ الماء مساعداً قوياً على تخليص الجسم من النيكوتين بطرحه من خلال البول، وكذلك في التخلص من السموم المتبقية الناتجة عن التدخين خارج الجسم، ويمكن أن يكون مفيداً جداً في التغلب على مُسبِّبات النيكوتين.

نَصَحَ البروفيسور "أندريه ديمين" رئيس الجمعية الروسية للصحة العامة بشرب الماء؛ إذ قال: (إنَّ كلَّ من قرَّر التخلي عن التدخين، عليه شرب كمية أكبر من الماء؛ إذ يساعد الماء على طرد المواد السامة من الجسم، وقارورة الماء التي يحملها الشخص في يده ستكون بمنزلة العلاج البديل).

5. الرياضة:

أثبتت الدراسات والأبحاث أنَّ ممارسة التمرينات الرياضية تزيد من فرصة الإقلاع عن التدخين، على أن تكون هذه التمرينات معتدلة لمدة 10 دقائق، فالرياضة تحدُّ من الرغبة الشديدة في التدخين، وقد تحدَّث عن ذلك الدكتور "أليكس بايلي"، وهو كبير المحاضرين في علم الأعصاب في جامعة "سانت جورج" في المملكة المتحدة من خلال تجربة أجروها على الفئران؛ إذ زوَّد الفئران بالنيكوتين لمدة 14 يوماً، ثمَّ قسَّمها إلى ثلاث مجموعات، بعد ذلك وُضِعَت فئران المجموعة الأولى على عجلة الجري مدة 24 ساعة، ومارست فئران المجموعة الثانية الجري على العجلة لمدة ساعتين في اليوم، في حين لم تمارس فئران المجموعة الثالثة الجري نهائياً.

قيَّم الباحثون القائمون على التجربة أعراض الإقلاع عن النيكوتين لدى القوارض وحلَّلوا دماغها، فوجدوا أنَّ الفئران المزوَّدة بالنيكوتين والتي مارست الجري لمدة ساعتين أو 24 ساعة، أظهرت انخفاضاً كبيراً في شدة أعراض الإقلاع مقارنة مع المجموعات الأخرى، ومن خلال هذه التجربة توصَّلوا إلى أنَّ التمرينات في الفترة التي تسبق التوقف عن التدخين لها تأثير وقائي، ويساعد على الإقلاع عن التدخين والتخفيف من شدة أعراض الإقلاع.

شاهد بالفيديو: كيف تتصرّف إذا اكتشفت أنّ ابنك مدمن على التدخين؟

6. الغذاء:

يؤدي الغذاء دوراً هاماً في برنامج الإقلاع عن التدخين إلى حدٍّ كبير، وهنا سنذكر أهم الأغذية التي تساعد على ذلك:

• الحليب: كوب من الحليب يساهم كثيراً في الحدِّ من الرغبة في التدخين، أو تناول الأغذية المصنوعة من الحليب، مثل الزبادي، والجبن بأنواعه.
• البروكلي: من المواد الغنية بالفيتامينات، وتعمل على تنقية الرئة من مادة النيكوتين والسموم الأخرى الموجودة في الرئتين.
• الزنجبيل والقرفة: يؤدي الزنجبيل دوراً رئيساً في الإقلاع عن التدخين، فهو يعمل مُطهِّراً للرئتين من السموم التي يتركها التدخين فيها، أمَّا فيما يخص القرفة تساعد على القضاء على الرغبة في التدخين مرة أخرى، فهنا يمكن للفرد صنع كوب ساخن من الزنجبيل والقرفة وشربها يومياً، أو إضافتها إلى بعض الأطعمة التي نتناولها لتكون مساعدة على عملية الإقلاع عن التدخين، والتخلص من النيكوتين.
• العصائر:لا سيما عصير الجزر؛ إذ يعزِّز مناعة الجسم من خلال احتوائه على أكثر من نوع من الفيتامينات مثلA ، B، K،
• فاكهة الكيوي: أثبتت الدراسات أنَّ لهذه الثمرة فوائد لا تُحصى، فهي عامل هام في إخراج النيكوتين من الجسم بشرط تناولها يومياً في أثناء فترة الإقلاع عن التدخين.
• البرتقال: يقلِّل النيكوتين من فيتامين c؛ لذا فالبرتقال يعوِّض النقص في هذا الفيتامين.
• الشاي: يستطيع المُقلع عن التدخين شرب الشاي في حال شعر بتوتر وقلق بعد الإقلاع عن التدخين والتخلص من النيكوتين، فهو يساعد على الاسترخاء، ويحوي مضادة أكسدة.

7. التركيز على الأيام الأولى للإقلاع عن التدخين والتخلص من النيكوتين:

أي الأسبوعين الأوائل من خطة الإقلاع، هذه الفترة هي الأهم، وهنا عليك الابتعاد عن الأصدقاء المدخنين، كافئ نفسك وادعمها، ودرِّب نفسك على قول: (لا شكراً، أنا لا أدخن)، قاوم لأجلك صحتك.

كيف تكون حالة الجسم عند الإقلاع عن التدخين والتخلص من النيكوتين؟

• يعود مستوى أول وأكسيد الكربون إلى طبيعته في الدم، وتزداد طرداً مع ذلك كمية الأوكسجين في الدم، بعد ثمانية ساعات.
• سينخفض ضغط الدم، وكذلك النبض، وترتفع درجة حرارة كل من القدمين واليدين، بعد مرور عشرين ساعة .
• تخف احتمالية الإصابة بنوبة قلبية بعد انقضاء 24 ساعة.
• تتكيَّف الأعصاب مع غياب النيكوتين، وتعود قدرة الشم والتذوق إلى طبيعتها، بعد مرور 48 ساعة.
• ترتخي الشعب الهوائية بعد مرور 72 ساعة.
• تتحسَّن الدورة الدموية والقدرة على ممارسة الرياضية، وينخفض السعال واحتقان الجيوب، بعد مرور 1-3 أشهر.
• تزداد طاقة الجسم الإجمالية، وتنمو الأهداب في الشعب الهوائية مرة أخرى، وتعود قدرة الرئتين على التعامل مع المخاطر وتنظيف نفسها، بعد مرور 1-9 أشهر.
• تنخفض نسبة الإصابة بكافة أنواع السرطان، بعد 10 سنوات.

تختلف الفترة التي يحتاج إليها كل فرد للتخلص من النيكوتين، فبحسب الدراسات يحتاج الأشخاص ممَّن تجاوزت أعمارهم 65 إلى وقت طويل أكثر من الفئات العمرية، كما بيَّنت أيضاً أنَّ النساء يحتجن إلى وقت أقل من الرجال للتخلص من النيكوتين، وعموماً تعدُّ فترة أسبوعين هي الفترة التقريبية التي يحتاج إليها جسم الإنسان للتخلص من النيكوتين.

في الختام:

إن كنت من أولئك الذين سيتبعون برنامجاً للتخلص من النيكوتين، فربما هذا المقال قد يفيدك، يمكنك اتباع العلاج البديل كما ذُكِر سابقاً، ولا تستخدم أفكاراً غير مُجدية، كاستخدام منتجات التبغ القابلة للذوبان، والمصاصات، والمرطبات بنكهة النيكوتين، والسيجار، والغليون، والشيشة، فهي بدائل غير نافعة، وإذا اضطررت إلى بدائل، فعليك باستشارة طبيبك الخاص الذي سوف يدعمك ببعض الأدوية التي تساعدك على خوض هذه المعركة الصعبة ضد النيكوتين، وتعبيراً عن قساوة التعاطي مع النيكوتين وصف الشاعر "زكي فيصل" التدخين ولفافة التبغ بالأبيات الآتية: