زهرة النرجس: سر رائحتها وخواصها واستخداماتها وتأثيرها

يدهشنا الكون بجماله وسر مخلوقاته، ومن نعم الله علينا أنَّه خلق هذا الوجود على شكل لوحة فنية متكاملةٍ مبهجة وتضج بالجمال والانبهار، وأجمل ما في هذا الوجود هو الزهور بكافة أصنافها المتنوعة والمختلفة، التي ندركها بالحواس ونبتهج بشمها وقطفها وسقايتها، وتبقى زهرة النرجس العطرة أجمل الزهور ولها مكانة عظيمة في قلب كل إنسان، كما أنَّها ترمز للأصالة والفرح والثقة بالنفس؛ لذا في هذا المقال سنجد أفكاراً جوهرية عن حقيقة هذه الزهرة وسر بهجتها وكمية الطاقة الإيجابية التي تمنحنا إياها.



ما هو معنى زهرة النرجس؟

كانت تسمى النرسيس أو النرجس، وهي نوع من أنواع الرياحين مدورة الشكل ولونها أبيض مصفر، كما ورد هذا المصطلح في علم النفس ودل على إعجاب الفرد بنفسه، ومن هنا أتت عبارة شخص نرجسي؛ أي يعشق نفسه، ويعود اسم نرجس من النرخ اليوناني وهو نوع من المخدرات؛ أي إنَّ هذه النبتة كانت بمنزلة مخدر قوي وفعال للأعصاب والعضلات لدرجة أنَّها قد تسبب شللاً للإنسان.

بالنسبة إلى شكل زهرة النرجس، فهي نبات يتوضع على هيئة كوب أو كأس لونه أصفر مائل إلى البرتقالي وله بتلات بيضاء عطرة، كما توجد أنواع منه تزين الحدائق والبساتين والمشاتل وتسمى هذه الأنواع نرجساً برياً أو نرجس البوق أو النرجس الزائف.

ما هو أصل كلمة نرجس؟

هو اسم علم يشير إلى الإناث من أصل يوناني وكان يدعى "نرسيس"، وعند اليونانيين كان الاسم يشير إلى المذكر وليس المؤنث، وجاءت إلى بلاد العرب عن طريق الفارسيين، وهي عبارة عن زهرة صفراء اللون تنبت في الحقول والحدائق والبساتين، وقد كان الأكراد يلفظونها: "نركَس"، أما الأرمن فكانوا يلفظونها: "نرسيس".

ما هو سبب التسمية؟

يرجع سبب تسمية زهرة النرجس الجذابة بهذا الاسم إلى شخص يدعى ابن سيفيسوس، وقصة هذا الشاب أنَّه نظر في بركة ماءٍ صافية فرأى صورته في الماء؛ أي انعكاساً لوجهه، فتهيأ له أنَّه رأى حورية المكان أو أنثى في منتهى الجمال، وعندها رمى بنفسه في البركة ليصل للحورية من شدة انبهاره بها، فسقط على رأسه ومات، وحين جاءت الحوريات ليستلمن جسده، وجدوا فوق قميصه زهرةً فسموها نرجس، وقد اقتبسوها من اسم الشاب نفسه تقديراً وتكريماً له.

ما لا تعرفه عن النرجس:

هي واحدةٌ من أكثر من 40 صنفاً ينتمي إلى عائلة النباتات البصيلية، وتنتمي إلى مجموعة اسمها "مارس"، وتعود أصول هذه الزهرة الجميلة إلى الغابات والحدائق الأوروبية، وتُصنَّف على أنَّها ملائمة للزينة، وتضم هذه الفصيلة ثلاثة أنواع من النرجس: النرجس البري، والنرجس المزيف، والنرجس الشاعر، ومن أهم فوائدها أنَّها تُضاف إلى الأدوية المركبة للعلاج ضد الأمراض، ويستفاد من زيوتها للزينة وتجميل الأماكن وتدخل في تركيب العطورات.

الجدير بالذكر أنَّ نباتات زهرة النرجس تُعَدُّ من النباتات المعمرة؛ أي التي تعيش طويلاً وتتفتح زهورها في موسم الربيع، وتأخذ أوراقها شكلاً مفلطحاً تبدأ بالنمو من قاعدة النبتة ويتراوح ارتفاعها بين 5 سم و1.2م، كما يختلف شكل زهرة النرجس حسب شكل الورقة، فبعضها يأخذ شكل البوق وهذا ما نراه في النرجس البري بألوانه الثلاثة البيضاء والصفراء والوردية، ويمكن أن تأخذ شكل الفنجان كما في النرجس الشاعر.

سر رائحة النرجس:

تتمتع زهرة نبات النرجس برائحة زهريةٍ عطرية باردة لطيفة محببة؛ لذا استخدم العرب العطر المستخلص من هذه الرائحة منذ آلاف السنين، وبعد العرب جاء الرومان؛ إذ طوروا صناعة العطور وخاصة عطر زهرة النرجس، وكانت لهم الريادة في اكتشاف عطور مميزة قوية الرائحة من أزهار ونباتات ظهرت حديثاً في تلك الحقبة من الزمن.

من أهم استخدامات عطر النرجس هو تزيين الجسم قبل البدء بطقوس الصلاة والمناجاة في الهند، وعلى الرغم من وجود أنواع من نبات النرجس لا تعطي روائح مميزة، يبقى النرجس صاحب العطر اللطيف والروائح الزكية ومصدراً للبهجة والنشاط والحيوية.

ما هي أهم خواص النرجس؟

  1. تحتوي أوراق نبات النرجس على بلورات حادةٍ وسامةٍ؛ لذلك تُشكِّل مصدر حماية لها فلا تجرؤ السناجب والقوارض والحشرات والكائنات الغريبة على الاقتراب منها؛ وذلك لأنَّها ستموت بسرعة بفعل هذه البلورات.
  2. تضم فصيلة نبات النرجس أنواعاً كثيرة ومتعددة ومختلفة يصل عددها إلى 13000 نوع من النرجس البري.
  3. تتكاثر نباتات النرجس جنسياً عن طريق إنتاش البذور أو عن طريق انقسام البصيلات.
إقرأ أيضاً: الزهور بين الجمال والفوائد العلاجية

زراعة نبات النرجس:

يُزرع نبات النرجس تقريباً في كل بقاع العالم، ولكنَّ موطنها الأصلي في إسبانيا والبرتغال والنمسا وفرنسا، ويصح القول إنَّ البصيلات الأولى لنبات زهرة النرجس وصلت أولاً إلى دولة بريطانيا العظمى في عام 1400 ميلادية، وبعد فترةٍ وجيزةٍ نُقلت هذه البُصيلات إلى أمريكا الشمالية.

تعتمد قوة صلابة الزهرة ومتانتها بناءً على قوة ومتانة بُصيلاتها، ويجب أن تُزرع في بداية فصل الخريف؛ أي قبل قدوم موعد الصقيع والبرد، وفي موسم الربيع يحين موعد تفتحها، كما ينبغي العناية بزراعتها وسقايتها باستمرار، فهي واحدة من أجمل الزهور في العالم.

فيما يخص زراعة النرجس، يمكننا أن نستفيض ونذكر أنَّ النرجس يحتاج إلى بيئة جيدة وملائمة للنمو، وتربة مائلة إلى الحموضة بعض الشيء وقابلة إلى التصريف وغنية بالأملاح والمعادن.

غالباً ما يتم زرعها في سفوح التلال والجبال أو في الأودية والأغوار المنخفضة، ويُعَدُّ تصريف التربة عاملاً هاماً لنمو الزهرة وتشكلها؛ لأنَّه يحمي بُصيلاتها من التعفن والاهتراء، وفي الحقيقة، تنمو هذه الزهرة بسرعة في الأماكن الأكثر تعرضاً للشمس ويتباطأ نموها بشكلٍ تدريجي وملحوظ في الأماكن الظليلة، ويبدأ تفتحها في نهاية شهر شباط/ فبراير وبداية شهر آذار/ مارس في مواسم الربيع فتكون زهرة النرجس أول الأزهار التي تتفتح في الربيع.

من صور العناية بزهرة النرجس أنَّها تحتاج إلى السقاية اليومية المتكررة بشكل دوري وخصوصاً في أيام الشتاء الجافة قليلة الأمطار، بالإضافة إلى الاهتمام بتخصيبها ووضعها في بيئة وتربة مغذية ومساعدة للنمو، وفي حال ماتت الزهرة، لا تُستأصل الأوراق الميتة؛ بل تُترك كما هي لأنَّها تساهم في تزويد البصيلات بالطاقة وتخزينها للمواسم القادمة حتى يحين موعد الإزهار.

ما هي فوائد زهرة النرجس؟

  1. تساهم في التئام الجروح.
  2. تخفف المشكلات الناتجة عن صعوبة الرؤية.
  3. تحفز التقيؤ.
  4. تسكِّن الألم.
  5. تعالج ألزهايمر المبكر.
  6. تعالج تخثُّر الدم.
  7. تعالج الحروق من الدرجة الثانية والثالثة.
  8. تخلِّص الجسم من المواد السامة.
  9. تساهم في التخلص من آلام المفاصل والروماتيزم.
  10. تخفف من حدة وألم التورم المرافق لالتهاب المفاصل الناتج عن النقرس.
  11. تساعد على مكافحة السرطان.
  12. تزيد عشبة النرجس من كثافة شعر الرأس عند الرجل والمرأة.
  13. تعالج حالات التقصف وتساقط الشعر والثعلبة.
  14. تخفف من انتشار الكلف والنمش.
  15. تقوي الجملة العصبية.
  16. تدعم مناعة الجسم.
  17. تزيد من مقاومة الجسم للأمراض والإنتانات الفيروسية.

ما هي الآثار الجانبية للإفراط في استخدام زهرة النرجس؟

  1. مص جذع الزهرة يؤدي إلى الشعور بالبرد والارتعاش ومن ثم الإغماء.
  2. إنَّ عملية المص يمكن أن تؤدي إلى تهيج مخاطية الفم وتورم كل من الفم والحلق واللسان والبلعوم.
  3. تضر بصحة الرئتين.
  4. زيادة الشعور بالتقيؤ.
  5. اضطرابات دماغية وعصبية.
  6. إسهال.
  7. تهيجات وتورمات جلدية.
  8. يمنع تناولها من قِبل المرأة الحامل لأنَّها قد تكون سبباً في حدوث الإجهاض.

مم تتكون زهرة النرجس؟

تتكون أزهار النرجس البرية من مكونين أساسيين: منطقة أولى تدعى البتلات أو الشجرة، ومنطقة ثانية تدعى الكوب أو الهالة التي تشكل عنصر جذب للعين وتمنح الزهرة ألقاً ولمعاناً وهالة من السحر قل نظيرها، والكوب يشبه الإكليل يضفي على الزهرة حلاوة وبريقاً، كما يمكن أن تتكون الزهرة من ساقٍ رفيعة أو بالأحرى مجموعة سيقان رفيعة قد تكون قصيرة أو طويلة إلى جانب أوراق خضراء اللون خفيفة الوزن تنبت من البصيلات.

زهرة النرجس

ما هي استخدامات زهرة النرجس؟

  1. مضاد للجراثيم.
  2. مضاد للفيروسات.
  3. مضاد للفطريات.
  4. علاج للملاريا.
  5. مبيد حشري وفطري.
  6. مسكن للألم.
  7. قاتل للورم.
  8. علاج لالتهاب المفاصل.
  9. علاج للاكتئاب.
  10. تزيين المنزل.
  11. محسن للمزاج.
  12. يدعم الصحة النفسية.
  13. يقوي البشرة.
  14. يحمي البشرة من الجفاف.

ما هي أسماء عشبة النرجس؟

  1. العهبر.
  2. القهد.
  3. الفعو.
  4. الفاغية.
  5. النرجس البري.
  6. دموع الملاك.
  7. الزنبق الصيني المقدس.
  8. النرسيس.

ماهي أنواع عشبة النرجس؟

  1. النرجس الرقيق.
  2. النرجس الجلدي.
  3. النرجس الورقي.
  4. نرجس أعالي الجبال.
  5. النرجس الطنجي.
  6. النرجس الأطلسي.
  7. النرجس أبيض الحواف.
  8. نرجس البوق.
  9. النرجس المقوس الكبير.
  10. النرجس المقوس الصغير.
  11. النرجس المزدوج.
  12. نرجس ترياندروس.
  13. نرجس سيكلامينوس.

إليك بعض الأمراض التي تفتك بزهرة النرجس:

1. ذبابة النرجس الكبيرة:

هي عبارة عن ذبابة شكلها يشبه شكل النحلة الطنانة، وتضع هذه الذبابة البيوض في مكان منخفض قريب من الأرض وتنتظر مدة سبعة أيام؛ أي أسبوعاً كاملاً حتى تفقس البيوض وتعطي ذبابات صغيرات وتسمى باليرقات، وتمشي هذه اليرقات على الأرض حتى تصل إلى بصيلة نبتة النرجس وتتغذى عليها حتى يكبر حجم اليرقات، ولا توجد أي طريقة مؤكدة للتخلص منها، لكن يمكننا أن نلجأ لاستخدام غطاء زراعي لتغليف النبتة وتغطيتها.

إقرأ أيضاً: زهرة الاقحوان: استخداماتها وفوائدها

2. ذبابة النرجس الصغيرة:

أيضاً هي ذبابة ولكنَّها تنتج بمعدل 3 أجيال من اليرقات في السنة الواحدة، ويمكن أن تنمو عدة يرقات على البصيلة الواحدة على عكس ذبابة النرجس الكبيرة؛ إذ تدخل إلى كل بصيلة يرقة واحدة، والاعتقاد السائد بأنَّ هذه اليرقات تهاجم فقط البصيلات المصابة ولا تنمو على البصيلات الصحيحة.

3. النيماتودا:

تسمى بالديدان الخيطية، ولا تستطيع العين المجردة رؤية هذه الديدان بشكل حقيقي إلا عندما تظهر أعراضها بوضوح على ساق نبتة النرجس وأوراقها؛ إذ تظهر هذه الديدان على شكل آفات ملونة بالأصفر متوضعة على هيئة تكتلات بارزة بوضوح، ولا يمكن للنبتة أن تشفى منها بشكل كامل؛ بل نلجأ إلى القضاء على النباتات المصابة بهذا النوع من الآفات وإبادتها بالحرق؛ لأنَّه لا يوجد علاج كيميائي فعال لها، لكن يمكن مواجهتها باستخدام الماء المسخن على درجات حرارة عالية.

4. تعفن البصيلات:

تنتج هذه الآفة المَرَضية عن كائن فطري وحيد يسمى بالاصطلاح العلمي "أوكسيسبوروم فيوزاريوم"، ويُعَدُّ تعفُّن البصيلات من الأمراض الخطيرة المستشرية في نبات زهرة النرجس، وينشط هذا الفطر السام خاصةً في فصل الصيف عند ارتفاع درجات الحرارة، فلا يمكن رؤية هذا الفطر بالعين المجردة؛ إنَّما يمكن أن نستدل على وجوده في حال موت وريقات النبتة بشكل مبكر قبل أن يكتمل نموها، وحين نفحص البصيلة سنلاحظ أنَّها طرية هشة وعليها مادة بنية اللون تحيط بالبصيلات وتبدأ بالانتشار من القاعدة باتجاه السطح، ومن الصعب علاجها أو القضاء عليها من الناحية الطبية.

5. احتراق الوريقات:

عبارة عن آفة مرضية تسببها فطور إسفنجية تؤدي إلى ظهور بقع كبيرة بنية تميل إلى الحمرة محاطة بحواف صفراء؛ وهذا يؤدي إلى موت النبتة باكراً، والعلاج الوحيد هو اعتماد الرش بالمبيدات الفطرية.

تأثير زهرة النرجس في سعادة الإنسان:

تُعَدُّ زهرة النرجس علاجاً قوياً للاكتئاب وتخفيف نزعة العنف والعدوانية عند الإنسان، فمن خلال رائحتها العطرة ومظهرها الجذاب، فهي تنقل الإنسان من شجون الهم ونوبات الاكتئاب إلى عالم آخر تسوده المحبة والسلام والصفاء والهدوء النفسي، ولأنَّ الله خلق هذا الكون بكل ما فيه من جبال وسفوح ووديان وسهول وهضاب فقد تكرَّم علينا بهذه الزهرة التي تبهج النظر وتزرع الفرح في القلب وتقضي على اليأس في هذه الدنيا.

في الختام:

إنَّ هذه الزهرة نعمة أوجدها الله على الأرض، ليس للتمتع بها فقط؛ بل لاستخدامها علاجاً لأمراض الجسد والروح؛ لذا العناية بها شكل من أشكال التحضر؛ وذلك لأنَّها تُعَدُّ مصدراً للجمال والبهجة والانتعاش والسرور، فمن الضروري أن نشجع على زراعتها وسقايتها والعناية بها وتوفير الظروف الملائمة لإنباتها ونموها والحفاظ على عطرها ورونقها وقوامها بعيداً عن البكتيريا والفطور والحشرات وغيرها من المواد القاتلة.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8




مقالات مرتبطة