خطوات لترتيب حياتك وعيشها بشكل جيد

يعد مرور الوقت أمراً قاسياً، حتى عندما تقرر تنظيم حياتك تنظيماً يجعلها أفضل حياةٍ تحياها؛ فقد تستيقظ ذات يوم وتجد أنَّك في شهر كانون الثاني (يناير)، وأنت متحمس تماماً للفرص التي يخبئها لك العام المقبل؛ فهذه هي السنة التي ستتغلب فيها على كل الأشياء التي تعيقك وتتقن عيش حياة جيدة؛ وفجأةً تمر الأيام بسرعة وتسأل نفسك أين ذهب العام؟ وماذا عن تلك الفرص؟



الحقيقة هي أنَّ التغيير لا يأتي دون عمل، وإذا كنت لا تعيش الحياة التي تريدها، فلا تتوقع الحصول عليها دون القيام بعملٍ ما.

بدون القيام بعملٍ ما، فأنت تعتمد على الحظ فقط، وهذا على الأرجح لن يوصلك لشيء. سيكون اليوم الذي تقرر فيه تولي زمام أمور حياتك الخاصة هو أكثر أيامك حظاً؛ لذا سنقدم إليك فيما يلي 5 خطوات لترتيب حياتك وعيشها بشكل جيد:

1. الصدق مع الذات:

يبدو الصدق مع النفس أمراً بسيطاً تماماً، لكنَّه ليس واضحاً كما نود أن يكون عادة؛ خذ هذا المثال البسيط: حينما يسألك أحدهم إن كنت تريد تناول قطعة حلوى، فقد يرغب جسمك في تناولها بينما قد يرفض عقلك ذلك، وحتى عندما يكفي أن تجيب عن سؤالٍ ما بـ نعم أم لا، ستجد صعوبةً في تقديم إحدى الإجابتَين دون أن يدور في ذهنك بعض الأفكار أولاً.

ستخلق بعض المعارك التي تعيشها مع نفسك الارتباك والألم، وتستنزف كل طاقتك وتستمر لسنوات، في حين سيكون بعضها مصدراً للترفيه لأقربائك وأحبائك، وفي كلتا الحالتين، توقع أن تكون في حالة من الارتباك والتوتر؛ لذا عليك أن تُدرك الطريق الذي سيجعل حياتك أفضل ويساعدك على ترتيبها بأفضل طريقة ممكنة.

هذا العام على وجه الخصوص، وبسبب جائحة كورونا، هناك الكثير من الناس غيَّروا أقوالهم من "أنا لست سعيداً في العمل" إلى "أنا على الأقل أمتلك وظيفة". يبدو ذلك عادلاً بما فيه الكفاية، ولكن أيَّاً من هاتين العبارتَين لا تُظهِرُ أنَّهم يعيشون حياة جيدة.

كيف ستعرف ما تريده حقاً إذا لم تكن صادقاً مع نفسك؟ عندما تقنع نفسك بأنَّ كل شيء يسير على ما يرام، ولكنَّك تستيقظ في الأسبوع التالي بنفس الشعور المزعج الذي شعرت به مسبقاً، اطرح على نفسك هذه الأسئلة: ما هو الشيء الذي يحتاج إلى تغيير في حياتك؟ ما الذي يحتاج إلى تنفيذ؟ كن صريحاً مع نفسك عندما تجيب عن هذه الأسئلة، فإذا كنت تريد تصميم حياتك تصميماً صحيحاً، فيجب أن تبدأ بأساس من الصدق والصراحة.

إقرأ أيضاً: الصدق و آثاره على الفرد والمجتمع

2. تحديد الأولويات:

الآن، عندما تكون صادقاً مع نفسك، فقد تتوصل إلى كثير من الإجراءات التي تريد اتِّخاذها، وقد تختلف هذه الإجراءات في الحجم والجهد مثل:

  • شراء فراش جديدة لتحسين نوعية نومك.
  • بيع منزلك والانتقال إلى الريف لتكون أقرب إلى الطبيعة.

مهما حدث، احتفظ بقائمة بكل الأشياء التي ستقربك من عيش الحياة بشكل جيد، وضع في اعتبارك أنَّه من الصعب جداً التفكير بوضوح عندما يتشتت انتباهك باستمرار بسبب الحياة اليومية ورسائل التنبيه القادمة من وسائل التواصل الاجتماعي؛ لذا حاول إيجاد وقت يمكنك فيه الذهاب إلى مكان هادئ والتفكير في أولوياتك.

وإذا كنت تجد صعوبةً في التوصُّل إلى قائمة صغيرة، فإنَّ كل ما تحتاجه هو استراحة، كما يمكن للتأمل أن يفعل المعجزات عندما يتعلق الأمر بالتركيز وتصفية ذهنك.

مهما فعلت، ابحث عن مزيد من الوقت لتكون وحيداً مع أفكارك، دون تشتيت انتباهك بأي شيء، ومع مرور الوقت سيظهر لك المزيد من الوضوح، وستلاحظ ظهور نفس الأشياء مراراً وتكراراً، فهذه هي الأشياء التي تهمك.

لا أحد يتوقع منك إدخال بنود العمل الخاصة بك في جدول بيانات إكسل، أو أن تصبح مديراً للمشروع الخاص بك، وتشرف على سير العمل في الوقت نفسه للتأكد من تسليم كل شيء قبل نهاية السنة المالية؛ فإنَّ القيام بالكثير من الأشياء في الوقت نفسه سيكون أمراً مربكاً؛ حيث لا يمكنك بين عشية وضحاها أن تقرر أنَّك ستبيع منزلك وتدرس للحصول على شهادة في تخصص معين، أو أنَّك ستلتزم بممارسة التمرينات الرياضية.

اكتشف الأشياء الأكثر أهمية بالنسبة إليك، فإذا كان بإمكانك فعل شيء واحد في قائمتك، فماذا سيكون؟ ولماذا؟ هل هناك بضعة إجراءات أصغر وأسهل في قائمتك يمكنك القيام بها؟

شاهد بالفدبو: 13 تقنية فعّالة لتحديد الأولويات

3. تحديد موعد نهائي:

يرتبط تحديد موعدٍ نهائي عند ترتيب الحياة بتحمُّل المسؤولية؛ إذ ربما قررت الانتقال إلى مدينةٍ أخرى حينما بلغتَ 10 سنوات، لكنَّك تبلغ الآن 45 عاماً وما زلت حيث أنت، هذا ما يحدث عندما لا تحدد لنفسك موعداً نهائياً؛ وفي الوقت نفسه، ستشعر بالضيق كلما تذكَّرتَ أنَّك لم تفعل أي شيء.

لتجنب ذلك، حدد لنفسك موعداً نهائياً يناسب الجهود الذهنية والعاطفية والبدنية المُتوقَّع بذلها في أثناء اتخاذ الإجراء، على سبيل المثال، لقد قررت أنَّك تريد تقليل عدد الوجبات السريعة التي تتناولها، فهذا إجراءٌ يمكنك البدء فيه على الفور وممارسته لعدة أسابيع حتى يصبح عادة عندك.

وكمثال آخر، حينما تقرر أنَّك تريد الخروج من علاقة متوترة، قد لا يكون من المتوقع حدوث ذلك خلال أسبوع؛ ذلك لأنَّك ستحتاج إلى التخطيط لكثير من الأمور، والبحث عن أشخاص يمكنك الاعتماد عليهم للحصول على الدعم، وما إلى ذلك، فالموعد النهائي لهذا الأمر يمكن أن يكون خلال ثلاثة أو أربعة أشهر، وفي الوقت نفسه، إذا حددت لنفسك موعداً نهائياً ولم تتمكن من الالتزام به، فلا تقلق على نفسك؛ بل امنح نفسك فترة قصيرة وعد إلى المسار الصحيح.

إقرأ أيضاً: 6 طرق تساعدك على التخطيط لحياتك بشكل جيد

4. عدم الضغط على نفسك:

عندما تقرر ترتيب حياتك واتخاذ إجراء بشأن شيء صعب، يجب أن تحتفِ بذلك، وإذا فشلت فيجب أن تشعر بالفخر للمحاولة، فقد يفرض علينا العالم الخارجي الكثير من الضغوط لإحراز مزيدٍ من الإنجازات؛ وإضافة الضغط الداخلي إلى الخارجي يضرنا أكثر مما ينفعنا، فبدلاً من ذلك، ركز على أن تدعم نفسك وتحبها حبَّاً غير مشروط، ولا تُحوِّل نفسك إلى ساحة حربٍ أخرى يجب عليك أن تخوضها.

5. تقبُّل الحياة:

من الهام أن ترغب في تحسين نفسك، ولكن ليس على حساب كراهية الأشياء التي تملكها في حياتك الحالية؛ توصَّل الفيلسوف آلان واتس (Alan Watts) لما يسمى "القانون العكسي" (the backwards law)، والتي تتمثل فكرته في أنَّ الرغبة في تحقيق مزيدٍ من الإنجازات بحد ذاتها أمرٌ سلبي؛ ذلك لأنَّها تؤكِّد على فكرة أنَّ ما تمتلكه الآن ليس كافياً.

وبمعنى آخر فإنَّ السعي وراء شيء ما يعزز فكرة أنَّك تفتقر إليه في المقام الأول، وهذا يجعلك تشعر بالحزن، ومع ذلك هناك حل وسط: اسعَ نحو ما تريده، ولكن ليس على حساب الشعور بالكره تجاه نفسك الآن، حيث يجب أن يكون مستقبلك ممتعاً وليس مهرباً من حياتك الحالية؛ لذا تقبَّل حياتك بين الحين والآخر، وكن متحمساً لما هو قادم، فمن المرجح أن تسعى إلى شيء ما إذا كنت تشعر بالحماس تجاهه، وليس إذا كنت خائفاً مما سيحدث إذا لم تفعله.

الخلاصة:

لقد حددنا في هذا المقال 5 خطوات لمساعدتك في ترتيب حياتك وعيشها بشكل جيد؛ ضع في اعتبارك أنَّ المثالية لن تأتي خلال هذه العملية؛ فالهدف ببساطة هو الحصول على أفضل حياة يمكنك أن تعيشها؛ لذا قرر ما هي أولوياتك وما الذي سيحسِّن حياتك على الأمد الطويل، هذه هي العملية، تمهل واستمتع بلحظاتك الحالية، واستمر في المضي قدماً في كل قرار تتخذه.

المصدر




مقالات مرتبطة