خطة التنمية الشخصية: معناها وأهميتها وكيفية إنشائها (الجزء الثاني)

بعد أن اطَّلعنا في الجزء الأول من هذا المقال على معنى خطة التنمية الشخصية وأهميتها، فإنَّنا سنتطرق اليوم إلى كيفية وضع الأهداف وتحقيقها في الحياة المهنية والشخصية، إضافةً إلى نموذج مؤلف من 6 خطواتٍ ممتعة وسهلة التطبيق يمكنك من خلالها إنشاء خطة تنمية شخصية مثالية من شأنها أن تصل بك إلى النجاح الذي تتمنَّاه.



كيفية تحديد أهداف التنمية الشخصية:

قبل أن تتمكن من إعداد خطة، عليك أن تتفكَّر في نفسك وتجيب عن بعض الأسئلة المتعلقة بالأهداف الشخصية؛ لذا اطرح على نفسك الأسئلة الآتية قبل أن تضع خطتك:

  • ما الذي أريد أن أحققه في حياتي؟
  • ما هي أهدافي وطموحاتي؟
  • ما هي العقبات التي تعترض طريقي لتحقيق هذه الأهداف؟

بعد الإجابة عن هذه الأسئلة، يمكنك إنشاء خطة شخصية تحتوي على بعض العناصر الأساسية التي يجب أن تركز عليها وهي:

  • تحديد النتيجة التي تعمل باستمرار على تحقيقها.
  • التخطيط الدقيق وتمهيد الطريق نحو تحقيقها.
  • إدراك العقبات.
  • فهم الدافع الأكبر وراء أفعالك.

عند تطوير خطة تنمية شخصية خاصة بالعمل، يجب أن تركز على بعض الأهداف التي تتسم بصفاتٍ معينة؛ لأنَّها قادرةٌ على تحسين حياتك الشخصية والمهنية؛ إذ يجب أن تكون أهدافك:

  • محدَّدة: ضع أهدافاً واضحةً ومفصلة، لا أهدافاً عامةً وعشوائية.
  • قابلة للقياس: حدِّد المؤشرات التي تدل على أنَّك تحقق هدفك.
  • قابلة للتحقيق: ضع أهدافاً صعبة، لكن يمكن تحقيقها بصورةٍ واقعية.
  • ذات صلة: يجب أن تتوافق أهدافك مع خطة تحسين الذات التي وضعتها.
  • محدَّدة بإطار زمني: حدِّد التاريخ الذي تريد بحلوله تحقيق هدفك.

ضع أهدافاً في حياتك المهنية:

حتى تُحرز تقدماً في حياتك المهنية يمكنك ملاحظته وقياسه، يجب أن تُوثِّق خطة عمل مفصلة لتطورك الشخصي، بعض الأمثلة عن خطط التنمية الشخصية الخاصة بالعمل تتضمن الإجابة عن الأسئلة الآتية:

  • ماذا أريد أن أتعلم؟
  • ماذا عليَّ أن أفعل؟
  • ما هي الموارد ومصادر الدعم التي سأحتاج إليها؟
  • كيف يمكن أن أقيس نجاحي؟

يجب أن تكون دقيقاً في إجاباتك قدر الإمكان، كلما أجبت بدقةٍ أكبر، كان من الأسهل عليك تتبُّع تقدمك، إنَّ معرفة التقدم الذي أحرزته ورؤية ثمار عملك الشاق سوف يمنحانك مزيداً من الثقة بنفسك وإحساساً بأنَّك حققت شيئاً هاماً.

تتضمن بعض الأمثلة على أهداف التنمية الخاصة بالعمل قاعدة الساعة الذهبية والحمية العقلية ذات الـ 21 يوماً.

قاعدة الساعة الذهبية:

ترسم هذه القاعدة مسار يومك، فإنَّ بدء يومك مبكراً واستثمار الساعة الأولى من اليوم في تطوير نفسك سيُحدث فرقاً هائلاً في مشاعرك، وسوف تبدأ برؤية نتائج إيجابية في يومك، كما ستنظر إلى نفسك نظرة أكثر إيجابية وسوف تُعزِّز تطورك الشخصي.

الحمية العقلية ذات الـ 21 يوماً:

تقتضي هذه الخطة الاستيقاظ مبكراً واستثمار أول ساعتين على الأقل من يومك في تطوير نفسك، خلال هذا الوقت الإضافي، ضع أهدافاً واضحة يمكنك العمل على تحقيقها في مكان العمل، فقد يُحسِّن ذلك إنتاجيتك وكفاءتك ويساعدك على الحصول على ترقية أو زيادة في الراتب.

يجب أن تشمل أهدافك أيضاً أهدافاً تعليمية؛ فيجب عليك معرفة المزيد لكسب المزيد؛ لذا ضع هدفاً يقتضي قراءة شيء تعليمي أو تحفيزي أو مُلهم كل يوم قبل الذهاب إلى العمل.

إقرأ أيضاً: أساليب تطوير وتنمية الذات : 14 طريقة لتطوير مهاراتك الشخصية

ضع أهدافاً في حياتك اليومية:

من الهام التركيز على بعض الأهداف الشخصية خارج مكان العمل أيضاً، وعلى غرار خطة العمل، تتطلب منك الخطة الشخصية التركيز على بعض النقاط الأساسية من أجل تحقيق أهدافك.

فيما يأتي مثالاً لخطة التنمية الشخصية:

  • ما هي الأهداف الهامة التي تريد تحقيقها؟
  • ما هو الموعد النهائي الذي حدَّدته؟
  • ما هي أكبر نقاط قوتك؟
  • ما هي أكبر التهديدات التي تواجهك؟

توجد عدة تخصصات للتنمية الشخصية التي تُمكِّنك من بلوغ النجاح عند تطبيقها تطبيقاً صحيحاً، وتتضمن بعض هذه التخصصات تحديد الأهداف، والتخطيط والتنظيم والتركيز على النشاطات القيِّمة.

تحديد الأهداف:

يمكنك تحديد أهدافك في الصباح الباكر ولن يستغرق منك الأمر سوى بضع دقائق، يمكنك ببساطة شراء دفتر ملاحظات وكتابة أهدافك العشرة في بداية كل يوم، وهذا سوف يغرسها في عمق عقلك الباطن ويحثُّك على السعي إلى تحقيقها.

شاهد بالفيديو: 11 هدفاً مهنيَّاً يجب عليك أن تسعى لتحقيقها دوماً

التخطيط ليومك:

يمكن أن يساعدك التخطيط والتنظيم على نهاية اليوم على الاستعداد استعداداً أفضل لليوم التالي، عندما تخطط ليومك وتُدوِّن مخططك على الورق، ستبدأ بتصور مهامك الهامة وسوف تحرص على العمل طوال اليوم من أجل إكمالها.

التركيز على النشاطات القيِّمة:

أي النشاطات التي تختار القيام بها خلال يومك ستقربك من أهدافك وتمنحك أكبر قدرٍ من المكاسب مقابل الجهد الذي بذلته، إنَّ التركيز على هذه النشاطات يساعد على الحفاظ على تركيزك ويساهم في نجاحك مثل أي تخصُّص آخر يمكنك تطويره، كما أنَّه يُمكِّنك من أدائها وتحقيق الأهداف المرتبطة بها بسرعةٍ أكبر.

نموذج خطة التنمية الشخصية:

إنَّ إنشاء خطة للتنمية الشخصية يمنحك شعوراً بأنَّك تتحكم جيداً بحياتك وأهدافك، وينبغي ألا يكون مهمةً شاقة، فاتبع هذا النموذج لكتابة خطة تنمية شخصية كي تبدأ بتحقيق أهدافك، توجد ست خطوات أساسية في هذا النموذج ستساعدك على اتخاذ الإجراءات وقياس مدى تقدمك.

الخطوة الأولى: تحديد الأهداف

اكتب قائمةً بأهم 10 أهداف تتمنى تحقيقها، وعليك كتابتها حقاً في مكان ما؛ أي على الورق أو في حاسوبك، بدلاً من تذكُّرها فقط؛ فالأشخاص الذين يُدوِّنون أهدافهم ويضعون خطةً واضحة يحققون أهدافهم بنسبة 30% أكثر من غيرهم.

ابحث عميقاً في داخلك وحدِّد الأشياء التي تريدها حقاً من الحياة، لا تُفكر ملياً في العقبات التي قد تعترض طريقك، وكن منفتحاً على الفرص والاحتمالات جميعها التي من شأنها أن تجعلك سعيداً حقاً في الحياة.

هذه هي أهداف الحياة، ومن المفترض أن تكون أهداف الحياة صعبة؛ لذا فقد تبدو ضخمة أو مرهفة أو حتى مخيفة، لكن لهذا السبب عليك تقسيمها إلى أهداف أصغر يمكنك التحكم بها والتعامل معها بسهولة، على سبيل المثال قد تكون إعالة أسرتك هدفاً هاماً طويل الأمد؛ لكنَّ التحدي هو تحديد الخطوات للوصول إلى هذه المرحلة، ستساعدك الأهداف الأصغر على تحديد تلك الخطوات حتى تمتلك خريطةً واضحةً يمكنك اتباعها.

عليك أيضاً أن تحدِّد السبب وراء كل هدف من الأهداف العشرة التي حدَّدتها، لماذا تريد تحقيق هذا الهدف؟ ما هو دور هذا الهدف في حياتك الشخصية والمهنية، وبالنسبة إلى صحتك وأحبائك؟ إنَّ معرفة السبب خطوةٌ ضروريةٌ لتحقيق النجاح؛ لأنَّها ستبقيك متحمساً لمواصلة التقدم إلى الأمام حتى تحقق ما تريده.

الخطوة الثانية: تحديد الأولويات

بمجرد تحديد أهدافك العشرة الأولى، اكتب أيَّاً من هذه الأهداف هو الأكثر أهمية بالنسبة إليك ولماذا، ابدأ بهدفك الأهم، ثمَّ حدِّد الأهداف والخطوات قصيرة الأمد اللازمة لتحقيق أهدافك طويلة الأمد.

ما الذي يجب أن يحدث اليوم حتى تتمكن من الوصول إلى الغد؟ قد يتطلب منك الأمر بعض البحث، اعتماداً على هدفك؛ على فرض أنَّ هدفك هو أن تصبح رائداً في مجالك، قد تتطلب بعض الأهداف قصيرة الأمد التي ستعطيها الأولوية للوصول إلى هذا الهدف تطبيق النصائح الآتية:

  • اختر موضوعاً أو تخصُّصاً في مجال عملك تريد التخصص فيه.
  • حدِّد كل ما يمكنك تعلُّمه عن هذا الموضوع من خلال التحدث إلى الأشخاص في مجال عملك، والقراءة عن الموضوع، وحضور الندوات والبرامج التعليمية عبر الإنترنت، وما إلى ذلك.
  • ثقِّف الآخرين من خلال كتابة المقالات.
  • ابدأ بمدونة صوتية وقدِّم معلومات قيِّمة.
  • أجرِ المقابلات على مدونتك الصوتية ومحطات الإذاعة والتلفزيون المحلية ووكالات الأنباء.
  • اكتب كتاباً وحاول نشره.
  • تحدَّث في المؤتمرات التي تقام في مجال عملك أو اعقد مؤتمرك الخاص.

الخطوة الثالثة: وضع إطارٍ زمنيٍّ لأهدافك

إنَّ تحديد المهلة الزمنية لتحقيق الأهداف أمرٌ بالغ الأهمية، فمن دونها قد تضيع أهدافك في فوضى الحياة اليومية أو تُنسى تماماً؛ لذا ضع جدولاً زمنياً لكل هدف من أهدافك، لكن كن واقعياً في توقيتك، وتأكد مسبقاً من احتمالية تحقيق هدفك خلال فترةٍ زمنية معينة كي تتجنب الإحباط.

على سبيل المثال إذا أردت التخلص من الديون بحلول العام المقبل، عليك أولاً اتخاذ الإجراءات الضرورية لكسب مزيدٍ من المال أو تقليل نفقاتك، قد يتضمن ذلك مزيداً من التعليم، أو العثور على وظيفة أفضل، أو إجراء تغييرات كبيرة في نمط حياتك، والتي قد تستغرق أكثر من 365 يوماً.

بمجرد تحديد الموعد النهائي لتحقيق كل هدف من أهدافك قصيرة الأمد، ابدأ بالعمل على الهدف الأصعب أولاً، عندها ستدرك أنَّك تستطيع تحقيق أهدافك بسرعةٍ أكبر، كما سيمنحك ذلك الدافع الذي تحتاج إليه للمضي قدماً.

إن لم تكن متأكداً من المهلة الزمنية التي يجب أن تحددها، فإنَّ التحدث إلى الأشخاص الآخرين الذين حققوا الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه سيساعدك على تحديد موعد واقعي أكثر، كما أنَّ البحث عبر الإنترنت يساعد على ذلك أيضاً.

عندما تعلم أنَّ الحصول على درجة الدكتوراه في إدارة الأعمال يستغرق من أربع إلى خمس سنوات، يمكنك توقع المدة التي من المحتمل أن تستغرقها في ذلك، فإذا كان بإمكانك الالتحاق بالكلية بدوام جزئي فقط، سوف تتوقع أنَّ الأمر سيستغرق وقتاً أطول، ربما ضعف المدة.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح تطور بها شخصيتك

الخطوة الرابعة: تحليل نقاط قوتك وضعفك

اكتب نقاط قوتك وضعفك، وتذكَّر أنَّ بعض المهارات مثل المثابرة والعقلية الإيجابية والإبداع تنتمي إلى نقاط القوة والضعف تماماً مثل المستوى التعليمي ومستوى الخبرة وامتلاك شبكة واسعة من العلاقات المهنية؛ لذا ركِّز على السمات اللازمة لتحقيق هدفك، ثمَّ اكتب كيف يمكن أن تساعدك نقاط قوتك على تحقيق هذا الهدف وكيف تخطط للتغلب على نقاط الضعف.

عليك تنظيم أفكارك وتطوير استراتيجية قوية لتحقيق هدفك، ويتطلب منك ذلك تحليل نقاط القوة والضعف، إضافةً إلى الفرص والتهديدات المحتملة، فاسأل نفسك الأسئلة الآتية كي تُنجز كل جزء من هذا التحليل:

نقاط القوة:

  • ما الذي يميزك عن أقرانك؟
  • ما هي ميزتك التنافسية؟
  • علامَ يمدحك الآخرون باستمرار؟
  • ما الذي يطلب منك الناس أن تساعدهم فيه؟
  • ما الذي يجعلك تثق بنفسك؟
  • ما هي القيم الهامة بالنسبة إليك؟

نقاط الضعف:

  • ما الذي تتجنبه عادةً لأنَّك تظن أنَّك عاجزٌ عن فعله؟
  • ما هي المهام التي تؤجلها؟
  • ما هو التعليم أو المهارات أو الخبرات التي تفتقر إليها؟
  • ما هي الموارد التي تفتقر إليها؟
  • ما هي المجالات التي تشعر بأنَّك يجب أن تحسِّنها؟
  • ما الذي يعوق أداءك في العمل أو علاقاتك مع الآخرين؟

الفرص:

  • ما هي التقنيات التي قد تساعدك على تحقيق هدفك؟
  • ما هي الترقيات أو الحوافز المالية المتوفرة في عملك؟
  • من باستطاعته مساعدتك على الوصول إلى هدفك؟
  • ما هي التغييرات التي تحدث حالياً أو يُتوقَّع حدوثها في مجال عملك أو حياتك الشخصية؟
  • ما هي المؤتمرات أو الفصول الدراسية أو فعاليات التواصل المتاحة لك؟
  • ما الذي يفشل فيه منافسوك ويمكنك التعلم منه وتحسينه؟

التهديدات:

  • ما هي العقبات التي تواجهها والتي قد تعوق تقدُّمك؟
  • أيٌّ من نقاط ضعفك قد تتحول إلى تهديدات؟
  • من الذي قد يعترض طريقك بينما يحاول تحقيق الهدف نفسه؟
  • ما هي الموارد التي تفتقر إليها؟
إقرأ أيضاً: مفهوم تطوير الذات وأهم الأسرار لتطوير ذاتك وتنميتها

الخطوة الخامسة: كتابة خطة عمل

اكتب الإجراءات التي عليك اتخاذها لتحقيق هدفك، وقد تكون هذه أشياء تحتاج إلى إضافتها إلى روتينك اليومي، إضافة إلى أشياء تحتاج إلى حذفها منه لتحقيق النجاح الذي تتمناه في حياتك.

سوف يساعدك القيام بذلك على تحقيق كل هدف بسرعةٍ أكبر؛ لذا احرص على تدوين خطتك، سواء في دفتر ملاحظاتٍ أم في حاسوبك، حتى تتمكن من رؤيتها كل يوم ومحاسبة نفسك.

الخطوة السادسة: قياس تقدُّمك

تتمثل الخطوة الأخيرة في نموذج خطة التنمية الشخصية في قياس تقدُّمك؛ لذا دوِّن الإجراءات التي نجحت وما أنجزته والجوانب التي ما زلت بحاجة إلى تحسينها، والمهارات أو المعرفة التي اكتسبتها خلال العملية.

من المحتمل أن ينجح الأشخاص الذين يتتبعون تقدُّمهم أسبوعياً أكثر من غيرهم بنسبة 40%؛ لذا ضع في حسبانك استخدام تطبيق تعقُّب لتدوين الملاحظات وقياس التقدم، وتحليل ما ينجح وما لا ينجح.

من الضروري في بعض الأحيان تغيير مسار العمل في منتصف العملية أو إضافة خطوة لم تكن على دراية بها في البداية؛ ولا يعني ذلك أنَّك يجب أن تتخلى عن هدفك بدافع الإحباط؛ بل يعني فقط أنَّك بحاجة إلى التكيُّف، وهنا يأتي دور تطبيقات تتبُّع التقدُّم التي تُحدد ما إن كان الوقت قد حان لإجراء التعديلات، تذكَّر أنَّك بحاجةٍ إلى بعض المرونة؛ لأنَّها ستسمح لك بإجراء تغييرات عند الحاجة والتي ستوصلك نحو هدفك بكفاءةٍ أكبر.




مقالات مرتبطة