جذور التعاطف: برنامج لتعليم الأطفال التعاطف وطرق مواجهة التنمر

"جذور التعاطف" (Roots of Empathy) هو برنامج قائم على البحوث، يهدف إلى اختلاق مجتمع من المواطنين البالغين المسؤولين الذين يتحلَّون بالأخلاق الفاضلة ويستخدمون أساليب التربية الأبوية الرشيدة، على الأمد الطويل، كما يركز الهدف العام للبرنامج البحثي على الأمد القريب على رفع مستويات التعاطف؛ وذلك لخلق علاقات محترمة احتراماً كبيراً وتخفيض مستويات التنمر والعدائية.



يُعرَّف التعاطف بأنَّه: الشعور بالتفاهم ومشاركة التجارب الحياتية مع شخص آخر؛ كما أنَّه القدرة على الشعور بمشاعر شخص آخر، وتُعَدُّ القدرة على إدراك الأحداث والشعور بها من منظور الآخرين جزءاً لا يتجزأ من التعاطف الإنساني، كما أنَّه أمرٌ أساسي لتربية الأطفال بكفاءة ونجاح العلاقات الاجتماعية، وأهم عوامل نجاح برنامج "جذور التعاطف" (Roots of Empathy) هو طبيعته الشاملة؛ حيث يشارك الطلاب جميعهم بإيجابية دون استثناء، دون أن يكتفي باستهداف المتنمرين أو الأطفال العدوانيين.

إليك بعض الأهداف قصيرة الأمد للبرنامج البحثي "جذور التعاطف":

  • تعزيز التعاطف.
  • تطوير محو الأمية العاطفية، وتعزيز ثقافة التعاطف مع الآخرين.
  • التقليل من مستويات التنمر والعدوان والعنف بين الطلاب، وتعزيز السلوكات المحابية للمجتمع لدى الأطفال.
  • زيادة المعرفة بمراحل النمو البشري والتعلُّم وسلامة الرُّضع.
  • إعداد الطلاب لممارسة المواطَنة المسؤولة وممارسة أساليب الأبوَّة بكفاءة.

كيف يعمل برنامج "جذور التعاطف"؟

يتعلم الأطفال المشاركون بناءً على الملاحظات والتفاعلات مع زملائهم ومع الرُّضع ضمن برنامج "جذور التعاطف" (Roots of Empathy)؛ إذ تتراوح أعمار الرُّضع من شهرين إلى أربعة أشهر عند المشاركة في البرنامج، ومن خلال البرنامج يقوم الرُّضع مع مُيسِّر من برنامج "جذور التعاطف" بالتعاون مع والدَي الرضيع بزيارة الفصل الدراسي، يتمكن الطلاب من مشاهدة الطفل ينمو ويتغير وسطهم خلال العام الدراسي.

سيختبر الطلاب العديد من المشاعر المختلفة التي يسببها وجود طفل في المدرسة، والتي لا يدركونها بسهولة لدى الطلاب في سنهم، على سبيل المثال: قد يبدأ الطفل بالبكاء وسيسأل المُيسِّر طلاب المرحلة الابتدائية عن سبب بكاء الطفل، من خلال المراقبة، سيفهم الطلاب نوع الأفعال المختلفة التي تؤدي إلى إزعاج الطفل، وقد يربطون هذه الأفعال مع مواقف مستقبلية عندما يشعر شخص ما بالانزعاج، تُطوِّر عملية البحث والاستفسار عن سبب الانزعاج مهاراتهم في التعرف إلى العواطف والتحقُّق منها، ويجعلهم ذلك أكثر وعياً بالآخرين من حولهم وعواطفهم.

يستخدم المدرِّبون خلال البرنامج تكتيكاً آخر يساعد الأطفال على التعلُّم؛ وهو التعلُّم عن طريق مراقبة علاقة المحبة بين الوالد والطفل طوال السنة الدراسية؛ إذ يمكن أن يشهد الطلاب كيف يلبي الوالد احتياجات الطفل.

إقرأ أيضاً: طريقة تعليم الطفل العواطف والمشاعر

أين يمكنُ العثور على برنامج "جذور التعاطف"؟

يستهدف برنامج "جذور التعاطف" (Roots of Empathy) فئة أطفال المدارس الابتدائية من رياض الأطفال إلى الصف الثامن، في بلدان عدَّة مثل كندا؛ حيث يُقدَّم البرنامج باللغتين الإنجليزية والفرنسية ويصل إلى المجتمعات الريفية والحضرية والنائية بما في ذلك مجتمعات السكان الأصليين، كما يُقدَّم برنامج "جذور التعاطف" (Roots of Empathy) في نيوزيلندا والولايات المتحدة وجمهورية إيرلندا وإنجلترا وويلز وإيرلندا الشمالية واسكتلندا وألمانيا وسويسرا.

التثقيف العاطفي ضمن برنامج "جذور التعاطف":

تقوم عملية تعليم مهارة الذكاء العاطفي على تعليم الأطفال كيفية فهم مشاعرهم، والتعرُّف إلى مشاعر الآخرين، والحديث عن المشاعر بطريقة أكثر انفتاحاً، بما يزيد قوة الشخص ويساعد على تطوير الظروف الحياتية من حولهم، يقوم البرنامج بوضع الأساس لفصول دراسية أكثر أماناً ورعاية، ليصبح الأطفال "العنصر المغيِّر"؛ وذلك لزيادة كفاءَتهم في فهم مشاعرهم ومشاعر الآخرين والتعاطف معهم؛ مما يجعلهم أقل عرضة لإيذاء بعضهم جسدياً ونفسياً وعاطفياً من خلال التنمر وغيره من السلوكات القاسية.

يتعلم الأطفال كيف يواجهون القسوة والظلم الاجتماعي في المدرسة، كما تساهم وسائل الدمج والنشاطات الاجتماعية بين الطلاب في إحياء "شعور الفريق الواحد" بما يزيد انسجام الطلاب ضمن الفصل الدراسي؛ وذلك عن طريق الاهتمام والرعاية المتبادلة.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح ذهبية لتنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال

معلومات إضافية عن "جذور التعاطف":

 يقوم المدرب بزيارة العوائل المشاركة في البرنامج قبل كل حصة وبعدها لتهيئتهم والتأكيد على التعليمات باستخدام خطة درس مخصصة لكل زيارة، وتشير نتائج الأبحاث من التقييمات المحلية والدولية لبرنامج "جذور التعاطف" (Roots of Empathy) إلى تناقصٍ واضح في السلوكات العدوانية وزيادة في السلوكات المُحابية للمجتمع.

بالإضافة إلى بناء التعاطف؛ حيث يوفر برنامج "جذور التعاطف" معلومات عن نمو وسلامة الرُّضع؛ مما يساعد الأطفال في المدرسة على الوعي بقضايا الرُّضع ذوي الضعف البيولوجي مثل متلازمة موت الرضع المفاجئ (SIDS)، ومتلازمة الرضيع المهزوز، واضطراب طيف الكحول الجنيني (FASD) والتدخين السلبي، كما أنَّ البرنامج يعطي نموذجاً حياً مثالياً للعلاقة الصحية بين الآباء والأبناء وممارسة عملية الأبوَّة المسؤولة.

منهاج برنامج "جذور التعاطف":

يتماشى المنهج الشامل مع تطور الأطفال واهتماماتهم، وينقسم المنهج الدراسي الذي يمتد على 639 صفحة إلى تسعة موضوعات، يُدعم كل موضوع بثلاث زيارات دراسية - قبل زيارة الأسرة وفي أثناء الزيارة وبعدها - إلى أن يصل مجموع الزيارات 27 زيارة، ويقسم كل موضوع من الموضوعات التسعة إلى أربع فئات عمرية:

رياض الأطفال، والصفوف من الأول إلى الثالث، الصفوف من الرابع إلى السادس، الصفوف من السابع حتى الثامن، ويرتبط منهج برنامج "جذور التعاطف" (Roots of Empathy) بالمناهج الدراسية أيضاً، على سبيل المثال:

 يستخدم الطلاب مهارات الرياضيات عند حساب وزن الطفل وطوله، كما يستخدم الطلاب المقرر الأدبي للتعبير عن المشاعر، وتَبنِّي وجهات النظر المختلفة، كما أنَّهم يستخدمون مهارات المناقشة والتفكير التي تبني التضامن والتعاطف فيما بينهم، ويؤدي الفن أيضاً دوراً كبيراً؛ حيث يرسم الأطفال مشاعرهم الداخلية التي لا يستطيعون التعبير عنها بالكلمات، كما تثير الموسيقى مشاعر قوية فهي تصل إلى الجميع بغض النظر عن اللغة أو الثقافة وتبني التضامن.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح ذهبية لتنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال

كيف نطبِّق برنامج "جذور التعاطف"؟

يقدم مدرسو برنامج "جذور التعاطف" (Roots of Empathy) جميع جوانب المنهج ضمن فصل دراسي، ويبنون علاقات محترمة مع العائلة المشاركة، ومعلِّم الفصل الأساسي والطلاب، يأتي المعلمون في الكثير من الأحيان من بيئات علمية متنوعة في مجال التدريس أو تعليم مرحلة الطفولة المبكرة أو العمل الاجتماعي أو المشورة الإرشادية أو الصحة أو النشاطات الترفيهية.

كيف نختار المدربين لبرنامج "جذور التعاطف"؟

يبحث البرنامج عن مدربين محترفين في الفصول الدراسية، محترمين وغير انتقاديين ويُقدِّرون قيمة وجود العائلة، ويجب أن يكونوا قادرين على الالتزام بحضور 27 زيارة للفصول الدراسية خلال العام الدراسي، بما في ذلك التحضير لكل فصل والتواصل مع العائلات المشاركة في برنامج "جذور التعاطف".

يوفِّر البرنامج تدريباً أولياً مكثفاً، وتطويراً مهنياً مستمراً، ودعماً إرشادياً، ويجب أن يكون لدى العائلة المشاركة في برنامج "جذور التعاطف" طفل يبلغ من العمر شهرين إلى أربعة أشهر في بداية البرنامج، وتلتزم العائلات بزيارة الفصل الدراسي مرة كل ثلاثة أسابيع خلال فترة البرنامج.

يجب أن يتوفر سكن الأُسر المشاركة ضمن مجتمع المدرسة التي يُنَفَّذ فيها البرنامج؛ بحيث تتشارك الخلفية الثقافية والعرقية واللغوية نفسها للحي، وهذا يساعد على إحياء رابطة بين الأطفال في الفصول الدراسية والعائلة المشاركة في برنامج "جذور التعاطف"؛ إذ تتعزَّز هذه الرابطة عندما يقابلون الأطفال الوالدين في الشارع فيسارعون إلى السؤال عن حال طفلهما.

كما تشمل الدعوة للمشاركة الأمهات والآباء طالما أنَّهم يركزون على علاقة الارتباط الآمن للطفل بوالديه، خلال البرنامج، يمكن للأطفال مشاهدة علاقة الحب بين الوالد والطفل؛ حيث يكون الوالد متناغماً مع مشاعر الطفل واحتياجاته ونواياه، كما يمكن الترحيب بالبالغين الآخرين من العائلة كالأجداد وكبار السن لمراقبة زيارات الأسرة.

إقرأ أيضاً: تعريف التنمر الاجتماعي وأشكاله وطرق علاجه

اكتشافات البحوث حول البرنامج:

أُجرِيت تسعة تقييمات مستقلة لاكتشاف فاعلية برنامج "جذور التعاطف" (Roots of Empathy) منذ عام 2000 فضلاً عن استعراضين للبرنامج ككل، وتكشف هذه التقييمات والمراجعات يحقق برنامج "جذور التعاطف" نتائج إيجابية باستمرار، فأظهرت النتائج أنَّه بالمقارنة بين المجموعات المشارِكة، فقد أظهر الطلاب المشاركون في برنامج "جذور التعاطف" ما يلي:

  • زيادة المعرفة الاجتماعية والعاطفية.
  • انخفاض في السلوك العدواني.
  • زيادة في السلوك المحابي للمجتمع مثل المشاركة والمساعدة وما إلى ذلك.
  • زيادة الإدراك بين الطلاب المشاركين في برنامج "جذور التعاطف" بأنَّ الفصول الدراسية هي مكان لتقديم الرعاية.
  • زيادة فهم الرُّضع وأساليب التربية.

المصدر




مقالات مرتبطة