ما هو الذكاء العاطفي؟
يعرف الذكاء العاطفي على أنه قدرة الإنسان على تحديد عواطفه وإدارة مشاعره و التعرف على مشاعر الآخرين، ويتضمن مفهوم الذكاء العاطفي ثلاث مهارات رئيسية هي:
- الوعي العاطفي، ويقصد به قدرة الإنسان على تحديد مشاعره الذاتية
- توظيف المشاعر، ويقصد بها قدرة المرء على استخدام مشاعره في مهمات التفكير وحل المشكلات.
- إدارة العواطف، ويقصد بها ضبط المرء لعواطفه وانفعالاته، وكذلك القدرة على مساعدة الآخرين على إدارة عواطفهم وتنظيمها.
وهناك من يعرّف الذكاء العاطفي بأنه مجرد وصف للمهارات الشخصية إذ لا يوجد اختبار لقياسه كاختبار قياس الذكاء العام. كما يمكن وصف الذكاء العاطفي بأنه التواصل بين الدماغ العقلي والدماغ الشعوري، وهو مهارة لا بد من امتلاكها بسبب أهميتها، لأنها الخطوة الأولى نحو النجاح الشخصي والنجاح المهني.
الذكاء العاطفي في التربية:
- تعد عملية اكتساب مهارات الذكاء العاطفي عند الأطفال واحدة من أهم الجوانب التي يجب الحرص على تنميتها وتغطيتها خلال عملية التربية، بسبب الأهمية الكبيرة التي تنطوي عليها تربية طفل ذكي عاطفياً؛ إذ لا يمكن تعليم الأطفال مهارات الذكاء العاطفي عن طريق التلقين، بل يجب أن يتم تعزيز تلك المهارات وتنميتها عن طريق المواقف العملية التي تنمي لدى الطفل مهارات الذكاء العاطفي.
- ويبدأ غرس مهارات الذكاء عند الأطفال منذ سن مبكرة؛ إذ يبدأ التعليم من مرحلة تفهم الآباء والأمهات لمشاعر الطفل، وتوصيف تلك المشاعر له، وتعريفه عليها، فمثلاً عند بكاء الطفل لذهاب والده إلى العمل، يجب على الأم أن تحتوي بكاء الطفل وتحاول تهدئته، وتعرف الطفل على هذا الشعور بأنه شعور الحزن، وسببه ذهاب الأب إلى العمل، وطمأنته أن الأب سيعود في الساعة كذا، وأننا يمكننا الاتصال به على هاتفه المحمول، وإخباره حين عودته بأننا قد اشتقنا له.
- وعن طريق هذا المثال يكون الطفل قد تعرف على شعوره وحدده، وعرف كيفية السيطرة عليه، وإيجاد حل للمشكلات التي تسبب له المشاعر السلبية. وتتنوع مثل هذه الأمثلة في حياة الأطفال، فيتعرف معها على مختلف أنواع المشاعر، ويتعلم أيضا أن تكون هذه المشاعر جزءاً من حياته اليومية، ومن المهم جدا ألا يعمل الآباء والأمهات على تقييد مشاعر الأطفال؛ إذ لديهم الحق الكامل في التعبير عن مشاعرهم بحرية مطلقة، وتنحصر مهمة الآباء والأمهات في تعليم الأطفال كيفية التفريغ الصحيح لتلك المشاعر ووضعها في الإطار الصحيح في حياة الأطفال.
- وقد نصادف في حياتنا اليومية أطفالاً يتصرفون بطريقة غريبة، ومرد هذه التصرفات يعود إلى عجز أولئك الأطفال عن فهم مشاعرهم أو التعبير عنها بطريقة صحيحة، وفي مثال واقعي قد يشتاق طفل لأقربائه أو أصدقائه، لكنه عندما يراهم يبدأ بضربهم رغم تعابير وجهه المسرورة التي تدل على حبه لهم، وفي هذه الحالة يمكن أن نقول أن هذا الطفل لديه مشكلة في التعبير والتعامل مع مشاعره، وهنا يكمن دور الآباء والأمهات في التربية السليمة وتعليم الطفل مهارات التعامل مع مشاعره، ففي المثال المذكور تقع على الوالدين مسؤولية تعليم الطفل أن التعبير الأمثل عن شعور الاشتياق الذي يعتريه يكون في الحضن أو القبلة أو مشاركة الألعاب، وأن اليد تستخدم للعب والمسح على الرأس بدلاً من استخدامها في الضرب.
- ولا بد من الإشارة إلى أهمية أن يكون المربي ذكي عاطفياً ليستطيع تعليم أبنائه مهارات الذكاء العاطفي، فالأب الذي يحمل مشكلات عمله وضغوط الحياة إلى منزله ويتعامل مع أبنائه وفقا لهذه الضغوط التي يشعر بها هو مربِّ يفتقر إلى مهارات التفريغ الصحيح لمشاعره، بالتالي يتوجب عليه بدء تعلم مهارات التعامل الصحيح مع مشاعره قبل أن يعلمها لأطفاله.
شاهد بالفيديو: 6 عادات يومية لتنمية الذكاء العاطفي
النمو العاطفي عند الطفل:
النمو العاطفي عند الطفل هو قدرته على إظهار مشاعره المختلفة والتعبير عنها والتحكم بها. ويبدأ الطفل التعبير عن مشاعر السعادة والحزن والغضب، ثم يتجاوزها ليعبر عن المشاعر الأكثر تعقيداً مثل الفكاهة والتعاطف مع الآخرين وإدراك مشاعرهم، وإشهار الأنا ومن ثم مواجهة الحياة.
ومع تقدم عمر الطفل تتطور قدراته في فهم مشاعر الآخرين وتمييزها عن طريق نبرة الصوت أو نظرة العين، وتتطور قدراته أيضا في التعبير عن نفسه وشرح مشاعره وفرض وجوده، ويترافق هذا التطور مع ازدياد المتطلبات العاطفية له، من احترام لشخصيته، والإنصات لكلامه، وحاجاته الملحة في إثبات أهميته ودوره في بيته ومدرسته وبين زملائه، ويمر النمو العاطفي والنفسي عن بعدة مراحل سيتم تناولها بالتفصيل.
مراحل النمو النفسي والعاطفي عند الأطفال:
يمر الطفل عبر مراحله العمرية بمراحل نمو نفسية وعاطفية ويمكن تصنيف هذه المراحل كالتالي:
1. من لحظة الولادة حتى الشهر الرابع:
استثارة الرضيع وتحريض بصره وسمعه وحركته، إضافة إلى لمسه بحب وعطف وضمه والابتسام له لتطوير أواصر التواصل بينه وبين المحيط، والغناء له والتوجه بالكلام إليه.
2. من الشهر الرابع حتى العام:
اللعب مع الطفل والتحدث إليه وتعليمه بعض الحركات كالسلام ومحاورته والإصغاء إلى الأصوات التي يصدرها والتفاعل معها، وتعليمه أسماء الأشياء والأشخاص.
3. من العام إلى العامين:
الحوار والتحدث المستمر مع الطفل والإجابة على أسئلته، وطرح الأسئلة عليه، وقراءة القصص له وخاصة تلك التي تحمل عبراً هادفة والتي تعلمه قيماً سامية كالاحترام والتعاطف، وإعطاء الطفل الألعاب التفاعلية والمجسمات القابلة للفك والتركيب.
4. فوق العامين:
احترام شخصية الطفل وإسناد مهام خاصة به، مثل مسح الطاولة أو ترتيب ألعابه، وغيرها من المهام المناسبة لمرحلته العمرية والتي تتطور بتقدمه في العمر، واحترام مشاعره وتقديرها ومساعدته على تفريغها بشكل صحي، والإصغاء إليه وخاصة عندما يتحدث عن أحداث جرت معه في المدرسة أو الروضة ومناقشته في جميع التفاصيل التي تخصه بكل أريحية.
كيف يمكن تنمية الذكاء العاطفي عند الاطفال؟
1. عرِّف الطفل إلى التعابير الحركية ونبرات الصوت:
عرِّف الطفل إلى التعابير الحركية ونبرات الصوت المرافقة لحالات الغضب والحزن والفرح، إذ سيتعلَّم الطفل أن يميِّز بين كل حالة، وسيكتشف الحركات الجسدية ونبرة الصوت لكل حالة.
2. شجِّع الطفل على القراءة لتنمية ذكائه العاطفي:
ويتم ذلك من خلال تشجيع الطفل على قراءة القصص ذات المغزى؛ حيث تساعد هذه القصص على استخلاص الحكمة والعبرة وهذا ما يُنمِّي ذكاءه العاطفي.
3. امنح هامشاً من الحرية للأطفال لكي يعبِّروا عن مشاعرهم:
أنصت لكل ما يقوله طفلك ولا تعترضه، وحاوِل أن تفهم ما يريد أن يقوله؛ فحرية التعبير ستضمن تنمية الذكاء العاطفي، وستساعده على اكتشاف الرأي الصحيح.
4. اسمح لطفلك أن يجرِّب كل شيء:
بالتجربة فقط سيتعلَّم الطفل أن يميِّز بين الخطأ والصواب وبين الشر والخير، فكل هذه الأمور ستؤثِّر فيه، وستعلِّمه كيف يختار وكيف يقرِّر.
5. حاوِل أن تُنمِّي شخصية طفلك:
وذلك من خلال اكتشاف الأشياء التي يفضلها الطفل، ثم اعمل على تنميتها، مثلاً إذا لاحظتَ أنَّ طفلك يحب الموسيقا، قم بتدريبه على العزف، وإذا لاحظتَ أنَّه يحب الرسم، علِّمه أصول الرسم.
6. علِّم طفلك أن يتفاعل مع محيطه وشجِّعه على الانخراط مع أقرانه:
إذا لاحظتَ أنَّ طفلك يحب العزلة، قم بتسجيله في الأندية الرياضية، أو ادفعه للمشاركة بالأنشطة المختلفة؛ لتسمح له بالانخراط مع مجتمعه.
7. وضِّح لطفلك ما هي التصرفات المقبولة وما هي التصرفات غير المقبولة:
ضعه تحت اختبارات حتى يتدرب كيف يتصرف إزاء كل موقف يتعرَّض له.
شاهد بالفيديو:7 نصائح ذهبية لتنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال
ما هي مهارات الذكاء العاطفي عند الأطفال؟
إن الأطفال الأذكياء عاطفياً يمتازون عن غيرهم بامتلاك المهارات الآتية:
- تسمية المشاعر بمسمياتها: وتعريف كل شعور ووصفه وتسميته والتعرف عليه، مما يسهل التعامل معه، فيصبح الطفل قادراً على قول "أنا أشعر بالقلق" بدلاً من التعبير عنه بالبكاء أو نوبات الغضب.
- إظهار المشاعر والتعبير عنها: وإن هذه المهارة تجنب الطفل القيام بتصرفات غير مفهومة والناتجة عن كبت مشاعره، مثل قضم الأظافر والانطواء والتبول اللاإرادي، فيعبر عن فرحه بالرقص والقفز، ويخفف من غضبه بتطبيق تمارين التنفس.
- التعاطف مع الآخرين: ومساعدة الأصدقاء، والتخفيف عنهم ومشاركتهم الأغراض الخاصة من دون الشعور بالغيرة ومن دون التصرف بأنانية.
- احترام مشاعر الآخرين: وتقدير حدود حرياتهم وخصوصيتهم.
- الاستقلال العاطفي: وعدم ربط الحالة النفسية والشعورية بمشاعر الآخرين
- الثقة بالنفس وعدم التأثر بانتقادات الآخرين.
- الطبطبة على الآخرين ومواساتهم دون الانجراف في دوامة مشاعرهم.
تمرينات الذكاء العاطفي للأطفال:
يمكن للآباء والأمهات أو المختصين إجراء تمرينات تعلم الأطفال كيفية اكتساب مهارات الذكاء العاطفي، وهذه التمرينات هي:
- بطاقات المشاعر: وهي عبارة عن مجموعة من الصور التي تحمل تعابير وجهية بالمشاعر المختلفة من حزن وغضب وسعادة ونعاس وغيرها، يتم عرضها على الطفل ليستطيع تعريف كل شعور، ويمكن ذكر الأسباب التي توصل إليه.
- قراءة القصص للأطفال والسماح لهم بالتعبير عن مشاعرهم وسؤالهم عن مشاعر أبطال القصة، وسؤال الطفل ماذا كان ليتصرف لو كان مكانهم.
- تسمية كل شعور يمر به الطفل، وتعريفه بأسبابه، وتعليميه كيفية تفريغه بطريقة صحيحة.
- تخصيص زاوية السلام والتي تحتوي على أنشطة يتم تعويد الطفل على اللجوء إليها عند شعوره بالغضب، وهي تختلف عن زاوية العقاب لأنها تحتوي على أنشطة من شأنها تفريغ الغضب وتشتيته مثل مكعبات الروبيك.
- تنمية مهارات الإصغاء عند الطفل والطبطبة وتقديم المساعدة للآخرين.
- تعويد الطفل على مكافأة نفسه وتقديرها والثناء عليها والاهتمام بها دون انتظار هذا الاهتمام من الآخرين.
في الختام:
عزيزنا القارئ، أصبح الآن بين يديك أهم النصائح التي تساعِد على تطوير الذكاء العاطفي؛ فاحرص على استخدام هذه النصائح لتطوير الذكاء العاطفي عند أطفالك.
أضف تعليقاً