الغبار: تعريفه وفوائده ومكوناته وأثره الصحي في الإنسان والبيئة

في الحقيقة إنَّ الكثير من المواد العالقة والموجودة في التربة والتي تغطي سطح الكرة الأرضية موجودة في الغبار، كما يمكن للغبار أن يتكون بشكل أساسي من الأحياء البكتيرية الدقيقة المجهرية، ومن الدخان، والرماد، وبلورات الأملاح المتأتية من قيعان المحيطات ومياه البحار المالحة أو شديدة الملوحة، وقطع وجزيئات صخرية صغيرة ومتوسطة الحجم والكثافة، ولا يجب أن ننسى أنَّ الرمال تدخل في تركيب مكونات الغبار.



تعريف الجسيمات المعلقة:

يمكن تعريف الجسيمات المعلقة بأنَّها جسيمات دقيقة جداً لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة؛ إنَّما يمكن رؤيتها بالمجهر العادي أو الضوئي أو الإلكتروني، وهي عبارة عن أي جسيمة من أي مادة سواء أكانت صلبة أم سائلة أم غازية، وسُميت بالجسيمات المعلقة نظراً لكونها عالقة ضمن الأثير أو عبر الهواء الطلق، وهذه الجسيمات المعلقة لها تأثير واضح وملحوظ وملموس في حالة المناخ وطقسه وكيفية هطول زخات من الأمطار في مواسم الشتاء السنوية؛ وهذا يؤثر تأثيراً سلبياً وقاسياً وملحوظاً في جسم الإنسان وحالته الصحية عموماً.

تؤثر هذه الجسيمات المعلقة بشكل سلبي ومؤذٍ في صحة البشر؛ وذلك عندما يستنشقها الإنسان استنشاقاً مباشراً من الهواء الطلق عبر الأنف، وتدخل هذه الجسيمات الدقيقة المجهرية إلى الجهاز التنفسي، وتمر عبر القصبات الهوائية، وتدخل إلى الرئتين، ومن ثم تستقر في الشعب الهوائية الدقيقة الموجودة داخل تجريف الرئتين، وتنساب إلى داخل الأسناخ الرئوية، وهنا تكمن خطورتها.

قد نحصل على هذه الجسيمات المعلقة من مصادر طبيعية؛ وذلك لأنَّ الجسيمات المعلقة قد تنشأ وتتكون وتتشكل بطبيعة الحال نتيجة حدوث البراكين والعواصف المحملة بالرمال المسماة بالعواصف الرملية، والحرائق التي تطال الغابات، والمناطق الغابية، والأراضي العشبية، والسهول، والهضاب، والجبال، والوديان، والسفوح، والتلال، ومن مخلفات النباتات الحية ورذاذ البحر.

وقد نحصل عليها من مصادر غير طبيعية؛ أي من ممارسة النشاطات البشرية، ومن صنع يد الإنسان مثل قيام الإنسان بعملية حرق الوقود الأحفوري في المركبات، وكذلك قيام الإنسان بحرق كل ما تبقى من زرع الأرض بعد عملية الحصاد في مواسم الحصاد، كما يجب التنويه إلى أنَّ الجسيمات المعلقة قد تتولد من محطات الطاقة، وكذلك من الغبار المنثور على الطرقات والشوارع، ومن أبراج التبريد المشبعة بالرطوبة في مناطق التبريد.

بالإضافة إلى قيام الإنسان العامل بالنشاطات والعمليات الصناعية في المناطق الصناعية؛ الأمر الذي ينجم عنه تولُّد عدد هائل من الجسيمات المعلقة المجهرية التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، ولكنَّها تنتقل إلى الإنسان عبر جهازه التنفسي وتؤذي صحته.

ما هو المقصود بالغبار؟

يمكن أن نقول في تعريف الغبار إنَّه عبارة عن مسحوق ناعم وجاف، يتكون من جزيئات صغيرة أو دقيقة الحجم تعرضت للتحطم، ومتراكمة فوق بعضها بعضاً، وموجودة على سطح الكرة الأرضية أو على سطوح الأجسام الصلبة أو السائلة، وبعضها الآخر محمول ضمن الأثير أو ضمن الهواء الطلق.

مم يتكون الغبار؟

يتكون الغبار من جزيئات متوضعة بشكل متفرق وعشوائي ضمن الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية، وتأتي هذه الجزيئات من مصادر متعددة ومختلفة ومتباينة مثل التربة، ويوجد غبار تحمله الرياح، أو بتعبير آخر غبار ترفعه الرياح، وتسمى في هذه الحالة بالعوامل أو المصادر الريحية، ويوجد مصدر آخر للغبار هو الانفجارات الناتجة عن حدوث البراكين وتفجُّر الحمم الصخرية البركانية.

يمكن أن ينتج الغبار عن تلوث الجو والمصانع والمعامل والطبيعة وغيرها، والجدير بالذكر أنَّ الغبار الموجود في المنازل والناجم عن النشاطات والأعمال المنزلية ومكاتب العمل والبيئات البشرية التي توصَف بأنَّها مسكونة أو مأهولة من قبل أهل الأرض، يحوي على كميات من اللقاح المأخوذ من النباتات الحية على شكل حبوب صغيرة دقيقة مجهرية لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، بالإضافة إلى الشعر والوبر الآتي من الحيوانات ومن البشر العاديين، وألياف المنسوجات والألياف الورقية، والمعادن القادمة من سطح التربة الخارجية، وخلايا بشرة الجلد، والجزيئات الدقيقة الناتجة عن احتراق وانفجار النيزك.

شاهد: كيف تحافظ على صحتك مدى الحياة؟

ما هو الأثر الصحي للغبار بالنسبة إلى الإنسان؟

في الحقيقة، يمكن أن يكون الغبار سبباً رئيساً في إصابة الأطفال بالعديد من الأمراض منها الخبيثة والمستشرية والسارية والمُعدية، ويُعَدُّ الضرر الأكثر شيوعاً وانتشاراً للغبار هو الحساسية أو ما يسمى بداء الحساسية، كما تشير الإحصاءات والأبحاث والدراسات العالمية إلى أنَّ نحو 40% من الأطفال حول العالم يعانون من الحساسية بسبب الغبار أو يصابون بالحساسية عند استنشاقه، مع العلم أنَّ الكثير من الأشخاص يصابون بأمراض الحساسية الناجمة عن الغبار المنزلي في أثناء قيامهم بالنشاطات المنزلية من تنظيف وغسل ومسح وما شابه ذلك.

معظم الأشخاص يخلطون بين أعراض البرد وأعراض الحساسية على الرغم من أنَّ هذا الأمر ليس صحيحاً؛ فالبرد له أعراض واضحة ظاهرة، والحساسية لها أعراض مختلفة تماماً، وتتمثل أعراض الحساسية تجاه الغبار في حدوث سيلان مستمر ومزمن للأنف، وحدوث التهاب في الحلق أو في البلعوم، والعطاس المزمن والمتكرر، وحدوث التهابات وتقيحات وجفاف في الأغشية المخاطية، وسعال حاد وجاف، واحمرار في العينين بشكل دائم وحاد وقوي، والتهاب خلايا الجلد وحساسية الجلد، وحكة شديدة، وتهيج مستمر ومزعج.

في حال استمرت الحساسية لأشهر طويلة ووصلت إلى السنة أو تجاوزتها بقليل، يمكن أن تتطور الأعراض ليجد الإنسان نفسه مصاباً بمرض الربو القصبي، ويُعَدُّ مرض الربو القصبي مرضاً شديد الخطورة، ويتسبب سنوياً بموت عدد كبير من الناس الموجودين حول العالم، وتصل هذه النسبة إلى نحو 5000 شخص في كل سنة حول العالم، وأغلب ضحايا هذا المرض اللعين هم من فئة الأطفال الصغار وتحديداً من الولايات المتحدة الأمريكية.

حري بنا أن نقول إنَّ استنشاق تركيز عالٍ من الغبار بشكل يومي ومتكرر، قد يؤدي إلى زيادة حدة الأعراض حتى نصل إلى حالة مرض الربو الذي قد تبدو أعراضه سيئة وقاسية بالنسبة إلى الإنسان، بالإضافة إلى احتمال الإصابة بانسداد الشعب الهوائية وحدوث انتفاخ في الرئتين، واضطرابات في عمل الرئتين والقلب.

ما هي فوائد الغبار على مستوى صحة الإنسان وعلى مستوى سلامة الجو وسلامة الكرة الأرضية؟

  1. يمنع الغبار وصول الإشعاعات الضارة إلى سطح الأرض وإلى داخل جسم الإنسان.
  2. له دور في قتل الأحياء الميكروبية الضارة المنتشرة بشكل عشوائي في الهواء الطلق.
  3. يحد الغبار من إمكانية تبخر قطرات الماء الموجودة على سطح النباتات الخضراء وداخلها.
  4. يخفض الغبار من درجات الحرارة المرتفعة، ويساهم في أمن واستقرار وتوازن طبقة الغلاف الجوي المحيط بسطح الكرة الأرضية.
  5. يقتل الغبار الغازات والمواد السامة المنبعثة في الغلاف الجوي.
  6. يساهم في تقوية وتحسين وتعزيز جهاز المناعة والجملة المناعية عند الأطفال الصغار في طور النمو.
  7. يعمل الغبار على إزالة أطنان من المواد السامة والعوادم والمعادن الثقيلة.
  8. يساهم الغبار في تجديد الهواء وتنقيته وتصفيته من المواد السامة والمعادن الثقيلة والأحياء الميكروبية والبكتيريا.
  9. يتحول الغبار الناتج عن هطول زخات من الأمطار إلى سماد يغذي الأرض ويقوي التربة.
  10. يعمل الغبار على نقل وإرسال حبات اللقاح الصغيرة من الأعراس الذكرية للزهرة إلى الأعراس الأنثوية، فيسهم بذلك في عملية تكاثر الزهور وتلقيحها، ويسهِّل عملية تشكيل البذور وإنتاشها وتبرعمها، ويسهِّل عملية الإزهار.
  11. إنَّ زيادة نشاط الغبار بكثرة يزيد من إمكانية هطول الأمطار؛ وهذا يشكل تجمعات على سطح الأرض تتشكل في قيعانها كميات من مياه الأمطار؛ وهذا يؤدي إلى تجمع حبيبات من التربة المحملة بالطين والوحل، وحين تتبخر المياه وتجف التربة تتحول إلى تربة خصبة غنية بالأملاح والعناصر المعدنية المغذية.
  12. يزيد الغبار من قدرة الأطفال على مقاومة البكتيريا والأحياء الضارة.
  13. يمد الغبار مياه البحار والبحيرات والمحيطات ويزودها بالعناصر الضرورية مثل السيليكون، والنحاس، والزنك، والفوسفور، والحديد، وغيرها من العناصر الهامة للمياه.
  14.  يقلل الغبار من نسبة وجود غاز ثاني أوكسيد الكربون الموجود في الجو، والذي يؤدي بدوره إلى حدوث ما يسمى بظاهرة الاحتباس الحراري.
إقرأ أيضاً: حساسيّة الربيع.. أعراضها وكيف تتغلّب عليها؟

ما هو حكم الغبار في القرآن الكريم؟

قال الله تعالى في كتابه العزيز الحكيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}. صدق الله العظيم - [الحجر: ٢٢].

وفي سورة الأعراف، قال الله تعالى في كتابه العزيز الحكيم، بسم الله الرحمن الرحيم {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}. صدق الله العظيم - [الأعراف: ٥٧].

إقرأ أيضاً: تعرّف على أكثر 7 مشاكل صحية شيوعاً

في الختام:

إنَّه من الطبيعي أنَّ الغبار يسبب للإنسان حدوث حالات التسمم؛ نظراً لأنَّه يحوي في تركيبه على كميات كبيرة من السموم والمعادن الثقيلة، كما يمكن أن يسبب الغبار للإنسان الإصابة بالعديد من الأمراض الطفيلية الناجمة عن جراثيم أو فيروسات طفيلية.

المصادر: 1،2




مقالات مرتبطة