الضغط النفسي: تعريفه، وأسبابه، وطرق علاجه

هل تعاني من الضغط النفسي، وترغب في إيجاد طريقة للتعامل السليم معه؟ إذاً تابع معنا هذا المقال.



"هل تشعر بغياب المتعة عن حياتك وسيطرة الضغط النفسي على روحك؟"، "هل فقدت إحساس السعادة والطاقة والحيوية؟"، "هل فقدت الثقة بالغد، وتنازلت عن الأحلام والأهداف التي كنت مؤمناً بها؟"، "هل تمادى لديك خوفك من التغيير إلى المدى الذي سبَّب لك الضغط النفسي الكبير؟"، "هل استحوذ عليك إدمان مواقع التواصل الاجتماعي إلى المدى الذي اختلطت فيه الحقائق، وتشوهَّت المعايير لديك؛ فتحول الفيسبوك إلى وسيلة راحة ومتعة لك في حين أنَّه يحمل في داخله السبب الحقيقي لنشوء الضغط النفسي لديك؟"، كل ذلك سببه الضغط النفسي.

الضغط النفسي:

هو مشاعر من التوتر والقلق والاضطراب تصيب الإنسان في معظم أيام حياته؛ إنَّه الأصل في الحياة، فالحياة قائمة على التحديات، فإن كنت تتوقع أن تعيش حياة وردية خالية من المشكلات والعراقيل، وأن تحقق كل هدف تطمح إليه من أول محاولة تقوم بها، وأن تختبر المتعة والراحة واللذة في كل تفاصيل حياتك؛ فيؤسفني أن أخبرك أنَّك واهم في ذلك التوقُّع.

ولكنَّ هذا لا يعني مطلقاً أنَّ الحياة دار عذاب؛ بل يعني أنَّ الضغوطات مكوِّن أساسي من مكونات الحياة كما المتعة والسعادة إحدى مكوناتها، وعلينا أن نتقبَّل هذه الحقيقة، وأن نستعد نفسياً وعقلياً لها؛ فالإنسان القوي هو مَن يعيش الحياة بالكثير من التكيُّف والتقبُّل والمرونة، على الرغم ممَّا تحمله من تغيرات ومفاجآت وتناقضات.

يعاني الكثير من الأشخاص من ضغط نفسي كبير، يجعلهم في حالة دائمة من الأرق والتوتر، ويُفقِدهم إحساس الهناء وراحة البال، دون أن يعلموا أنَّ هناك أسباباً حقيقية تكمن وراء ضغطهم النفسي ذلك، وأنَّهم سيتمكنون من استعادة سلامهم الداخلي في حال معالجتهم لتلك الأسباب.

أسباب الضغط النفسي:

1. المقارنات:

يؤدي إدمان منهجية المقارنات إلى الإصابة بالكثير من المشاعر السلبية القاتلة؛ حيث يقارن معظم الناس بينهم وبين الآخرين، ويندبون حظهم المتعثر الذي أعطى غيرهم الممتلكات والرفاهية، في حين تجاهلهم وتجاهل أسرتهم، ويستمرون على هذا المنوال في كل تعاملاتهم الاجتماعية، وغالباً ما يكون السؤال المسيطر على تفكيرهم: "لماذا لم أُرزق بما رُزق به صديقي؟" الأمر الذي يخلق ضغطاً نفسياً كبيراً في نفوس أولئك الناس.

إقرأ أيضاً: المقارنة لص يسرق السعادة من حياتك

2. غياب الهدف:

لا يملك الكثير من الناس رؤية واضحة لدوره أو رسالته في الحياة، الأمر الذي يجعله في حالة من الاضطراب والتشتت والضياع، كما يكون عرضة للتأثر في كلام الآخرين ومعتقداتهم، مما يصيبه بحالة شديدة من الضغط النفسي.

3. غياب الخطة الواضحة:

قد يملك بعض الناس أهدافاً واضحة في الحياة، إلَّا أنَّهم لا يملكون خطة محكمة لتنفيذ تلك الأهداف، ممَّا يصيبهم بالكثير من مشاعر الضغط النفسي.

4. غياب الصبر:

قد يملك بعض الأشخاص خطة واضحة لتنفيذ الأهداف إلَّا أنَّهم لا يملكون الصبر لتحقيقها؛ حيث يرغبون في بلوغ هدفهم بطريقة سريعة، ولا يؤمنون بفلسفة المحاولات المتكررة اللازمة لبلوغ الأهداف؛ الأمر الذي يجعلهم في حالة من الضغط النفسي الشديد؛ وذلك لأنَّ الحياة قائمة على مبدأ التدرج والأطوار في حين أنَّهم لا يتمتعون بهذا المبدأ.

5. الصراع الداخلي:

يعيش بعض الأشخاص في حالة من الصراع الداخلي الكبير بين ما يخططون له من أحلام وأهداف وبين الإمكانات المتاحة أمامهم، ممَّا يجعلهم في حالة من الضغط النفسي الكبير.

6. مفهوم السعادة:

يملك الكثير من الأشخاص مفهوماً مشوَّهاً عن السعادة؛ إذ يجدون أنَّ السعادة تكمن في النتيجة، ممَّا يجعلهم في حالة من الضغط النفسي إلى حين الوصول إلى النتائج المرغوبة.

تكمن السعادة في الحقيقة في اللحظة التي يعيشها الإنسان أيَّاً كانت؛ فمن لم يستطع أن يكون سعيداً وهو في ظروفه الحالية؛ لن يستطيع امتلاك السعادة حتى وإن أصبح من أثرى أثرياء العالم، وهذا لا يعني أن يتخلَّى الإنسان عن طموحه؛ بل يعني المحافظة على شغفه وأحلامه ولكن مع وجود حالة من التقبُّل والتكيف مع وضعه الحالي.

شاهد بالفديو: 7 حكم تساعدك على إيجاد السعادة

7. إدارة الوقت:

قد يملك بعض الأشخاص أهدافاً معينة في الحياة، ويسعون إلى تحقيقها، إلَّا أنَّهم يبقون في حالة من الضغط النفسي الشديد، ويعود السبب في ذلك إلى مهارة إدارة الوقت؛ فهم لم ينظِّموا أهدافهم وفق الأولوية، ولم يقسموها إلى أهداف صغيرة بحيث يمكن قياسها في كل يوم، ولم ينتبهوا إلى المهام التي يهدرون عليها طاقتهم ووقتهم على مدار اليوم.

8. السعي إلى الكمال:

قد يملك بعض الأشخاص صفة السعي إلى الكمال، بحيث يتبنُّون مبدأ "كل شيء أو لا شيء"، الأمر الذي يجعلهم في حالة من الضغط النفسي الشديد؛ وذلك لأنَّ الحياة لا يمكن أن تكون مثالية، ولأنَّ وجود الأخطاء من أساسيات الحياة، فلا يتعلم الإنسان إلَّا من خلال أخطائه.

9. مفهوم الحياة الوردية:

قد يتبنَّى بعض الأشخاص مفهوم الحياة الوردية الخالية من الضغوطات والمشكلات، ممَّا يجعله ينضغط نفسياً عندما يتعرض إلى تجارب قاسية في الواقع.

10. الإنترنت:

تُغيِّر وسائل التواصل الاجتماعي اليوم كل توجهات وأفكار الناس، وتُسبِّب حالة من الضغط النفسي الشديد؛ حيث يعيش الإنسان في حالة من التناقض والصراع بين واقعه وبين ما تعيشه شخصيات التواصل الاجتماعي، فلطالما تظهر أمامه صور المشاهير وأصحاب الممتلكات الفارهة والثروات الطائلة والسعادة المبالَغ فيها.

إقرأ أيضاً: 9 أسباب تجعل التخلص من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أمراً مفيداً لك

علاج الضغط النفسي:

1. التأمل:

عليك أن تجلس مع نفسك وتسأل ذاتك عن رسالتك في الحياة، والغاية من وجودك، وأهدافك التي ترغب في تحقيقها، ولا تنسَ أن تفصل نفسك عن المحيط والناس وتستمع لصوتك الداخلي ولرغباتك الدفينة الحقيقية؛ فلا يوجد أصدق من روحك في معرفة ما يسعدك ويقوِّيك.

2. الأدوار:

لكي تحقق راحة البال في حياتك؛ عليك بتحقيق التوازن بين جميع أدوارك، وهنا عليك أن تسأل نفسك: "من أنا؟" وستظهر لك أدوارك في الحياة، فقد تجيب أنا عبد الله، والزوج الصالح، والمستثمر الناجح، والأب الحنون، والابن البار، والصديق الصدوق.

ومن ثمَّ اسأل نفسك عن مكانك الحالي وعن المكان الذي ترغب في الوصول إليه في كل دور من الأدوار، ثمَّ ضع خطة واضحة لكل دور من الأدوار، بحيث يحتوي يومك على مهام تشمل كل أدوار حياتك؛ وذلك لأنَّ السبب الأساسي للضغط النفسي هو طغيان دور ما على جميع الأدوار.

3. إدارة الوقت:

اسأل نفسك: "ما هي أولوياتك في الحياة؟" وهنا تظهر الأولويات الموجودة في كل دور من أدوارك بناءً على الخطة الموضوعة، على سبيل المثال إن كان من ضمن خطتك كأب ناجح قضاء وقت لطيف مع عائلتك، فهنا لا يمكن أن تُفاضِل ما بين الجلوس مع العائلة وتصفُّح الإنترنت وستشعر بأولوية الجلوس مع العائلة حكماً.

4. المهام:

اسأل نفسك: "ما هي المهام التي تهدر عليها وقتك وطاقتك خلال اليوم؟"؛ حيث يهدر معظم البشر وقتهم في تنفيذ المهام غير الهامة وغير العاجلة مثل تصفُّح الإنترنت، والتحدث إلى الهاتف، في حين يهملون تنفيذ المهام الهامة وغير العاجلة؛ مثل تعلُّم اللغة الإنكليزية، والمطالعة، وتعلُّم البرمجة، وبناء مشروع خاص، وتحسين العلاقة مع عائلتك، وما إلى ذلك؛ حيث يجب أن يكون أغلب وقتك مخصصاً لتنفيذ المهام الهامة وغير العاجلة فهي المسؤولة عن خلق مستقبل باهر لك.

5. السعادة:

تكمن السعادة في الطريق وفي الخطوات البسيطة التي تخطوها لبلوغ هدفك، ولا تكمن في النتيجة؛ لذلك لا تُعلِّق كل آمالك على النتائج وتنسى الاستمتاع بالطريق.

6. الحياة:

الضغوطات مكوِّن أساسي من مكونات الحياة، فتعلَّم منهجية التعامل السليم معها، وتبنَّى طريقة التفكير الإيجابية، بحيث تنظر إلى مشكلات الحياة على أنَّها تحديات لاستخراج أفضل ما لديك من أفكار ومشاريع خلَّاقة، ولا تمل من المحاولات المتكررة لبلوغ أهدافك؛ فوراء كل محاولة فاشلة درس يعلِّمك وتجربة تصقلك على الصعيد الشخصي.

إقرأ أيضاً: 13 من مشكلات الحياة الشائعة، وكيفية حلها

في الختام:

تستطيع التغلُّب على ضغطك النفسي من خلال تغيير نظرتك إلى الحياة، وإلى ذاتك، وإلى المشكلات والعراقيل التي قد تعترض طريقك، ومن خلال بناء يومك بطريقة متوافقة مع رسالتك وأهدافك وأولويَّاتك وأدوارك في الحياة.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة