الشركات الناشئة: تعريفها، وأهم أسباب نجاحها وفشلها

بات التوجُّه العالمي بشكل عام في الآونة الأخيرة لدى أغلب الناس وخصوصاً فئة الشباب نحو السعي إلى إيجاد عملٍ ذي طبيعة استقلالية، وهذا ما يدفعهم إلى البحث والتفكير بإنشاء مشاريعهم الخاصة.



ليكون لديهم الحرية في اختيار سياسات العمل والقرارات المالية والتمويلية وجميع ما يتعلق بجوانب العمل الأخرى، وهو ما يمنحهم الفرصة لدخول عالم الأعمال من باب واسع، حيث إنَّه كُلَّما كان مشروعهم الصغير الذي بدؤوا به مدروساً من النواحي كافةً، ومبنياً على أسس علمية وفكرية سليمة ومطابقة للمعايير الأساسية للأعمال، كانت الفرصة كبيرةً أمام هذا المشروع ليكون نواةً لشركة ناشئة؛ حيث إنَّ هذا الطَّور الجديد من عمر المشروع له دور كبير في المساهمة بتحسين الوضع الاقتصادي العام وتحقيق المزيد من الأرباح لصاحبه.

وكلُّ مَن لديه الرغبة في التعرُّف إلى هذا النوع من الشركات، فليتابع معنا هذا المقال الذي سنسلط فيه الضوء على النقاط التالية:

  • مفهوم الشركات الناشئة.
  • أسباب نجاح الشركات الناشئة.
  • أسباب فشل الشركات الناشئة.

مفهوم الشركات الناشئة:

يجب أن نعي بدقَّة أنَّه لا يوجد تعريف مُحدَّد لهذا المفهوم حتى الآن، وذلك لأنَّ معنى الشركة النَّاشئة هو معنىً شامل تماماً.

فبدايةً، يمكِن تعريفها بأنَّها: شركة تعمل على حل مشكلة يكون الحل فيها غير واضح، والنجاح غير مضمون.

وتُعرَّف بأنَّها: شركات حديثة يؤسسها رائدو أعمال أو أكثر لتطوير منتج أو خدمة فريدة من نوعها، ثمَّ طرحها في الأسواق.

وهي أيضاً: شركة ذات زمن تشغيلي قصير، والتي غالباً ما تكون حديثة الإنشاء، وتكون في طور النمو والبحث عن الأسواق، وكثيراً ما يتم تمويل هذه الشركات في البداية من قِبَل مؤسسيها الرياديين عن طريق لجوئهم إلى مدخراتهم الشخصية أو عائلاتهم وأصدقائهم ومعارفهم، في محاولة منهم للاستفادة من تطوير منتج أو خدمة يعتقدون أنَّها مطلوبة، ونظراً للإيرادات المحدودة أو التكاليف المرتفعة، فإنَّ معظم هذه العمليات صغيرة الحجم لا تستمر على المدى الطويل دون تمويل إضافي من أصحاب رؤوس الأموال الجريئة.

ويمكِن وصف الشركات الناشئة الريادية بأنَّها النسخة الأحدث من المخترعين، حيث إنَّها تميل للعمل على نماذج عمل قابلة للتكرار والتوسع، على عكس الشركات الصغيرة والتي تُفضِّل العمل على نموذج عمل ثابت، وتظهر الشركة كمحاولة لحل مشكلة بأسلوب مبتكر، عن طريق تقديم حلول مبتكرة لم تُجرَّب مسبقاً، حلول لديها القدرة على تغيير العالم.

ولنا أن نعلم أنَّ هذا المصطلح أصبح متداولاً على نطاق عالمي بعد فقاعة (الدوت كوم)، عندها أُسِّسَ عدد كبير من شركات (الدوت كوم)؛ حيث يقوم المؤسسون بتصميم الشركات الناشئة لتطوير نموذج أعمال قابل للتطوير بشكل فعَّال.

تعاملَ المستثمرون لسنوات عدَّة مع الشركة الناشئة على أنَّها نسخ مصغَّرة من الشركات الكبيرة، وهذا التعامل سبَّبَ مشكلاتٍ كبيرة في الفهم والتعامل مع هذه الشركات، لأنَّ هناك فروق فكرية وتنظيمية كبيرة بين الشركة الناشئة والشركات الصغيرة والشركات الكبيرة، مما يستوجب وجود استراتيجيات تمويل مختلفة كما أنَّ الأداء في هذه الشركات لا يمكِن قياسه بالمؤشرات نفسها.

وبالنتيجة، فإنَّ مفاهيم الشركات الناشئة وريادة الأعمال متشابهة.

إقرأ أيضاً: انفوغرافيك: 6 نصائح مالية تساعد شركتك الناشئة على النجاح

أسباب نجاح الشركات الناشئة:

تختلف أسباب نجاح شركة ناشئة ما عن أخرى، بكل تأكيد؛ حيث إنَّه عندما تبحث عن أسباب نجاح بعض الشركات الناشئة - في حين تفشل الكثير منها - فإنَّك ستجد العديد من هذه الأسباب، وسنذكر لك أهمها وهي:

1. الإيمان بفكرة المشروع أو الشركة وعدم الاستسلام:

من أهم القواعد للنجاح في أيَّة شركة ناشئة هو عدم الاستسلام حتى لو غيَّر بعض الناس رأيهم واختاروا عدم الاستمرار في هذا الطريق، مثل: "إيلون ماسك" الذي قام بإنشاء (SpaceX) رغم عدم موافقة الكثيرين على ذلك، وكان مِن أهم مَن عارضه أشخاص عدَّهم قدوته، لكنَّه استمر في مشروعه، وفشل ثلاث مرات في محاولة إطلاق الصاروخ الأول إلَّا أنَّه نجح في المرَّة الرابعة.

 فالعبرة هي أنَّه إذا كنتَ شخصاً غير صبور وتريد الفوز بسرعة ومُتردِّد في فكرتك، فلا تحاول من بداية الأمر، لأنَّه إذا كنتَ مؤمناً بفكرتك ولم تنجح في المرة الأولى، فهذه إشارة أنَّ الفكرة بحاجة للتطوير أو التحسين أو التعديل لكنَّها ليسَت نهاية الطريق.      

2. أن تُمثِّل فكرة المشروع حلاً حقيقياً لمشكلة موجودة في السوق:

عندما تخطر في بالك فكرة، فالخطوة الأولى التي يجب القيام بها هي البحث لأنَّ ذلك سيساعدك بشكل أساسي على فهم فكرتك بشكل أفضل، وتحسينها قبل القيام بالتخطيط والتنفيذ، فربما قد تجد فكرتك موجودةً في السوق، لكنَّك تُحاول تحسينها بشكل أفضل.

3. التحكم بالعواطف في أثناء اتِّخاذ القرارات:

إذا أردتَ أن ينجح مشروعك فلا تدع عواطفك تتحكم بقراراتك، ومثال على ذلك: عاطفة الطمع التي تدعوك أن تبدأ هذا المشروع لوحدك رغم عدم قدرتك على القيام به دون مساعدة شخص ما، لأنَّك تريد أن تكسب النجاح كله لنفسك.

شاهد بالفيديو: 8 موظفين يجب أن تعينهم لتحقق شركتك الناشئة نمواً أسرع

4. التخطيط الجيِّد والعمل بشكل مهني واحترافي:

يجب عليك أن تُحاول العمل كما يعمل أصحاب الخبرة، ولكن لا تنسَ وضع بصمتك الخاصَّة، لأنَّك عندما تقوم بذلك فأنت تُدرِّب نفسك تدريباً عملياً، ولا تُحاول أن تقوم ببناء فكرة دون وضع خطَّة عمل كاملة كما يفعلها الخبير، ودراسة الميزانية وخطة التسويق أو حتى وضع الاستراتيجيات المُحدَّدة التي يجب أن تتبعها الشركة، ويُفضَّل دائماً وجود شخص ذي خبرةٍ ودراية ليساعدك على بناء الخطة فهذا سيُخفِّف عليك الكثير من الضغط.

5. وجود رؤية واضحة المعالم:

 فهي المهارة أو المَلَكَة التي يجب على كل رئيس أو مؤسس شركة أن يمتلكها لتحقيق النجاح؛ حيث ستكون هذه المهارة بمثابة القوة التي تقف وراء نجاحه، لأنَّها تُشكِّل البوصلة التي ترشده إلى الجانب المضيء في الأوقات الاقتصادية الصعبة.

6. إنجاز الأعمال والمشاريع بصورة سريعة:

يُعَدُّ ذلك أحد أهم الأسباب التي تساعد الشركات الناشئة على تحقيق أهدافها، كما أنَّ مقدرة رائد الأعمال على تدشين مشروعه في الوقت المُحدَّد أو التقدم والتطور بصورة أسرع من منافسه، تُعَدُّ أحد معالم النجاح الدائم.

7. وضع ميزانية ذات كفاءة عالية:

لأنَّ المشاريع الناجحة لديها كفاءة عالية في إدارة شؤونها المالية ووضع ميزانية تلائم قدراتها، لهذا لا بُدَّ من وضع ميزانيات خاصة لكل الجوانب المالية المختلفة، مع تجنُّب النفقات غير الضرورية، ومن المهم أيضاً تحديد حجم احتياجاتها من أجل إنجاز الخطط وغيرها.

8. امتلاك المهارات الاجتماعية الأساسية:

إنَّ إقامة شبكة من العلاقات الاجتماعية، هو سبب آخر لنجاح الشركات الناشئة، حيث إن تمتُّع مؤسس إحدى الشركات الصغيرة أو المتوسطة بعلاقات جيدة مع رواد أعمال مؤثرين في السوق، يُعَدُّ أمراً لا يُقدَّر بثمن، ويمكِن أن يفتح للشركة أبواباً أمام إقامة الشراكات الاستثمارية مع شركات ومؤسسات ضخمة، كما يجب أن تكون العلاقة مع الموظفين بأفضل ما يمكِن لضمان أفضل أداء متوقع منهم.

إقرأ أيضاً: 10 طرق لتطوير المهارات الاجتماعية

9. الانضباط بأمور العمل كافة:

حيث تبدأ هذه العملية من خلال ضبط النفس، الأمر الذي يعتمد على الأخلاق والمبادئ التي يتمتع بها رجل الأعمال، لأنَّه دون الانضباط ستفشل الشركة الناشئة في تحقيق النجاح، حتى ولو كانت في بلاد تتمتع بانتعاش اقتصادي، لأنَّ الانضباط الذاتي يؤدي إلى أخلاقيات عمل إيجابية، وأخلاقيات العمل تؤدي إلى الإنجاز بكفاءة وفاعلية.

10. التحَّلي بالعزيمة والمثابرة:

لأنَّ وجود العزيمة القوية من أهم ضروريات تحقيق النجاح، ويستند أساساً إلى
تحديد هيكل المشروع الجديد، وعدم الاستسلام خصوصاً عندما يكون طريق النجاح وعراً ومليئاً بالتحديات التي لا يمكِن التغلب عليها إلَّا من خلال المثابرة والجد والاجتهاد وقوة العزيمة.

11. وجود القدرة على التكيف مع التغيرات:

لأنَّه من أفضل الشركات الناشئة هي تلك التي تكون على استعداد دائم وتام للتكيف مع التكنولوجيا الجديدة ومتطلبات السوق وتحدياته المتجددة، وعندما تتمكن الشركة من ذلك، فإنَّها لن تجد صعوبةً في الوصول إلى هدفها وإرضاء زبائنها وموظفيها على حد سواء.

أسباب فشل الشركات الناشئة:

تكثر الأسباب المؤدِّية إلى فشل الشركات الناشئة، لكن فيما يلي سنوضح أشهر هذه الأسباب، وهي:

1. عدم وجود طلب في السوق لمنتجك:

وهذا ما يحتاج من مؤسس الشركة المزيد من البحث حول فكرته.

2. قلة المهارات اللازمة للأعمال لدى المؤسسين وفريق العمل:

فيجب بذل المزيد من المجهود على ناحية التدريب على الأمور التي تخص العمل، سواءً المهنية أم الإدارية.

3. عدم القدرة على زيادة رأس المال:

فكلما كنتَ أكثر مهارة في جمع الأموال، كنتَ أكثر دقةً حول تحديد كل ما تحتاجه الشركة وما يريده المستثمرون الذين يبحثون عن ملفك الشخصي، ويكون ذلك عن طريق تشكيل لجنة مسؤولة عن جمع الأموال.

4. ضعف التسويق أو المبيعات:

إذا كانت شركتك لا تستطيع إدارة التسويق بشكل صحيح، فلن يعرف أحد عن منتجك وبالتالي لن يشتريه أحد.

5. الجهل بما يريده العملاء:

 من الهام إجراء تجربة على الحد الأدنى من منتج شركتك، والحصول على التغذية الراجعة من العملاء، وهذا يساهم في تطوير المنتج، كما يسمح لك ببناء جسر مع جمهورك ودمج التغييرات في المنتج الذي سيربط عملاءك بالإصدارات التالية من منتجاتك وخدماتك.

إقرأ أيضاً: ما هي توقعات العملاء؟ وكيف تُبنَى؟

6. التردد في الحصول على ردود الفعل والنقد على النماذج الأولية:

لا تخف من سرقة شخص ما لفكرتك، ولا تخف من أنَّ نموذجك الأولي لن يكون مثالياً لعرضه على الأشخاص الأوائل؛ وبالتالي سيكون هناك فرصة جيدة للحصول على بعض النماذج الأولية واختبارها؛ وبالتالي لديك الفرصة في تحسين المنتج قبل طرحه في السوق.

7. التوقيت غير المناسب لطرح المشروع:

وجد الباحثون أنَّ السبب الرئيس والأول في فشل الشركات الناشئة هو التوقيت، فهو مهم للغاية عندما تفكر في إطلاق خدمة أو منتج لأنَّه عليك أن تسأل نفسك هل العملاء مستعدون لهذا المنتج الآن أم لا.

8. وجود المنافسة الشرسة:

تُعَدُّ المنافسة دليلاً على حيوية المجال الذي تعمل فيه، ولكن عليك أن تكون ذكياً في اختيار منافسك، فربما منافسة شركة عملاقة موجودة في كل مكان في العالم وتمتلك المقدرات الكافية لجعلك خارج السوق لن يكون خياراً ذكياً.

9. وجود الخلافات بين المؤسسين:

يضع الشركة الناشئة على طريق الفشل ويجعل استمرارها في سوق العمل أمراً مستحيلاً.

10. عدم وجود الشغف للفكرة:

قلة الشغف الخاص بفكرة المشروع أو المنتج من قِبَل صاحب العمل، يُحوِّل المشروع إلى عمل تجاري بحت هادف للربح فقط دون وجود رؤية نحو تطوُّره في المستقبل، وبالطبع ذلك يُضفي لوناً من الثقل والتعب على النفس.

إقرأ أيضاً: كيف تحافظ على استمرار نجاح شركتك؟

11. إهمال البحث عن الموقع المناسب:

وهذا يؤدي إلى فشل الشركة بكل تأكيد، لأنَّ الموقع المناسب له دور أساسي في نجاح الشركة، لأنَّه كلما كان قريباً من الفئة المستهدفة، زادت نسبة مبيعاته بشكل أكبر.

ختاماً، لا يمكِن الحكم بأنَّ فشل الشركات الناشئة يَحدث نتيجةً لسببٍ واحد فقط، والنجاح أيضاً الأمر نفسه، ولكن هي محصلة لمجموعة أسباب تحدث معاً، فربما يؤثر سبب أكثر من غيره، لكن في النهاية لا يعني ذلك إهمال بقيَّة الأسباب.

 

 المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة