ليس من السهل فهم هذه الفكرة بعد أن تكون بذلت عدداً كبيراً من الساعات، وجهداً لم تكن تتخيّل بذله في يومٍ من الأيام، وبعضاً من نقودك على الأرجح. ومع كونهم يواجهون جميعاً الأخطار نفسها سينظر الداعمون المحتملون إلى شركتك نظرةً ملؤها الشك ولم تر مثلها منذ مدةٍ طويلة. ولكن إذا وجدت نفسك تستجدي المستثمرين للحصول على فرصةٍ لبلوغ المجد فربما تكون نظرتك إلى الأمور نظرةٌ خاطئة. وعلى الرغم من كون الأسباب التي في جعبتك تُعَدُّ أكثر أهمية إلَّا أنَّه يجب عليك على الرغم من ذلك أن تعرف الأسباب التي دفعت المستثمرين إلى العزوف عن تمويل مشروعك:
1- الخطة الغامضة:
مهما كانت مُكوّنات خطة عملك فإن المستثمرين يرغبون في أن يرَوْا نتائج مؤكدة أو أن يروا على الأقل صورةً حقيقية للمكاسب قبل التزام التمويل. هذا يعني تقارير ربع سنوية تُظهِر نموَّاً على المدى القصير ونتائج تبشِّر بالخير على المدى البعيد. إذ إنَّ تاريخ الاستثمار ملآن بأفكار كانت واعدةً جداً قبل أن ينتهي بها المطاف إلى الخسارة.
يُعَدُّ امتلاك فكرةٍ رائعة أمراً جميلاً، ولكنَّ قيمة الأفكار العظيمة لا تساوي أكثر من قيمة الحبر الذي طُبِعَت به، والأشخاص ذوي العقول التجارية الراجحة يمكن أن يتفقوا معي على هذه النقطة: الأمر يتعلق بالتنفيذ لا بالأفكار. فالحصول على المال يعني أن تقدِّم نوعاً من الضمانات في مقابل ذلك حتى في المراحل الأولى التي يكون فيها الاستثمار "طازجاً". فالمستثمرون المحتملون لن يكونوا أجرأ منك أبداً على دعم فكرةٍ يبدو أنَّها غامضة.
اقرأ أيضاً: 6 نصائح تساعدك على وضع خطة عمل ناجحة
2- السوق الغارق بالمنافسين:
قد يكون لديك فكرة مُحْكَمة ومنتجٌ رائع ولكن إذا رأى المستثمرون أنَّك أشبه بسمكةٍ صغيرةٍ في حوضٍ كبير فإنَّهم سيتجاهلونك على الأرجح. فالإبداع لا يمكن أن يصل بك إلى أبعد من ذاك الحد في عيونهم إذا رأوا أنَّ شركتك الصغيرة سيكون لها العديد من المنافسين الذي سيَحُوْلون دون تميُّزك حين الدخول إلى سوق العمل. لذا انظر بجدية إلى العالم الذي توشك أن تدخله، فهل تلبي شركتك حاجةً معينة، وهل تسلُك طريقاً سلكه بالفعل كثيرون غيرك؟ كن في منتهى الصدق مع نفسك هنا، لأنَّك إن لم تكن كذلك، سيتولى افتقار المستثمرين إلى الاهتمام ذلك نيابةً عنك.
اقرأ أيضاً: كيف تقوم بتحليل السوق من أجل خطّة عمل مُحكمة؟
3- مشاكل النمو:
الأمر الأبرز الذي يثير اهتمام المستثمرين هو النمو، فإذا لم تُظهِر بوضوحٍ توجُّهك نحو التوسُّع وزيادة الأرباح مع مرور الوقت فإنَّ منطق الاستثمار سيُحتِّم على المستثمرين بذل المزيد من الموارد – التي يكون الوقت من أحد أشكالها – لتوجيه أموالهم في الاتجاه الصحيح. يتقاطع هذا مع النقطة السابقة: يجب أن يكون ثمَّة إمكانية للنمو إمَّا من خلال وجود سوق يُفسِح لك المجال لذلك وإما من خلال الخبرة الواسعة التي يتمتع بها رائد الأعمال.
ويجب أن يترافق نمو عملك مع نمو فريق العمل لديك، إذ يُعَدُّ الاستعداد لتغيير طريقة العمل من أجل الالتحاق بسوقٍ متغيرة إحدى قِطَع الأحجية التي يغفل عنها الكثيرون في أغلب الأحيان، فقد اضطُّرَّ بعض عمالقة التكنولوجيا إلى القيام بتغييراتٍ جوهرية في أثناء توسُّعهم. فقد بدأت "باي بال" (PayPal)، الشركة الرائدة في مجال الدفع عن طريق الإنترنت، مشوارها في العمل على تقديم خدمات التشفير في الأجهزة التي كانت تُعرَف آنذاك بالمساعد الرقمي الشخصي (بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يسمح لهم صغر سِنِّهم بمعرفة المساعد الرقمي الشخصي، هذا الجهاز هو الآيفون الذي لا يتضمن أي تطبيقات)، وقد قادت العقلية التي تركز الاهتمام على التوسُّع الفريق إلى إلغاء الخطة الأصلية، وبعد القيام ببعض عمليات الاستحواذ المهمة أضْحَت الشركة الآن المكان الذي يجتمع فيه أصحاب آلاف الملايين.
4- فريقك:
تضم معظم الشركات الناشئة (وليس كلُّها) فرقاً من شباب صغار السن نسبياً ويفتقرون إلى الخبرة، وقد يكون هذا مقبولاً إذا كنت الأول في مجال عملك، ولكن بالنسبة إلى العديد من المستثمرين يُعَدُّ افتقار المنظمة إلى الخبرة بمنزلة جرس الإنذار. إذ يُعَدُّ الفريق الذي تشكِّله من أهم نقاط القوة التي تتمتع بها شركتك، وهو الأمر الذي يَعِيه المستثمرون المتمرِّسون جيداً. وتُعَدّ بُنية المجموعة أمراً مهماً فاختر أشخاصاً تكمِّل مواهب بعضهم مواهب بعضهم الآخر بحيث يتفوق فيه الكل على مجموع الأجزاء.
ليس ثمَّة ما يضاهي الذهاب إلى اجتماع مع مجموعة مع الأشخاص الذين أفكر في استثمار الأموال معهم وأن أرى فريقاً يقرأ بعض أفراده أفكارَ بعضهم الآخر، فحين أرى مجموعةً متجانسة فإنَّ ذلك يولِّد الثقة في داخلي ويُظهِر لي أنَّ الشركة تعلم كيف ستعتني بدقائق الأمور.
اقرأ أيضاً: 8 صفات يجب أن تتوافر في كل فريق عمل ناجح
5- أنت:
تُعَدّ شركتك بمنزلة طفلك، ومع كونك والداً لهذا الطفل فإنَّ كل قرارٍ سيحمل توقيعك، وكل صفقةٍ ورسالةٍ إلكترونية ستحمل توقيعك كذلك، فاسأل نفسك: هل يجعلك هذا متوتراً بعض الشيء، أو أنَّك واثقٌ بنفسك طوال الوقت؟ يظهر الاختلاف حينما تقابل مستثمرين محتملين. فحينما أُقوِّم مزايا شركةٍ ما فإنَّ أول ما أنظر إليه هو رأس تلك الشركة، صحيحٌ أنَّ ثمَّة عدة أشكالٍ للقيادة، ولكنَّ ثمَّة أشياءٌ يقوم بها القائد المفطور على القيادة لا يقوم بها أبداً أي شخصٍ يتميز بالتوتر. أريد أن أرى فيك الصدق والأصالة، وأنَّك تعيش من أجل شركتك وأنَّ شركتك هي الهواء الذي تتنفسه مثلما أعيش أنا لأجل شركتي ومثلما تُعَدُّ شركتي بالنسبة إلي الهواء الذي أتنفسه. يُعَدُّ ضبط النفس رائعاً في قاعة الاجتماع ولكنَّني إذا سمعت خطاباً ترويجياً يفتقر إلى الشغف فإنَّ ذلك يثير نفوري فوراً وقد يكون العامل الحاسم في نهاية المطاف، لأنَّ المستثمرين يحتاجون إلى أن يشعروا بشغفك في قرارة أنفسهم قبل أن يفتحوا محافظهم.
اقرأ أيضاً: نصائح مهمة من أشهر مؤسسي الشركات الناجحة في العالم
لا تسير الأمور بسهولةٍ كبيرة حينما تدير شركةً ما، وإذا سارت الأمور بسهولة فثمَّة على الأرجح المزيد من الأمور التي يجب عليك القيام بها. فحتى السيارة الخالية من العيوب ستواجه في نهاية المطاف طريقاً وَعْراً ومن علامات رائد الأعمال الحقيقي أن تكون المطبات عاملاً مُلْهِما لا عاملاً يسبب له الهزيمة. وإذا وصلْتَ إلى مرحلةٍ لديك فيها مستثمرٌ يصغي إليك فقد قمت بالفعل بالكثير من الأمور الجيدة، وليس ثمَّة على طاولة ذاك المستثمر أمورٌ مؤكدة أكثر من تلك التي بين يديك، ولكن حينما تخرج من الغرفة – سواء كنت تحمل شيكَّاً في يدك أم لا – فأنت إلى الآن الشخص الذي يمتلك أكبر استثمارٍ بين يديه: لأنَّ الاستثمار هو استثمارك في نهاية المطاف.
أضف تعليقاً