الحياة التقليدية والحياة غير التقليدية

في ظلِّ التطوُّر التكنولوجي والشعور بالقلق المرتبط بجيل الألفية، يوجد عددٌ متزايدٌ من الأشخاص الذين يدافعون عن أسلوب الحياة غير التقليدي، قد أكون واحداً منهم، وقد لا أكون.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، يُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في عيش حياة تقليدية وغير تقليدية في نفس الوقت.

الحياة غير التقليدية؛ هي الحياة التي لا تتَّبع المسار الوظيفي للشركة؛ إذ تُعاش من قِبل شخص يظنُّ أنَّ ساعة الذهب والمعاش التقاعدي ليسا أهدافاً يجب الوصول إليها؛ إنَّما فخٌّ يجب تجنُّبه.

إنَّ الشخص الذي يدعو إلى عدم الالتزام بالتقاليد، هو شخص يقدِّر الحرية أكثر من المال، وعادةً ما يعمل بطريقة تجعل السفر ضرورةً، وليس مجرد فرصة مدتها أسبوعان.

ومع ذلك، أنت تعلم أنَّ الحياة التقليدية مع أنَّها ليست مثالية، فإنَّها تحقِّق بعض الفوائد؛ فهي توفِّر الاستقرار قبل كل شيء، وهذا يسمح للأشخاص الذين يتَّبعون المسار التقليدي التخطيط للمستقبل؛ إذ ينتج عن هذا الاستقرار جوانب إيجابية في الحياة التي غالباً ما نتجاهلها نحن الأشخاص غير التقليديين، الذين نظنُّ أنَّ السلَّم الوظيفي عبارة عن نظام فاسد.

فوائد الحياة التقليدية:

الخطوة الأولى نحو تحقيق التوازن بين الحياتَين، هي الاعتراف بوجود فوائد إيجابية لعيش حياة تقليدية.

فمن الشائع جداً أن يرفض الأشخاص غير التقليديين بشدَّة مسار الحياة التقليدية، لكن أصبح نمط الحياة التقليدي "تقليديَّاً" لأنَّه كان نافعاً؛ إذ تصبح الأمور تقليديةً عندما ينجح عدد كافٍ من الناس في جعلها طريقة الحياة المعروفة، بدلاً من أن تكون طريقة مجهولة من بين عدة طرائق؛ لذلك، فإنَّ الحياة التقليدية لها فوائد إيجابية، ولها جوانب أنت تريدها.

إنَّ راتب التقاعد، والراتب الثابت، والمزايا الصحية، والإجازة، كلها أمور توفِّرها الحياة التقليدية، وفي الأساس، هي تمنح شعور راحة البال بالاستقرار، لا سيَّما إذا كان قسمك في العمل لا يخفض عدد العمالة، أو أنَّ الشركة الناشئة التي تعمل لديها لا تتوقف عن العمل.

ومع ذلك، توفِّر الحياة التقليدية أيضاً فوائد اجتماعيةً قد نظنُّ أنَّها لا ترتبط إلَّا بالحياة غير التقليدية؛ على سبيل المثال، عندما تعيش حياة تقليدية، فإنَّك توقِّع عقداً لمدة 12 شهراً، وتنتقل إلى مكتب لتعمل خمسة أيام في الأسبوع.

قد يبدو الأمر قديماً، لكنَّ الدخول في روتين عميق كهذا يساعدك على عملية التواصل؛ إذ يسمح لك الالتزام بموقع ما لفترة طويلة من الوقت بتعميق العلاقات التي تبنيها مع الأشخاص من حولك، كما يسمح لك ببناء علاقة مع المديرين التنفيذيين والمديرين في الشركة الذين قد يكونون قادرين على مساعدتك على حياتك المهنية، ويساعدك أيضاً على العثور على الأشخاص المُميَّزين من حولك.

لذلك، بدلاً من التفكير في الحياة التقليدية على أنَّها عبارة عن سجن، فكِّر في الأمر على أنَّه وضع مختلف تماماً؛ إذ توجد أمور سيئة وأخرى جيدة، ومع ذلك، فإنَّ الأمور الجيدة تؤدي إلى الاستقرار وتعميق علاقاتك الشخصية، ومَن منَّا لا يريد ذلك؟

شاهد: 8 طرق لإعادة إحياء السعادة في حياتك

فوائد الحياة غير التقليدية:

في حين أنَّ الفائدة الرئيسة للحياة التقليدية هي الاستقرار، فإنَّ الميزة الرئيسة للحياة غير التقليدية هي الحرية.

كما تلاحظ، عندما تعيش حياة خالية من التقاليد، فإنَّ ما تفعله أساساً هو العيش خارج المسار الوظيفي الاعتيادي، بدلاً من الانتقال إلى العمل في مكتب لمدة خمسة أيام في الأسبوع، فأنت تعمل عن بُعد إمَّا من أماكن مشتركة أو مقاهٍ أو منزلك.

أنت تعمل بصفتك شخصاً مستقلاً، أو خبيراً استشارياً، أو ربَّ عمل مستقل؛ وهذا يعني أنَّ تلك المساحات المشتركة والمقاهي، يمكن أن توجد في أي مكان في العالم، كما أنَّه لا يوجد لديك رئيس، ولا تستجيب إلَّا لرغبتك في النجاح.

وهذه الحرية تعني أنَّه يمكنك توسيع دائرة أصدقائك وتأثيرك في صورة كبيرة، كما يمكنك الحصول على عدة تجارب جديدة ومثيرة، فبالنسبة إليَّ، كنت أعيش أسلوب حياة الترحال، أستأجر سكناً لمدة شهر إلى شهرين في كل مرة، لقد زاد عدد الأشخاص الذين قابلتهم، ومواقف الحياة الجديدة التي كانت تواجهني يومياً؛ إذ يزيد هذا الأمر من اتساع مداركي، ويعطيني أفكاراً جديدةً ومثيرةً للاهتمام لم أكن لأحصل عليها لولا ذلك، ومَن منَّا لا يريد ذلك؟

إقرأ أيضاً: 10 علامات تدل على نمط الحياة الخامل وقلة النشاط

تصميم نمط الحياة التقليدي وغير التقليدي:

نحن جميعاً نريد الجوانب الإيجابية للحياة التقليدية، وكلنا نريد جوانب من الحياة غير التقليدية، لكن هل نحن مرغمون على اختيار إحدى الحياتَين حصراً دون الأخرى؟

إذا اخترت المسار التقليدي، فأنت تمنح نفسك هدية الاستقرار، ولكنَّك تتخلَّى عن بعض من حريتك، وبخلاف ذلك، إذا قرَّرت اتخاذ المسار غير التقليدي، فإنَّك تحصل على الحرية، ولكنَّك أيضاً تزيد من عدم استقرارك، فهل يعني هذا أنَّ الاستقرار والحرية يرتبطان ارتباطاً عكسياً؟ بالتأكيد لا.

إذا كان في إمكانك تصميم حياة تقليدية أو غير تقليدية بفاعلية، فبالتأكيد يمكنك تصميم حياة تتضمَّن كلا المسارين؛ لذلك، فإنَّ تحقيق نمط حياة مستقر وحر هو أمر ممكن، طالما أنَّك تريده.

من منظور اجتماعي، يمكنك البحث عن أمور مشتركة، مثل عقد إيجار لمدة 12 شهراً في مكان ما، أو استئجار شقة أو منزل على الأمد الطويل، وامتلاك جيران لطفاء، ومالك غير مزعج.

ابحث عن مكان تتوفَّر فيه هذه العوامل، فهي توفر لك الحرية، باستثناء أمر واحد وهو موضوع وظيفتك أو دخلك؛ إذ يأتي الشعور بالاستقرار مع شركة ما من وراء الراتب الذي يمكن توقُّعه في المستقبل؛ لذلك، لتحقيق نفس النوع من الاستقرار عند ممارسة نمط الحياة غير تقليدي، من الهام تنمية العلاقات مع العملاء الهامين أو العاديين.

بالنسبة لي، أنا أمتلك شركةً استشاريةً لتسويق المحتوى تساعد عدداً قليلاً من الشركاء على الأمد الطويل؛ لذلك، حتى لو كانت أرباحي أعلى في بعض الأشهر من غيرها، فأنا أعلم أنَّني أمتلك قاعدة دخل صلبة أعتمد عليها، شهراً بعد شهر.

فالأمر ليس بهذه السهولة، ولكنَّ الطريقة الوحيدة لبناء هذه العلاقات كانت عن طريق الكلام، ورسائل البريد الإلكتروني الباردة، ثمَّ العمل عالي الجودة الذي كان يُنفَّذ باستمرار مع مرور الوقت.

لكن إذا كنت قادراً على إنشاء تدفق ثابت من الإيرادات المستقلة، والعثور على شقة بنظام الإيجار، فأنت بذلك قد خرقت النظام بصورة أساسية.

الآن، أنت لديك أفضل الأمور في كلا النوعين من الحياة؛ إذ تمتلك العمل الذي تريده، وتبني علاقات عميقة مع أشخاص معيَّنين في مكان معيَّن، ويمكنك السفر في جميع أنحاء العالم والحصول على تجارب فردية توسِّع رؤيتك للعالم.

إقرأ أيضاً: ما هو نمط الحياة الخامل؟ وما هي طريقة التخلص منه؟

الخلاصة:

من الهام أن نفهم أنَّه يوجد فوائد إيجابية للحياة التقليدية وغير التقليدية على حدٍّ سواء؛ لذلك، بدلاً من محاولة العيش بصرامة في إحدى النوعين، اختر أن تعيش كليهما.

إنَّها مسألة تصميم أسلوب حياة، وإذا كان في إمكانك تصميم حياتك بالمعنى التقليدي، أو اختيار تصميمها دون تقاليد، فمن المنطقي أنَّه يمكنك إنشاء حياة تتضمَّن جوانب كلا النوعين.

المصدر




مقالات مرتبطة