أولًا: تعريف الإيجابيّة ومفهومها العام
الإيجابيّة هي سمة من سمات الشخصيّة الأساسيّة، ويُقصد بها الخروج من التمركز حول الذات، والانفتاح على العالم الخارجي، وخلق نوع من الرغبة في إصلاح ذات الإنسان والمجتمع، كما وتعني قدرة الفرد على التعامل والتفاعل الجيد مع الآخرين، والتفكير الإيجابي، والقدرة على حل كل المشكلات التي قد تقع في الحياة، وكل هذا ينعكس على الشخص الإيجابي بحالة من الطمأنينة الروحية.
كما ويُمكن تعريف الإيجابيّة على أنّها قدرة الفرد على التركيز على كل مكامن القوة والجوانب المتينة في شخصيتهِ وتفكيرهِ، وذلك لهدف رفع مستوى السعادة والطمأنينة والراحة والتفاؤل في داخلهِ، وتعميق شعور الثقة بالنفس والذات، بالإضافة لتعزيز الأمل بالله والإحساس بالتقدير والقناعة عن النفس، وكل هذا بهدف الحد من التفكير السلبي والإحساس بالإكتئاب والهم والقلق واليأس الذي يهدّم الإنسان ويتسبب في تعبهِ النفسي والجسدي.
ولقد عرّف الدين الإسلامي الإيجابيّة وتحدّث عنها في العديد من المواضيع، حيث دعا الإسلام إلى دعم الإنسان لكل الجوانب الإيجابية في حياتهِ، ومواظبتهِ على عمل الخير ومساعدة الآخرين والتواصل الجيد معهم، وذلك لدور هذهِ الأعمال البسيطة في إسعاد الآخرين، وزيادة صلة البشر مع بعضهم البعض.
وللإيجابيّة نوعان:
الأوّل: هو إيجابيّة الإنسان نحو نفسهِ، والتي تظهر عن طريق مساهمتهِ في تطوير ذاتهِ، وشخصيتهِ وتنميتها.
الثاني: أمّا النوع الثاني فيتمثل في قدرة الإنسان على التفاعل مع الآخرين، والمساهمة في حل مختلف قضايا المجتمع والمساهمة في تطويرهِ وتنميتهِ.
ثانيًا: أهميّة الإيجابيّة ومعوقاتها
- طاعة الله سبحانهُ وتعالى، والقيام بكل الأشياء التي أمر بها كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أداء كل العبادات، والمعاملة الجيدة مع النفس والآخرين.
- النظر إلى النفس بشكلٍ إيجابي وتدعيم الصحة النفسيّة.
- السعي وراء الحصول على التقدير من الآخرين.
- السعي وراء تحقيق النجاح في الحياة.
- اكتشاف الجوانب الإيجابيّة في الشخصيّة، ونقاط القوة.
أمّا بالنسبة لأهم معوقات الإيجابيّة فهي:
- عدم ثقة الإنسان بنفسهِ، وقدرتهِ على تحقيق التقدّم في الحياة.
- التردد وازدياد مشاعر الخوف كالخوف من الآخرين، والخوف من الفشل.
- سيطرة التفكير السلبي على العقل والدماغ وهذا ما يُسميهِ علماء النفس بالتفكير القاتل الصامت.
- الكسل، والخجل من مواجهة الآخرين والمجتمع.
- الشعور الدائم بالإحباط والعجز والفشل، واستعجال النتائج.
- فقدان الأمل بكل الأشياء الموجودة في الحياة واليأس.
- الاعتماد على الآخرين، وعدم الإعتماد على النفس بشكلٍ مطلق.
- مصاحبة الأشخاص السلبيين الذين يُسميهم علماء النفس قتلة الأحلام.
ثالثًا: مظاهر الإيجابيّة في الإسلام والقرآن الكريم
1- لقد تحدث الإسلام عن الإيجابيّة في القرآن الكريم، من خلال الفرق بين الليل والنهار، وبين الجماد والكائن الحي، حيثُ جاء في الآية الكريمة: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
أي أنّ الرجل الإيجابي هو شخص يعمل باستمرار ولا يهدأ بالهُ، ولا تنطفئ عزيمتهُ ولا يشعر بالكلل والملل، إلى أن يُحقق كل أهدافهُ المنشودة في الحياة.
كما وورد ذكر الإيجابيّة في القرآن الكريم من خلال الحث على التعاون والبر والتقوى حيثُ قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ).
2- ضرورة الإيجابية من خلال التفاعل الإجتماعي، أي أن يكون الإنسان شخصًا فعّالًا في المجتمع الذي يعيش فيهِ، من خلال العمل الصالح، ومساعدة الفقراء والمحتاجين: حيثُ قال تعالى: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).
3- الصلح بين البشر، وبث روح التسامح، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ).
4- قوّة الصلة بين المسلمين، وتعامل البشر مع بعضهم البعض كأخوة متحابين، حيثُ قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
5- أهميّة محاربة الفساد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيثُ قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ).
رابعًا: نصائح مهمة لتعيش بإيجابيّة في جميع الأوقات والظروف
1- عدم الخوف من الفشل:
لا شيئ من الممكن أن يحد من قدرة الإنسان على التماس الجوانب الإيجابيّة في الحياة، والاستمتاع بكل الأشياء الموجودة فيها، أكثر من السماح للخوف بأن يُسيطر على العقل والتفكير العام، لهذا على الإنسان أن يتحرر بشكلٍ سريع من خوفهِ، إن كان الخوف من الفشل، الخوف من المرض، الخوف من الوحدة، الخوف من الظلم، وأن يقضي على كل شعور بسيط بالخوف قبل أن يمنعهُ من المضي قدمًا في الحياة.
2- تشجيع النفس:
من الضروري أن تعزز ثقتك بنفسك وأن تحاول دائمًا تشجيعها عن طريق توجيه الكثير من العبارات الإيجابيّة لها، هذهِ العبارات التي تُحفظ في العقل وتأرشف فيهِ مدى الحياة لتصبح حقيقة أساسيّة في الإنسان، كأن تقول وتردد العبارات التاليّة: أنا أحب الحياة، أنا أعشق التميّز، أنا لا أعراف الإستسلام، يُمكنني فعل كل ما أرغب، أنا أتمتع بقوةٍ كبيرة.
3- العيش في الحاضر:
وهي من أساسيات الحياة الإيجابيّة، والتي تقوم على تعلّم الإنسان من كل دورس الماضي وأخذ العبرة والحكمة المناسبة منها، والتخطيط لبناء حاضر مزدهر ومستقبل جميل، بدلًا من العيش بتجارب الماضي القاسية والتفكير الدائم بها، لدرجة تعيق عملية التفكير السليم والبنّاء في الحياة.
4- تحمّل المسؤوليّة:
من المهم جدًا أن يؤمن الإنسان بفكرة في غاية الأهمية لتكون حياته إيجابيّة في جميع الظروف والأوقات، وهي أنّهُ المسؤول الأول والأخير عن كل القرارات المهمة التي يتخذها في حياتهِ، وأن يتحمّل كامل المسؤلية عن نتائج أي قرار يتّخذه.
5- التسامح مع الآخرين:
لا يوجد حل مناسب ليتخلّص الإنسان من كل الخلافات التي تحدث معه في حياته والتي تسبب له الحزن والسلبيّة أكثر من تمسكهِ بصفة التسامح مع نفسهِ ومع الآخرين، كأن يتغاضى عن كل من أخطأ بحقهِ وأن يصفح عنهُ، وأن يتصالح مع نفسهِ ومع كل الأخطاء التي ارتكبها بحقها، وأن يُشجع الناس على التحلّي بهذهِ الصفة والإلتزام بها في الحياة.
6- تقبّل الفشل:
من الطبيعي جدًا أن يمر الإنسان ببعض محطات الفشل في الحياة، ولكن من غير الطبيعي أن يستسلم لهذهِ المحطات ويطول البقاء بها، وذلك لأنّ البقاء فيها يحوّل الحياة إلى جحيم لا يُطاق، لهذا إذا أردت أن تعيش بإيجابيّة دائمة، عليك أن تتقبل كل المحطات الفاشلة التي تمر في حياتك وأن تعمل على مواجهتها بكل قوة وعزيمة وإصرار، وأن تؤمن كذلك بقدرتك على تحقيق هذا.
7- البحث عن الراحة:
يجب على الإنسان أن يبحث دائمًا عن كل ما يؤمّن له الراحة والطمأنينة في الحياة، كأن يقوم ببعض النشاطات المهمة التي تجعلهُ سعيدًا ومفعمًا بالنشاط، كتخصيص ساعات معينة للاستماع إلى الموسيقى، الجلوس في الطبيعة والاستمتاع بكل الأجواء الساحرة فيها، الابتعاد عن ضجيج الحياة، النوم في أجواءٍ هادئة، الذهاب لحضور المسرحيات والحفلات الترفيهيّة.
8- القيام ببعض الأنشطة البدنيّة:
لا شيئ من الممكن أن يحوّل حياة الإنسان إلى حياة إيجابيّة وسعيدة أكثر من ممارستهِ لبعض الأنشطة البدنيّة التي تغذي الروح، والتي تساهمُ كثيرًا في إخراح السموم من الجسم والعقل، ومن هذهِ الأنشطة مثلًا ممارسة الرياضة اليوميّة كالمشي في الطبيعة أو على البحر، أو ممارسة بعض الأنشطة الروحية كتمارين اليوغا والتأمل والاسترخاء.
9- التفكير الواقعي:
يجب على الإنسان أن يكون واقعيًا بأحلامه وأمنياتهِ، وأن يسعى دائمًا للابتعاد عن المبالغة في التفكير والأحلام صعبة المنال، وهذا لكي لا يشعر باليأس ولكي لا يسمح للإحباط بأن يُسيطر عليهِ ويحرمهُ من متعة الشعور بالإيجابيّة والسعادة.
10- القيام ببعض السلوكيات المفيدة:
قد يجهل الإنسان في كثيرٍ من الأحيان أنّ هناك بعض السلوكيات البسيطة التي في حال قام بممارستها، سيجعل حياتهِ مليئةً بالإيجابيّة والسرور في جميع الأوقات والظروف، ومن هذهِ السلوكيات البسيطة السجود على التراب، الاستحمام بالملح الخشن أو الملح البحري الذي يتميّز باحتوائهِ على الكثير من المعادن المفيدة للجسم، المشي على الرمال حافي القدمين، وتعود فائدة هذهِ السلوكيات بأنّها تساعد على سحب الطاقة السلبيّة من الجسم وتعزيز التفكير الإيجابي.
11- مجالسة الأطفال الصغار:
يتمتّع الأطفال الصغار بطاقة إيجابيّة تنتشر حولهم لتأثّر على كل الأشخاص المحيطين بهم وتجعلهم يشعورن بالسعادة والفرح، لهذا فإنّ مجالسة الإنسان للأطفال الصغار واللعب معهم، يُساعد على بث السعادة في داخلهِ وطرد كل المشاعر الحزينة.
12- عدم تصديق العقل دائمًا:
بالرغم من أهمية العقل في حياة الإنسان ودورهِ في نجاحهِ وتقدمهِ، إلّا أنّه في بعض الأحيان يجب على الإنسان ألّا يُبالغ في تصديق العقل والإنصياع لأوامرهِ، وذلك لأنّ المشاكل تبدو في بعض الأوقات أكبر مما هي عليهِ في الواقع، وأن حلّها الأساسي يكون في الابتعاد قليلًا عن العقل وأوامره.
13- تجنّب الأشخاص السلبيين:
لتحافظ على حياتك الإيجابيّة وقدرتك على الإستمتاع بها، عليك أن تبتعد عن كل الأشخاص السلبيين الذين لا يتوقفون عن بث الأفكار التشاؤمية والسلبيّة، وأن تحرص فقط على التواجد مع الأشخاص الإيجابيين، كما وعليك أن تبتعد عن الجلوس في الأماكن المغلقة، وأن تجلس في الأماكن المفتوحة حيثُ الهواء النقي والأوكسجين المتجدد.
خامسًا: أقوال في الطاقة الإيجابيّة للدكتور إبراهيم الفقي
- من المحتمل ألّا يتمكّن الفرد من التحكّم في الظروف، ولكنّه يستطيع أن يتحكّم في الأفكار، فالتفكير الإيجابي ينتج عنه الأفعال الإيجابية وكذلك النتائج الإيجابية.
- عليك بإرسال رسالة شكر إلى طبيبك الخاص أو طبيب أسنانك أو حتى الذين يقومون بإصلاح سيارتك.
- على المرء أن يتذكر دائمًا بأن يعيش كل لحظة وكأنها آخر لحظة في حياته، فيعيش بالأمل، ويعيش بالإيمان، ويعيش بالكفاح، ويعيش بالحب، ويقدّر قيمة الحياة.
- إنّ رحلة النجاح ليست بحاجة إلى البحث عن أراضي جديدة، ولكنها تحتاج إلى الإهتمام بالنجاح والرغبة في الوصول إليه وتحقيقه، ورؤية الأمور بعيون مختلفة وجديدة.
- عندما يلوم الفرد الآخرين فهو يصير ضحية لهم، ويبرر تصرفاتهم تجاهه، ويعطيهم وقت من لحظات حياته التي يمكن أن تكون اللحظات الأخيرة.
- إنّ لصوص الوقت هم التأجيل والمماطلة، وفقدان التركيز، والخلط بين أهمية كل أمر، والمجهود الذي يتكرر، وعدم القدرة على قول لا، وفقدان النظام، والمقاطعات التي تأتي فجأة، والتخطيط غير الواقعي.
- عليك أن تحذر من الأفكار السلبية التي يمكن أن تأتي على بالك في الصباح، لأنّها يُمكن أن تبرمج يومك بالمشاعر السلبية، وعليك تركيز انتباهك على الأمور الإيجابية، وأن تبدأ يومك بالنظرة السليمة تجاه الأمور.
شاهد بالفديو: 9 حكم من ابراهيم الفقي ستغير حياتك!
وأخيرًا نتمنى عزيزي أن تسعى لتطبيق كافة النصائح التي قدمناها لك، لتعيش حياتك بإيجابيّة وسعادة في كل الأوقات والظروف.
المصادر:
- الإيجابية من منظور إسلامي
- نصائح للعيش بشكل ايجابي في جميع الأوقات
- أقوال الطاقة الايجابية ابراهيم الفقي
- 11 نصيحة كي تعيش حياة أكثر إيجابية
أضف تعليقاً