لست وحدك من يفكر بهذه الطريقة في الواقع، فقد تبيَّن في دراسة أجرتها شركة الموارد البشرية "روبيرت أند هاف" (Robert and Half) أنَّ 39% من الموظفين فقط طلبوا الحصول على ترقية.
ما الحلُّ إذاً للحصول على ترقية؟ عليك وضع خطةٍ لذلك.
إنَّ القول أسهل من الفعل؛ ولكن إذا كنت تعمل على المهام الصحيحة بجودة عالية، فمن المؤكد أنَّك ستحصل على الترقية التي تستحق.
دعونا ننظر في كيفية طلب الترقية والارتقاء في السلم الوظيفي.
قوة تحديد الأهداف:
تتمثل خطتك المثالية في كتابة أهداف واضحة وموجزة، حيث يُعدُّ تحديد الأهداف أهم مهارة يتوجب إتقانها لتحقيق أيِّ نوع من النجاح في حياتك.
لقد أجرى خريجو الدراسات العليا في مجال الإدارة في جامعة "هارفارد" (Hardvard)، دراسةً استقصائية حول تحديد الأهداف، حيث حقق 13٪ من الطلاب الذين حددوا أهدافاً دون خططٍ محددة نجاحاً مضاعفاً، مقارنةً بـ 86٪ من الذين لم يحددوا أيَّ أهداف.
الجزء المثير للاهتمام هو أنَّ 3٪ من الطلاب الذين حدَّدوا أهدافاً عمليةً ملموسة، كانوا يكسبون 10 مرات أكثر من نسبة الـ 97٪ مجتمعين؛ أي يمكن أن يؤدي تحديد الأهداف إلى زيادة فرص تحقيق النجاح الذي تريده أو تقليلها.
الطريقة الصحيحة لتحديد الأهداف:
تتمثل الخطوة الأولى لتحديد أيِّ هدف في تحديد ما تريد القيام به فعلاً؛ وبما أنَّك تريد ترقية، فاكتب هذا الهدف في دفتر يومياتك، ثمَّ قسِّمه إلى أهداف أصغر.
على سبيل المثال: اسأل نفسك ما هو المطلوب للحصول على ترقيةٍ في وظيفتك الحالية.
يُعدُّ موقع "وورك فلووي" (Workflowy) من الأدوات الرائعة لتحليل أهدافك، وصحيحٌ أنَّك لن تحصل على جميع الإجابات بالنسبة إلى معظم الأهداف التي تحددها؛ لكن لا تدع هذا يمنعك من إحراز تقدُّم ملموس؛ وإذا واجهتك مشكلةٌ في أيِّ وقت، فاجعل العثور على شخصٍ يمكنه مساعدتك في إيجاد الإجابات التي تبحث عنها خطوتك التالية.
وأخيراً، خذ وقتاً للتفكير في تقدُّمك، وستتمكن من عرض ما أنجزته وما تأخرت فيه في دفتر يومياتك؛ لذا نوصي بالتحقق من تقدمك في نهاية كلِّ أسبوعٍ وشهرٍ وربع سنة.
قد يبدو هذا مضنياً جداً في البداية، ولكنَّ الغرض منه مساعدتك على تجنُّب السير في الاتجاه الخاطئ.
في ما يأتي ملخص لعملية تحديد الأهداف:
- حدد بوضوحٍ ما تريد القيام به، مثل: الحصول على ترقية في الأشهر الـ 12 المقبلة.
- اكتب هدفك في دفتر يومياتك.
- قسِّم هدفك إلى أهداف صغيرة، مثل: الالتزام لساعة واحدةٍ بدورة متخصصة في مجال عملي يومياً.
- اكتب الأهداف اليومية في دفتر يومياتك.
- راجع تقدمك كلَّ أسبوع وشهر وربع سنة، لإجراء التغييرات اللازمة.
6 خطوات للتقدم الوظيفي:
نأمل أن تدرك الآن مدى أهمية تحديد الأهداف، فقد حان الوقت لبدء تعلم الأساليب التي ستساعدك في الحصول على هذه الترقية التي تستحقها.
ورغم أنَّنا سنشاركك العديد من الأساليب للحصول على ترقية، فمن الأفضل أن تركز فقط على أسلوبٍ واحدٍ أو اثنين منها في المرة الواحدة، حيث سيمنعك ذلك من الشعور بالإرهاق، ويساعدك على إتقانها؛ لذا ابدأ التركيز على الأمور التي تكون فيها أضعف، ومن ثمَّ تقدم للأمام:
1. ابدأ طلب الترقية:
تبدو المطالبة بأيِّ شيءٍ صعبةً في البداية، ولكن من المنطقيِّ القيام بذلك في حياتك المهنية.
سيسمح لك قيامك بما أنت مُطالَبٌ به بالتحدث عن منجزاتك الوظيفية بقوة أكثر، وعدم الشعور بالذنب لطلب الترقية؛ وكما ذكرنا من قبل: كشفت دراسةٌ أنَّ أكثر من نصف الموظفين لم يطلبوا الترقية مطلقاً، وهذا هو السبب لكون الطلب تذكرتك لضمان سماعك من قبل الإدارة العليا.
لست مضطراً لأن تكون متغطرساً أو وقحاً، بل كن شخصاً يعرف قيمة نفسه، والمشكلة هنا هي أنَّك أسوأ ناقد لنفسك؛ لذلك، قد يكون من الصعب في بعض الأحيان التركيز على صفاتك الإيجابية، فإليك الحل لتخطي ذلك:
ابدأ كتابة إنجازاتك اليومية في جدول بيانات منفصل، وضَع أعمدة للتاريخ ونوع الإنجاز وكيف تغلبت على التحديات. قد يبدو الأمر غريباً في البداية، لكنَّك ستُنشئ قاعدة بيانات شخصية لإنجازاتك، بحيث يمكنك الرجوع إليها عند الحاجة.
اعتَد على مراجعة جدول البيانات هذا كلَّ أسبوع لمعرفة ما أنجزته، وستدرك بسرعةٍ القيمة التي تقدمها لفريقك، وللشركة ككل؛ وستملك بذلك ميزةً إضافيةً يمكنك الاستفادة منها في اجتماعات الأداء خاصتك.
2. استثمر وقت فراغك:
هل تساءلت يوماً عن سبب عدم ترقية الأشخاص في بعض الأحيان، رغم أنَّهم عملوا بجد؟ هذا على الأرجح لأنَّهم فشلوا في بناء علاقات مع الآخرين في مكان عملهم.
لقد كشفت دراسةٌ لجامعة "هارفارد" (Harvard) أنَّ المحامين الذين استطاعوا تكوين العلاقات بشكلٍ أفضل، حصلوا على أكبر قدرٍ من المال؛ فقد كانوا يملكون "عقلية الترقية"، بينما كان لدى الآخرين "عقلية التجنُّب".
يعتقد الأشخاص ذوي "عقلية الترقية" أنَّ بناء العلاقات يمكن أن يحقق لهم النمو والتقدم، بينما يعتقد أصحابُ "عقلية التجنُّب" أنَّ ذلك بمثابة مَهمَّةٍ يتوجب عليهم القيام بها؛ وحتى لو كنت انطوائياً، فلا يزال بإمكانك النجاح في بناء العلاقات.
يمكنك تحسين مهاراتك في بناء العلاقات عن طريق اتخاذ إجراءات صغيرة كلَّ يوم؛ لذا، تواصل يومياً مع الآخرين، ولا تنتظر حتى تحتاج ذلك.
إنَّ بناء العلاقات في مكان العمل أشبه ما يكون بصُنعِ "شبكةٍ" من العلاقاتِ، حيث يتمحورُ هذا "التشبيك" حول بناء علاقاتٍ حقيقية وقيِّمة؛ لذا ابدأ تغيير طريقةِ تفكيرك، وفكر في التشبيك على أنَّه بناء علاقات أولاً، والحصول على المساعدة ثانياً؛ واجعلهُ عادةً يوميةً لتحسين ذكائك العاطفي. وبينما تركز أكثر على إظهار قيمتك للآخرين، ستبدأ تنمية شبكة داعمة وقوية من العلاقات.
3. أنفِق المال على الملابس المناسبة:
هل ترتدي ملابسَ أفضل خارج العمل، ولا تكترث حقاً لما ترتديه في المكتب؟
إذا كان الأمر كذلك، فقد تعطي الناس انطباعاً خاطئاً عنك؛ حيث تظهر الأبحاث أنَّ الملابس التي يرتديها الموظفون تؤثِّر في فرصهم للحصول على ترقية.
ما الذي يجب أن ترتديه إذاً؟
هناك الكثير من الخيارات المتاحة؛ لكنَّ ارتداء شيء رسمي نوعاً ما، هو الرهان الآمن دوماً، فعلى سبيل المثال: ارتدِ قميصاً مع بنطال وحذاء رسمي مناسب؛ فإذا كنت ترتدي الجينز وقميصاً للعمل في الوقت الحالي، فقد يؤدي ذلك إلى تحسين الطريقة التي يراك بها مديرك وفريقك؛ ولكن إذا كنت ترتدي ملابس رسميةً بالفعل، فإنَّ ارتداء ربطة عنق يمكن أن يكون الخطوة الآتية التي تقوم بها لتصل إلى الترقية.
إنَّ هدفك هو أن ينظر إليك الآخرون كمرشحٍ مثالي للترقية؛ لذا من غير الضروري ارتداء بدلة العمل كلَّ يوم، إلَّا إذا كان ذلك منطقياً.
فكِّر أكثر فيما تريد ارتداءه عندما تقف أمام خزانة ملابسك؛ ذلك لأنَّ الجميع يراقبونك ويتطلعون إليك.
4. امنح نفسك الترقية أولاً:
قبل أن تتلقى أيَّ عرض ترقية، يجب عليك منحها لنفسك أولاً، ويعني هذا بناء عقليةٍ تُشعِرك بأنَّك تستحق الترقية بالفعل؛ فإذا لم تكن واثقاً من أنَّك تستحق الحصول على ترقية، فلماذا يجب على أيِّ شخصٍ آخر أن يعتقد ذلك؟
بالإضافة إلى العمل الجاد لتحقيق أهداف الأداء خاصتك، طوِّر عقليتك بممارسة التصور؛ فهو تقنيةٌ استخدمها علماء النفس لسنوات، وقد ساعد الناس على الوصول إلى حالاتهم العاطفية المرغوبة وتحقيق أهدافهم في الحياة.
ابدأ تصور نتيجة ترقيتك لنفسك، حيث يمكنك هنا تصوُّر نوعين من التحفيز، وهُما: "النتيجة" و"العملية"؛ إذ يتضمن التفكير في النتيجة تصور النتيجة النهائية لهدفك، بينما يتضمن التصور القائم على العملية تصور الخطوات المطلوبة للوصول إلى هدفك.
على سبيل المثال: إذا كنت تتطلع إلى الحصول على ترقية، فتخيل مديرك يهنئك، ومن ثمَّ تصور الخطوات التي قمت بها للوصول إلى هذه الترقية، مثل الدراسة في عطلات نهاية الأسبوع لتعلم ما هو جديدٌ في مهنتك، أو بذل مزيدٍ من الجهد لمساعدة فريقك.
بينما تتصور ذلك، ركِّز على الشعور بالتجربة إلى أقصى حد، لجني أكبر قدرٍ من الفوائد. قد يستغرق الأمر بعض الوقت لتعتاد على ذلك، لكنَّ المكافآت تستحق ذلك بالتأكيد.
5. لا تعمل بجد، إنَّما بذكاء:
لن تحصل على الترقية من خلال العمل بجدٍّ فحسب، بل من خلال العمل بذكاءٍ أكثر؛ إذ يعني كونك منتجاً الالتزام بمواعيد عملك النهائية، والتعامل مع الضغوط بشكلٍ أفضل.
الإنتاجية مهارةٌ يضعُها معظم الأشخاص في سيرتهم الذاتية، لكنَّهم يفشلون في تطبيقها بفعالية؛ لذا اقضِ الكثير من وقتك في ممارسة الإنتاجية لتُثبِّت هذه المهارة، وتعرَّف على كيفية ترتيب أولويات عملك وتفويض المهام.
على سبيل المثال: إذا كنت تعاني في التحضير لعرضٍ تقديمي، فاطلب المساعدة من زميلك، بدلاً من أن تقضي ساعاتٍ في محاولة معرفة كيفية إنشاء شريحة على برنامج "باوربوينت" (PowerPoint).
ابحث أيضاً عن طرائق لتحسين جدولك الزمني، فعلى سبيل المثال: إذا كان لديك 5 اجتماعاتٍ في يوم واحد، اسأل نفسك عمَّا إذا كانت ضروريةً فعلاً؛ فقد يكون التواصل عبر البريد الإلكتروني في كثيرٍ من الأحيان، أكثر كفاءةً من إضاعة الوقت في الاجتماعات.
6. أحِط نفسك بالناس المُتحمّسين:
"أنت متوسِّط الأشخاصِ الخمسة الذين تقضي معهم معظم الوقت" - جيم رون.
أنتَ تميل إلى اكتساب عاداتك من الأشخاص الذين تقضي وقتاً كثيراً معهم؛ لذا، أحِط نفسك بأشخاص لديهم عاداتٌ منتجةٌ وقيادية، واستمع إلى تسجيلات البودكاست المفيدة، وتعلَّم من الخبراء الذين يحققون نجاحاً هائلاً، فهؤلاء لديهم المقدار نفسه من الوقت الذي تملكه؛ وبما أنَّهم تمكَّنوا من تحقيق نجاحٍ مهنيٍّ هائل، فيمكنك ذلك أيضاً.
أفكار أخيرة:
تخيل صباح أول أيام الأسبوع وأنت تشعر بالإثارة لبدء يومك، فقد كانت الأشهر القليلة الماضية مرهقةً ولكنَّها مُجديةٌ أيضاً؛ وستشعر أنَّ هناك العديد من الفرص لمساعدتك على التقدم في حياتك المهنية.
لقد خرجت من منطقة راحتك، وبدأت بناء شبكة من العلاقات في وظيفتك، وتشعر الآن بأنَّك تستحق الترقية؛ وأنتَ الآن شخصٌ جديد تماماً، وواثقٌ من نفسك أكثر من أيِّ وقت مضى.
وأفضل جزءٍ من الحكاية هو أنَّ مديرك يقول أشياءَ جيدةً عنك للجميع في المكتب، وأنت تعلم أنَّها مسألة وقتٍ فقط قبل أن تحصل على ترقيتك .
ألن يكون هذا مذهلاً؟
يمكن أن يكون هذا واقعك إذا كنت على استعدادٍ للعمل بجدٍّ للتحسُّن في المجالات الصحيحة، فلا توجد طريقةٌ سريةٌ لتحقيق أشياءَ عظيمة في الحياة، ولا يتطلب الأمر سوى العمل الشاق والتصميم.
لديك الآن مخططٌ صغير حول كيفية الحصول على ترقيةٍ وتسلق سلَّم الشركة إلى المراتب العُليا؛ فأنت لستَ شخصاً عادياً، بل أنت من يتخذ زمام المبادرة الآن، فلا تتردد، واذهب واحصل على ترقيتك التي تستحقها.
أضف تعليقاً