ما هي العوامل المسبِّبة للسمنة؟
تتنوع العوامل المسبِّبة للسمنة، وتتداخل فيها مجموعة من العوامل الجسدية والنفسية والسلوكية والوراثية، فالسمنة ليست نتيجة لسبب واحد فقط؛ بل هي ناتج تفاعل معقَّد بين عدة عوامل تؤدي في النهاية إلى تراكم الدهون الزائدة في الجسم. وتقسَّم هذه العوامل إلى عدة فئات رئيسة:
1. الإفراط في تناول الطعام
عندما يتناول الشخص كميات كبيرة من الطعام تتجاوز احتياجاته اليومية من السعرات الحرارية دون ممارسة نشاط بدني كافٍ لحرق هذه السعرات، يُخزِّن الجسم الفائض على شكل دهون، وبمرور الوقت يزيد هذا التراكم الوزن والسمنة المفرِطة. بعض الأطعمة تكون سبباً أقوى للسمنة بسبب محتواها العالي من السعرات الحرارية، مثل:
- الوجبات السريعة: تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسعرات الحرارية.
- الطعام المقلي: تمتص الأطعمة المقلية كمية كبيرة من الزيوت، ممَّا يزيد محتواها من السعرات.
- الأطعمة الغنية بالسكر: تضيف الحلويات والمشروبات المحلاة سعرات حرارية فارغة تزيد من الوزن.
- العصائر المصنَّعة والمشروبات الغازية: تحتوي هذه المشروبات على كميات كبيرة من السكر الذي يزيد الوزن.
- الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات: مثل الخبز والأرز، وهي مصدر رئيس للطاقة، ولكن عند تناولها بكميات كبيرة دون حرق كافٍ، تتحول إلى دهون.
2. قلة النشاط البدني
تؤدي عدم ممارسة الرياضة أو القيام بأي نشاط بدني إلى انخفاض معدل حرق الدهون في الجسم، بالإضافة إلى ذلك تؤثر قلة الحركة سلباً في عمل الهرمونات، مثل هرمون الإنسولين، وتقلل فعالية الجهاز الهضمي كما تشير الدراسات، حتى تتمكن من معالجة السمنة يجب زيادة النشاط البدني الذي يحافظ على مستويات الإنسولين ضمن المعدل الطبيعي، ممَّا يقلل خطر زيادة الوزن.
3. قلة النوم
ترتبط قلة النوم بزيادة خطر السمنة، ويؤثر نقص النوم في توازن هرمونات الشهية، فيزيد من هرمون الغريلين (Ghrelin) الذي يحفِّز الشهية، ويقلِّل هرمون الليبتين (Leptin) الذي يثبِّط الشهية، وهذا الخلل يزيد تناول الطعام ويزيد الوزن.
4. الإصابة ببعض الأمراض
تزيد بعض الأمراض خطر الإصابة بالسمنة المفرِطة، مثل:
- متلازمة برادر ويلي: هو اضطراب جيني يزيد الشهية.
- متلازمة كوشينغ: تسبِّب زيادة إنتاج الكورتيزول، ممَّا يؤدي إلى تراكم الدهون.
- كَسَلُ الغدة الدرقية: يؤثر في التمثيل الغذائي ويزيد الوزن.
- تكيُّس المبايض: يرتبط باضطرابات هرمونية تزيد خطر السمنة.
- مقاومة الإنسولين: تجعل الجسم أقل فعالية في استخدام الجلوكوز للطاقة، ممَّا يزيد تراكم الدهون.
- أمراض تحدُّ من الحركة: مثل الروماتيزم، يؤدي إلى قلة النشاط البدني ويزيد الوزن.
شاهد بالفيديو: أهم الأدوية التي تسبب زيادة الوزن
5. تناوُل بعض الأدوية
تسبِّب بعض الأدوية زيادة الوزن بوصفه أثراً جانبياً، ومن أمثلة ذلك:
- بعض أدوية الفصام: يمكن أن تزيد الشهية.
- مضادات التشنجات: مثل الغابابنتين (Gabapentin) التي قد تزيد الوزن.
- الأدوية الخافضة لسكر الدم: يساهم بعضها في زيادة الوزن.
- حبوب الكورتيزون: معروفة بتسببها في زيادة الوزن.
- بعض مضادات الاكتئاب: تؤدي إلى تغيرات في الوزن.
6. العوامل الوراثية
تؤدي الوراثة دوراً هاماً في السمنة، فيمكن أن يرث الشخص جينات تجعله أكثر عرضة لتراكم الدهون. فإذا عانى أحد الوالدين من السمنة، يزيد خطر إصابة الأبناء بها، فمثلاً نقص هرمون الليبتين، الذي ينظِّم الشهية ويثبِّطها عندما يكون مخزون الدهون كافٍ، قد يؤدي إلى السمنة إذا كان هذا الهرمون غير فعال أو غير موجود بسبب عوامل جينية.
7. العوامل النفسية
يؤدي التأثير النفسي للسمنة دوراً كبيراً، وقد يتجه بعض الأشخاص إلى تناول الطعام بوصفه وسيلة للتعامل مع التوتر أو الاكتئاب أو الحزن، وهذا النوع من (الأكل العاطفي) يؤدي غالباً إلى زيادة الوزن، فيُتناوَل الطعام بكميات كبيرة دون حاجة جسدية حقيقية؛ بل بوصفه استجابة للتوتر العاطفي.
تطور هذه العوامل مجتمعة السمنة المفرطة وبكل العوامل يكون للتأثير النفسي للسمنة دور أساسي، ممَّا يتطلب معرفة كيفية معالجة هذه المشكلة وتدخلات متعددة المستويات لمعالجتها علاجاً فعالاً.
هل الحالة النفسية تؤثر في زيادة الوزن؟
تعدُّ العلاقة بين الحالة النفسية وزيادة الوزن علاقة معقدة ومتبادلة، فيمكن أن يؤدي التأثير النفسي للسمنة إلى تفاقم بطرائق متعددة، وتُظهر الأبحاث أنَّ الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسمنة. في حين أنَّ الأشخاص الذين يعانون من السمنة هم أيضاً أكثر عرضة لتطوير الاكتئاب، وهذه العلاقة المتشابكة تؤكِّد أنَّ الحالة النفسية لا تقتصر فقط على التأثير العاطفي؛ بل تمتد لتؤثر في الجوانب الجسدية أيضاً.
زيادة الوزن الناتجة عن الاكتئاب
يؤدي التأثير النفسي للسمنة الناتج عن الاكتئاب إلى تغيرات ملحوظة في الوزن، فقد يعاني بعضهم من زيادة الوزن، بينما يفقد آخرون الوزن، ومع ذلك تشير الإحصائيات إلى أنَّ قرابة 43% من المصابين بالاكتئاب، يعانون من السمنة، وهذا يعود إلى عدة عوامل:
1. الإفراط في تناول الطعام
يرتبط الاكتئاب غالباً بتغيرات في الشهية والافراط في تناول الطعام، فيتناول الأفراد كميات كبيرة من الأطعمة غير الصحية والغنية بالسعرات الحرارية بوصفها وسيلة للتعامل مع مشاعر الحزن أو اليأس، وهذه الأطعمة غالباً ما تكون مليئة بالسكريات والدهون، ممَّا يؤدي إلى تراكم الدهون وزيادة الوزن على الأمد الطويل.
2. انخفاض الرغبة في ممارسة التمرينات الرياضية
يؤدي الاكتئاب إلى فقدان الاهتمام بالنشاطات التي كانت تثير المتعة في السابق، وهي حالة تُعرف بفقدان التلذذ (Anhedonia)، وهذا الشعور يجعل الأشخاص أقل رغبة في ممارسة الرياضة أو الانخراط في أي نشاط بدني، ممَّا يقلل فرص حرق السعرات الحرارية، ممَّا قد يسبب السمنة.
3. اضطرابات الأكل
يؤثر التأثير النفسي الناتج عن الاكتئاب في قدرة الفرد على التحكم بانفعالاته وسلوكاته الغذائية، ممَّا قد يؤدي إلى اضطرابات، مثل الشره المرضي (Bulimia). يلجأ الأفراد في هذه الحالة إلى تناول كميات كبيرة من الطعام تناوُلاً غير متحكَّم فيه، ممَّا يزيد الوزن ويُفاقِم الحالة النفسية.
4. ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول
يزيد الاكتئاب في مستويات هرمون الكورتيزول، المعروف بهرمون التوتر، والذي يؤدي دوراً في زيادة مقاومة الجسم للإنسولين، وهذا الخلل يؤدي إلى اضطراب مستويات السكر في الدم، ممَّا يثير الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة السكرية والدهنية على الأمد الطويل، وهذا النمط الغذائي يزيد خطر الإصابة بالسمنة ويعمِّق العلاقة بين الاكتئاب وزيادة الوزن.
التأثيرات المتبادلة بين الاكتئاب والسمنة
يمكن أن تكون السمنة بدورها مصدراً للضغوطات النفسية، فيعاني الأشخاص المصابون بها من وصمة العار الاجتماعية والشعور بعدم الرضى عن الذات، ممَّا يزيد احتمالية تطور الاكتئاب، وهذا التفاعل المستمر بين السمنة والاكتئاب يشكِّل حلقة مفرغة يصعب كسرها دون تدخلات نفسية وجسدية متكاملة، وبالتالي من الهام معرفة التأثير النفسي للسمنة وكيفية معالجته من خلال العمل على الجوانب النفسية والجسدية لتحسين صحة الفرد تحسيناً شاملاً.
ما هو أفضل علاج نفسي للسمنة؟
حتى تعالج السمنة والاكتئاب بفعالية، من الضروري معالجة كل منهما معالجةً منفصلةً نظراً للتأثير المتبادل بينهما، وإليك بعض النصائح التي يمكن أن تساعد الأفراد الذين يعانون من كلٍّ من السمنة والاكتئاب:
1. احصَلْ على قسط كافٍ من النوم
يعدُّ النوم الجيد أساساً للصحة البدنية والعقلية؛ إذ ينظِّم النوم الكافي الشهية، ويُحسِّن الحالة المزاجية، ويُعزِّز القدرة على التعامل مع التحديات اليومية.
2. اتَّبِعْ نظاماً غذائياً صحياً ومتوازناً
تؤدي التغذية السليمة دوراً حيوياً في السيطرة على الوزن وتعزيز الصحة النفسية، ويشمل النظام الغذائي الصحي تناول مجموعة متنوعة من الفواكه والخضروات، والبروتينات الخالية من الدهون، والحبوب الكاملة، مع تقليل استهلاك الأطعمة الغنية بالسكر والدهون المشبعة.
3. مارِسْ التمرينات الرياضية بانتظام
إنَّ النشاط البدني المنتظم، حتى ولو كان لفترات قصيرة، يمكن أن يكون له تأثير كبير، وتحسِّن التمرينات الرياضية المزاج من خلال زيادة مستويات الإندورفين، ممَّا يُقلِّل أعراض الاكتئاب ويُعزِّز فقدان الوزن.
4. التزِمْ بالإرشادات الطبية
اتَّبع التوجيهات العلاجية التي يوصي بها الأطبَّاء، فقد تشمل هذه التوجيهات العلاج النفسي، مثل العلاج السلوكي المعرفي، أو الاستشارات الغذائية، أو العلاج الدوائي، وفقَ الحالة الفردية.
يحقق الأفراد من خلال اتباع هذه النصائح تحسينات ملموسة في كل من صحتهم النفسية والبدنية، ممَّا يعزز رفاهيتهم العامة.
شاهد بالفيديو: 8 نصائح لتجنب زيادة الوزن
كيف أُعالج نفسي من السمنة؟
اتَّبِع مجموعة من الإجراءات التي تحسن نمط الحياة والتعامل مع المشكلات الصحية المرتبطة، وتشمل هذه الإجراءات:
1. زيادة النشاط البدني
من الهام ممارسة الرياضة بانتظام، فيوصى بممارسة النشاط البدني لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يومياً، وخمسة أيام في الأسبوع على الأقل، ويمكن أن تشمل النشاطات الرياضية المشي أو الركض أو السباحة أو تمرينات القوة، ممَّا يحرق السعرات الحرارية ويعزز الصحة العامة.
2. اتباع نظام غذائي متوازن
يجب اعتماد نظام غذائي صحي يتضمن مجموعة متنوعة من الأطعمة، مثل الخضراوات الطازجة، والفواكه، والحبوب الكاملة، وينبغي تقليل تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات والملح، ممَّا يساعد على إدارة الوزن وتعزيز الصحة.
3. معالجة المشكلات الصحية الأساسية
من الضروري تشخيص ومعالجة أية حالات مَرَضية قد تزيد الوزن، مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو متلازمة تكيُّس المبايض، وإنَّ التعامل مع هذه المشكلات الصحية، يمكن أن يكون له تأثير كبير في جهود فقدان الوزن.
4. استخدام الأدوية المخصصة
يمكن أن تكون الأدوية جزءاً من خطة علاج السمنة، ولكن يجب استخدامها تحت إشراف طبي لتفادي الآثار الجانبية الخطيرة، فبعض الأدوية المرخَّصة تشمل:
- الأورليستات (Orlistat): يقلِّل امتصاص الدهون من الأمعاء.
- الليراجلوتيد (Liraglutide): يقلِّل الشهية ويُحسِّن التحكم في الوزن.
- الفينتيرمين والتوبيراميت (Phentermine and Topiramate): يُقلِّلان الشهية ويزيدان فقدان الوزن.
5. العمليات الجراحية
تكون الجراحة خياراً في الحالات التي لا تنجح فيها الطرائق الأخرى، وتتضمن الخيارات الجراحية:
- جراحة المجازة المعدية: تقليل حجم المعدة وإعادة توجيه الطعام لتقليل السعرات الحرارية الممتصة.
- جراحة ربط المعدة بالمنظار: تقليص حجم المعدة باستخدام شريط حولها للحد من كمية الطعام المتناولة.
- جراحة تكميم المعدة: إزالة جزء كبير من المعدة لتقليل حجمها وتحقيق فقدان الوزن.
يمكن تحسين إدارة الوزن وتعزيز الصحة العامة بفعالية باتباع هذه الإجراءات.
في الختام
يتَّضح أنَّه ليست مجرد حالة جسدية تتطلب معالجة بدنية فحسب؛ بل هي أيضاً تحدٍ نفسيٍ معقَّد يتطلب اهتماماً متعدد الأبعاد، فالعلاقة بين السمنة والتأثيرات النفسية، مثل الاكتئاب والقلق تجعل من الضروري تناول العلاج تناولاً شاملاً يجمع بين الجوانب النفسية والجسدية.
أضف تعليقاً