ولكن كلَّما زاد اهتمامنا بالتطور المهني، قلَّت احتمالية بلوغنا هذه المرحلة؛ وهذا نتيجة اتخاذنا قرارات واعية وموضوعية، ولكوننا أكثر استباقية حيالها.
هناك العديد من الفوائد للتطور في حياتنا المهنية، والتي تتضمن: زيادة الرواتب، والشعور بالرضا عن العمل، وفرص السفر، وبناء المهارات، والنضج الشخصي؛ ويساهم كل هذا بالتأكيد في تحسين جودة حياتنا عموماً.
بالنسبة إلى العديد من الأشخاص، يحدث التقدم المهني بشكل طبيعي، وقد تكون محظوظاً إذا حصل ذلك معك؛ ولكنَّ هذا ليس حال للجميع؛ فإذا أردنا ذلك، يجب علينا اتخاذ قرارات مدروسة وواعية.
إذا كانت لديك نية في التطور المهني منذ البداية، فقد تمتلك فكرة جيدة عن وجهتك المحددة وكيفية الوصول إليها؛ ولكن إذا كنت حديث العهد بهذا المفهوم، فقد لا تعرف من أين تبدأ؛ لذا، إليك 9 خطوات فعالة لتحقيق التطور المهني:
1. اعتزم التطور في حياتك المهنية:
تعدُّ معرفة النتيجة أو الهدف النهائي قبل البدء أمراً جيداً وفعالاً عندما تريد تحقيق شيء ما، إذ يتعلق الأمر بتحديد ماهية النجاح في حياتك المهنية، كما يختلف النجاح عموماً من شخص إلى آخر؛ لذا فمن الهام إيضاح ذلك من البداية.
قد يكون هذا صعباً مبدئياً، خاصة إن لم تكن على دراية كاملة بما ينبغي عليك فعله بالتحديد؛ ولكن إذا خصصت وقتاً لاستكشاف هذا مبكراً، تمكَّنت من اتخاذ القرار الصحيح، ويرشدك ذلك إلى اختيار الشركة والوظائف المناسبة لعملك وشخصيتك.
الأهم من ذلك كله هو التحقق من نواياك بانتظام على فترات مختلفة طوال مسيرتك المهنية؛ ذلك لأنَّك ربَّما تتغير، وتتغير أهدافك معك؛ لذا، ستساعدك إعادة النظر في أهدافك في معرفة ما إذا كنت لا تزال تريد النتائج التي حددتها بعدما تتغير وتنضج؛ ذلك لأنَّ ما تريده الآن قد يكون مختلفاً تماماً عمَّا تريده بعد خمس سنوات.
إنَّ السؤال المفضل في مقابلات العمل هو: "أين تريد أن تكون بعد خمس سنوات من الآن؟"، ومثلما يكون هذا السؤال مفيداً لرب العمل المحتمل عندما يتخذ قراراً بشأنك، فهو مفيد لك أيضاً؛ ذلك لكونه يمنحك الرؤية والتوجيه، ويساعدك على اتخاذ قرارات فعالة.
تخيل ما تريد أن تكون عليه حياتك المهنية بعد خمس سنوات من الآن، وفكر في مدى فائدة ذلك لحياتك كلها، وتذكر أنَّ حياتك المهنية ليست سوى جزء من حياتك الشخصية؛ لذا من الهام أن يعود أي قرار تتخذه بشأن عملك بالنفع على حياتك عموماً.
2. استكشف ما تستمتع به:
كلَّما استمتعنا بعملنا، زاد شعورنا بالرضا والمتعة، وزادت إمكانية تطورنا مهنياً.
نحن نستمتع بما نجيد القيام به عموماً، ولكن هذا ليس هو الحال دائماً؛ إذ تتعزز نقاط قوتنا أحياناً، ونجيد القيام ببعض الأعمال لمجرد أنَّنا قمنا بها لفترة طويلة أو تدربنا عليها جيداً.
مثال على ذلك: ربَّما تجد شخصاً بارعاً في الرياضيات ويعمل محاسباً ماهراً؛ ومع ذلك، قد يختار مهنة في مجال الخدمات الإنسانية لتكون هذه المهنة هي شغفه الأكبر؛ فيحقق نجاحاً باهراً فيها.
يبسِّط القيام بأعمال تمتعنا وتثير شغفنا الجهدَ المبذول فيها، فمثلاً: من السهل تعلم مهارات جديدة إذا كانت مرتبطة بما نستمتع به؛ فحتى لو كانت شاقة، سنجعلها أكثر قابلية للتنفيذ ما دمنا نحبها.
يمكننا القيام بشيء ما لسنوات دون الاستمتاع به؛ ولكن تؤدي معرفة الأعمال والأشياء التي تثير شغفك والقيام بها إلى الشعور بالرضا، ممَّا يساهم في زيادة فرص تقدمك المهني.
اكتب قائمة بكل الأشياء التي تستمتع بها، وابحث عن عامل مشترك يمكن أن يكون جزءاً من حياتك المهنية.
3. تمتع ببعد النظر عند اختيار وظيفتك:
إذا لم يكن التطور المهني في حسبانك من قبل، فقد تقبل بأي وظيفة معروضة عليك، خاصة إذا كنت تعيساً في عملك الحالي؛ وقد يؤدي القيام بذلك في النهاية إلى الدخول في حلقة مفرغة والانتهاء من حيث بدأت.
أي لن تصبح سعيداً فيما بعد حتى لو كنت راضياً عن المنصب الجديد بشكل مبدئي، وقد يقيد هذا تقدمك المهني، ويعيدك إلى الوراء بضع سنوات؛ ولكن عندما تضع تصوراً شاملاً وواضحاً يتضمن وضع هدف حياتك المهنية نصب عينيك، ستتأكد من أنَّ جميع الخطوات التي تتخذها تقودك إلى هذا الهدف، وتتتبع بالتالي نجاحك المهني بخطوات سريعة ومتقنة.
لذا، تحقق من توافق كل منصب أو وظيفة تهمك مع الصورة العامة التي وضعتها لنفسك، وابحث عمَّا يمكن أن يساهم في تحقيق هدفك النهائي وكيف يمكنك استخدامه كنقطة انطلاق؛ فعلى سبيل المثال: هل يساعدك هذا العمل أو هذا المكان على تعلم مهارات جديدة أو الانفتاح على شبكات تواصل جديدة؟ وهل هناك إمكانية للترقية أم لا؟
شاهد بالفديو: 15 مهارة تساعدك على النجاح والتقدم في حياتك المهنية
4. لا تبقِ خططك سرية:
هناك مقولة رائعة في مجال الأعمال، تقول: "قد تكون بارعاً فيما تفعله؛ ولكن إذا كان ذلك سراً، فلن تجذب العملاء".
ينطبق الشيء نفسه على التطور المهني، إذ قد تمتلك خططاً رائعة، لكنَّ إبقاءها سراً قد يؤخر تطورك.
عندما تقرر ما تريد تحقيقه في حياتك المهنية، فمن الجيد أن تُعلِم الأشخاص المناسبين بذلك، وقد يعني هذا الاستعداد للإجابة عن سؤال "خطة السنوات الخمس" في مقابلات العمل بصدق.
إذا كنت تعمل في شركة تحب العمل فيها، دع رئيسك يعرف أهدافك؛ إذ يضعك مشاركة هذه المعلومات بحرية تحت مراقبته، ممَّا يشجعك على الاستمرار، ويحثه على منحك فرصة لتطوير نفسك أو منحك مسؤوليات إضافية؛ وكلما أخذت تفويضاً بمزيد من المسؤوليات، امتلكت فرصة لإظهار مهاراتك وما يمكنك القيام به، وهذا ما يضعك في صدارة الفرص المستقبلية.
5. آمن بنفسك:
يزيد إيماننا بأنفسنا وبأنَّنا نستطيع فعل ما نريد من ثقتنا بأنفسنا، ونعلم جميعاً أنَّ الأشخاص الواثقين من أنفسهم يتميزون في مكان العمل؛ كما يدفع الإيمان بنفسك وبقدراتك الآخرين إلى الإيمان بك أيضاً، ممَّا يجعلك تترشح دوماً للترقية عندما تكون متاحة.
نحن نبرع كثيراً في ملاحظة صفاتنا السلبية، كما أنَّ معظمنا موهوب للغاية في جلد الذات بناءً على الجوانب السيئة أو غير المحببة فينا. يقلل هذا من إيماننا وثقتنا بأنفسنا؛ ولكن عندما نغير هذا الأسلوب ونلاحظ صفاتنا الرائعة بدلاً من تلك الصفات السلبية، يزداد إيماننا بأنفسنا، وقد يلاحظ رؤساؤنا نقاط القوة التي نؤمن بها ونبرزها، ممَّا يساعدنا على التطور المهني.
تعدُّ كتابة قائمة بكل خصالك المذهلة واحدة من أعظم ممارسات تعزيز الثقة بالنفس؛ لذا اكتب قائمة بكل الأشياء التي تجيدها، وامنح نفسك متسعاً من الوقت للقيام بذلك، واستمر في العودة إليها عند الحاجة؛ وستندهش من مقدار الأشياء الإيجابية في قائمتك، وقد تدرك أنَّك تشكل قيمة رائعة لأي ربِّ عمل.
6. حدد نقاط قوتك باستخدام أدوات تحليل السلوك:
تعدُّ أدوات تحليل السلوك طريقة رائعة لتحديد ما نجيد القيام به، ممَّا يتيح لنا التعرف أكثر على أنفسنا ونقاط قوتنا وتعزيزها، وهناك العديد من الأدوات والاختبارات المتاحة لذلك.
يعدُّ مقياس ديسك DISC أداة رائعة لتحليل السلوك؛ لكونه يتميز بأنَّه حقيقي وغير خادع، ويساعدنا على البناء على نقاط القوة ومجالات التطور التي نتمتع بها بشكل طبيعي؛ وعندما نحسِّن أداءنا، تزداد فرصنا في التقدم المهني.
يمكننا تحديد نقاط قوتنا من خلال كتابة قائمة بها، كما يمكننا أن نطلب مساعدة زملائنا في العمل أو الأصدقاء المقربين في ذلك؛ إذ قد يرى الأشخاص المقربون منَّا نقاط قوتنا أكثر ممَّا نفعل.
بمجرد أن تعرف نقاط قوتك، حدد طرائق لاستغلالها في تحسين أدائك؛ كما يمكنك محاولة التطوع وتولي المسؤوليات التي تمكنك من الاستفادة من نقاط قوتك.
7. استعد لرفع مستوى معرفتك ومهاراتك:
يُعرِّف آينشتاين (Einstein) الجنون على أنَّه: "أن تفعل الشيء نفسه مراراً وتتوقع نتيجة مختلفة"؛ لذا إذا أردنا التقدم في مسيرتنا المهنية، علينا القيام بأشياء مختلفة وتعلم مهارات جديدة، والتطور في المجالات التي لسنا بارعين فيها بما فيه الكفاية؛ لذا، استعد لمزيد من التعلم لدعم تقدمك المهني.
من ناحية أخرى، يسمح لك التطوع للقيام بمسؤوليات إضافية خارج منطقة راحتك بتعلم مهارات جديدة، ويمكنك فعل ذلك من خلال عرض القيام بعمل شخص ما مثلاً عندما يكون غائباً أو في إجازة.
8. أظهر أنَّك تريد تطوير حياتك المهنية:
يمكننا امتلاك أفضل المهارات في العالم؛ ولكن إن لم تعكس صورتنا الخارجية نجاحنا الداخلي، فلا يزال من الممكن تجاوزنا عندما يتعلق الأمر بالترقية.
تعطي صورتنا الخارجية انطباعاً للآخرين عن نوعية شخصياتنا، وتشمل نوعية شخصياتنا وصفاتنا ومعتقداتنا وقيمنا؛ لذلك، فإنَّه لمن الهام النظر إلى هذه الجزئية.
تقول "سالي مليكوتا" (Sally Mlikota) -إحدى الموظفات في قناة CBC- أنَّه من الهام ارتداء الملابس الأنيقة لتحقيق النجاح، إذ أظهرت الأبحاث التي أجرتها وكالات التوظيف المختلفة أنَّ 65٪ من مديري التوظيف يقولون أنَّ الملابس قد تكون العامل الحاسم بين اثنين من المرشحين المتشابهين في المقابلة؛ وينطبق هذا أيضاً على الشركة التي تعمل فيها بالفعل وتطمح إلى التطور المهني فيها؛ فالترقية أشبه بالتقدم إلى وظيفة جديدة من هذه الناحية.
فكر في المنصب الجديد الذي تريده والمسؤوليات المرتبطة به، وضع في اعتبارك الصفات والقيم ونقاط القوة التي قد يتطلبها هذا المنصب، واسأل نفسك:"هل تمتلك هذه الخصائص؟"، وإذا لم تمتلكها، فكيف ستتبناها وتطورها؟ وماذا سترتدي وتفعل لتقدم نفسك بالطريقة الأمثل بمجرد حصولك على الخصائص المطلوبة؟
لا يعني هذا أن تتصنَّع أو تصبح شيئاً لست عليه، بل يتعلق الأمر بالتطوير والبناء على ما أنت عليه بالفعل، ثمَّ التصرف كما لو كنت قد توليت المنصب الجديد فعلياً.
شاهد بالفديو: 10 مهارات ناعمة تساعدك على تحسين حياتك المهنية
9. ابحث عن منتور جيد لمساعدتك على التقدم بسرعة أكبر:
أيَّاً كان ما نريد تحقيقه، هناك دائماً شخص آخر قام به قبلنا؛ وإذا كانت لدينا مسيرة مهنية ناجحة، فغالباً ما نتوق إلى مشاركة كيفية قيامنا بها وتقديم النصح للآخرين، وكذلك هم.
لا يخلو تحقيق النجاح في أي شيء كان من ارتكاب الأخطاء والتغلب على العديد من التحديات، فوراء كل قصة نجاح العديد من الإخفاقات وقصص الفشل، وقد يساعدك العمل مع منتور أو مدرب على الحد من هذه الأمور واتباع خطواتك لإنجاح حياتك المهنية بشكل أسرع.
وهذا هو السبب في قيام العديد من مسوقي الشبكات بعمل متقن وجيد، إذ يكون بجانبهم دائماً مرشدون يخبرونهم بما يجب عليهم فعله خطوة بخطوة، مع سرد تجاربهم السابقة في هذا المجال؛ لذا يمكنك العثور على منتور في مكان عملك الحالي، أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
في الواقع، دائماً ما تساعد وسائل التواصل الاجتماعي إذا ما استُخدِمت استخداماً صحيحاً على توسيع دائرة الفرص؛ فهي تمنحنا إمكانية التعرف على مزيد من الأشخاص، ممَّا يتيح لنا اتخاذ أفضل الخيارات.
عند اختيار منتور، احرص على اختيار شخص يجيد المجال الذي تريد استشارته فيه، وتأكد أنَّه ناجح فيه بالفعل؛ إذ لا يعني كون امتلاك شخص ما لمُسمَّى وظيفي أو منصب معين أنَّه بالضرورة متمكن منه ومتقن له؛ لذا، من الضروري بناء العلاقات أولاً، حتى تتمكن من التعرف على الشخص قبل أن تقرر.
وأخيراً، لا تخجل من ذلك، واطلب الإرشاد والمساعدة فحسب؛ وستجد في أغلب الأحيان أنَّ من تطلب منهم ذلك، ينتابهم شعور جيد ويشعرون بالفخر لمساعدتك.
في الختام:
يقضي معظمنا ساعات طويلة في العمل؛ لذا، من الضروري أن نشعر بالرضا عن عملنا، إذ إنَّ للشعور بالسعادة في العمل تأثير إيجابي في صحتنا الجسدية والنفسية وعلاقاتنا الشخصية والمهنية.
إنَّك أمام خيارين: أن تترك الأمر للصدفة وتبدل وظيفتك كلَّما شعرت بالإحباط والملل، أو تختار التقدم الوظيفي وأنت على دراية تامة ووعي بوجهتك المرغوبة، واعلم أنَّ لهذا الأمر آثار إيجابية على جميع جوانب حياتك، ناهيك عن الزيادات المحتملة في الراتب.
والآن، أيُّهما سوف تختار؟
أضف تعليقاً