8 أشياء صعبة لا تتردد في القيام بها من أجل صحتك العقلية

يُعدُّ التوتر اليومي أحد الأسباب الرئيسة لمشكلات الصحة العقلية والجسدية الرئيسة في حياتنا؛ إذ يمكن أن يتسبب في أمراض القلب والقلق والحرمان من النوم، واضطرابات المناعة الذاتية، ومشكلات الوزن والتعاسة وحتى الاكتئاب الشديد.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب مارك كرنوف (MARC CHERNOFF)، يُخبرنا فيه عن بعض الأشياء الصعبة، إلا أنَّها ضرورية للحفاظ على الصحة العقلية.

لكنَّنا مشغولون غالباً، فلدينا جميعاً أماكن لنكون فيها وأشياء لنفعلها وأشخاصاً لنراهم؛ لذا كيف يمكننا التخفيف من التوتر والاستمرار في إنجاز عملنا دون إهمال أحبائنا أو أنفسنا؟ وما الذي يمكننا أن نبدأ بفعله اليوم فعلاً واقعياً لتعزيز صحتنا العقلية وعافيتنا عامة؟

سأختصر القول، لأنَّ الوقت جوهري وثمين، لدينا ثمانية أشياء بسيطة (لكنَّها ليست سهلة) تحتاج إلى التدرب عليها؛ فهي تغييرات في طريقة التفكير وإجراءاتٌ لا تستغرق سوى بضع دقائق في اليوم، وإن لم تحل هذه الإجراءات أكثر المشكلات المرتبطة بالتوتر خطورة، إلا أنَّها يمكن أن تساعد معظمنا كثيراً.

إليك 8 أشياء صعبة لا تتردد في القيام بها من أجل صحتك العقلية:

1. التركيز الكلُّي على إنجاز مهمة واحدة فقط:

اختر مهمةً واحدة وحاول تركيز انتباهك عليها، وتخلَّ عن كلِّ المهام الأخرى، بدلاً من تشتيت ذهنك وتحويله بين مهمةٍ وأخرى.

حاول أن تنغمس في هذه المهمة وتنجزها بهدوء دون الشعور بأنَّك بحاجة إلى إنهائها سريعاً والانتقال إلى المهمة التالية التي في انتظارك؛ فدائماً توجد مهمة تالية، فهذه طبيعة قوائم المهام التي لا تنتهي أبداً؛ لذا دع هذه المهام التالية تأتي لاحقاً، كن حاضراً كلياً في مهمتك الحالية فقط، وكأنَّها عالمك بأكمله.

باختصار: تمهل، وخذ نفساً عميقاً، وراجع التزاماتك وأهدافك، ورتب أولوياتك، وحاول إنجاز مهمة واحدة في كلِّ مرة، وابدأ الآن، خذ استراحة لمدة 5 دقائق كلَّ ساعة، وكرِّر ذلك (وتذكَّر دائماً أنَّ النتائج أهم من الوقت الذي يستغرقه تحقيقها).

2. التخلي عن السيطرة على ما لا يمكن السيطرة عليه:

الخوف هو السبب الرئيسي للتوتر، وليست العوامل الخارجية الأخرى مثل التزامات العمل، أو المشكلات العائلية؛ فهي مجرد جزء من الحياة؛ لكنَّها تصبح مرهقة أكثر عندما تخشى الفشل، وتخشى ألا يحبك الناس، وأنَّك لست جيداً بما فيه الكفاية، وتخشى الوحدة، وما إلى ذلك.

تستند مخاوفك إلى بعض التخيلات في رأسك عن الكيفية التي يُفترض أن تكون عليها الأمور (وتخشى ألا ترقى حياتك إلى مستوى هذه التخيلات)؛ إذ تتكون في رأسك صورة مفادها أنَّك ستكون شخصاً مثالياً، فلديك محبيك ومعجبيك، ومرتاحاً طوال الوقت، وناجحاً في جميع المجالات، وهذه التخيلات هي وسيلتك للشعور بالسيطرة على عالم لا تتحكم به فعلياً؛ لكنَّها تؤذيك لأنَّها تسبب لك الخوف والتوتر؛ لذا بدلاً من ذلك، اترك السيطرة، وتقبَّل الفوضى وعدم اليقين، وثق بأنَّ الأمور ستنجح، سيتضاءل بذلك شعورك بالخوف والتوتر.

شاهد بالفديو: كيف نتخلص من التوتر في ظل الأجواء الصعبة التي نعيشها؟

3. تقبُّل طبيعة الآخرين:

نحن نشعر بالضيق والانزعاج من الآخرين؛ لأنَّهم لا يُلبُّون توقعاتنا عن الكيفية التي "يجب" عليهم التصرف بها؛ لذا بدلاً من ذلك، حاول أن تتقبلهم كما هم، وأدرك أنَّهم مثلك غير مثاليين ويبحثون عن السعادة ويكافحون من أجل العثور عليها، ويبذلون قصارى جهدهم، وحاول تقبلهم كما هم؛ ففي معظم الحالات، من الصعب جداً تغييرهم على أيَّة حال؛ لذا حاول أن تنقذ نفسك من التوتر الذي لا داعي له، وتقبَّل الناس كما هم، وابتسم، وبدلاً من محاولة تغيير الآخرين، امنحهم دعمك اليوم، وكن قدوةً يحتذى بها.

إقرأ أيضاً: 6 أمور خطيرة تدمر القوة العقلية للإنسان تعرف عليها !

4. ممارسة تمرينات يقظة ذهنية قصيرة:

لست مضطراً إلى ممارسة التأمل لمدة 30 دقيقة للاستفادة من اليقظة الذهنية:

  • يمكنك إجراء فحص سريع لجسدك (ركِّز على جسمك ولاحظ كيف تشعر في كلِّ جزء منه الآن) في 30 ثانية.
  • يمكنك ممارسة التنفس اليقظ (أي الانتباه إلى إحساسك بأنفاسك تدخل وتخرج من الجسم) لمدة 60 ثانية (أصغ إليها واشعر بها).
  • يمكنك مراقبة أفكارك عن مخاوفك واهتماماتك وأحكامك وشكوكك ومثالياتك لدقيقة (حاول أن تدرك أنَّ هذه الأفكار هي مجرد أفكار، وليس عليك تصديقها أو الاستجابة لها).
  • يمكنك ممارسة المشي اليقظ، والشعور بقدميك وجسمك وأنفاسك ومحيطك في أثناء المشي.

يمكنك القيام بكلٍّ من ممارسات اليقظة الذهنية القصيرة لفترات قليلة كلَّما احتجت إليها خلال اليوم.

5. التخلُّص من الأفكار الزائفة:

عليك تغيير طريقة تفكيرك لتغيير حياتك ونقلها إلى مستوى أعلى، وخلف كلِّ شعور بالتوتر ثمة فكرة غير صحيحة، فقبل تلك الأفكار لم تكن تعاني أيَّ توتر؛ بل ظهرت معاناتك بعد أن بدأت في التفكير فيها.

عندما تدرك أنَّ الفكرة غير صحيحة، لن تكون لديك معاناة أيضاً، فعندما تغير أفكارك أنت تغير حياتك؛ لذلك في المرة القادمة التي تكتشف فيها أنَّ ثمة فكرة تسبب لك التوتر، اسأل نفسك هذه الأسئلة:

  • هل هذه الفكرة صحيحة؟ هذا السؤال يمكن أن يغير حياتك، فاسأل نفسك ما إذا كانت الفكرة التي تتعامل معها صحيحة.
  • هل يمكنني أن أكون متأكداً تماماً، من صحتها؟ هذه فرصة أخرى لتفتيح ذهنك والتعمق في المجهول للعثور على الإجابات الكامنة خلف ما تعتقد أنَّك تعرفه.
  • كيف أشعر عندما أفكر في هذه الفكرة؟ مع هذا السؤال، تبدأ في ملاحظة أسباب أفكارك ونتائجها، ويمكنك أن تلاحظ أنَّك عندما تصدق الفكرة، تشعر باضطراب يمكن أن يتراوح بين عدم الراحة المعتدل والذعر الصريح والخوف، فما هو شعورك؟ وكيف تتعامل مع الموقف (أو الشخص) الذي تفكر فيه، وكيف تتعامل مع نفسك، عندما تؤمن بهذه الفكرة؟ حاول أن تكون دقيقاً.
  • من سأكون وما الذي سأفعله بطريقة مختلفة إذا لم أفكر بهذه الطريقة؟ تخيَّل نفسك في موقف (أو مع شخص)، دون تصديق الفكرة التي تراودك عنه، فكيف ستختلف حياتك إذا لم تكن لديك القدرة حتى على التفكير في هذه الفكرة المجهدة؟ وكيف سيكون شعورك؟ وأيُّهما تفضِّل: الحياة مع هذه الأفكار أو دونها؟ وأيُّهما أكثر هدوءاً؟

6. عدم مقارنة حياتك مع حياة الآخرين:

أحياناً يكون السبب الذي يجعلنا نعاني التوتر وانعدام الأمن هو أنَّنا نقارن ظروفنا الخاصة مع ظروف شخص آخر؛ لذا حاول التخلص من ذلك، ولا تقارن بداية حياتك بحياة شخص آخر ربما وصل فيها إلى مرحلة متقدمة، واتبع طريقك الخاص، واكتب قصة حياتك الخاصة، ولا تستسلم أبداً.

في المرة القادمة التي تجد فيها نفسك تقارن حياتك بحياة شخص آخر، راجع هاتين الصيغتين:

  • صيغة السعادة = أن تفعل أفضل ما لديك، وتشعر بالرضى حيال ذلك.
  • صيغة التعاسة = أن تقارن نفسك بالآخرين.

7. متابعة ما يجري متابعة جيدة في حياتك والامتنان له:

من المحزن أن تغفل عن كلِّ ما هو رائع في حياتك، ابذل قصارى جهدك، وتخلَّ عن كلِّ ما هو ليس تحت سيطرتك؛ فعندما تبقى عالقاً في أفكار مقلقة عن الحياة التي تعتقد أنَّك يجب أن تعيشها، ستفقد جمال ما تعيشه في هذه اللحظة وروعته، وستواجه صعوبة في أن تكون سعيداً تماماً إذا لم تكن ممتناً للأشياء الجيدة في حياتك الآن.

إليك فيما يأتي تمرين امتنان يومي بسيط للغاية مدته خمس دقائق، وقد نجح مع الآلاف من عملائنا طيلة العقد الماضي: كلُّ مساء قبل الذهاب إلى النوم، اكتب ثلاثة أشياء سارت على ما يرام خلال النهار والأسباب التي أدت إليها، وما عليك سوى تقديم تفسير قصير لكلِّ شيء جيد.

نحن ننفق عشرات الآلاف من الدولارات على الأجهزة الإلكترونية باهظة الثمن، والمنازل الكبيرة، والسيارات الفاخرة، والعطلات الفخمة على أمل أن تزيد سعادتنا؛ لكنَّ هذه الممارسة البسيطة للامتنان هي بديل مجاني عن هذه السعادة، وهي طريقة مجدية بالفعل.

طلب عالِم النفس الأمريكي مارتن سيليغمان (Martin Seligman) في دراسةٍ أجراها عن فاعلية تمرين الامتنان هذا، اتباع تلك التعليمات لمدة أسبوع واحد فقط، وبعد مرور الأسبوع، كان المشاركون أكثر سعادة بنسبة 2% من ذي قبل، لكن في اختبارات أُجريت لمتابعة الحالة استمرت سعادتهم في الزيادة، من 5% في شهر واحد، إلى 9% في ستة أشهر، والأكثر إثارة للاهتمام، أنَّ المشاركين كانوا مطالبين بتدوين امتنانهم لمدة أسبوع واحد فقط؛ لكنَّ معظمهم استمروا في كتابة يومياتهم بأنفسهم لأنَّهم استمتعوا بذلك.

لقد جربتها بنفسي منذ سنوات عديدة، وحددت هدفاً للقيام بذلك لمدة أسبوع واحد فقط، وما زلت أفعل ذلك حتى اليوم؛ لذا يمكنني أن أؤكد لكم أنَّها طريقة فعالة جداً.

شاهد بالفديو: 8 تقنيات للتخلص من الضغط اليومي بسرعة

8. استخدام جسدك:

جسدك هو أعظم أداة تمتلكها؛ لذلك عندما تفشل كلُّ الوسائل الأخرى، ومستويات التوتر لديك تتزايد باستمرار، استخدم جسمك لتهدئة عقلك؛ إذ يعكس العقل حالة الجسم من خلال الاستجابة لمستويات التوتر، ومعدل التنفس، وسرعة الحركة والتركيز الذهني؛ وبالمثل يعكس الجسم أفكارك ومشاعرك ومزاجك، ويستجيب من خلال حالتك الذهنية والأسئلة التي تطرحها والكلمات التي تتحدثها؛ لذلك إذا كان العقل والجسد مرتبطين ارتباطاً جوهرياً - بمعنى أنَّ أحدهما له تأثير مباشر في الآخر - يصبح من الواضح أنَّنا إذا سيطرنا سيطرة مباشرة وواعية على أحدهما، فسوف يؤثِّر في الآخر ويغيِّره.

من خلال ضبط طريقة استخدامك لجسمك بعناية، يمكنك التأثير تأثيراً مباشراً في حالتك الذهنية، وتغييرها تغييراً كبيراً.

تخيل فقط أنَّك تمر بحالة مزاجية سيئة، وتجلس وكتفيك تتدلى إلى الأمام، وتعبس وتتنفس بصعوبة، افعل ذلك الآن لتجربة كيف يؤثِّر ذلك في حالتك الذهنية، ثم افعل العكس: قف مستقيماً وارسم ابتسامة كبيرة على وجهك، وخذ أنفاساً عميقة وقوية، ومدِّد ذراعيك في الهواء، ولاحظ كيف تشعر بتحسن.

خلاصة القول: استخدم هذه الأداة التي منحك إيَّاها خالقك، فجسمك هو أفضل وسيلة لتغيير حالتك الذهنية، وتخفيف التوتر في لحظة.

إقرأ أيضاً: 3 تعديلات في لغة جسدك يمكنها تغيير حياتك

في الختام:

إذا كنت ما تزال تتطلع إلى إجراء تغييرات إيجابية بعد تنفيذ الأشياء الثمانية المذكورة أعلاه، فلدي بعض التوصيات الإضافية:

  • تخلَّص من المهام غير الضرورية في قائمة مهامك.
  • قلِّل من التزاماتك من خلال رفض بعض الأشياء عندما تعلم أنَّه يجب عليك ذلك.
  • ابدأ بممارسة تمرين التأمل منتظماً لمدة 10 دقائق.
  • ابحث عن مزيد من ممارسات اليقظة الذهنية لتجربتها.
  • مارس التمرينات الرياضية بانتظام.
  • تناول طعاماً صحياً.
  • اقضِ وقتاً ممتعاً مع أحبائك يومياً.
  • احصل على المزيد من النوم.

تذكَّر أنَّ معظم الناس يتعاملون مع التوتر بأسهل الطرائق غير السليمة التي يمكن تخيلها  مثل تدخين السجائر، وتناول الحلوى، والجدال مع الناس، ومشاهدة التلفاز بلا وعي والتسويف، وما إلى ذلك، ومن المفارقات أنَّ هذه الأنشطة غالباً ما تسبب مزيداً من التوتر والألم النفسي؛ لذلك لا تسلك الطريق السهل، وبدلاً من ذلك، استخدم الأفكار المذكورة أعلاه للتغلب على هذه الوسائل غير الصحية.




مقالات مرتبطة