قد يكون لديك أعظم فكرة في العالم، وتكون مفعماً بالموهبة والطموح، ولكن ما لم تتخذ خطوات فعلية لاختبار أفكارك، فلن تعرف أبداً ما إذا كنتَ ستنجح أم لا، ومن هنا تأتي أهمية إيجاد طرائق لمساءلة نفسك، حيث تحافظ المساءلة على سعيك لتحقيق أهدافك وأحلامك، وتُسرِّع أداءك من خلال مساعدتك على تحقيق تقدُّم ثابت ومستمر.
انتقِل من الأحلام إلى العمل من خلال استخدام هذه الطرائق الثمانية لتتحمل مسؤولية تحقيق أهدافك:
1. الصدق مع نفسك إلى أبعد حد:
جميعنا موهوبون بالفطرة في بعض المجالات، ولكنَّنا نتعثر في مجالات أخرى، على سبيل المثال: يبرع بعضنا في التواصل التحريري، ويفشل في التواصل الشفوي وجهاً لوجه؛ لذلك، لمساءلة نفسك عن تحقيق أهدافك، يجب أن تضع أهدافاً منطقية تؤكِّد على نقاط قوَّتك وتُنمِّيها في الوقت الذي تسعى فيه أيضاً إلى تحسين أو تقليل المجالات التي لا تجيدها.
من الهام أن تُقيِّم نفسك بصدق وحزم، حيث تحتاج إلى رؤية مواهبك وعيوبك بأكبر قدر ممكن من الوضوح وفهم ما هو الأفضل لك لتحقيق أهدافك، ومعرفة البيئة التي تزدهر فيها والوقت الذي من الممكن أن تُقصِّر فيه، كما يجب أن تضع في الحسبان كيف يمكِنك تحسين تركيزك وكفاءتك في المجالات التي تشعر بأنَّك غير متمكن منها، وتحديد العوامل التي تحفزك على البقاء في المسار الصحيح.
2. الالتزام بجدول زمني:
واحدة من أكبر العثرات في المساءلة هي أن تُحدد مواعيد نهائية للوصول إلى أهدافك دون وضع جدول زمني يساعدك على الوفاء بها، ففي كثير من الأحيان، نركز بشدة على الهدف النهائي كخسارة 20 كغ أو تأليف كتاب أو بدء عمل تجاري، بحيث ننسى أنَّ أي هدف لا يمكِن تحقيقه إلا بالتدريج، فقد نتمنى ونأمل ونرغب من أعماق قلوبنا، لكنَّ هذا لن يحدث أبداً بطريقة سحرية إذا لم نلتزم فعلياً بإحراز تقدُّم ثابت ومتواصل.
من الأهمية بمكان أن تضع جدولاً زمنياً يمكِنك الالتزام به، مما يوفر لك خطة عمل يمكِنك اتباعها وطريقةً لتقييم ما إذا كنتَ تعمل باستمرار وبثبات على تحقيق أهدافك؛ إذ يجب أن يُحدد الجدول الزمني أهدافاً مُحدَّدة ومقيَّدة زمنياً، على أن تكون ضمن حدود المعقول، مما يساعدك على تحويل الأهداف الكبيرة إلى خطوات ملموسة وقابلة للتنفيذ.
على سبيل المثال: لنفترض أنَّ هدفك هو زيادة عدد المتابعين وتنمية قاعدتك الشعبية، فحاوِل وضع جدول زمني لإصدار محتوىً جديد وعالي الجودة مرة واحدة على الأقل في الأسبوع؛ أي التزِم بكتابة مقال أو بث مقطع فيديو كل يوم جمعة، واستمِر في ذلك مهما كانت الظروف، وبمجرد أن تبدأ في إنتاج محتوىً عالي الجودة، ستبدأ في اكتساب متابعين وزيادة الإعجاب بنشاطك؛ وبالتالي اتخاذ خطوات ملموسة نحو تحقيق هدفك.
3. وضع أهداف صغيرة:
أنت تعرف بالفعل ما هو حلمك الكبير، ولديك خطة شاملة، وقد وضعتَ جدولاً زمنياً، ولكن قد تشعر بالإرهاق عند التعامل مع هذا الحجم الكبير من العمل الذي يشبه جبلاً مرتفعاً لا يمكِن تسلُّقه، مما يؤدي إلى تعثرك ولجوئك إلى التسويف؛ لذا، حارِب هذه الرغبة وحمِّل نفسك المسؤولية من خلال تسهيل اتخاذ خطوات صغيرة في الاتجاه الصحيح قدر الإمكان.
يمكِنك القيام بذلك عن طريق تقسيم كل جزء من هدفك إلى "أهداف صغيرة"، فقسِّم كل مهمة كبيرة إلى أصغر وحدة ممكنة للتقدم، وأدرِج كل خطوة من هذه الخطوات الصغيرة في جدولك، واستمِر في تقسيم أهدافك حتى تحصل على أهداف صغيرة يسهل تحقيقها، واحرِص على توفير بعض الوقت للاحتفاء بكل إنجاز صغير.
يسير التقدم والمساءلة معاً، فإن سهَّلتَ الاستمرار في اتخاذ خطوات بسيطة ومتتالية، تصبح أقل عُرضةً للإرهاق وأكثر استعداداً لمواصلة العمل بجد، وتحميل نفسك مسؤولية إحراز تقدُّم.
في الواقع، وجدَت مقالةٌ نُشِرَت في مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) أنَّه على الرغم من أنَّنا غالباً ما نركز على تحقيق الأهداف طويلة الأمد، إلا أنَّ قوة المكاسب الصغيرة أو تحقيق الأهداف المرحلية هي التي تزيد تفاعل الموظفين في العمل، وتؤثر في الإبداع والإنتاجية.
4. العثور على شريك للمساءلة:
شريك المساءلة هو شخص يلتزم بمساعدتك في تحقيق أهدافك، وبالمقابل عليك أن تفعل الشيء نفسه له، وإذا كنتَ تعمل على تحقيق الأهداف بمفردك، أو لم يكن لديك مدير أو رئيس يراقبك، فإنَّ وجود صديق للمساءلة سيجعلك مسؤولاً أمامه إذا فشلتَ في المتابعة.
على سبيل المثال: إذا كنتَ تحاول بدء عمل جديد أو تأليف كتاب، فأنت مسؤول أمام نفسك فقط، وقد يكون من السهل أن تتراخى في التزامك؛ إذ لا يوجد أحد يراقبك ويتأكد من تحقيق أهدافك الصغيرة وأهدافك الرئيسة.
ينجح وجود صديق للمساءلة أكثر إذا كان موثوقاً وملتزماً حقاً، وعندما يوافق كلاكما على استخدام الأهداف الذكية (SMART)، والتي يجب أن تكون محدَّدةً وقابلةً للقياس ويمكِن تحقيقها وذات صلة ومؤطَّرة بإطار زمني، فقد يكون شريكك في المساءلة قادراً على تزويدك بتغذية راجعة محايدة، وإذا لم تتمكن من العثور على شريك للمساءلة، فأخبِر صديقاً أو عائلتك عن خططك واطلب منهم مساعدتك في الالتزام بها.
5. التغلب على تدمير الذات:
تدمير الذات هو طريقتنا اللاواعية في الحد من نجاحنا، وغالباً ما يكون السبب هو الخوف من الخروج من منطقة الراحة، حيث يحطم تدمير الذات الأهداف ويقتل الأحلام، فإن كنتَ قد حدَّدتَ أهدافاً وغايات لنفسك، ثمَّ فشلتَ فشلاً ذريعاً في متابعتها، فمن المحتمل أنَّك وقعتَ في فخ تدمير الذات.
من أجل تحميل نفسك المسؤولية، عليك أيضاً أن تفهم ما الذي تفعله ويعرقل تقدُّمك، فحاوِل التغلب على تدمير الذات بتحديد أنماطك السلبية، ومعرفة المسببات التي تسمح لمخاوفك بأن تعوقك، واحترِس من الأساليب التي قد تُقوِّض بها من ثقتك بنفسك.
6. تحديد غايتك:
تعني مساءلة نفسك وجود سبب واضح تماماً عن أهمية الهدف بالنسبة إليك، فكيف سيؤدي تحقيق هذا الهدف إلى تحسين حياتك أو حياة الآخرين؟ وما هي القيمة والغاية من هذا الهدف؟ ستزيد مسؤوليتك تجاه تحقيق هدفك إذا فهمتَ دوافعك، مما يساعدك على بناء طريقة تفكير إيجابية تعزز أهمية تحقيق هذا الهدف بالنسبة إليك.
ضع الغاية في الحسبان عند السعي للوصول إلى أهدافك، واستمِر في تثقيف نفسك بها، ونمِّ عقلك بالمعارف والمعلومات التي تسهم في تعزيز غايتك، وتساعد في الحفاظ على تركيزك.
في أي وقت تُحدد هدفاً، عليك أن تبذل جهداً واعياً لاتخاذ الخطوات لتحقيق هذا الهدف؛ فتحميل نفسك مسؤولية تحقيق أحلامك يعني فهماً عميقاً للأسباب التي تجعل هذه الأحلام هامةً ولماذا تحتاج إلى مواصلة السعي إلى تحقيقها.
7. الاحتفال بالمكاسب الصغيرة:
يُعَدُّ تخصيص الوقت للاحتفال بكل نجاح تصل إليه - كبيراً كان أم صغيراً - جزءاً هاماً من مساءلة نفسك؛ لأنَّه يساعدك على تعزيز دوافعك والحفاظ على تركيزك، وكل فوز يبني ثقتك بنفسك، يُعزِّز عقلية الفوز لديك.
لا داعي لإقامة حفلة كبيرة؛ إذ يمكِن الاحتفال بالمكاسب اليومية بطرائق بسيطة ولكنَّها ذات مغزى، وتساعدك على تمييز تلك اللحظة في عقلك.
دوِّن نجاحاتك اليومية أو الأسبوعية، وضعْ القائمة حيث يمكِنك رؤيتها كل يوم، واستمِر في الإضافة إليها حتى تتمكن من معرفة مدى نجاحك، واحتفِظ بقائمة رئيسة لأهدافك الرئيسة وأهدافك الصغيرة، واشطب ما تُحققه منها، وانشرها على وسائل التواصل الاجتماعي (إذا كنت ترغب في مشاركة شيء ما)، مما يمنح أصدقاءَك وعائلتك الفرصة لدعمك وتشجيعك.
8. مراجعة تقدُّمك:
أخيراً وليس آخراً، خصِّص وقتاً بانتظام لمراجعة الأهداف التي تحاسب نفسك عليها، فهذه فرصة للتحقق من تقدُّمك العام، وتعزيز دافعك وإعادتك إلى المسار الصحيح في حال انحرفتَ عنه.
قيِّم جدولك الزمني ونسبة إنجازك للأهداف الرئيسة والأهداف الصغيرة، وتأكَّد من أنَّ صديقك في المساءلة يساعدك على الاستمرار في المهمة، واعرف ما إذا كنتَ راضياً عن جودة عملك وتقدُّمك، وابحث عن المجالات التي يمكِنك تحسينها، وإن كان دافعك يفتر، فانظر إلى ما يمكِنك فعله لتعزيزه، فكلما شعرتَ بمزيد من التمكين والحماس تجاه إنجازاتك، سيكون من الأسهل عليك مساءلة نفسك لمواصلة إنجاز تلك المهام وتحقيق أهدافك.
أضف تعليقاً