إذا كنت تشعر بعدم الكفاءة، أو لديك متلازمة المُحتال، فيجب أن تعلم أنَّك لست الوحيد الذي يشعر على هذا النحو، فالأمر أكثر شيوعاً مما تتخيل، ولكن نظراً لأنَّ المُصاب بهذه الحالة يسعى جاهداً إلى إخفاء أفكاره وشكوكه عن الآخرين؛ فإنَّنا نعتقد أنَّنا الوحيدون الذين يعانون من هذا الاضطراب.
ما هي متلازمة المحتال؟
يشير مصطلح مُتلازمة المُحتال الذي صاغته الدكتورة "بولين كلانس" (Pauline Clance)، والدكتورة "سوزان إيمز" (Suzanne Imes) إلى الحالة التي يقوم فيها الشخص بعمله بمهارة، وكفاءة، ولكنَّه يعتقد على الرغم من ذلك أنَّه ليس كفؤاً لأداء وظيفته.
يعتقد الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب أنَّهم محتالون ومخادعون، وقد يُكشف أمرهم في أي لحظة، ومن الشائع أن يُصاب الأشخاص ذوي الأداء المميز بهذه المتلازمة أكثر من غيرهم، كما أنَّها أكثر شيوعاً لدى النساء مقارنةً بالرجال، وتؤدي هذه المتلازمة إلى إرهاق الشخص المصاب، وشعوره الدائم وغير المبرر بالخوف من أن يُفتضح أمره، ويكتشف الآخرون أنَّه ليس على درجة عالية من الكفاءة كما يعتقد الآخرون.
يعاني المصابون بهذه المتلازمة من ضعف في ثقتهم بأنفسهم، ويجدون صعوبةً في الاستمتاع بإنجازاتهم، فهم يعتقدون أنَّ هذه الإنجازات محض صدفة، ولا تعبِّر عن مستوى ثابت من الأداء أو المهارة، وأنَّ الآخرين سيكتشفون أمرهم عاجلاً أم آجلاً، كما يخشى المصابون بهذه المتلازمة من النجاح مثلما يخشون من الفشل، وقد يميلون إلى اختيار مهام سهلة في العمل من أجل التعامل مع هذه المشاعر.
هذه المتلازمة شائعة جداً، ومن المُحتمل أنَّ معظم الناجحين يعانون منها بدرجات متفاوتة.
7 نصائح تساعدك على التخلص من متلازمة المحتال:
إليك فيما يأتي بعض النصائح التي تساعدك على التخلص من متلازمة المُحتال والاستمتاع بإنجازاتك:
1. أجرِ اختباراً لتحديد حجم المشكلة:
يجب أن تحدد ما إذا كنت مصاباً فعلاً بمتلازمة المُحتال أم أنَّك تعاني من مشاعر عرضية مؤقتة يشعر بها أي شخص من وقت لآخر، لذا أجرِ اختبار "كلانس" الخاص بقياس ظاهرة مُتلازمة المُحتال (Clance Impostor Phenomenon Scale Test)؛ وذلك لتحدد درجة تأثير المتلازمة في حياتك، فتؤدي أحياناً معرفة اسم هذه المتلازمة ومدى انتشارها إلى تحسُّن كبير لدى بعض الأشخاص.
2. شارِك هواجسك مع الآخرين:
بعد أن عرفت أنَّك مُصاب بمتلازمة المُحتال، وأنَّك لست الوحيد الذي يعاني من هذا الاضطراب، تحدَّث عن هواجسك لزملائك وأصدقائك الموثوقين حتى تتأكد من أنَّك لست الوحيد الذي يعاني من هذه المشاعر، وأصغِ للآخرين الذين يشعرون بالدونية وعدم الكفاءة على الرغم من الثناء على عملهم، وتحدَّث معهم عن هذه المشكلة، وشارك معهم أفكارك ومشاعرك واستراتيجياتك المتعلقة بكيفية التغلب على هذه المشكلة.
3. قيِّم نفسك وفقاً للوقائع وليس الأفكار المجردة:
لاحظ الوقائع، وأدرك الحقائق الخاصة بهذا الوضع، فهل ما يؤثِّر فيك هو النقد الذاتي بصرف النظر عن الوقائع، أم أنَّ سبب مشاعرك هو ما تمر به من تجارب فعلية؟ وهل تعزو نجاحك إلى الحظ في حين تعزو فشلك إلى عدم كفاءتك؟
لنفترض أنَّك أديت عرضاً تقديمياً هاماً، فما هي التغذية الراجعة التي حصلت عليها من الآخرين؟
تقبَّل التغذية الراجعة الإيجابية، ولا تفترض أنَّ الآخرين يجاملونك ويخفون آراءهم السلبية عنك، واستخدم صيغة التغذية الراجعة، واسأل نفسك: ما الذي قمت به بشكل جيد؟ وما الذي يمكن تحسينه في المرة القادمة؟
من أجل الحصول على تغذية راجعة مطابقة للواقع قدر الإمكان، احرص في أثناء القيام بذلك على عدم تجاهل الإيجابيات، وأنشئ ملفاً خاصاً بالتغذية الراجعة الإيجابية يحتوي على جميع الإطراءات التي حصلت عليها، وعندما تراودك الشكوك بشأن كفاءتك يمكنك العودة إلى هذا الملف؛ وذلك لتعزيز ثقتك بنفسك، والتخلص من الشكوك.
4. تخلَّص من سعيك إلى المثالية:
توقف عن السعي إلى المثالية، وتقبَّل حقيقة أنَّك إنسان غير معصوم عن الخطأ، فالسبب في إصابة الكثيرين بمتلازمة المحتال هو أنَّ معرفتهم الواسعة في مجال عملهم تجعلهم أدرى بالأمور التي يجهلونها، ولكنَّ الكمال أمر مستحيل، ولا يمكن تحقيقه، لذا حاول التخلص من ميلك إلى المثالية، وكن واقعياً في معاييرك، ولا تبالغ في تصوُّر عواقب الإخفاق؛ بل ارتكب عمداً بعض الأخطاء وستجد أنَّ العواقب ليست كارثية مثلما كنت تتخيل.
5. اعتنِ بنفسك:
يُعدُّ الاهتمام بمتطلبات الرعاية الذاتية أمراً هاماً جداً للتخلص من متلازمة المُحتال، فعندما تكون مُتعباً أو جائعاً أو في حالة صحية سيئة، تكون أكثر عرضة للاقتناع بأفكارك السلبية، لذا تريَّث قليلاً وفكِّر جدياً فيما إذا كنت تعتني بنفسك جيداً، فقد يكون السبب هو تناول طعام غير صحي، أو قلة ساعات النوم، أو عدم ممارسة التمرينات الرياضية، أو الإفراط في تناول المنبهات مثل القهوة، أو عدم تخصيص ما يكفي من الوقت من أجل بعض العزلة، أو عدم التواصل بما يكفي مع الآخرين.
شاهد بالفيديو: ما هي متلازمة المحتال، وكيف نتغلب عليها؟
6. تجنَّب الانبهار المفرط بما يظهره الآخرون:
نحن نميل بشكل عام إلى مقارنة ما نراه في أنفسنا من جوانب سلبية مع ما يسعى الآخرون جاهدين إلى إظهاره لنا من جوانب إيجابية وبرَّاقة في شخصياتهم، وقد تفاقمت هذه المشكلة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، فنرى الآخرين وفق ما يريدون أن يُظهروه للعالم بدلاً من الظهور على حقيقتهم، والخلاصة أنَّنا لا نعقد مقارنة عادلة.
إليك توضيح عملي، إذا عُدتَ للنصيحة الثالثة من هذا المقال وقارنت بين ما يعتقده الآخرون عنك، وما يعتقدونه عن أقرانك وزملائك وأصدقائك، فسوف تصل إلى مقاربة سليمة، وذات الشيء إذا قمت كما في النصيحة الثانية بالمقارنة بين أفكارك ومشاعرك وتصوراتك الخاصة عن النجاح بما يعتقده الآخرون من المصابين بمتلازمة المُحتال، فسوف تصل أيضاً إلى مقاربة منطقية، ولكن لا تقارن بين ما تعتقده في قرارة نفسك، وما يسعى الآخرون إلى إظهاره لك، فهذه مقاربة غير منطقية، ومقارنة غير عادلة أبداً، ولن تؤدي سوى إلى مفاقمة الوهم وتعزيز المشكلة.
7. تحلَّ بالإرادة للشفاء:
ثمة حلقة رائعة من حلقات مؤتمر "تيد إكس" (TEDx) تقدِّمها الكوتش "تانيا جيزلر" (Tanya Giesler)، وتذكِّرنا فيها أنَّنا قادرون على التعافي من أي اضطراب نفسي إذا قررنا ذلك، وتتحدث الكاتبة الأمريكية "أريانا هافينغتون" (Arianna Huffington) في كتابها "حلِّق" (Thrive) عن نفس الفكرة، وتوضِّح كيف تمكنت من تحويل معتقداتها السلبية الملازمة لها إلى مجرد أفكار تافهة حتى تحقق لنفسها حياة ذات معنى.
أياً تكن تسميتك للنقد الذاتي الذي توجهه لنفسك باستمرار، فإنَّه لا يتعين عليك أن تكون أسيراً لأفكارك السلبية، وبخاصة أنَّ كثيراً منها سيخطر في ذهنك يومياً، ومع ذلك فإنَّك تتمكن من تجاهل معظمها، ولكن بعضنا يولي أهميةً أكثر مما يجب لأفكاره السلبية عن نفسه، لذا اعلم أنَّ معظم الأفكار التي تخطر في ذهنك ليست من اختيارك، ولكن إن كنت لا تختارها، فلمَ لا تتجاهلها؟
لست مضطراً لأن تؤمن بصحة كل فكرة سلبية عن نفسك، واعتمد على تجاربك الفعلية حتى تقيِّم نفسك، كما ذكرنا في النصيحة الثالثة بدلاً من أفكارك السلبية المجردة، وآمن بنفسك حتى تمضي قدماً في الحياة التي تختارها لنفسك.
الخيار لك، وتستطيع أن تتعافى من متلازمة المحتال.
في الختام:
يمكن أن تسبب متلازمة المحتال كثيراً من الأذى العاطفي، والشكوك المؤلمة تجاه الذات، والتي قد تصل لحد منعنا من عيش حياتنا بشكل طبيعي، ولكن سيقلل مجرد الاعتراف بها من تأثيرها فيك، وسوف يمنحك الفرصة للاحتفاء بنجاحك؛ لذلك تذكَّر أنَّك لا تعرف ما يدور في أذهان الآخرين، ولا يعرف الآخرون ما يدور في ذهنك، وأنَّ السعي إلى المثالية لا يعود عليك سوى بالإرهاق النفسي والجسدي، وطبِّق هذه النصائح، وستتخلص من متلازمة المحتال شريطة أن تمتلك الإرادة لذلك.
أضف تعليقاً