يعتقد كثير من الناس أنَّهم يتمتعون بمهارات التواصل الفعال فقط لأنَّهم خريجون جامعيون، أو لأنَّ لديهم قدراً معيناً من الخبرة العملية؛ لكن في الواقع، هم يكابدون للتأثير في الآخرين وإيصال وجهات نظرهم.
يؤدي التواصل غير الفعال إلى ضياع الفرص والوقت والموارد؛ ذلك لأنَّه لا يشمل محادثات عميقة التأثير.
قد تلاحظ عدداً من العوامل التي تؤثر في التواصل الواضح والفعال والشفاف في العمل، ومنها: الصفات الشخصية، والمسافة الجسدية، والرسالة بحد ذاتها، والسياق، والمصطلحات المستخدمة، والثقافة.
لذا إليك 7 طرائق لضمان تواصل فعال في العمل تُمكِّنك من إنشاء بيئة عمل فعالة ومنتجة وشاملة:
1. معرفة جمهورك جيداً:
إنَّ فهم جمهورك أمر ضروري للتواصل الفعال في العمل؛ وينطبق هذا على التواصل الشفوي أو المكتوب أو العروض التقديمية أو رسائل البريد الإلكتروني اليومية أو الإعلانات على مستوى الشركة أو وضع تحديثات الحالة للمشاريع؛ ويضمن فهم الأشخاص الذين تستهدفهم توصيل رسالتك توصيلاً فعالاً.
- من تستهدف بتواصلك؟
- ما الهدف من رسالتك؟
- ما الذي يحتاجون إلى معرفته؟
- ماذا تريد منهم أن يفعلوا؟
- ما أفضل طريقة لإيصال الرسالة إلى جمهورك؟
- كيف سيتلقى جمهورك الرسالة أو يفسرها؟
- كيف سيشعر جمهورك ويفكر ويتفاعل عندما يتلقى رسالتك؟
للإجابة عن هذه الأسئلة، تحتاج إلى التخطيط المسبق والبحث ومراقبة سلوكات جمهورك؛ فعلى سبيل المثال: يختلف أسلوبك في التواصل مع فريقك أو زملائك عن أسلوب تواصلك مع رئيسك في العمل؛ ذلك لأنَّ لكلٍّ منهم خصوصيته.
شاهد بالفيديو: 8 أسباب للتوتر والنزاعات في أماكن العمل
2. السعي إلى فهم الموقف وتوضيحه:
تعلَّم أن تكون متفهماً وواضحاً في تواصلك؛ فقبل أن تتواصل مع الآخرين في العمل، فإنَّه من الضروري أن تتوقف لبرهة لتفهُّم الموقف وتوضيحه، بالإضافة إلى التمتع بالتعاطف.
فيما يأتي بعض النصائح لمساعدتك على تفهم المواقف في العمل وتوضيحها جيداً:
- كن فضولياً: اطرح أسئلة مفتوحة تبدأ بـ "ماذا" و"كيف" لجمع المعلومات، حيث يميل الناس إلى أن يكونوا أكثر توصيفاً في إجاباتهم عن مثل هذه الأسئلة. يمكنك بعد ذلك طرح أسئلة استقصائية مفتوحة لتحقيق فهم أكبر للموضوع؛ فكلَّما فهمت أكثر، زادت قدرتك على تصميم رسالة مناسبة تلقى صدى لدى جمهورك.
- استخدم تقنية الأطفال في التعلم: لا يمتلك الأطفال عادة معرفة مسبقة بما هم على وشك تعلمه، حيث تمتاز طريقتهم في التعلم بالتواضع؛ لذا اتبع النهج نفسهمن خلال وضع نفسك مكان جمهورك لمحاولة فهم الموقف من وجهة نظرهم، وكن منفتحاً ومستعداً وراغباً في معرفة وجهة نظر جمهورك.
- تحقق من فرضياتك: قد تشوه خبرتك الواسعة تصوراتك وأحكامك؛ لذا لا تطلق أفكاراً مسبقة على جمهورك، وتعرَّف جيداً على الشخص الذي تريد التحدث معه أو البحث الذي تحتاج إلى إجرائه للتحقق ممَّا إذا كانت افتراضاتك صحيحة، واحرص على خلق مساحة للفهم قبل الشروع بالعمل.
- افسح المجال للجميع: يرغب البشر بالشعور بالانتماء والاندماج والتقدير في مكان العمل؛ لذا كن متعاطفاً كي تستوعب أفكار الجميع، فعلى سبيل المثال: إذا كنت في اجتماع وطلبت بعض المدخلات، تحقق من وجود وقت كافٍ كي يشارك الجميع إجاباتهم؛ أمَّا في حال نفاد الوقت، أخبرهم أنَّك ستتواصل معهم في وقت لاحق.
3. الإصغاء ضمن مستويات متعددة:
"لا يصغي معظم الناس بقصد الفهم، بل بِنيَّة الرد" - ستيفن آر كوفي (Stephen R. Covey).
قد تكون على دراية بنصائح الإصغاء الفعال الأساسية هذه؛ لكن عندما تثقل كاهلنا مسألة الالتزام بالمواعيد النهائية أو تحديد الأولويات أو غيرها من مهام العمل، فمن السهل أن ننأى بأنفسنا ونفوِّت الرسائل الهامة التي قد تساعدنا على التواصل تواصلاً فعالاً في العمل.
فيما يأتي طرائق لتذكرك دوماً بمواصلة الإصغاء بفاعلية:
- أعِد الصياغة: أكِّد فهمك للرسالة من خلال تكرارها أو إعادة صياغتها بكلماتك الخاصة، ويمكنك بذلك توضيح الأمور في حال وجود سوء فهم أو التباس.
- تحقق: اطرح الأسئلة إذا شعرت بفقدان معلومات مفيدة قد تحتاجها.
- وضِّح: اسأل إذا كنت لا تفهم أمراً فهماً كاملاً.
- تذكَّر: حاول أن تتذكر النقاط الهامة لجمهورك، بحيث يمكنك استخدام هذه المعلومات في المستقبل؛ كما حاول أن تُظهِر لجمهورك أنَّك تهتم وتصغي بفاعلية.
كي تكون متواصلاً فعالاً في العمل، عليك أن تكون منسجماً ومعتاداً على استخدام مهارات الإصغاء الفعال لديك؛ فتذكَّر أن:
- تكون متعاطفاً.
- تفهم تصورات الآخرين، وليس تصوراتك فقط.
- تقيس عواطفك وردود أفعالك، بالإضافة إلى ردود أفعال وعواطف الآخرين.
- تعرف قيمك ومعتقداتك ومعتقدات الآخرين.
- تلاحظ علامات التواصل غير اللفظية مثل لغة الجسد.
4. تقبُّل التغذية الراجعة بروح رياضية:
تؤثر طريقة تلقي التغذية الراجعة في كيفية رد فعلك، ومدى فاعلية تواصلك مع الأطراف الأخرى؛ إذ إنَّ الانفتاح على التغذية الراجعة والنقد أسهل قولاً من الفعل؛ فنحن بشر في النهاية، وتشتت انتباهنا هموم الحياة؛ أو قد نشعر بالضغوطات في العمل، فنتخذ موقفاً دفاعياً أمام التعليقات التي تواجهنا.
يقدم كلٌّ من "شيلا هين" (Sheila Heen) و"دوغلاس ستون" (Douglas Stone) طرائق لتحسين قدرتك على تقبل التغذية الراجعة، والقيام بالمفيد، وتعلم كيفية التخلص ممَّا يضر بك كي تمضي قدماً.
تتضمن بعض هذه الطرائق ما يأتي:
- اعرف وافهم وأدِر محفزاتك وردودك على التغذية الراجعة.
- افصل بين الرسالة ومرسلها.
- استمع إلى النصيحة بدلاً من إطلاق الأحكام.
- قسِّم التغذية الراجعة إلى أجزاء ليسهل تقبلها.
- كن محدداً واطلب شيئاً واحداً عندما تسعى إلى الحصول على تغذية راجعة.
- اتخذ خطوات صغيرة لاختبار ما اقتُرِح عليك.
أنت تتمتع بالقدرة على التعلم من التغذية الراجعة والتطور بفضلها، حيث يمكن أن يساعدك تقسيمها إلى أجزاء صغيرة في معالجة الرسالة معالجة أفضل، وأن تكون أقل حدة في ردك.
5. تقديم تغذية راجعة موضوعية وواضحة:
يعدُّ هذا من أصعب الأشياء التي يجب القيام بها؛ ذلك لأنَّك قد لا ترغب في الإساءة للآخرين والوقوع في صراع، أو لا تعرف الطريقة الصحيحة لفعل ذلك، أو لست مستعداً عاطفياً، أو تخيِّم عليك الشكوك والافتراضات.
يمكن أن يساعدك نموذج "الموقف والسلوك والأثر" (SBI MODEL) في تقديم تغذية راجعة واضحة ومحددة، وهو يندرج تحت هذه الخطوات:
- الموقف: قدِّم السياق، واسأل نفسك: "ماذا حدث؟ وأين؟ ومتى؟".
- السلوك: صِف السلوك؛ وهذا هو الجزء الأصعب، فأنت بحاجة إلى التحقق من افتراضاتك. على سبيل المثال: لا تقل للشخص "لقد كنتَ وقحاً"، حيث يعبِّر ذلك عن سلوك شخصي؛ بل قل: "لقد قاطعتني"، حيث يمثل هذا تصرفاً ملحوظاً كي تقلل حدة التغذية الراجعة؛ إذ يمكن أن يحتمل تعبير "وقح" تفسيرات متعددة، بينما يمكن فهم تصرف مقاطعة الحديث دون تأويل.
- الأثر: استخدم تصريحات تبدأ بـ "أنا" لوصف نتائج السلوك.
- امضِ قدماً: اجعل المحادثة تسير نحو التفاهم بمطالبتهم بالتفكير: ماذا كانت وجهة نظرهم؟ وماذا كان يحدث لهم؟ وماذا أدركوا؟ وكيف يمكن أن يساعدهم هذا على النمو؟
مثال 1:
"خلال اجتماع الفريق صباح أمس، عندما قدمت العرض التقديمي (الموقف)، لم تكن متيقناً من شريحتين، وكانت حسابات مبيعاتك غير صحيحة (السلوك)، وشعرت بالحرج لأنَّ مجلس الإدارة بأكملة كان حاضراً؛ وأنا قلق من أنَّ هذا قد أثر في سمعة فريقنا (التأثير)".
المثال 2:
"في اجتماع مع أحد العملاء بعد ظهر يوم الإثنين، تحققت أنَّ الاجتماع بدأ في الوقت المحدد، وأنَّ الجميع حصلوا على النشرات مسبقاً (الموقف). لقد كانت جميع أبحاثك صحيحة، وقد أجبت عن كل سؤال من أسئلة العميل (السلوك)؛ وأنا فخور بأنَّك أديت عملاً ممتازاً، ووضعت المؤسسة في صورة جيدة؛ وإنِّي واثق أيضاً من أنَّنا سنحصل على الصفقة بفضل عملك الجاد (التأثير)".
إنَّ معرفة كيفية تقديم تغذية راجعة واضحة ومحددة وملحوظة مهارة أساسية كي تمارس تواصلاً فعالاً في العمل.
6. المتابعة والتأكد والمساءلة:
إنَّ التواصل الفعال في العمل ليس أمراً يحدث لمرة واحدة، فأنت ستحتاج إلى مراقبة التقدم مراقبة مستمرة، وتقديم الدعم المتواصل؛ ولا تنسَ التعرف على التقدم الذي أحرزه زملاؤك أو فرقك أو قادتك.
استخدم الأسئلة التالية لمساعدتك في تقييم فاعلية التواصل المستمر في العمل:
- ما الفرص التي تراها؟
- كيف يمكنك التكيُّف؟
- ما القرارات التي يجب اتخاذها؟
- ما الدعم الذي يمكنك تقديمه؟
- ما الذي يتعين عليك القيام به لضمان تلقي الرسالة بدقة؟
7. استخدام الأسس السبع للتواصل:
أيَّاً كانت وسيلة تواصلك في العمل، ضع في اعتبارك هذه الأسس السبع لإجراء تعديلات طفيفة على رسالتك، والتي تتلخص في:
- الوضوح: ما الغرض من رسالتك؟ هل هي سهلة الفهم؟
- الإيجاز: ما الذي يمكنك حذفه؟ هل تركز على الموضوع؟
- الواقعية: ما هي الحقائق؟
- الدقة: هل الرسالة خالية من الأخطاء؟ هل تناسب جمهورك؟
- التناسق: هل هناك ترابط منطقي؟ هل الرسالة متسقة؟
- الكمال: هل جميع المعلومات ذات الصلة متوفرة؟ وهل هناك دعوة للعمل؟
- التهذيب: ما هو أسلوب رسالتك؟ يجب أن تتوخى التهذيب واللباقة في طرحك.
الخلاصة:
تتطلب طرائق ضمان التواصل الفعال الممارسة المستمرة بعض الوقت؛ لذا ضع هذه الاستراتيجيات السبعة في الاعتبار لتحسين تواصلك في العمل حتى تكون رسائلك واضحة وشفافة، واستمر في النمو، واصقل مهاراتك، واختر أمراً لتُحَسِّنَهُ هذا الشهر لتعزيز تواصلك في العمل.
كن محدداً، وتحدَّ نفسك من خلال تحديد التواصل في العمل كهدف ذكي (SMART)؛ وذلك بأن تجعله هدفاً محدداً، وقابلاً للقياس والتحقيق، وهاماً لك شخصياً، ومؤطَّراً زمنياً.
أضف تعليقاً