إنَّ الانضباطَ الذاتيَّ يعني تفعيلَ الرقابةِ الداخليَّةِ أو ما يُسمَّى رقابةُ الضمير، فلا تفعل الأشياء التي اتَّخذت قراراً عقلانيَّاً على تجنُّب القيام بها، مهما كانت المغريات كثيرة، وهو الالتزام بالخطوات التي عاهدتَ نفسك على تحقيقها مهما كانت شاقَّةً.
الانضباط الذاتيُّ هو طريقُك للوصول نحو أهدافك التي تضعها في بداية كلِّ سنةٍ وتتعهَّد بالالتزام بها، ولكنَّك قد تفشل في تحقيقها بسبب أخطاءٍ شائعةٍ سوف ننوِّه إليها في مقالنا هذا، والذي سنتحدَّث فيه عن 7 أخطاء شائعة يجب تجنُّبها عند محاولةِ تعزيزِ الانضباطِ الذاتيِّ.
أهميَّةُ الانضباط الذاتيِّ:
قبل أن ندخلَ في صُلبِ موضوعنا عن 7 أخطاءٍ شائعةٍ يجب تجنُّبها عند محاولةِ تعزيزِ الانضباط الذاتي، لا بدَّ لنا من التَّنويه إلى أهميَّةِ الانضباط الذاتي، والذي يُعَدُّ مهارةً أساسيَّةً للنَّجاح في مجالات الحياة جميعها، فإليك فيما يأتي أهم العوامل التي تؤكد أهمية الانضباط الذاتي:
- الطالب الذي يمتلك انضباطاً ذاتيَّاً سيكون قادراً على التَّركيز على دراسته والحصول على درجاتٍ جيِّدةٍ، فهو يستطيع الالتزام بالمحاضرات التي يجب دراستها دراسةً يوميَّةً والمشاريع التي يجب إنجازها وتسليمها في الوقتِ المُحدَّدِ، فالانضباطَ الذاتيَّ هو الذي يُمكِّن الطالبَ من مذاكرة الجزءِ الَّذي خصَّصه من منهاجه مذاكرةً يوميَّةً قبل الامتحان، وهو دافعه إلى حضور المحاضرات حتَّى تلك التي تكون في وقتٍ مبكِّرٍ أو مُتأخِّر من اليوم.
- الموظَّف الذي يمتلك انضباطاً ذاتياً سيكون قادراً على التَّركيز على عمله وإنجاز المهامِّ في الوقتِ المُحدَّد، فترتيبُ المستودعِ مثلاً يحتاجُ إلى ساعة من العمل يوميَّاً لمدَّة أسبوع، والانضباط الذاتي هو الذي يدفعُ الموظَّف المسؤولُ عن المستودع إلى تفريغِ ساعةٍ من وقته لأداء هذه المَهمَّةِ يوميَّاً.
- الشخصُ الذي يمتلك انضباطاً ذاتيَّاً سيكون قادراً على اتِّباعِ نظامٍ غذائيٍّ صحيٍّ وممارسة الرياضة بانتظامٍ، فطبيبُ التغذية لن يراه إذا ما تناول قطعةَ بيتزا كبيرةً في غرفته ولن يعرف إذا ما فوَّت يوماً في تمرينه، فانضباطه الذاتيُّ هو معيارُ نجاحِ حِميَته.
7 أخطاء شائعة يجب تجنُّبها عند محاولة تعزيز الانضباط الذاتي:
ننتقل الآن إلى صُلب موضوعنا، وهو الحديث عن 7 أخطاءٍ شائعةٍ يجب تجنُّبها عند محاولة تعزيز الانضباط الذاتي:
1. محاولة تغيير كثيرٍ من الأشياء في الوقت نفسه:
أوَّلُ خطأ من 7 أخطاءٍ شائعةٍ يجب تجنُّبها عند محاولة تعزيز الانضباط الذاتي هو محاولةُ تغيير كثيرٍ من الأشياء دفعةً واحدةً، قد يكون من المُغري محاولة تغييرِ جميعِ عاداتك في الوقت نفسه، لكنَّ هذا قد يكون صعباً جداً، فمن الأفضل التركيز على تغيير عادةٍ واحدةٍ أو اثنتين في كلِّ مرَّةٍ، حتَّى تتمكَّن من إتقانها قبل الانتقال إلى عاداتٍ أُخرى.
مثلاً قد يكون من الصَّعبِ تطبيق عادتَي الاستيقاظ باكراً وممارسة الرياضة الصباحية؛ لذا يُفضَّل البدءُ بتطبيق عادةٍ منهما وعندما تصبح جزءاً من الروتين ننتقل إلى العادة التالية.
2. وضع أهداف غير واقعية:
الخطأ الثاني من 7 أخطاء شائعة يجب تجنُّبها عند محاولةِ تعزيزِ الانضباط الذاتيِّ هو وضع أهدافٍ خُرافيَّةٍ، فإذا وضعت أهدافاً غيرَ واقعيَّةٍ، فمن المُرجَّح أن تفشلَ وتشعر بالإحباط؛ لذا من الهامِّ أن تضعَ أهدافاً مُحدَّدةً وقابلةً للقياس وقابلةً للتَّحقيق وذاتَ صلةٍ ومُحدَّدةً زمنيَّاً، كأن تقول: سوف أفقد 25 كيلو غرام خلال شهرين، هذا الهدف غير صحِّي وغير واقعي، يمكنك تقسيمه إلى أهدافٍ منطقيَّةٍ ومُنظَّمة مثل خسارة 2 كيلو غرام كل شهر.
3. عدم وجود خطَّة:
الخطأ الثالث من 7 أخطاء شائعة يجب تجنُّبها عند محاولة تعزيز الانضباط الذاتي هو العشوائيَّةُ وعدم وجودِ خِطَّةٍ، إذ من الهامِّ أن تكونَ لديك خِطَّةٌ لتحقيقِ أهدافِك؛ لذا حدِّد ما تريد تحقيقه وحدِّدْ الخطوات التي ستحتاج إلى اتِّخاذها، وحدِّدْ جدولاً زمنيَّاً لتحقيقِ كلِّ خطوة، فإذا اتَّخذتَ قراراً باتِّباعِ حِميَةٍ غذائيَّةٍ، لا بدَّ أن تُخطِّطَ لوجباتك تخطيطاً أسبوعيَّاً أو يوميَّاً على الأقلِّ مُستعيناً بخبيرِ تغذيةٍ.
4. عدم وجود نظام مكافآت:
عدم تحفيز نفسك ومكافأَتها هو الخطأُ الرابعُ من 7 أخطاءٍ شائعةٍ يجب تجنُّبها عند محاولة تعزيز الانضباط الذاتي؛ لذا من الهامِّ أن تكافِئَ نفسك على تحقيق أهدافِك، سيساعدك ذلك على البقاءِ على المسارِ الصحيح وتحفيزك على الاستمرار، ولا بأسَ إذا بيوم فري بعدَ الالتزام بالحِميَةِ مُدَّة أسبوعين.
5. السماح للمُشتِّتات بإلهائك:
دائماً ما تكون المُغريات موجودةً، فإذا ما حاولت الالتفات إليها والخضوع لها كل مرَّةٍ فسوف تَحيد عن هدفك، وهذا هو الخطأُ الخامسُ من 7 أخطاءٍ شائعةٍ يجب تجنُّبها عند محاولةِ تعزيزِ الانضباط الذاتي، فثمة عددٌ من الأشياء التي يمكن أن تشتِّتَك عن أهدافك، فإذا ما كان هدفك قراءةَ كتابٍ كل شهرٍ، قد تكون المُشتِّتاتُ مثل هاتفك أو التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي؛ لذا من الهامِّ أن تحدِّدَ المُشتِّتات وتتجنَّبها.
6. الاستسلام بيُسرٍ:
الخطأ السادس من 7 أخطاءٍ شائعةٍ يجب تجنُّبها عند محاولةِ تعزيزِ الانضباط الذاتي هو الاستسلام بيُسرٍ، فمن الطبيعي أن تواجهَ تحديات عند مُحاولة تعزيزِ الانضباط الذاتي، فالهاتف موجودٌ بين يديك دائماً بينما أنت تُذاكر دروسك، والحلوى في كلِّ مكانٍ بينما أنت تتناول طعاماً صحيَّاً، فإذا ما أخطأْت ذات يومٍ وضعفت أمام المُغريات، تابعْ سعيَك ولا تتوقَّف وتستسلم، فالبدء مرَّة أخرى خيرٌ لك من الانهزام.
7. عدم طلب المساعدة:
الخطأُ السابعِ والأخيرِ من 7 أخطاء شائعةٍ يجب تجنُّبها عند محاولةِ تعزيزِ الانضباط الذاتي هو تجنُّب طلبِ المُساعدةِ، فإذا كنت تواجه صعوبةً في تعزيزِ الانضباط الذاتي، فلا تخجلْ من طَلَبِ المساعدة من المُختصِّين، فيوجد عددٌ من الأشخاص الذين يمكنهم مُساعدتك، مثل الأصدقاء أو العائلة أو المعالِجون أو المُدرِّبون.
شاهد بالفديو: طرق تنمية الانضباط الذاتي
كيف أحقِّق الانضباط الذاتي؟
إنَّ الانضباطَ الذاتيَّ هو طريقُك نحو النجاحِ كما قلنا، فإذا ما أردْتَ تحقيقَ الانضباط الذاتي عليك اتِّباع الخطوات الآتية:
1. حدِّدْ أهدافك:
حدِّدْ ما تريد تحقيقَه بالضَّبط، واجعلْ أهدافَك مُحدَّدةً وقابلةً للقياسِ وقابلةً للتَّحقيق وذاتَ صلةٍ ومُحدَّدةٍ زمنيَّاً.
2. خطط لوقتك:
حدد وقتاً محددًا للعمل على أهدافك، وقسِّم أهدافك إلى خطوات أصغر، ثم حدِّدْ المُشتِّتات وتجنَّبها.
3. كنْ صبوراً:
لا تتوقَّعْ نتائجَ فوريَّةً وتذكَّر أنَّ تعزيزَ الانضباطِ الذاتي يتطلَّب وقتاً ومُثابَرةً.
4. كافئْ نفسَك:
كافئْ نفسَك على تحقيقِ أهدافِك، فهذا سيساعدك على البقاء على المسار الصحيح وتحفيزِك.
5. لا تستسلمْ:
من الطبيعي أن تواجهَ تحديات فلا تستسلمْ ببساطةٍ، وواصلْ العملَ على أهدافك.
6. اطلبْ المساعدة:
إذا كنتَ تواجه صعوبةً في تحقيقِ أهدافِك في الانضباط الذاتي، فلا تخجلْ من طلبِ المُساعدةِ من الآخرين.
إقرأ أيضاً: الانضباط الذاتي أمر مبالغ به
ماذا تحتاج لتحقيق الانضباط الذاتي؟
إليك بعضُ العواملِ التي يمكن أن تساعدك على تعزيزِ الانضباط الذاتي:
1. الثِّقةُ بالنَّفسِ:
إذا كنتَ تؤمن بنفسِك وبقدرتك على تحقيق أهدافك، فستكون أكثر قدرة على التَّحكُّم في أفكارك ومشاعرك وسلوكاتك، ومن ثم فإنَّ امتلاكَ الثِّقةِ بالنفس وقدرتها على التَّحكُّم بأفعالك وتصرُّفاتك سوف يُمكِّنك من إتقانِ مهارةِ الانضباط الذاتي.
2. الدَّافع:
إذا كنت مُتحمِّساً لتحقيقِ أهدافِك، فستكون أكثرَ قدرةٍ على التركيز والمُثابرة، وإذا ما أردت تحقيقَ الهدفِ الَّذي تضبط ذاتك لأجل الوصول إليه، لا بدَّ من التركيز على هذا الهدف الذي تُنشِده، سواء كان مركزاً أولاً في دراستك، أم نتيجةً مُرضيةً في مشروعك، أم وزناً ومقاسات مثاليَّةً بالنسبة إلى شكلك، تخيَّلْ نفسك وقد حقَّقت ما تريد، وسوف تجدُ انضباطَك الذاتي في أبهى صورة.
شاهد بالفديو: 6 نصائح للحصول على الدافع والبقاء متحفزاً
3. العزيمة:
إذا كنت مُصمِّماً على تحقيقِ أهدافِك، فستكون أكثر قدرةٍ على التَّغلُّب على التَّحديَّات، إذ لا شيءَ يفوقُ الإرادةَ البشريةَ إذا ما عَقَدت العزمَ على أمرٍ ما، ضعْ هدفَك نصبَ عينيك وتوجَّه إليه عبرَ الالتزام المُنضبِط بالخطوات التي رسمْتَها نحوه.
نصائح لتحقيق الانضباط الذاتي:
الانضباط الذاتي هو مهارةٌ أساسيَّةٌ للنَّجاح في مجالات الحياة جميعها، فهو يساعدُك على التَّركيز على أهدافك وتجنُّب المُشتِّتات، وهو مهارةٌ يمكن تعلُّمها وتطويرها، فكلَّما مارست الانضباط الذاتي، أصبحَ الأمرُ أسهلَ؛ لذا إليك هذه النصائح لتحقيق الانضباط الذاتي:
1. حدِّدْ المُشتِّتات وتجنَّبها:
حدِّد الأشياءَ التي يمكن أن تشتِّتك عن أهدافك، وأزلها من طريقِك.
2. ضعْ خطَّةً للتَّعامل مع الإغراءات:
حدِّدْ الإغراءات التي تواجهك، وضعْ خطَّةً للتَّعامل معها.
3. كنْ صبوراً مع نفسك:
تذكَّرْ أنَّ تعزيزَ الانضباط الذاتي يتطلَّب وقتاً ومُثابَرةً.
4. اقرأْ كتابَ "مُعجزة الانضباط الذاتي" للكاتب "بريان تريسي":
يتضمَّن هذا الكتاب 9 مبادئَ للانضباط الذاتي يمكن أن تساعدك على تحقيق أهدافك.
في الختام:
إنَّ الانضباطَ الذاتي هو مفتاحُ النَّجاحِ في مجالات الحياة جميعها، فهو يساعدنا على التَّركيز على أهدافنا وتجنُّب المُشتِّتات وتحقيق ما نريد، لأنَّه يعني التركيزَ على الدَّافعِ الدَّاخليِّ للقيام بالفعل بعيداً عن مصدرِ أيِّ رقابةٍ أُخرى، وإنَّ هذه المهارةُ تتطلَّب الصبرَ والمُثابرةَ لتحقيقها، والتدرُّج في تحسين العادات اليومية، ولكنَّها في نهايةِ المطافِ قابلةً للتَّحقُّق ويمكننا جميعاً تعلُّمها وتطويرها.
أضف تعليقاً