6 طرق لتغيير مسار عملك في ظل أي أزمة تواجهك

"البقاء ليس للأقوى ولا للأذكى، وإنَّما للأكثر تكيُّفاً مع التغيير" - العالم تشارلز داروين (Charles Darwin).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة كيم بيريل (Kim Perell)، والذي تحدثنا فيه عن تجربتها الشخصية في تغيير مسار عملها في ظل الأزمة.

خلال أسابيع قليلة، تغيَّر كل شيء، وكانت حالة الغموض والشك هي الأمر الوحيد المؤكد، فقد تعطلت معظم الأعمال التجارية وتأثرت سلباً، وأصبحت الشركات والمديرون التنفيذيون ورواد الأعمال والموظفون وأرباب الأعمال يواجهون فترة من الشك والارتياب، وأصبح كل ما ينتظرنا في المستقبل غير واضح.

يعرف رواد الأعمال أنَّ أفضل الأعمال التجارية تخرج من رحم أحلك الأوقات، لأنَّه أحياناً وفي أسوأ اللحظات نحصل على أفضل الأفكار والابتكارات الجديدة، فكل ما نحتاجه هو فكرة عظيمة. إذاً، ما هي الشركات والمنتجات والتغييرات الجديدة التي ستنتج عن هذا الواقع الجديد؟

بصفتي رائدة أعمال ومديرة تنفيذية تجاوزت مرحلة فقاعة الإنترنت، وأحداث الحادي عشر من أيلول، وانهيار السوق في عام 2008، فأنا أدرك تماماً الدمار المحتمل الذي يواجه الشركات اليوم.

لقد اضطررت شخصياً إلى تغيير مسار عملي عدة مرات، وعلى الرغم من أنَّ هذا الأمر قد يبدو مخيفاً، إلا أنَّه يساعدنا على النمو والتطور، فقد حان الوقت للتجربة والإبداع والابتكار. بالتأكيد، القول أسهل من الفعل؛ حيث يُعد من الصعب تغيير نشاطك التجاري في ظل التغييرات الكبيرة التي تحدث الآن. لذلك، قبل التغيير أوصيك بتحقيق الاستقرار في عملك قدر المستطاع، فمن الهام أن توفِّر أموالك وتقدِّر التكاليف وتضمن اتخاذ الإجراءات اللازمة للتغلب على الأزمة.

من المحتمل وجود تغييرات كنت ترغب في إجرائها في عملك، ولكنَّك لم تفعل، والآن حان وقت ذلك. قيِّم مواهبك، وأعد النظر في العقود التي أبرمتها، وحدِّد الأمور الضرورية لإدارة عملك، واحرص على إنفاق أموالك بحكمة، وألقِ نظرة على حساباتك المالية لترى كيف يمكنك التقليل من خسائرك. لقد حان وقت التنظيم لكي تتمكن من المضي قُدماً دون تحمل أعباء تكاليف غير ضرورية. والأعمال التي كان وضعها سيئاً في ظل الاقتصاد الجيد سوف تتضرَّر بصورة كبيرة في ظل الاقتصاد السيئ. فإذا كان عملك لا ينجح الآن، ولم يكن ينجح جيداً منذ ستَّة أشهر، فقد حان الوقت للتأكد من مدى قابليته للتطبيق على الأمد الطويل. يقول ونستون تشرشل (Winston Churchill): "لا تترك أي أزمة يمكنك الاستفادة منها تذهب سدىً". استفد من هذه الأزمة للتخلص من الأنشطة التجارية التي لا ولم تنجح من قبل، واستثمر وقتك وطاقتك في الأمور التي تعتقد بأنَّها سوف تنجح.

كما يمكنك الاستفادة من الموارد المالية المتاحة. لقد تقدمت العديد من الشركات في مجال عملي بطلبات للحصول على برامج لحماية الرواتب. إذا لم تفعل ذلك، فمن الهام التَّعرُّف على العديد من أشكال المساعدة والموارد والدعم المتاحة.

بمجرد استقرار عملك، يكون الوقت قد حان للتركيز على المستقبل؛ لذا أقدم لك فيما يلي ست طرائق لتغيير مسار أعمالك ليس من أجل الاستمرار فحسب، وإنَّما لتحقيق الازدهار أيضاً:

1. تقبُّل الوسائل الإلكترونية:

إذا لم تتمكن من الاستفادة من عملك على أرض الواقع، فقد حان الوقت لتطبيقه إلكترونياً. فهل يمكنك مثلاً إيصال منتجك أو خدمتك إلكترونياً؟

لقد تضررت معظم المطاعم في ظل أزمة جائحة كورونا، وانتقل الكثير منها إلى التوصيل عبر الإنترنت والاعتماد على الطلبات الجاهزة. على سبيل المثال، حاول مطعم بانيرا بريد (Panera Bread) الاستفادة من الأزمة والمضي قدماً، وذلك من خلال السماح للعملاء بشراء حاجياتهم عبر الإنترنت إلى جانب الوجبات المعتادة.

إذا كنت تمتلك متجراً، فقد حان الوقت لإطلاق خدمة المتجر الإلكتروني، وإذا كنت مدرباً للياقة البدنية، فيمكنك إجراء دورة تدريب عبر الإنترنت باستخدام بعض التطبيقات مثل زووم (Zoom)، وإذا كنت تمتلك شركة للتصميم الداخلي، وأردت التغيير لتعمل في الاستشارات الافتراضية، فيمكنك إنشاء محتوى فيه روابط لشراء المنتجات؛ حتى وكلاء العقارات استخدموا الإنترنت لتقديم عروضهم للمنازل. نظراً إلى أنَّ الجميع عالقون في منازلهم، فقد ازداد الطلب على المحتوى عبر الإنترنت أكثر من أي وقت مضى.

والآن اسأل نفسك: ما الذي يمكنك تقديمه باستخدام الإنترنت؟

2. الاستفادة من الممتلكات والموارد الموجودة لديك:

استفد من ممتلكاتك ومواردك الحالية، واجعلها تتناسب مع احتياجات عملائك الحالية. إذاً، ما الذي يمكنك تغييره لتلبية تلك الاحتياجات؟

تُجرِي الشركات بكافة أنواعها تغييراً ناجحاً من أجل تلبية احتياجات العملاء المختلفة والاستمرار في العمل. فقد عملت شركات تصنيع مستحضرات التجميل، مثل شركة إل في إم إتش (LVMH)، التي تمتلك ماركة عطورات ومكياج فاخرة، على تصنيع معقمات لليدين، مستفيدةً من خبراتها وقدراتها الإنتاجية. كما يستخدم مصنعو الملابس الكبار مثل شركة جاب (Gap) وشركة نايكي (Nike) وشركة زارا (Zara) وشركة بروكس براذرز (Brooks Brothers) مصانعهم لصنع الكمامات وملابس الأطباء.

والآن اسأل نفسك: ما الذي يحتاجه الناس في ظل هذه الأزمة؟ وكيف يمكن لشركتك تلبية احتياجات الزبائن والعملاء بالاعتماد على الموارد المتوفرة لديك؟ إذا كان عملك غير قادر على تلبية تلك الاحتياجات، فهل يوجد طريقة لتغيير ذلك والاعتماد على الأعمال الإلكترونية أو الأعمال التي تعتبر أساسية؟

إقرأ أيضاً: 8 أسرار فى خدمة العملاء

3. تعزيز ولاء العملاء الحاليين:

نحن نعاني جميعاً من الأزمة الحالية، لذلك يجب أن تكون حقيقياً وصادقاً وشفافاً فيما يخص الجهود التي تقدمها لعملائك، وتطلب منهم دعمك في المقابل، حيث يُعد العملاء المخلصون سبب نجاح شركتك وعلامتك التجارية. لذلك حافظ على علاقتك قويةً مع عملائك سواءً بصورة مباشرة أم فردية أم عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث يجب أن تُظهَِر لهم أنَّك مهتم بهم، فالثقة هامة أكثر من أي وقت مضى.

ولأنَّ الأشخاص يقضون المزيد من الوقت على الإنترنت، فقد حان الوقت لمشاركة المحتوى المُتَّصل والمتعلق بأعمالك. أعرفُ مصمماً شارك مونتاج لمجموعة صور، تتضمن سلسلة صور توصي بغسل اليدين.

اكتشف أفضل طريقة للتفاعل مع عملائك الحاليين وافعل ذلك بطرائق إبداعية، والآن اسأل نفسك: كيف يمكنني التواصل والتفاعل مع عملائي بطريقة أفضل؟ وما الذي يمكنني فعله لتشجيع عملائي الحاليين على دعم عملي؟ وما الذي تفعله الشركات الأخرى لتكسب مشاركة العملاء؟ وما الذي يمكنني أيضاً القيام به لدعم عملي؟

4. اكتشاف فوائد التعاون:

يوجد مثل أفريقي يقول: "إذا كنت تريد أن تمضي قدماً، فاعمل بمفردك، أما إذا كنت تريد أن تكون ناجحاً، فاعمل مع الآخرين". يمكن أن يكون الهدف من التعاون الحصول على أفكار جديدة، واستكشاف أوجه التضافر، وإنشاء علاقات تجارية جديدة. يمكن أن تساعدك العلاقات في الحصول على عملاء جدد أو منتجات جديدة أو الانخراط في أسواق جديدة.

ولكن مَن هم الشركاء الذين يمكنك العمل معهم والذين يمتلكون موارد يمكنك الاستفادة منها؟ وهل يوجد شخص تعتقد أنَّه يمكن أن يساعدك في بيع منتجاتك أو الترويج لخدماتك لدى عملائه؟ وماذا يمكنك أن تقدم له في المقابل؟ وهل توجد فرصة لتجميع منتجاتك معاً؟ يُعد كلاً من الشراكة الحقيقية والتعاون الناجح أمرين مفيدين للطرفين.

من الهام التعاون مع الشركات التجارية الأخرى للحصول على الدعم والأفكار. فإذا كان عملك عبارة عن شركة محلية أو شركة صغيرة، فمن الممكن الشعور بالعزلة في ظل الظروف الحالية، ولكن عندما تتعاون مع شركات أخرى سوف تحقق المزيد من الأرباح وتحصل على المزيد من الأفكار. ابذل جهداً للتواصل، سواءً مع شركة مجاورة، أم شركة محلية، أم مجموعة تجارية صناعية، أم مجموعات على فيسبوك (Facebook) أو لينكد إن (LinkedIn). وليس بالضرورة أن يكون التعاون على نطاق واسع ليكون فعَّالاً.

الآن اسأل نفسك: مع مَن يمكنني التعاون؟ وما هي الأعمال التجارية أو العملاء الذين يمكنني مشاركتهم مع الآخرين؟ وما هي الشراكات الحالية التي ستعود بالنفع على كلا الطرفين؟

5. المحاولة والفشل ثم المحاولة مجدداً:

لقد حان وقت التجربة، فلا يوجد وقت أفضل من الآن للمحاولة والفشل. كل ما يجب عليك القيام به، هو طرح أفكار جديدة بسرعة وبحد أدنى من الاستثمار، والتركيز على النتائج، والتعلم والتحسين مع كل محاولة وفشل؛ حيث لن ينجح كل أمر تجرِّبه، وهذا أمر جيد؛ إذ يجب أن تتوقع الفشل كي تستمر، وقد يستغرق الأمر عدة محاولات لمعرفة ما يناسبك، لذلك كن شجاعاً، فالمثابرة تؤتي ثمارها في النهاية.

يوجد العديد من التغييرات التي أجرتها شركات مشهورة في مسار عملها. على سبيل المثال، كان موقع يوتيوب (YouTube) في يوم من الأيام موقعاً للتعارف عبر الفيديو، وكان موقع تويتر (Twitter) مسبقاً عبارة عن شبكة للمدونات الصوتية تدعى أوديو (Odeo).

حتى أكثر الشركات نجاحاً وشهرةً واجهت إخفاقات عديدة، بعضها قد لا تتذكره حتى، مثل شبكة أوركوت (Orkut) التابعة لشركة جوجل (Google)، وشركة كوكاكولا (Coca Cola) التي أطلقت منتج كوك ماكس (Coke Max)، وهاتف فاير (Fire) الذي طورته شركة أمازون (Amazon)، كما ابتكر المخترع السير جيمس دايسون (Sir James Dyson)، الكثير من التصاميم للمكنسة الكهربائية والتي بلغ عددها 5,126 تصميماً؛ حتى اخترع في النهاية مكنسةً كهربائيةً تعمل بدون كيس.

الآن اسأل نفسك: إذا أجريتُ اختباراً صغيراً لفكرة جديدة وفشلت فيها، فما هو أسوأ احتمال يمكن حدوثه معي؟ وما هي المعلومات التي يمكنني اكتسابها من المحاولة؟ وكيف يمكن لاستكشاف شراكة أو تعاون جديد أن يفيدني؟

شاهد بالفديو: 6 دروس يجب أن تتعلمها من الفشل

6. تقبُّل فكرة التغيير:

إذا تأثر نشاطك التجاري بصورة كبيرة بالأزمة الحالية، فأنت لست وحدك من يعاني من ذلك، ومن الهام أن تتذكر أنَّ معظم الشركات العظيمة تُبنَى في الأوقات الصعبة.

لقد بدأت شركتي الأولى في النجاح والتطور بعد مرحلة فقاعة الإنترنت، حيث وصلت أرباحي إلى أكثر من مئة مليون دولار من العائدات السنوية. ومعظم الشركات الناجحة التي تراها اليوم، مثل واتس أب (WhatsApp) وشركة أوبر (Uber) وشركة كريديت كارما (Credit Karma) وشركة بينترست (Pinterest) وشركة سلاك (Slack) وشركة فينمو (Venmo) وشركة سكوير (Square) تأسست خلال فترة الركود في عام 2008.

تقبَّل التغيير، ولا تركِّز على الأمور التي لا يمكنك التحكم فيها؛ وإنَّما فكر في الأمور التي يمكنك السيطرة عليها.

 

المصدر




مقالات مرتبطة