وعلى الرغم من أنَّ الأمر يقع على عاتقك في النهاية لتقرير فيما إذا كنتَ تريد الحفاظ على علاقة غير متوازنة وغير مرضية أو تركها، فمِن الهام فهم العلامات الست التالية للأشخاص المسيطرين حتى تتمكن من الدفاع عن نفسك جيداً وتخفِّف تأثير ميولهم المتلاعبة في حياتك الخاصة.
نُقدِّم إليك فيما يلي 6 علامات للشخصية المسيطرة، والتي يجب أن تكون على علم بها:
1. يُجبرون الآخرين على تَقبُّل خططهم:
هل تَعرف شخصاً يحاول دائماً السيطرة على كلمات وسلوكات ومواقف الأشخاص من حوله؟ وهل يتصرف هذا الشخص كما لو أنَّه يمتلك الحق في معرفة أي أمر يريده عنك، بما في ذلك مكان وجودك، أو ما تفعله في لحظة معيَّنة، أو مع مَن تتحدث عَبر الإنترنت، أو أي معلومات خاصة أخرى عنك؟ وعند التخطيط للأحداث والمناسبات الخاصة، هل يتحكم هذا الشخص بالنقاشات، ويُوجِّه الخطط وفقاً لما يناسبه، ويستخف باقتراحات الآخرين، ويرفض التعاون مع أي شخص يختلف معه؟
إذا أجبتَ بنعم عن بعض الأسئلة المذكورة أعلاه؛ فهذه علامات واضحة تُؤكِّد أنَّ هذا الشخص مسيطر ويجب أن تتوخى الحذر منه.
يتردد الأشخاص المسيطرون في التفكير في أفكار بديلة، ناهيك عن العمل بحماس مع الأشخاص الذين لديهم آراء مختلفة؛ فهم يفضلون أن يتولوا المسؤولية، بغضِّ النظر عن مدى تأثير المشكلة أو عدم تأثيرها فيهم؛ فهم يمتلكون الكثير من الأساليب المتلاعبة التي لا يترددون في استخدامها عندما يقف شخص ما في طريق تحقيق مخططاتهم الشخصية.
قد تَشعر بالضغط المستمر في العلاقات طويلة الأمد مع الأشخاص المسيطرين لتلبية مطالبهم، وتَتَبُّع جدولهم الزمني، والتركيز على الأمور التي يعتقدون أنَّها هامة، فليس من المبالغة القول إنَّ هؤلاء الأشخاص يتصرفون وكأنَّهم محور الكون، مما يجعل فكرة التعامل معهم مُرهقة لأفراد عائلاتهم وأصدقائهم وزملائهم.
2. يجعلون كل شيء يعمل لصالحهم:
لا يُعدُّ الأشخاص المسيطرون أنانيين دائماً، ومع ذلك ليسوا متعاطفين أيضاً؛ وإنَّما يَظهرُ تعاطفهم على شكل امتيازات استراتيجية يستخدمونها كطريقة للحصول على ما يريدون، وينظرون عادةً إلى العلاقات بين الناس على أنَّها فرص لاكتساب المزيد من القيمة من الأشخاص المحيطين بهم، والتي يمكِن أن يكون لها تأثير في الأشخاص الذين يتفاعلون معهم.
على سبيل المثال: قد تكون إحدى علامات الشخص المسيطر إصراره على تحقيق نتائج تصب في مصلحته، ويمكِن أن يتضمن ذلك قيامه بأمور لطيفة من أجلك، ولكن يكمن وراء ذلك دافع خفي للمطالبة بأمر ما منك في وقت لاحق مقابل ما كنتَ تعتقد أنَّه مجرد تصرف لطيف أو دعم ودود.
ربما يكثرون من مديحك أو تقديم الهدايا ثمَّ يعاملونك بغضب وبطريقة سيئة إذا لم تكن تعلم بديهياً أنَّهم يتوقعون منك القيام بأمر ما من أجلهم، فنحن لا نقرأ أفكار الآخرين، لكنَّ الأشخاص المسيطرين يتصرفون كما لو أنَّ الجميع يجب أن يفكروا ويتصرفوا كما يريدون، والأشخاص الذين يسيئون التصرف معهم يعاقَبُون لفشلهم في تحقيق توقعاتهم المستحيلة.
قد يُهدَّد الشخص المسيطر بالامتناع عن دعمك إذا لم تلتزم بتحقيق مطالبه، لكنَّه يفعل ذلك بطرائق خفية تجعل الشعور بالذنب يمنعك من رؤية سلوكاته.
تتضمن بعض العبارات التي يجب الحذر منها:
- "لقد فعلتُ هذا الأمر من أجلك، ماذا تقصد بأنَّك لن تستطيع القيام بما أطلبه منك؟"
- "تذكَّر كيف ساعدتُك في هذا الأمر، لقد استغرق مني الكثير من الوقت والطاقة، لكن أعتقد أنَّك لم تُقدِّر مساعدتي لك"
- "أنا دائماً أعطيك كل ما تريد، ألن يهمك أمري أيضاً؟"
- "أنت شخص أناني جداً" أو "أنت لا تهتم بي مطلقاً".
3. ينتقدون كل شيء:
إحدى أكثر العلامات شيوعاً للشخص المسيطر هي قدرته على انتقاد كل صغيرة وكبيرة، حتى الأمور البسيطة التي تبدو غير هامة، كما هو الحال مع العديد من الصفات السامة في العلاقات، وتبدأ هذه المشكلات غالباً بصورةٍ بسيطة جداً لدرجة أنَّك قد لا تلاحظها، وفي البداية، قد تتفق مع انتقاداتهم أو على الأقل قد تتمكن من فهم وجهة نظرهم عندما يفتعلون مشكلة ما.
ومع ذلك، قد يصبح النقد حاداً ودائماً ومُربكاً أكثر للأشخاص الذين يحافظون على علاقات مع الأشخاص المسيطرين، ومن المحتمل أن تلاحظ أنَّ الأشخاص المسيطرين نادراً ما ينتقدون أموراً يقومون بها، ودائماً ما ينتقدون الآخرين، وهؤلاء الأشخاص متلاعبون لدرجة أنَّ أيَّة حجة يُقدِّمونها تبدو إلينا منطقية ومقبولة.
نُقدِّم إليك فيما يلي بعض العلامات التحذيرية للشخص المسيطر الذي ينتقد كثيراً لدرجةٍ تصل إلى الإساءة:
- انتقاد أمور فيك لا يمكِنك التحكم بها، كمظهرك أو إعاقة تعاني منها أو أسرتك.
- انتقاد اختياراتك واهتماماتك الشخصية، كمجال دراستك، أو وظيفتك، أو ملابسك، أو الموسيقى التي تفضلها، أو هواياتك، أو غيرها.
- معاقبتك على التعبير عن ضعفك من خلال التقليل من شأن الأفكار والمشاعر التي تشاركها معهم.
- مهاجمتك عندما تبدي رأياً يتعارض مع آرائهم.
4. يرفضون تقبُّل نقد الآخرين لهم:
نحن نعلم جميعاً القول المأثور: "كما تدين تُدان"، لكنَّ هذا القول لا ينطبق على الأشخاص المسيطرين والسامين؛ فهم يفضلون بشدة انتقاد الآخرين ويرفضون تلقِّي ذلك في المقابل.
على سبيل المثال: إذا كان صديقك ينتقد مظهرك الخارجي باستمرار دون أن يهتم لمشاعرك، ولكنَّه يغضب إذا علَّقتَ لمرة واحدة فقط على مظهره؛ فهناك إمكانية أن يكون لديه بعض الميول المسيطرة الخفية التي تُرِكَت دون رادع، وتذكَّر أنَّ هؤلاء الأشخاص لا يتحكمون في سلوكهم تجاه الآخرين؛ وإنَّما يحاولون جاهدين الحفاظ على سيطرتهم الكاملة على كل جانب من جوانب حياتهم، بما في ذلك نظرة الآخرين لهم.
يمكِن أن تدفعهم هذه الرغبة الجشعة نحو السيطرة إلى انتقاد أصغر الأمور، ممَّا يجعل الناس من حولهم قلقين أو خائفين من التحدث إليهم مرة أخرى في المستقبل، وعلى الرغم من أنَّهم قد يعانون مما يسمى باضطراب الحساسية للرفض (rejection sensitivity dysphoria)، إلا أنَّ هذا الأمر لا يُعفيهم من تحمُّل عواقب كلماتهم وأفعالهمؤ كما يجب عليهم السعي لطلب المساعدة المهنية لتحسين إدارة ردود أفعالهم تجاه النقد.
5. يعزلونك عن المجتمع:
لا يفعل كل الأشخاص المسيطرين ذلك، ولكن بالنسبة إلى النرجسيين المتلاعبين، فإنَّهم يجدون عزل الأشخاص اجتماعياً هو استراتيجية للحفاظ على السيطرة؛ لأنَّها طريقة فاعلة في منع الناس من فهم كم هي سامة العلاقة التي تربطهم مع شركائهم أو أفراد أسرتهم أو أصدقائهم، ومدى سوء معاملتهم لهم. فكِّر في الأمر بهذه الطريقة، وإذا لم تتحدث مع العديد من الأشخاص في حياتك، فسيكون هناك خطر أقل من أن تضر بسمعتهم من خلال الكشف عن ميولهم المُسيئة.
تمنح العزلة الاجتماعية للآخرين مزيداً من السيطرة عليك وعلى حياتك؛ حيث يصبح من الصعب الانفصال عنهم إذا لم يكن لديك وسائل تواصل صحية أخرى، ودعم شخصي يمكِنك اللجوء إليه.
لا تَحدث هذه العملية بين عشية وضحاها، كما أنَّها لا تُعَدُّ أمراً يمكِنك التعرف إليه بسهولة على أنَّه مؤذٍ ومسيء، ففي البداية، قد يبدو الأمر منطقياً، مثل مطالبتك بالتوقف عن التعامل مع أفراد الأسرة الذين تختلف معهم في القضايا الاجتماعية أو السياسية الرئيسة؛ ومع تَقدُّم العزلة الاجتماعية، قد يقترحون عليك إبعاد الأشخاص عن حياتك، لا سيَّما إذا كانوا لا يحبونهم، وذلك بغضِّ النظر عن مشاعرك تجاههم، أو يخيرونك بينهم وبين هؤلاء الأشخاص متسترين بذريعة حمايتك من أشخاص في حياتك لا يحبونهم لأيِّ سببٍ كان.
عندما يتحدث الشخص المسيطر عن نفسه، يخبرك دائماً بأنَّه البطل غير القادر على ارتكاب أي خطأ، ودائماً ما يلقي اللوم على الشخص الآخر، سواءً كنتَ أنت أم أشخاص آخرين في حياتك، وكلَّما عزلك الشخص المسيطر عن الأشخاص الداعمين الآخرين في حياتك، زاد اعتقادك بأنَّه على حق وأنَّك لستَ بحاجة إلى أصدقائك وعائلتك الآخرين عندما يكون لديك شخص مثالي مثله في حياتك.
6. يؤذونك عاطفياً:
من الصعب عليك التحكم في عواطفك، ولكن عندما يأتي شخص ويقلِّل من شأنك ومن اهتماماتك باستمرار أو يستغل شعورك بالذنب والخجل للتلاعب بك لتقول أو تفعل ما يريده هو، فقد يَصعُب عليك السيطرة على حياتك الخاصة وسلامتك العاطفية.
وتُعَدُّ الإساءة العاطفية إحدى علامات الشخصية المسيطرة التي غالباً ما نتجاهلها في العلاقات، ومع ذلك، يختلف البشر كثيراً من حيث السلبية، وليس غريباً أن يكون أحد الأشخاص في علاقة ما أكثر سلبية من الشخص الآخر، ويصبح هذا الأمر مشكلة عندما يُظهِر الشريك أو الصديق المسيطر علامات الإساءة العاطفية، والتي يمكِن أن تبدأ بطريقةٍ مهذبة ثمَّ تتحول إلى إساءة واضحة مع مرور الوقت.
فيما يلي بعض العلامات المسيئة عاطفياً التي يجب الانتباه إليها:
- رفض احتياجاتك والتقليل من شأن اهتماماتك بطرائق غير مجدية.
- إهانتك أو إذلالك سراً أو علناً.
- جعلك تشعر كما لو أنَّك لا تستطيع أبداً أن تصل إلى مستوى توقعاتهم أو أن تفعل أي شيء بطريقةٍ صحيحة؛ وذلك وفقاً لمعاييرهم الشخصية الغامضة.
- دَفعُك نحو التفكير في أنَّهم قالوا أو فعلوا أموراً لم تَحدث أبداً؛ مما يجعلك تشكك في واقعك.
أفكار أخيرة:
قد يكون من الصعب أحياناً رؤية الأمور السلبية لشخص تربطنا به علاقة ما، وقد نتجاهل من غير قصد علامات الشخص المسيطر، لا سيَّما إذا كنَّا نعرفه منذ فترة طويلة أو أنَّه شخص قريبٌ منَّا، ومع ذلك، فإنَّ إبعاد هذا النوع من الأشخاص عن حياتك هو أفضل شيء يمكِنك القيام به لنفسك؛ لذا انتبه لهذه العلامات الست للشخصية المسيطرة واتخذ إجراءات مباشرة عندما تكتشفها.
أضف تعليقاً