ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "آنجل كرنوف" (Angel Chernoff)، وتُحدِّثنا فيه عن 6 عادات بسيطة تغيِّر حياتنا للأفضل.
ذلك لأنَّ المرء يحصد نتاج ما يفعله باستمرار؛ إذ لا يكفي اكتساب المعرفة لتحقيق التنمية؛ بل يجب أن تغير تلك المعرفة الطريقة التي تقضي بها حياتك كل يوم، وهذا الأمر الذي يغفل عنه معظم الناس.
تكمن قوة العادات اليومية في أنَّك لا تلاحظ التغيير الذي تحدِثه في حياتك فوراً؛ لأنَّه يتحقق تدريجياً، بحيث تتذكَّر بعد فترة أنَّ حياتك لم تكن على هذا النحو، لذا عليك التفكير في عاداتك اليومية؛ أي الأمور البسيطة التي تفعلها يومياً؛ لأنَّها هي التي تحدد هويتك، ولأنَّ كل ما يحدث في حياتك هو نتاج هذه الأشياء البسيطة.
بصرف النظر عن ظروف حياتك الخاصة، أو تعريفك الخاص للنجاح، إلا أنَّك لا تحقق النجاح بين عشية وضحاها؛ بل تصبح ناجحاً بمرور الوقت وكنتيجةٍ لعاداتِك اليومية، ويحدث الفشل بنفس الطريقة بالطبع، فتتراكم الإخفاقات اليومية البسيطة، والتي لا تتعلم منها وتحولها إلى فرص لتطوير الذات، مؤديةً إلى فشل ذريع.
لنفترض أنَّك تطلق مشروعاً، وتفشل بسبب أمور تتجاهلها مثل:
- التحقق من الحسابات.
- إجراء الاتصالات الضرورية.
- الإصغاء لعملائك.
- الابتكار.
- القيام بالأشياء البسيطة الضرورية.
تكتشف بعد ذلك فجأة أنَّ مشروعك قد فشل تماماً، والسبب هو عاداتك اليومية، وليس حدوث كارثة غير متوقعة.
حياتك هي شأنك وحدك، ومن ثم يتحدد فشلك ونجاحك من خلال عاداتك اليومية، فحتى العادات التي قد لا تبدو هامة يمكن أن يكون لها تأثير كبير في حياتك، سواء نحو الأفضل أم الأسوأ، لذا فكِّر الآن فيما إذا كانت عاداتك تساعدك على تحقيق النجاح أم أنَّها تقودك إلى الفشل، فإذا كانت عاداتك اليومية لا تفيدك، فنقدم لك في هذا المقال بعض العادات اليومية البسيطة التي من شأنها تحسين حياتك نحو الأفضل، فتعزز كل عادة منها تدريجياً نقاط ضعفك، والتي نقصد بها السلوكات السلبية التي قد يعاني منها معظمنا، وتعوق تقدُّمنا في الحياة.
لكن اعلم أنَّ الهدف من هذا المقال هو إجراء تغييرات بسيطة ولكن جوهرية في روتينك اليومي؛ وهذا يعني أنَّك يجب أن تطبق كل واحدة من هذه العادات على حدة وتدريجياً، بحيث تُجري تغييراً واحداً في حياتك كل يوم، ومن ثمَّ يؤدي كل تغيير إلى تغييرات أخرى.
إذاً إليك فيما يأتي:
6 عادات بسيطة ستغيِّر حياتك للأفضل خلال 6 أشهر:
إليك فيما يأتي 6 عادات بسيطة ستغيِّر حياتك للأفضل خلال 6 أشهر أو أقل، ولكن يجب أن تمارسها بالتدريج:
1. غسل الأطباق فوراً:
عوِّد نفسك على غسل الأطباق بعد أن تنتهي من تناول الطعام، واغسل فنجان القهوة بعد شرب قهوة الصباح، ولا تترك أطباقاً متسخة في الحوض أو على المنضدة وتؤجل غسلها لوقت لاحق.
عندما تعتاد على غسل الطبق فور الانتهاء من الوجبة، وتثابر على هذه العادة لمدة أسبوعين؛ ستجد أنَّ حوض غسيل الأطباق يبقى نظيفاً ولاحقاً ستهتم بنظافة المطبخ بأكمله دوماً، وبعدها ستعتاد على توضيب ملابسك بعد خلعها، ومن ثم تبدأ بالقيام في بعض تمرينات المعدة كل صباح، وتبدأ بعدها بتناول طعام صحي، وهكذا دواليك.
افعل كل واحدة من هذه الأشياء على حدة، وستتعلم تدريجياً الانضباط الذاتي، ومن ثم ستتمكن من إنجاز أي مهمة تبدأ بها، ولكن كما ذكرنا، الخطوة الأولى هي غسل الأطباق بصدر رحب فور الانتهاء من الطعام.
2. كتابة يومياتك يومياً لمدة 15 دقيقة أو أقل:
يحتفظ جميع الأشخاص الناجحين بدفتر يوميات مثل الكاتبة البريطانية "جي كي رولينغ" (J.K Rowling) ومقدمة البرامج الأمريكية "أوبرا وينفري" (Oprah Winfrey)؛ فهذا يساعدهم على إجراء تغييرات إيجابية في حياتهم باستمرار؛ لأنَّ كتابة اليوميات تساعدهم على مراجعة ما قاموا به خلال اليوم، والتعلُّم من تجارب حياتهم.
إذا كنت تريد تحقيق هدف في حياتك فأنت تحتاج إلى خطة، ويومياتك هي بمنزلة خطتك لتحقيق ذلك الهدف؛ فيمكنك أن تكتب ما فعلته خلال اليوم، وما حاولت إنجازه، والأخطاء التي ارتكبتها وغير ذلك كثير؛ إنَّها بمنزلة مساحة للتفكر وتدوين الأفكار الهامة والتخطيط لأهدافك القادمة؛ إذ قلما يمارس الناس هذه العادة على الرغم من أنَّها هامة وبسيطة.
كتبتُ يومياتي في صباح هذا اليوم لمدة 15 دقيقة، فدونتُ أحداثاً جرت معي وما زلت أمتنُّ لها، كما كتبت عن أحداث ما زالت تزعجني، وبينما كدت أنتهي خطرت ببالي فكرة كتابة هذا المقال، والتي كانت فكرة رائعة؛ لأنَّني لم أكن قد قررت بعد ما الذي سأكتبه للقرُّاء.
توصلتُ أيضاً إلى بعض الأفكار الرائعة بخصوص علاقة هامة أهملتها لفترة؛ وهذا شجعني على إرسال رسالة نصية لشخص يعنيني أمره وكنت أفكِّر بالتواصل معه منذ فترة طويلة؛ وهذا أدى بنا إلى ترتيب موعد للقاء معاً.
إذاً الوقت الذي تقضيه في التفكر وكتابة اليوميات يساعدك على اكتساب مشاعر إيجابية ويقوي تركيزك، فتنشأ لديك أفكار تؤدي إلى تغيير حياتك بالتدريج؛ لأنَّك عندما تمتلك وضوحاً في التفكير والرؤية، فإنَّك تصبح قادراً على القيام بأي مهمة على أفضل وجه، وتتحسن علاقتك مع نفسك ومع الآخرين، وتتواصل معهم بشكل أكثر فاعلية، وتمتلك الحافز الحقيقي لإنجاز الأمور، وفي النهاية تتحسن حياتك بالكامل.
شاهد بالفديو: 5 طرق تجعل من تدوين اليوميات عادة مكتسبة
3. التركيز على مهمة واحدة فقط:
أجب عن الأسئلة الآتية بصدق:
- هل تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي عندما تكون في اجتماع أو عندما تقضي وقتاً مع العائلة أو الأصدقاء؟
- هل تخصص وقتاً لتناول الغداء أم أنَّك تتناوله بينما تقود السيارة أو في طريقك لمكان ما؟
- هل تشغل التلفاز حتى عندما تكون مشغولاً بعمل آخر؟
- هل ترسل رسائل نصية من حين لآخر بينما تقود سيارتك؟
أكبر نتيجة سلبية في عادة القيام بعدة أشياء في وقت واحد هي الانخفاض التدريجي في الإنتاجية والسعادة على الأمد الطويل؛ لأنَّك عندما تعتاد على تشتيت تركيزك بتعدد المهام، فإنَّك نادراً ما تتمكن من التركيز جيداً على أي منها؛ وهذا يؤدي في النهاية إلى فشلك.
إليك التشبيه الآتي لتوضيح تأثير التركيز في مهمة واحدة فقط، عندما تعكس العدسة المكبرة ضوء الشمس على مجموعة من الأوراق اليابسة، فلن يحدث أي شيء، ولو كانت الشمس تتوهج في منتصف الظهيرة ما دمت تستمر بنقل العدسة من ورقة لأخرى بسرعة، ولكن إذا وجَّهت العدسة على ورقة واحدة من هذه الأوراق، فستشتعل جميعها بالتدريج.
دورك في الحياة شبيه بدور العدسة المكبرة؛ أي يجب أن تركز على مهمة واحدة فقط دون ممارسة تعدد المهام، وعندما تفعل ذلك، فإنَّك ستنجز كثيراً من العمل، وتقترب من تحقيق أهدافك، وتتحسن علاقاتك وحياتك عموماً.
4. التخلص من الأوهام:
معظم الأشياء التي نحاول يائسين التمسك بها، كما لو كانت حقيقية وجزءاً من حياتنا ليست هي كذلك في الواقع، وحتى لو كانت حقيقية، فهي ليست ثابتة تماماً؛ بل متغيرة ومؤقتة وأحياناً هي من نسج خيالنا فحسب؛ عندما نفهم هذه الحقيقة تصبح حياتنا أسهل.
تخيَّل أنَّك معصوب العينين وتسير وسط حوض سباحة وتحاول جاهداً الوصول إلى حافة الحوض الذي تعتقد أنَّه قريب، ولكنَّه في الواقع ليس كذلك أبداً؛ إذ تصيبك محاولة الوصول إلى حافة المسبح الذي تتخيله بالتوتر والإجهاد؛ لأنَّك تحاول أن تصل لسراب غير موجود.
تخيَّل الآن أنَّك تأخذ نفساً عميقاً، وتدرك عدم وجود حافة تتمسك بها، ولا يوجد حولك سوى الماء، فإما أن تقرر الاستمرار بالتمسك بشيء غير موجود أو الاسترخاء والسماح لجسدك بأن يطفو على وجه الماء.
اطرح هذين السؤالين على نفسك:
- ما الذي تحاول يائساً التمسك به في حياتك في الوقت الحالي؟
- كيف يؤثِّر ذلك فيك؟
ثمَّ تخيل أنَّ هذا الشيء الذي تحاول التمسك به ليس موجوداً في الحقيقة، وتخيَّل نفسك تتخلى عنه وتسمح لنفسك بالاسترخاء.
5. تجنُّب محاولة تغيير ما لا يمكنك تغييره:
تستحق بعض الأمور في الحياة أن نغيرها؛ ولكن معظم الأشياء لا تستحق ذلك، وثمة حكمة تقول: "إذا كنت تريد السيطرة على الحيوانات، فضعها في مرعى أكبر"، وبهذه الطريقة تتحرك الحيوانات بحرية أكبر وتتصرف بطريقة طبيعية، وترتاح أنت من مهمة ترويضها.
تُستخدم هذه الحكمة في جلسات التأمل ليفهم الناس إلى أي مدى يمكن أن تتغير حياتهم عندما يتخلون عن الرغبة في تغيير كل شيء، ويمكن تشبيه "الحيوانات" و"المرعى الكبير" بالقدرة على التخلي عن محاولة تغيير كل شيء والسماح للأمور أن تأخذ مجراها الطبيعي؛ إذ ستسير الأمور غالباً على نحو جيد، وستحصل على ما تريده، وستشعر بالسلام الداخلي في الوقت نفسه.
تنطبق هذه الحكمة على عدة جوانب من الحياة؛ لأنَّ التخلي عن محاولة تغيير الأمور يعني أنَّها ستسير بشكل يحقق لك رغباتك، ودون بذل كثير من الجهد، وسيكون لديك مزيد من الوقت والطاقة للعمل على الأمور الهامة بالفعل والأشياء التي يمكنك التحكم فيها، مثل موقفك من أمور الحياة، فلا يعني هذا النوع من التخلي الاستسلام؛ بل يعني أنَّك تتخلى عن السعي المحموم لتغيير الناس وبعض المواقف والنتائج، وأنَّك تعيش كل يوم محاولاً تقديم أفضل ما لديك دون أن تتوقع أن تسير الحياة بطريقة معينة.
إنَّ طاقتك عندما تتخلى عن محاولة تغيير ما لا يمكنك تغييره مع رغبتك بإنجاز أمر ما هي أضعاف طاقتك عندما تتذمر من الواقع وتسعى بيأس إلى تغييره؛ إذ يحقق لك هذا الشكل من التخلي السلام الداخلي والشعور بالبهجة، وسينعكس ذلك على حياتك بالتأكيد.
6. ممارسة الامتنان قبل النوم:
يحوِّل إغفال التفاصيل الرائعة الحياة إلى مأساة مُرهقة؛ لأنَّك عندما تستمر بالقلق بشأن شيء في حياتك تتمنى الحصول عليه، فإنَّك تفقد الشعور بالسعادة التي تمنحك إياها الأشياء التي تمتلكها بالفعل، ولن تحصل على السعادة أبداً ما لم تشعر بالامتنان تجاه الأشياء التي تمتلكها بالفعل، وإليك إحدى تمرينات الامتنان التي حققت نتائج مذهلة لمئات الأشخاص الذين قدمنا لهم "الكوتشينغ" خلال السنوات الماضية: كل مساء قبل أن تخلد إلى النوم اكتب 3 أشياء سارت بشكل جيد خلال النهار مع ذكر أسبابها، ومع شرح مختصر لكل واحد من هذه الأشياء.
ينفق البشر أموالاً باهظة لشراء أحدث الأجهزة الإلكترونية، والمنازل والسيارات الفاخرة، والرحلات المكلفة، وذلك على أمل أن يشعروا بالسعادة، ولكن ممارسة الامتنان هي بديل مجاني، وتحقق نتائج رائعة.
وجد عالم النفس الشهير "مارتن سليجمان" (Martin Seligman) من خلال دراسة طلب فيها من المشاركين الالتزام بممارسة هذا التمرين لمدة أسبوع؛ أنَّه بعد مضي أسبوع ازدادت سعادة المشاركين بنسبة 2%، ولكن استمرت سعادتهم بالزيادة بشكل ملحوظ من خلال اختبارات المتابعة، بحيث أصبحوا أكثر سعادة بنسبة 5% بعد مضي شهر، وأصبحوا أسعد بنسبة 9% بعد مرور ستة أشهر، والمُدهش في الأمر أنَّه على الرغم من أنَّه طُلب من المشاركين ممارسة هذا التمرين لمدة أسبوع واحد فقط، إلا أنَّ معظمهم استمر في كتابة الأشياء التي يشعرون بالامتنان لوجودها لأنَّها أشعرتهم بالمتعة.
شخصياً بدأتُ بممارسة هذا التمرين منذ سنوات على أن أستمر به لمدة أسبوع فقط، وما زلت أمارسه إلى يومنا هذا.
شاهد بالفديو: 5 طرق للعيش بحالة من الامتنان كل يوم
في الختام:
استعادة ثقتك بنفسك هي إحدى أهم الفوائد التي تنتج من ممارسة العادات التي ذكرناها آنفاً، ففي الواقع ما كنا نفتقده أنا وزوجي قبل أن نبدأ بتطبيق هذه العادات اليومية هو الثقة في قدرتنا على تحقيق نتائج إيجابية في حياتنا، ولقد فشلنا مرات عديدة في الماضي، وكنا نشعر بخيبة الأمل من أنفسنا إلى درجة أنَّنا بدأنا لا شعورياً في تأجيل القيام بالمهام التي وعدنا أنفسنا بالقيام بها.
فقدنا بشكل أساسي ثقتنا بأنفسنا وقدراتنا؛ لأنَّنا استمرينا بالفشل، ويشبه الأمر شخص يكذب عليك باستمرار، فتفقد ثقتك فيه في نهاية المطاف، والحل في معظم الحالات هو استعادة ثقتك بنفسك، ولكن بالتدريج من خلال القيام بأشياء بسيطة، واتخاذ خطوات صغيرة من خلال هذه العادات اليومية.
صحيح أنَّ العملية تستغرق وقتاً، ولكن التحسُّن يحدث سريعاً بقدر التزامك بها، وبشكل عام هي واحدة من أهم الأشياء التي تغيِّر حياتك، والتي يمكنك القيام بها لنفسك.
أضف تعليقاً