5 مجالات يجب أن تعمل على تحسينها لتعيش حياة سعيدة

لقد شعرنا جميعنا في مرحلة ما أنَّ حياتنا خارجة عن السيطرة، وذلك شعور غريب، حين تستيقظ في الصباح ويبدو أنَّ شيئاً ما ليس على ما يرام، لكن يكاد يكون من المستحيل تحديد ما هو، فتجد نفسك تفكِّر في احتمالات مُختلفة، لعلَّها علاقاتك، أو وظيفتك، أو ربما الروتين الذي استولى على حياتك هو المشكلة.



وكلما فكَّرت بتعمُّق في الأمر ازدادت حيرتك، فلديك وظيفة جيدة وحياتك تسير جيداً، ولكنَّ شيئاً ما ليس على ما يرام، فأنت لست الوحيد؛ وهذه حالةٌ يمرُّ بها كل إنسان؛ إذ يبدو أنَّه بصرف النظر عن مقدار روعة حياتنا، وكم نحب جوانب معيَّنة منها، هناك دائماً شيء يعكِّر صفوها.

مع أنَّك قد تتَّبع خطة حياتك بحذافيرها وتحقِّق الإنجازات، فإنَّك لن تشعر بالسعادة؛ وذلك لأنَّك على الأغلب لم تحدِّد جيداً مجالات حياتك التي تبعث فيك السعادة، وهذا سبب الشعور بأنَّ الحياة خارجة عن السيطرة، حين لا نتمكَّن من تحديد وتقييم المجالات الهامَّة التي نستمدُّ منها السعادة.

نعيش بصفتنا بشراً على الحدِّ الفاصل بين القلق الشديد بشأن المستقبل والتركيز المُفرط على الوقت الحاضر؛ إذ يجب علينا الموازنة بين الاثنين، فمن ناحية، يجب علينا التخطيط والتقدُّم في أهدافنا، ومن ناحيةٍ أُخرى يجب علينا أيضاً أن نحبَّ الحياة كما هي عليه كي نشعر بالسعادة كل يوم.

ولكي تعيش كل يوم وتشعر بالامتنان، مع الاستمرار في السير قدماً والعمل على تحقيق أهدافك في الحياة، توجد طريقة يمكن لأي شخص تطبيقها في حياته.

فإذا أنشأت خطَّةً لحياتك تعالج كل مجال من هذه المجالات الخمسة، فستزيد من سعادتك وفي الوقت نفسه ستحقِّق النجاح الذي تريده: ادَّخر المال، وأقم علاقات صداقة، واسعَ إلى عيش التجارب، وتصرَّف تصرفات صحية، وتقدَّم في مجال شغفك، وبعد أن تحدِّد هدفك في كل من هذه المجالات، وتضع خطة للمضي قدماً في كل منها، عش حياتك.

1. ادِّخار المال:

راحة البال من الناحية المالية إحدى أهم جوانب الحياة السعيدة؛ وذلك لأنَّ عدم الاضطرار إلى القلق بشأن المال هو أساس يمكنك أن تبني عليه بقية ركائز سعادتك، وتصبح الحياة بالمُجمل أسهل حين لا تقلق بشأن المال.

أولاً، حدِّد هدفاً للادِّخار ثمَّ حقِّق هذا الهدف، لكن كن حذراً، يجب أن تحدِّد رقماً يتناسب مع ما تجنيه، فمن غير المعقول أن تقرِّر ادِّخار 200 ألف دولار في فترة ستة أشهر إذا كنت تجني 36 ألف دولار سنوياً؛ إذ سيؤدي ذلك إلى الفشل وستتسبَّب في ضغوطات مالية غير ضرورية على نفسك، عوضاً عن ذلك، سهِّل الأمر.

على سبيل المثال، ربما ترغب في امتلاك نقود كافية خلال فترة 12 شهراً لاستثمارها، بحيث تخصِّص هذه المدَّخرات للتقاعد والاستثمارات الأُخرى؛ لذلك، إذا كنت تكسب ما مجموعه 5 آلاف دولار شهرياً، يمكنك تقسيمها بحيث يكون إجمالي مصاريفك 2.5 ألف دولار في الشهر، ومخصَّصات الترفيه الشهرية 500 دولار، وادِّخار ألف دولار شهرياً للتقاعد والاستثمارات الأُخرى مع اقتطاع نسبة للضرائب.

طالما أنَّك قادر على الالتزام بهذه المصاريف، فلا داعي للقلق بشأن المال، وبعد ذلك يمكنك تخصيص المُدَّخرات بأي طريقة تناسبك، فربما تودِعُ بعضهم في صندوق الطوارئ، وبعضهم الآخر في استثمار، وغيرها من الأمور، وهكذا لا داعي لتقلق بشأن المال.

ويمكنك حتى التفكير أبعد من ذلك للتأكُّد من أنَّك تسير في الاتجاه الصحيح؛ على سبيل المثال، يمكن أن تقرر العثور على عمل إضافي بعد تحقيق هذا الهدف بحيث تجني مزيداً من المال وتتمكَّن من ادِّخار مبلغ أكبر شهرياً.

شاهد بالفديو: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك

2. إقامة علاقات صداقة:

ربما لاحظت أنَّك حين تمرُّ بيوم حزين، أو كلما شعرت بالإحباط أو الاكتئاب قليلاً، فالسبب على الأغلب أنَّك لم تختلط مع الآخرين، خاصةً إذا كنت تعمل من المنزل، فمع أنَّ الجدول الزمني مريح، فإنَّك ستفتقد إلى الدردشات القصيرة المُعتادة في بيئة المكتب والنشاطات الأخرى المرتبطة بالعمل في نفس المبنى مع زملاء العمل.

في هذه الحالة، من الهام جداً مقابلة الناس باستمرار والبحث عن أصدقاء جدد، فبعيداً عن المال، تكوين الصداقات هو أهم جانب من جوانب الحياة؛ وذلك لأنَّنا كائنات اجتماعية نحتاج إلى التواصل والتفاعل البشري؛ لذلك، قد يكون هذا المجال مصدرَ أكبرِ قدرٍ من السعادة في الحياة حين تعيره اهتمامك، ومصدرَ أكبرِ قدرٍ من الألم عندما تتجاهله.

توجد طريقتان لتقييم هذا الجانب، أولاً، فكِّر في الأمر على أنَّ شخصيتك هي محصِّل أنواع الأشخاص الذين تتعامل معه؛ لذا يجب أن تكون إحدى أهدافك الرئيسة دائماً رفع هذه المحصِّلة قدر الإمكان بالسعي إلى التفاعل مع أشخاص أفضل منك في مجال أو آخر، وهذا يجبرك باستمرار على تطوير نفسك.

وثانياً، تكوين الصداقات أمر سهل، وغالباً لا يتطلَّب أكثر من الوجود في فعَّالية اجتماعية؛ فمن الطبيعي أن تقابل أشخاصاً مرحين ومثيرين للاهتمام؛ لذا بصرف النظر كم تشعر بالتعب وترغب في المكوث في المنزل، ضع هدفاً للخروج على الأقل في يوم واحد من أيام الأسبوع، ويوم واحد في عطلة نهاية الأسبوع والاختلاط بالناس، فكل ما يجب أن تسعى إليه هو خوض تفاعل إيجابي.

وإذا لم يكن لديك أصدقاء بعد، أو لا أحد تعرفه يريد الخروج معك فاخرج وحدك، وقد يبدو الأمر غريباً في البداية، لكنَّك ستقابل مصادفةً بعضاً من أروع الأشخاص على الإطلاق في تلك الأوقات.

إقرأ أيضاً: أهمية الصداقة وأهم الوسائل لتكوين صداقات ناجحة

3. السعي إلى عيش التجارب:

هذا المجال تتمَّة طبيعية للسابق؛ وذلك لأنَّ تكوين صداقات وإجراء تفاعلات إيجابية مع الناس أمر بالغ الأهمية، ولكنَّ الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي ممارسة التجارب؛ لذلك كلما زادت التجارب التي تخوضها، زاد عدد الأشخاص الرائعين الذين تقابلهم.

فكِّر في الأمر، إذا كنت تريد التفاعل مع أشخاص يتركون لديك انطباعاً حسناً، فمن المنطقي المشاركة في تجارب تجدها ممتعة، فالأشخاص الذين يتشاركون نفس الاهتمامات معك سيبحثون عن نفس التجارب.

لكنَّ الموضوع أعمق من ذلك، فيجب أن نخرج من قوقعتنا الاجتماعية والتجارب الروتينية التي نعيشها لنشعر بالسعادة؛ وذلك لأنَّك عندما تعتاد على روتين سيُعمى على بصيرتك، وسيصبح من الصعب ملاحظة أي شيء جديد ومثير للاهتمام، لكن عندما تُجبر نفسك على كسر هذا الروتين، بالانتقال إلى مدينة مختلفة مثلاً، يجبرك ذلك على أن تكون متيقِّظاً أكثر وملاحظة ما يحيط بك، وهذا وحده يزيد من سعادتك؛ وذلك لوجود حافز جديد يُثير اهتمامك.

ثمَّ حين تسعى إلى اختبار مزيدٍ ومزيدٍ من التجارب، ستتعرَّف إلى مزيدٍ من الأمور التي تسمح لك بدورها بالسعي إلى مزيدٍ من التجارب التي ستعجبك، فإنَّ إبقاء ذهنك نشطاً بخوض غمار أشياء ممتعة ومثيرة للاهتمام، وخاصةً الأشياء التي لم تفعلها من قبل، هي طريقة مؤكَّدة لزيادة سعادتك.

وبالنسبة إلى التقييم، درِّب نفسك على التوق إلى تجارب جديدة، كي تسعى إليها باستمرار؛ على سبيل المثال، ابحث دائماً عن أشياء رائعة للقيام بها، وحاول التأكُّد من أنَّك تفعل شيئاً جديداً مرة واحدة على الأقل في الأسبوع.

4. التصرُّف تصرفات صحية:

تُقسم الصحة إلى الصحة الجسدية والصحة النفسية، وكل منهما تؤثر في الأُخرى.

والخطوة الأولى هي التصرف بصفتك شخصاً سليماً نفسياً، حتى إذا كنت تمر بيوم سيئ جداً، فاحرص على الابتسامة ولو ظاهرياً، وهذا طبعاً لا يعني أنَّه لا يمكنك البوح بمشاعرك لأصدقائك وعائلتك، ولكنَّه يعني أنَّه يجب عليك التصرُّف ببهجة عندما يسألك البقَّال عن يومك، وهذا أمرٌ هامٌّ جداً لسعادتك، حتى لو اضطررت إلى التظاهر بالسعادة حتى تشعر بها، وفي النهاية، بمحاولة التصرُّف على أنَّك في كامل صحتك النفسية، ستصبح كذلك.

ومن ثمَّ ستمنحك الصحة النفسية التي اكتسبتها العزيمة للتمرُّن جسدياً، أو قد يحدث العكس فتحسِّن التمرينات الجسدية صحتك النفسية، أو ربما كليهما معاً، وبصرف النظر، فإجبار نفسك على الاعتناء بصحتك النفسية والجسدية يحفِّز جسمك على ضخِّ هرمونات السعادة، فلا تتردد في قراءة المقالات عن هذا الموضوع، أو يمكنك بسهولة تجربته بنفسك، فاخرج وتمرَّن ولاحظ كيف تشعر بعد ذلك.

التصرُّف الصحي هو طريقتنا في إسعاد أجسامنا، فممارسة التمرينات ثلاثة أيام في الأسبوع على الأقل، بأي طريقة تناسبك، وإجبار نفسك على التصرف كأنَّك في قمَّة صحتك النفسية كل يوم، له نفس أهمية أي شيء آخر في الحياة.

شاهد بالفديو: 8 عادات يومية من أجل صحة قوية

5. التقدم في مجال شغفك:

الشغف هو الحافز الذي يدفعنا إلى العمل، وهو المصدر الرئيس لسعادتك، فالشخص الذي يفتقر إلى الشغف، يفتقر إلى هدف، ونحن جميعاً نحتاج إلى هدف يُشعِرنا أنَّ الحياة تستحق العناء.

ويمكن أن يكون الشغف أي شيء، فيمكن أن يكون ممارسة اليوغا، أو برمجة الكمبيوتر، أو كتابة مدونة حتى لو لم يقرأها أحد، فالشغف هو الانعكاس المادي لسعادتك الفريدة، وهو الحافز الذي يوقظك في الصباح، ويبقيك مستيقظاً حتى وقت متأخِّر من الليل وأنت تفكِّر في الاحتمالات اللانهائية.

لنحدِّد الشغف جيداً كي نتمكَّن من معرفة ما يعنيه بالنسبة إلينا؛ إذ يُعرِّف موقع "ويبستر" (Webster) الشغف على أنَّه "عاطفة قوية وبالكاد يمكن السيطرة عليها"، ووَفقاً للكاتبة "إليزابيث جيلبرت" (Elizabeth Gilbert) مؤلِّفة كتاب "طعام، وصلاة، وحب" (Eat, Pray, Love) فإنَّ الشغف هو الشيء الذي يسمح لك بعيش الحياة وطلب المزيد.

والشغف هو تتويج لسعادتك؛ وذلك لأنَّه يمنحك معنى؛ لذا للاستفادة من شغف محدَّد تعامل معه على أنَّه وظيفة، ضع جدولاً زمنياً للشغف في تقويمك كما لو كان اجتماع عمل كي تعمل عليه كل يوم، وإذا لم تجد شغفك بعد، فخصِّص وقتاً يومياً للبحث عنه في داخلك، وانظر أيضاً إلى المجالات الأربعة المذكورة آنفاً، فبتحسين كل منها، ستجد ما يناسبك، وفي النهاية ستجد شغفك.

إقرأ أيضاً: 8 أشياء يجب أن تقوم بها حتى تعيش شغف الحياة

في الختام:

الحياة هي الحياة، ليست شيئاً يجب فهمه؛ بل حقيقة يجب عيشها؛ لذا انظر إلى كل مجال من المجالات الخمسة المذكورة آنفاً للسعادة، وضع خطة لمعالجة كل منها يوماً بعد يوم، ثمَّ توقف عن القلق واستمتع بالحياة التي تملكها، فالسعادة شيء يجب تحقيقه، وهي شيء تملكه في داخلك، وكل ما يجب عليك فعله هو العثور عليه.

المصدر




مقالات مرتبطة