تدعم هذه النتيجة أيضاً أبحاثاً أخرى حول هذا الموضوع؛ إذ استُطلعت آراء الموظفين وسُئلوا عما إذا كانوا يبحثون عن وظيفة جديدة، وكانت إجابة 65% منهم "نعم". السبب الأول لرغبتهم هذه، كان القيادة السيئة؛ إذ إنَّه وفي الكثير من الأحيان لا يدعم أو يُشجع القادة السيئون موظفيهم على الأمور التي يفعلونها بشكل جيد.
يمكن أن يكلف الشركة أو المؤسسة استبدال الموظف نسبة 1.5 من راتبه السنوي؛ أي أكثر من الضعف، وعندما يكون الموظفون غير سعداء، فإنَّ احتمالية أن يكون عملاؤك غير سعداء موجودة بشكل كبير أيضاً؛ إذ إنَّها عبارة عن دورة لا نهائية تكرر نفسها مراراً وتكراراً؛ وهذا يكلِّفك نفقات غير ضرورية في تكاليف التوظيف واكتساب العملاء.
كما قد تواجهك مشكلة مكلفة إذا كان نحو ثلثي موظفيك يبحثون عن عمل في مكان آخر؛ الأمر الذي لن يكتفي بالتأثير في الأرباح فقط؛ بل وسيؤثر أيضاً في صورة علامتك التجارية.
تخسر المنظمات الكثير من الأموال عندما لا تتعرَّف وتعترف بمواهب موظفيها ونقاط القوة لديهم وتشجعهم وتدعمهم لاستثمار تلك المهارات؛ فما يريده الجميع هو أن يقوموا بالعمل الذي يؤدونه ببراعة، وأن يُعترَف بعملهم الجيد هذا ويُقدَّر. ومن خلال تصنيف موظفيك أو وضعهم في فئات أو إدارتهم إدارةً تفصيلية دقيقة أو معاملتهم كما لو كانوا سلعة يمكن الاستغناء عنها، فإنَّك تخاطر بتخفيض الإيرادات وإلحاق الضرر بعلامتك التجارية.
إذاً كيف يمكنك تقليل النفقات غير الضرورية المتمثلة في إعادة التوظيف واكتساب العملاء؟ جرِّب هذه الخطوات الخمس لتدعم موظفيك للقيام بما يفعلونه بشكل أفضل:
1. الإصغاء:
لا يمكن أن يفعل الموظفون ما يفعلونه بشكل أفضل إذا كنت لا تعرف الأمور التي يؤدونها على نحو أفضل، وهنا لا نتحدَّث فقط عما وظفتهم للقيام به، أو ما هو مكتوب في توصيفهم الوظيفي. يتمتع الموظفون بالكثير من المهارات التي يجلبونها إلى العمل وليست كلها جزءاً من توصيفهم الوظيفي.
لتعرفَ بالضبط ما هو الأمر الذي يستطيع موظفوك فعله ببراعة؛ عليك التفاعل معهم والتحدُّث إليهم، والأهم من ذلك كله أن تنصت إليهم، وعندها ستعلم: ما هي احتياجاتهم، وما هي مجموعات المهارات الإضافية التي أحضروها معهم، وما نوع التحدي الذي يرغبون فيه.
ما تحتاج إليه إذاً هو الإصغاء ثم إجراء تعديلات على كلٍّ من أسلوبك وواجباتهم بشكل مناسب، بالإضافة إلى تشجيع الأفكار والابتكار. ساعدهم على الاستفادة من جميع المهارات - غير المذكورة في الوصف - التي يمتلكونها لإحداث فارق.
شاهد بالفديو: 8 طرق بسيطة لتطوير مهارة الإصغاء
2. التواصل:
لا يمكن أن يؤدي الناس عملهم جيداً إذا لم تتواصل معهم، أو في حال شعروا بأنَّهم لا يستطيعون التواصل معك؛ فكُن منفتحاً وصادقاً وشفافاً بشأن ما يجري داخل مؤسستك، وشارك استراتيجيتك وأهدافك، ومن ثم أخبرهم ما هو الطريق الذي تريد أن تأخذه المنظمة، وقدِّم تغذية راجعة بنَّاءة، وامنح الموظفين المعلومات التي يحتاجون إليها للنجاح.
لا تدعهم يشعرون بأنَّهم كانوا مخدوعين، وكن دقيقاً؛ فإذا وعدتَ بشيء، فأوفِ به، وافهم منهم ما هو الأمر الذي يبرعون فيه وأرشدهم إلى اتِّباع الطريقة الصحيحة للقيام به ومن ثم تأدية دور في المساعدة على تحقيق النجاح.
3. إثارة التحدي:
لكي يؤدي الناس أفضل ما يستطيعون، قد يشعرون بالحاجة أو الرغبة في تجربة تحديات ومهارات جديدة لإضافتها إلى مجموعة أدواتهم، التي قد تشكِّل فرصاً للتعلُّم والنمو، ولتكييف الأهداف مع أدوار ومسؤوليات محددة وكذلك ربطها بالأولويات الاستراتيجية؛ إذ إنَّ هذه الأهداف ليست عامة؛ أي إنَّها ليست مقاساً واحداً يناسب الجميع.
اسمح بالأهداف الشخصية لكل موظف حتى يتمكَّن كلٌّ منهم من تحقيق الأشياء التي يشعرون بأنَّها ذات قيمة في حياتهم المهنية، وادعمهم ليقدموا الأفضل بمجرد أن تتمكن من معرفة الأمر الذي يشعر الموظف بأنَّه يمكنه القيام به بشكل رائع. ساعدهم ليتمكنوا من مساعدتك.
4. الدعم:
يحتاج الموظفون إلى قادة؛ لذا استلم دفة القيادة؛ إذ يشعر الناس بالحاجة إلى دعم قيادتهم ومساندتها لكي يكونوا قادرين على بذل قصارى جهدهم، فلا تتدخل وتتحكم بالتفصيلات الدقيقة، وادعم أفراد مؤسستك ولا تُلقِ اللوم عليهم في حال لم يحدث الشيء كما خُطِّط له بالضبط، ولا تُقيِّد الموظفين وتحصر إمكاناتهم أو تقف في وجه الأساليب الجديدة للقيام بالأمور. لا تسرق الفضل وتنسبه إلى نفسك إذا لم تكن الأفكار أفكارك، وابنِ الثقة ولا تُضيِّعها؛ إذ إنَّ ما يحتاج إليه الموظفون هو الشعور بالأمان والدعم من خلال تشجيعهم على الابتكار. ادعم موظفيك وسيدعمونك في المقابل.
5. المرونة:
غالباً ما تكون المرونة مطلوبة لكي يشعر الناس بأنَّهم يستطيعون بذل قصارى جهدهم من خلال تجربة الأفكار الجديدة والعمليات التي تتطلب تكيُّفاً، ومن خلال التنقل في التسلسل الهرمي الوظيفي؛ إذ إنَّ تنفيذ المهمات التي يشعر الموظفون بأنَّها من الممكن أن تُعزز النجاح يتطلب المرونة وليس الصلابة؛ إذ يمكن أن تحدث أمور عائلية أو أن تظهر أخرى صحية، ويمكن أن تطرأ أحداث قد تتطلب إعادة النظر في واجبات الوظيفة أو الدور أو الجدول الزمني المخصص لها. لذا وفِّر المرونة في مكان العمل وكن مرناً، ليس فيما يتعلق بكيفية إنجاز العمل فقط؛ بل بأن تكون متفهماً أيضاً أنَّ الأمور الحياتية اليومية تحدث ويجب التعامل معها بمرونة وتفهُّم.
أظهِر لموظفيك أنَّك تَعُدُّهم أكثر من مجرد عجلات لتسيير عربة العمل أو الانصياع لتنفيذ الأوامر، وشجِّعهم على بذل الجهد والعمل بجدٍّ في وظائفهم الحالية؛ وذلك بدلاً من بذل الجهد نفسه في البحث عن وظيفة جديدة أخرى. يمكنك تحقيق ذلك من خلال إبقاء موظفيك سعداء، وهذا الأمر هام للغاية؛ فعندما تبذل جهداً لدعم موظفيك، سيبذلون هم أيضاً جهداً لدعم عملك ونشاطك التجاري.
أضف تعليقاً