4 أخطاء ترتكبها عند طلب المساعدة

لا يقتصر طلب المساعدة فقط على ما تقوله وتفعله؛ بل يتعلَّق أيضاً بما لا تقوله ولا تفعله، وهناك أشياء محددة يمكنك قولها تؤدي إلى نتائج عكسية، وفيما يأتي 4 من أكثر الأخطاء شيوعاً التي يضر بها أصحاب النوايا الحسنة فرصهم عندما يطلبون المساعدة:



1. إخبار الشخص الآخر كم سيستمتع بتقديم المساعدة:

يصوغ بعض الأشخاص طلبهم للمساعدة بطريقة إخبارك كم ستستمتع بتقديمها لهم، على سبيل المثال: قد يقولون: "هل من الممكن أن تساعدني في طلاء غرفة المعيشة؟ يمكننا أن نتجاذب أطراف الحديث ونشرب العصير بينما نقوم بذلك، سيكون الأمر ممتعاً جداً".

أو "هل يمكنك أن تأتي وتقلَّني في سيارتك من موقف الباص؟ أنا لم أرك منذ زمن طويل، لنجعل الأمر رحلة للتسلية"، والسبب الوحيد الذي يدفع الناس إلى تلبية طلبات هؤلاء الأشخاص هو أنَّهم أصدقاء.

لا تحاول أبداً إقناع شخص ما بأنَّه سيجد مساعدتك مجزية؛ إذ في حين أنَّ تقديم المساعدة حقاً يبعث على السعادة، لكنَّ تذكير الناس بذلك يمنعهم من الشعور بها؛ وذلك لأنَّك ستبدو وكأنَّك تتحكم بهم وتمنعهم من أخذ القرارات بأنفسهم، ولا يحق لك أن تخبرهم كيف سيشعرون، فهذا أمر يقررونه بأنفسهم.

لا بأس في الإشارة إلى فوائد المساعدة بطريقة غير مباشرة، لكن يجب أن تكون حريصاً على عدم التركيز على ذلك وعدم الخلط بين الأسباب الأنانية وأسباب الإيثار؛ لأنَّ ذلك يصبح تلاعباً واضحاً.

في إحدى الدراسات، تواصلَت جهاتٌ تجمع التبرعات مع حوالي 1000 خريج جامعي لم يتبرعوا إلى كليتهم من قبل عبر البريد الإلكتروني، وتلقَّى الخريجون واحدة من ثلاث رسائل.

الرسالة الأولى مكتوبة بصيغة أنانية: "يقول الخريجون: إنَّ العطاء يجعلهم يشعرون بالرضا"، والرسالة الثانية مكتوبة بصيغة الإيثار: "العطاء هو فرصتك لإحداث تغيير في حياة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين"، والرسالة الثالثة مكتوبة بصيغة تمزج بين الصيغتَين السابقتين، ووجد الباحثون أنَّ الرسائل الأنانية والإيثارية كلاهما كان لهما فاعلية متشابهة، لكنَّ معدل الاستجابة بالتبرع لدى متلقِّي الرسالة الثالثة انخفض إلى النصف.

شاهد بالفديو: 8 نصائح لإظهار التعاطف ومراعاة الآخرين

2. التحدث عن المساعدة التي تحتاجها كأنَّها خدمة صغيرة غير هامة:

أحد الأخطاء الشائعة هي التحدث عن المساعدة التي تحتاجها كأنَّها خدمة صغيرة لا تُذكَر، والتأكيد على أنَّها لن تكون مزعجة، على سبيل المثال: يقول بعض الأشخاص: "هل يمكنك تسليم هذه العقود للعميل؟ يمكنك بسهولة المرور عليه في طريقك إلى المنزل"، أو قد يؤكدون أنَّها لن تستغرق وقتاً طويلاً، على سبيل المثال: "هل يمكنك تحديث قاعدة البيانات؟ لن يستغرق الأمر أكثر من خمس دقائق".

لكن عند تقليل قيمة طلبنا، فإنَّنا أيضاً نقلل من أهمية مساعدة الشخص الآخر، ونقلل من المشاعر الدافئة التي قد تبعثها المساعدة، إضافة إلى خطر عدم تقديرنا لحجم الخدمة التي نطلبها بشكل صحيح، خاصةً إذا كانت تتطلب قيام الشخص بعمل لا نفهمه.

على سبيل المثال: قد يتلقى المحرر أحياناً رسالة بريد إلكتروني من صديق يطلب منه إلقاء نظرة على كتاباته، ويصوغ البريد ليبدو طلبه صغيراً، مثل: "أعتقد أنَّه خالٍ من الأخطاء، لكن ربما يمكنك تدقيقه بسرعة؟ لا ينبغي أن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً"، لكن عندما يفتح المحرر الملف يجد أنَّه يحوي كتاباً أكاديمياً ضخماً.

إذا طلبتَ المساعدة بهذه الطريقة من قبل، فليس السبب هو أنَّك أناني؛ إنَّما أنت ببساطة لم تدرك الخطأ الذي ترتكبه، على سبيل المثال: ربما لم تعرف عدد ساعات العمل التي تتطلبها تلك الخدمة، ولكنَّك تُبيِّن عن غير قصد للشخص الآخر أنَّك تعتقد أنَّ العمل الذي يفعله سهل وسريع وتافه وغير متعب، وهذه ليست طريقة رائعة لطلب المساعدة.

على الأغلب أنَّك تعمل كل يوم مع أشخاص لا تفهم واجباتهم، سواء كان ذلك في تكنولوجيا المعلومات أم الموارد البشرية أم المبيعات أم التسويق، وإذا لم تفهم تماماً وظيفة شخص آخر، فلا تفترض أنَّ طلبك لن يستغرق وقتاً طويلاً في المرة القادمة التي تطلب فيها المساعدة.

إقرأ أيضاً: 4 طرق تساعدك على الاعتذار دون الشعور بأي إحراج

4. تذكير الناس بأنَّهم مدينون لك:

"هل تتذكر عندما تولَّيتَ حل مشكلة عميلك الصعبة تلك؟".

"هل تتذكر ذلك النهار حين اعتنيتَ بطفلك؟".

"هل تتذكر حين نسيتَ مفتاح المنزل فاضطررتَ إلى العودة إلى المنزل لأفتح لك الباب؟".

نظراً لأنَّ طلب المساعدة أمر صعب، فقد نميل إلى تذكير الشخص الذي نطلب منه المساعدة بأنَّنا ساعدناه في الماضي، لكنَّ هذا يسبب الإحراج، على سبيل المثال: إذا تابعنا المثال المذكور آنفاً، عندما يستلم المحرر الكتاب في صندوق بريده الوارد، قد يرغب في رفض العمل عليه، لكن قد يشعر أنَّه لا يستطيع الرفض تماماً.

لذا قد يراسل صديقه ويشرح بأدب أنَّ طلبه يحتاج حوالي 40 ساعة من العمل، ويسأله عما إذا كان هناك فصل واحد يشعر بالقلق بشأنه بالتحديد ليدققه، حينها يذكِّره صديقه بأنَّه ساعده في السابق حين دقق له مقالاته، ونظرياً قد يكون ذلك منطقياً؛ وذلك لأنَّ الصديق قدم له معروفاً، وبما أنَّهما صديقان منذ زمن، فيجب أن يرد له الجميل.

في حين أنَّ المعاملة بالمثل تزيد احتمال موافقة الناس على تقديم المساعدة، لكنَّها تُشعِرُهم أيضاً بأنَّك تتحكم بهم؛ الأمر الذي لا يترك مجالاً للشعور بالمتعة عند المساعدة، وتتطلب المعاملة بالمثل أن تكون أفعال المساعدة متساوية تقريباً، في هذه الحالة، فإنَّ تدقيق بعض المقالات المكونة من 500 كلمة مختلف تماماً عن تحرير أطروحة تاريخية مكونة من 50000 كلمة.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون العملان قريبين من بعضهما من حيث الوقت، فما لم تكن قدَّمتَ للشخص خدمة هائلة مثل إنقاذ حياته، فلن يشعر أنَّه مدين لك بأي شيء بعد 10 سنوات.

عندما تطلب من شخص رد الجميل، يجب أن تحاول استخدام أحد الأنواع المحددة للمعاملة بالمثل التي حددها علماء النفس: شخصية أو مرتبطة بالعلاقات أو جماعية، على سبيل المثال: قد يعمل المحرر بسرور على مقالات جاره الذي يعمل نجاراً ويريد نشر مقالاته في المجلة؛ وذلك لأنَّه ساعده مرات عدة، وهذا مثال على المعاملة بالمثل الشخصية، كما أنَّه يحرر مقالات زوجته، وهذا مثال على المعاملة بالمثل المرتبطة بالعلاقات، وتدقيق طلب الالتحاق بالجامعة لصديق ابنة عمه على الرغم من أنَّه لا يعرفه، وهذا مثال على المعاملة بالمثل الجماعية.

خلاصة القول، إذا كان عليك تذكير شخص ما أنَّه مدين لك، فعلى الأغلب أنَّه لا يشعر كذلك، وتذكيره أنَّه مدين لك بمعروف يجعل الشخص الآخر يشعر كما لو كنتَ تحاول التحكم به، وهذا هو ما تحاول أنت فعله في الحقيقة، وذلك التصرف ليس كريماً ولا يبعث مشاعر إيجابية، إنَّه شبيه بتناول البيتزا مع صديق، وحين يحين موعد دفع النقود يخبرك أنَّه يجب عليك دفع جزء أكبر من المبلغ لأنَّك أكلتَ كمية أكبر؛ مما يجعل الشخص الآخر يشعر كما لو أنَّك تسجل كل شيء، وذلك أمر سيئ جداً في العلاقات.

إقرأ أيضاً: كيف تحافظ على صحتك وسعادتك عبر مساعدة الآخرين؟

4. التحدث عن كم ستستفيد من مساعدتهم لك:

نعلم جميعاً أنَّه يجب علينا التعبير عن امتنانا وتقديرنا لمساعدة الآخرين، لكن غالباً ما يرتكب الكثير منا خطأ فادحاً عند القيام بذلك؛ إذ يركزون على ما يشعرون به، مثل كم هم سعداء وكم استفادوا من المساعدة، بدلاً من التركيز على الشخص الذي قدمها.

وصف الباحثون "سارة ألجوي" (Sara Algoe) و"لورا كورتز" (Laura Kurtz) و"نيكول هيلير" (Nicole Hilaire) في "جامعة نورث كارولينا" (University of North Carolina) نوعين من التعبير عن الامتنان، هما "مدح الآخر"؛ ويعني مدح شخصية أو قدرات الشخص الذي قدم المساعدة؛ أي النواحي الإيجابية من شخصيتهم والإطراء عليها، والنوع الثاني "المنفعة الشخصية"، حين يصف فيها المتلقي كم استفاد من تلقيه المساعدة.

في إحدى الدراسات، لاحظوا أنَّ الأزواج يعبرون عن الامتنان لبعضهم بعضاً باستخدام أسلوب مدح الآخر أو المنفعة الشخصية، وتتضمن أمثلة التعبير ما يأتي:

مدح الآخر: "أنت مسؤول جداً"، "تبذل جهدك"، "أنت بارع حقاً في ذلك".

المنفعة الشخصية: "تمكَّنتُ من الاسترخاء بفضل ما فعلتَه"، "كنتُ فخوراً بك جداً أمام الجميع في العمل بفضل ما فعلتَه"، "شعرتُ بالسعادة بفضل ما فعلتَه".

صنف الأشخاص الذين قدموا المساعدة كم كان الشخص الذي ساعدوه ممتناً، وكم كانوا سعداء بعد أن عبَّر لهم عن امتنانه وكم كانوا يحبونه حينها، ووجد الباحثون أنَّ أسلوب الامتنان الذي يقوم على مدح الآخر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستجابات والعواطف الإيجابية والمحبة، على عكس أسلوب امتنان المنفعة الشخصية.

هذا أمر يستحق التفكير فيه؛ لأنَّ معظمنا يخطئ في طريقة التعبير عن الامتنان، فالبشر أنانيون بطبيعتهم، ونميل إلى التحدث عن أنفسنا حتى عندما يجب أن نفكر ونتحدث عن الآخرين؛ لذا عندما نحصل على المساعدة نريد أن نتحدث عن شعورنا نحن، ونفترض أنَّ هذا هو ما يريد الشخص الذي قدمها أن يسمعه، وأنَّه ساهم في إسعادنا لذلك يريد سماع مقدار سعادتنا، لكنَّ هذا الافتراض ليس صحيحاً.

بالطبع يريد لك الشخص الذي ساعدك أن تكون سعيداً، لكنَّ الدافع لتقديم المساعدة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بهوية الشخص الذي يساعدك واحترامه لذاته، فنحن نساعد لأنَّنا نريد أن نكون أشخاصاً صالحين، وكي نرقى إلى مستوى أهدافنا وقيمنا ونحظى بالإعجاب؛ أي يريد الناس حين يساعدون الآخرين أن يروا أنفسهم بشكل إيجابي، وذلك لن يحصل حين لا تتحدث سوى عن نفسك وكأنَّ كل شيء متعلق بك، بينما يجب أن يكونوا هم محور الحديث.

المصدر




مقالات مرتبطة