وعلى الرغم من ذلك، يميل الناس في كثير من الأحيان إلى التغاضي عن أهميتها في حياتهم لأسباب عديدة، منها:
- تتطلب وتيرة الحياة المتسارعة في العصر الحديث ساعات عمل طويلة ومسؤوليات أخرى مختلفة، ونتيجةً لذلك، يعجز الناس عن تخصيص الوقت الكافي لتعزيز علاقاتهم مع الآخرين.
- لقد أفسدتنا بساطة التواصل مع الآخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ فقد شجَّعتنا على بناء مزيد من العلاقات دون الالتفات إلى نوعيتها، وأضحى من الصعب علينا العثور على الأشخاص المناسبين لنا في هذا الفضاء الرقمي الواسع.
- قد لا يدرك بعض الأفراد أهمية العلاقات الصحيحة في حياتهم، وقد يفضلون التركيز على توسيع شبكتهم المهنية بدلاً من التركيز على بناء علاقات عميقة حتى ولو كانت مع عددٍ قليل من الأشخاص؛ ففي نهاية المطاف، هذا ما يعلمنا إياه معظم خبراء النجاح.
4 أسباب لأهمية العلاقات في النجاح الشخصي والمهني:
إليك فيما يأتي 4 أسباب لأهمية العلاقات في النجاح الشخصي والمهني:
1. العلاقات تحسِّن الصحة:
في ربيع عام 2022، ظهرت موجة من المنشورات بشأن مشكلة الإحساس بالوحدة في الولايات المتحدة؛ وقد أثارت هذه المنشورات نقاشاً عن التأثير السلبي للوحدة في البشر، وقد أثبتت عدة دراسات أهمية التواصل مع الآخرين لصحتنا الجسدية والعقلية.
يقول بعض العلماء إنَّ ضرر الشعور بالوحدة يعادل تدخين 15 سيجارة يومياً، وإنَّنا نشعر بتوتر أقل عندما نحظى بدعم الآخرين، أظهرت عدة دراسات أنَّ العلاقات الوطيدة تقلل معدل الوفيات، فالأفراد الذين يتمتعون بروابط اجتماعية أفضل يعيشون مدة أطول من أولئك الذين لديهم روابط اجتماعية أقل؛ تدفع الروابط الاجتماعية الناس إلى اتخاذ موقف عقلاني تجاه الصحة، وذلك لأنَّ لديهم أشخاصاً يهتمون بهم، وهذا يشجعهم على الاعتناء بصحتهم ليكونوا بأحسن حال لأجلهم.
2. العلاقات تساعد على النمو الشخصي:
مثلما تُحفزنا العلاقات الهادفة على الاهتمام بصحتنا، فإنَّها تساعدنا على النمو الشخصي وعلى امتلاك إحساس أقوى بالذات، وعندما نتواصل مع الآخرين، نضطر إلى مواجهة قيمنا ومعتقداتنا وعواطفنا، ونتعلم كيفية تحديد احتياجاتنا ورغباتنا والتعبير عنها، وهذا يجعلنا أكثر وعياً وثقة بالنفس، ونتعلم أيضاً وضع الحدود وفرض وجودنا، وهذه مهارة حاسمة للنمو الشخصي والتطور.
إضافةً إلى ذلك، لنا أن نختار الاختلاط بالأشخاص الذين يشجعوننا على التقدم، فتصبح حياتك أسهل عندما تحيط نفسك بأشخاص لديهم نفس هدفك، ويسهل عليك تعلُّم مهارة جديدة عندما تخالط أشخاصاً يفكرون مثلك، فمن المعروف أنَّ دائرتنا الاجتماعية تؤثر في شخصيتنا، وهذا يعني أنَّنا نستطيع الارتقاء بأنفسنا بإقامة علاقات مع الأشخاص الذين نراهم قدوةً لنا.
إضافةً إلى ذلك، عند التواصل مع الآخرين، نتشجع على استكشاف العالم من حولنا، إذ تسهلُ علينا مغادرة منطقة راحتنا عندما نكون بصحبة أشخاص آخرين، فزيارة المعارض والمطاعم والمهرجانات أحلى وأبهج برفقة شخص يشاطرنا التجربة نفسها؛ فنحن نثري التجارب المشتركة عندما نناقشها مع بعضنا بعضاً في الأساس، ويؤدي الآخرون دوراً في توسيع آفاقنا ومداركنا.
3. العلاقات أهم من شبكات التعارف:
لقد شاع مفهوم شبكات التعارف منذ سنوات عديدة، وغالباً ما يُقال إنَّه مفتاحُ النجاح في أي مجال عمل ومع ذلك، فهو يقتصر على التعارف الرسمي، وتبادل بطاقات العمل، والاستفسار عن الأمور المتعلقة بالعمل؛ هذا النوع من التواصل سطحي ويتعلَّق بالمعاملات التجارية مع اهتمام قليل ببناء علاقات حقيقية.
يتطلَّب إنشاء علاقات حقيقية استثمار الوقت والجهد في التعرف إلى الآخرين على مستوى أعمق، وبناء الثقة والاحترام المتبادل، ومن الأسباب الرئيسة التي تجعل العلاقات أفضل من شبكة المعارف هو عفويتها وعظيم فائدتها على الأمد الطويل.
عندما تبني علاقة قوية مع شخص ما، فمن المرجح أن تعملا معاً بكفاءة، إذ يتسنى لكما تبادل الأفكار والموارد والخبرات، وهذا قد يؤدي إلى مزيد من الشراكات والتعاون الناجح، كما أنَّه من المرجح أن يقدمك إلى أشخاص آخرين، ويزوِّدك بالفرص، ويدعمك في تحقيق أهدافك.
4. التواصل الشخصي أهم من التواصل عبر الإنترنت:
مع أنَّ التواصل عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي يفيد في الحفاظ على الروابط، فقد أظهرت البحوث أنَّ التواصل الشخصي في الحياة الواقعية أنفع لسلامتنا وعافيتنا، فقد يؤدي الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي إلى الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية، وفي المقابل، تعزز التفاعلات الشخصية الروابط الاجتماعية وتقلل من مشاعر الوحدة.
وجدت إحدى الدراسات أنَّ الأشخاص يشعرون بتحسن عندما يتواصلون اجتماعياً سواء شخصياً أم عبر الإنترنت، ولكن ليس عندما لا يتواصلون أبداً، ومع ذلك، فإنَّ الأشخاص الذين يتواصلون اجتماعياً وجهاً لوجه يشعرون بتحسن أكبر من أولئك الذين يتواصلون عبر الإنترنت.
إضافةً إلى ذلك، يؤدي التواصل مع الآخرين شخصياً إلى إطلاق هرمون الأوكسيتوسين، وهو الهرمون الذي يعزز مشاعر الثقة والألفة؛ لذلك، من الهام إعطاء الأولوية للتفاعلات الشخصية، إضافة إلى التواصل عبر الإنترنت، فقد يشمل ذلك نشاطات مثل لقاء الأصدقاء لاحتساء القهوة أو حضور المناسبات الاجتماعية في مجتمعك، فعندما نتواصل مع الآخرين وجهاً لوجه، يمكننا تعزيز سلامتنا وعافيتنا العامة وتقوية علاقاتنا الاجتماعية.
في الختام:
العلاقات مع الآخرين مُذهلة عندما تبنيها بطريقة مدروسة وبرحابة صدر؛ فيضيف الآخرون قيمة لحياتك ويساعدونك على الارتقاء بنفسك على المستوى الشخصي والمهني، كما أنَّهم مصدر للفرح والذكريات الجميلة.
أضف تعليقاً