تحتاج الشركات -الربحية وغير الربحية- أكثر من أي وقت مضى إلى قادة يمتلكون مهارات التكيف مع ظروف العمل، ويمتلكون مهارات معرفية تساعد في تطوير أعمالها في المستقبل؛ حيث يجب أن يمتلك هؤلاء القادة أيضاً مهارات عاطفية ومهارات شخصية تسمح لهم بتعزيز العلاقات بين الفرق الرقمية متعددة الوظائف، ومساعدة القادة الشباب على النجاح في عالم دائم التغير.
لذا يجب عليك أن تُعزِّز مهاراتك وتتطور لتصبح قائداً جيداً، وفي هذا العام، عندما تقيِّم أهداف العمل السابقة وتضع أهدافاً جديدة، احرص على إعطاء الأولوية للمهام التي تجعل جهودك تتماشى مع احتياجات عملك.
شاهد بالفيديو: 8 أمور عليك معرفتها عن الأهداف
ولمساعدتك على أن تبدأ، سنقدم إليك 3 أهداف قيِّمة يمكنك تحقيقها كل يوم لكي تصبح قائداً ناجحاً لا يصعب عليه شيء:
1. المجازفة في العمل:
قد يبدو لك أنَّ المجازفة للقيام بعمل ما أمرٌ غير هادف ومخاطرة كبيرة، لكن لا تنخدع، إذ إنَّه إجراءٌ تأسيسي فعال يدفعك إلى أن تصبح قائداً أفضل. يمكن تعريف المخاطر على أنَّها المواقف التي تنطوي على التعرض لخطر أو صعوبات، ويمكن أن تظهر في مكان العمل في القدرات الجسدية أو الاجتماعية أو النفسية.
ونظراً لأنَّنا مهووسون فطرياً بتجنب الخطر، يمكننا بسهولة تسجيل المجازفة على أنَّها خطر كبير وغير ضروري القيام به، لكنَّها في الواقع تُمهِّد الطريق لتقدمك؛ حيث يعتقد عالم النفس "أبراهام ماسلو" (Abraham Maslow) أنَّ الأشخاص الذين يدركون إمكاناتهم يجعلون من المجازفة أمراً روتينياً، فهم يختارون التقدم كبديل عن الخوف المستمر.
يعني أن تكون قائداً شجاعاً تفضيل التقدم على الخوف باستمرار، وعندما تعتاد المجازفة، فإنَّك تعتاد الشعور بعدم الراحة، فتتقبله وتحاول تكييفه لمصلحتك.
قد يواجه القائد الذي لم يعتد على عدم الراحة تحديات في مكان العمل -مثل الحاجة إلى الابتكار ومراجعة أهداف الشركة، وزيادة مهارات الموظفين- مما يصعب عليه معالجتها؛ وقد يقلل من سقف طموحه لتجنب الفشل أو ينسحب ويلتزم الصمت حتى لا يشعر بالإحراج، ولكن عندما تكون معتاداً على عدم اليقين في العمل، سيكون بإمكانك مواجهة التحديات وتحفيز التغيير، ويعود ذلك بالفائدة عليك وعلى رب العمل؛ حيث ستكتشف ذاتك، وتُحسن مهاراتك، وتوسع نطاق منطقة راحتك يوماً بعد يوم؛ كما سيزيد رب العمل قدرته على اكتشاف الأخطاء والابتكار، مما سينعكس على المؤسسة ككل.
ربما لن تنجح المجازفات المهنية التي تقوم بها كل يوم؛ ففي الواقع، يجب أن تبدأ بمجازفات صغيرة؛ لأنَّها توفِّر فرصاً لاكتشاف المجهول وتفسير النتائج وتقييمها، وتساعدك في تحديد مواطن الشكوك دون التعرض لخطر كبير، كما يُتيح لك النجاح في المجازفات الصغيرة لك نجاحات أكبر تنطوي على عواقب أقل ومكافآت أكبر.
يوجد طريقتان رئيستان يمكنك من خلالهما تحقيق هدفك بخوض مجازفة واحدة كل يوم؛ حيث يمكنك تحديد ما هو الشيء الذي يشعرك بعدم الراحة واختياره للمجازفة به، أو يمكنك التخطيط لمجازفاتك كل أسبوع، وإذا كان لديك هدف كبير قد حددته لنفسك، فيمكنك القيام بمجازفات أصغر متعلقة بالهدف يمكنك اتخاذها كل يوم.
2. طرح المزيد من الأسئلة كل يوم:
يعد الفضول واحداً من أهم الصفات التي يتعين على القائد امتلاكها؛ حيث يتمحور الفضول حول الرغبة في الاستفسار عن كل شيء أو تعلُّمه، وبوجود الكثير لنتعلَّمه في أماكن العمل في أيامنا هذه، يُفضِّل أرباب العمل القادة الذين يطرحون المزيد من الأسئلة.
ربما تعتقد أنَّ هذا إجراء بسيط لا يستأهل تحويله إلى هدف في مكان العمل، لكن عليك التفكير في الأمر ملياً؛ ذلك لأنَّ عقلك مُصمم لبناء افتراضات لإسقاطها على ما تعتقد أنَّك تعرفه بالفعل.
يوجد افتراض شائع في مكان العمل وهو التفكير في أنَّ الأمور تسير بالطريقة التي تراها بها؛ بدون طرح أسئلة، قد يمنعك هذا الافتراض من اكتشاف حلول إبداعية لمشكلة أساسية.
ربما تفترض أيضاً أنَّ الأفكارَ التي تُكوِّنها تجاه زميلك في العمل حقيقية تماماً؛ ولكن إذا لم تتحقق من هذه الافتراضات، سيؤدي ذلك إلى بث روح الفرقة والشك وتعطيل التعاون بين أعضاء الفريق الواحد.
ربما تفترض أنَّك أذكى من شخص لا يشاركك وجهة نظرك، ولكن بدون البحث عن المعلومات اللازمة، قد يمنعك هذا الافتراض من أخذ وجهات نظر الآخرين في الحسبان، فلا تكتسبُ رؤية أفضل للتحديات التي تواجهها.
يعد وضع الافتراضات وسيلة للحفاظ على الطاقة الذهنية، وذلك لكونه يوفر طريقة فعالة لمعالجة البيئة التي تعيش فيها؛ لكن كي تصبح قائداً أفضل وأكثر شجاعة، سيتوجب عليك تحدي افتراضاتك المسبقة من خلال تطوير آلية لطرح الأسئلة والاستفسار عن كل ما تواجهه.
يعزز الفضول الانفتاح والإبداع والتقدم والنمو والإنجاز والتعلم، علاوة على ذلك، يمكِّنك طرح الأسئلة -للتوضيح أو الاكتشاف- من الاستفسار عن أمور كنت تتجنب السؤال عنها بسبب خوفك.
يعود الفضول في العمل بفوائد دائمة على الشركة ككل؛ وذلك لأنَّه يمكِّن الموظفين من الوعي بالضغوط الخارجية وحل المشكلات بشكلٍ إبداعي والتكيف مع الآخرين واتخاذ القرارات بشكل أفضل.
لا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة لآلية طرح الأسئلة، ولكن يجب أن تضع في حسبانك ألا تطرح الأسئلة بصوتٍ عالٍ أمام الناس، فقد يُنظر إليه كاستجواب ينم عن العدائية أو الاتهام أو التطفل في شؤون الآخرين، مما قد يُفقدك القيمة التي يمكن أن تجنيها من طرح الأسئلة عن غير قصد.
3. توطيد العلاقات الهادفة كل يوم:
تعد العلاقات الشخصية أمراً أساسياً بشكل متزايد في مكان العمل القائم على الوسائل الإلكترونية، فكم عدد المرات التي تُرسِل فيها رسالة نصية أو بريداً إلكترونياً إلى أحد زملائك في الفريق دون القلق ما إذا كنت على تواصل شخصيٍ معه أم لا؟
يساعدك إجراء اتصالات هادفة مع زملائك لتبادل الخبرات والآراء في بناء علاقات تُنمِّي الثقة والاحترام والمودة (حتى لو كان بينكم منافسة مهنية)، وقد تتضمن هذه الاتصالات عوامل الضعف أيضاً؛ فعندما تُكوِّن رابطاً مع زميلك في العمل، فإنَّك تكشف عن حاجتك إلى أن يرى الآخرون جودة ما تقدمه، ويسمعوا رأيك ويتقبلوك كما أنت، وهذا في حد ذاته شجاعة شخصية.
من ناحية أخرى، تبدو العلاقات غير المتكافئة أو القائمة على عقد صفقة مربحة لطرف واحد فقط سطحية وغير صادقة؛ ومن الهام بشكل خاص توخي الحذر عند تنفيذ هذا الهدف لضمان ألا تتحول محاولات التواصل إلى جهود فارغة لا طائل منها.
يمكن للتواصل على المستوى الشخصي أن يفيد زملاءك في الفريق الذين يتبعون أسلوب عمل تنافسي وسريع الخطى، أي أولئكَ الذين يركزون على تنفيذ المشاريع أكثر من بناء علاقات مع الآخرين، كما يمكن أن يساعد هذا النوع من الأهداف الموظفين غير المبادرين على تحديد أولويات بناء العلاقات بطريقة صادقة تُشعِرهم بالإنصاف.
يمكن أن يساعدك التواصل مع الآخرين أن تبدو شخصاً أكثر فاعلية في العلاقات وأن يعزز إيمان الناس بقدراتك، بالإضافة إلى ذلك، تساعد قدرتك على التواصل بشكل أفضل مع فريقك على تلبية احتياجاتهم والعناية بهم بشكل أفضل.
لا يعني إجراء تواصلات هادفة كل يوم أن تقضي جل وقتك في جدولة مكالمات عبر تطبيق زوم (Zoom) مع عضو آخر في الفريق للحصول على لقاء أو محادثتهم عن عطلة نهاية الأسبوع؛ فما نحتاج القيام به هو رفع مستوى المحادثات التي تُجريها بالفعل وجعلها هادفة بحيث تنم عن علاقة شخصية صادقة.
الخلاصة:
يوجد عدد لا متناهٍ من الأهداف التي يمكن تحديدها في مكان العمل ويمكنك أن تبدأ بها في الشهر أو العام المقبل، لكن يجب أن تعطي الأولوية للأهداف التي تساعدك في أن تصبح قائداً أكثر شجاعة لمواجهة التحديات المهنية من أجل تقديم قيمة لعملك ولنفسك.
عندما تفكر في وضع أهداف في مكان العمل وتعمل على تحقيقها في الأشهر القادمة، اجعل هذه الأمور الرئيسة الثلاثة في قائمة الأهداف:
- أولاً: جازف كل يوم؛ حيث يعني أن تكون قائداً شجاعاً تفضيل التقدم على الخوف باستمرار، وعندما تعتاد المجازفة، فإنَّك تعتاد الشعور بعدم الراحة، فتتقبله وتحاول تكييفه لمصلحتك.
- ثانياً: اطرح المزيد من الأسئلة كل يوم؛ فلكي تصبح قائداً أفضل وأكثر شجاعة، ستحتاج إلى تحدي افتراضاتك من خلال تطوير آلية طرح الأسئلة؛ فهي تعزز الفضول والانفتاح والإبداع والتقدم والإنجاز والتعلم.
- أخيراً: أجرِ اتصالات هادفة كل يوم؛ حيث يمكن أن يساعدك التركيز على التواصل أن تنخرط في علاقات أكثر صدقاً وتعمداً ويساعد الناس على الإيمان بقدراتك ومتابعتك باستمرار.
أضف تعليقاً