ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (Marc Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن 3 أسباب تشعرنا بأنَّ الأوان قد فات لتحقيق أهدافنا.
3 أسباب تشعرنا بأنَّ الأوان قد فات لتحقيق أهدافنا:
1. محاولة التغلب على الصعاب في بيئة غير داعمة:
إذا بقيتَ في بيئة تؤثر سلباً في نواياك الحسنة، فإنَّك ستستسلم في النهاية لتلك البيئة وتندمج بها بصرف النظر عن مدى قوتك وتصميمك وقوة إرادتك، وهو ما يدفع معظمنا إلى ارتكاب أخطاء وعثرات تغير حياتنا، فحينما نواجه صعوبة في تحقيق التقدم في بيئة غير داعمة، فإنَّنا نعتقد بأنَّ ما من خيار آخر أمامنا، وأنَّ الانتقال إلى بيئة أكثر دعماً وتشجيعاً وإن لفترات قصيرة حتى هو أمر مستحيل.
لذا بدلاً من العمل في بيئة داعمة ومشجعة تدفعنا إلى التقدم والتطور في حياتنا، نستنزف كل طاقتنا بالضغط على أنفسنا محاولين الانسجام والتكيف مع عوائق تلك البيئة غير الصحية ومشكلاتها، لنجد في النهاية أنَّ طاقتنا نفدت على الرغم من بذل قصارى جهدنا.
أهم ما عليك تذكره هو أنَّ البيئة المحيطة بك تؤثر فيك تأثيراً كبيراً، وأنَّ أفضل طريقة للاستفادة من طاقتك هي استثمارها في اختيار البيئات وتصميمها، ولا سيما تلك التي ستعمل فيها، والتي من شأنها دعم النتائج والأهداف التي تنوي تحقيقها، على سبيل المثال: إذا كنت تحاول الإقلاع عن التدخين، عليك إذاً:
- قضاء وقت أقل مع أصحابك المدخنين.
- قضاء وقت أقل في البيئات الاجتماعية التي تشجع على التدخين.
لأنَّك إن لم تنفِّذ الشرطين السابقين، فإنَّ إرادتك ستنهار وتضعُف في النهاية مهما بلغت قوتها؛ لذا عليك أن ترسم حدوداً واضحة لنفسك وتلتزم بها مهما كلفك الأمر، ومن ثم تهيئ بيئتك المحيطة كي تتمكن من تحقيق التزامك.
بعض الأمثلة الأخرى:
- إذا كنت ترغب في فقدان الوزن، فأفضل طريقة لذلك هي قضاء مزيد من الوقت في البيئات والأوساط الصحية بصحبة أشخاص يتناولون الطعام الصحي، ويمارسون الرياضة بانتظام.
- إذا أردت أن تصبح كوميدياً محترفاً، يتخذ من ذلك عملاً له، فأفضل ما يمكنك فعله هو التعرف إلى كوميديين محترفين، وعقد شراكات معهم، وتبادل الخبرات معاً، وتوجيه حياتك وبيئة عملك نحو تحقيق ذلك الهدف.
- إذا أردت تخطي العقبات والصعوبات وعيش حياة أكثر سعادة، فأفضل ما بوسعك فعله هو التواصل مع أشخاص يشاركونك الأهداف والنوايا ذاتها، وهو ما يمكن تحقيقه عبر مجموعات الدعم المحلية ومؤتمرات التنمية الذاتية أو عبر الإنترنت من خلال مجموعات الدعم أو الدورات التدريبية.
يمكِّنك الإصرار والتصميم وقوة الإرادة من التقدم بدرجة محدودة فقط؛ أما إذا كنت ترغب في إحداث تغيير هام وإيجابي وطويل الأمد في حياتك، سيتحتم عليك أيضاً تغيير بيئتك تدريجياً بناء على ذلك، وهو ما يمثِّل فعلاً أساس نمو وتطور البشر؛ وهكذا فإنَّ النمو والتطور الواعيان ينطويان على اختيارك الحازم لبيئات غنية تُثريك أو إنشائها بنفسك، والتي من شأنها أن تدفعك إلى التكيف وتطوير نفسك تدريجياً لتصبح شخصاً أفضل.
شاهد بالفيديو: 10 خطوات هامة تساعدك في تحقيق النجاح في العمل
2. الاعتقاد بأنَّ تعريف النجاح في حياتك وطريقك للوصول إليه يحدده الآخرون:
خلال سنوات نشأتي كان هناك تعريف ضمني، لكن مُتَّفق عليه بالإجماع لما يبدو عليه النجاح في عائلتي، وعلى الرغم من أنَّنا لم نناقش ذلك التعريف صراحة وعلانية، إلا أنَّه كان يُشار إليه بطريقة ضمنية خلال معظم المحادثات والقرارات المختلفة التي كانت تشملني بصورة مباشرة أو غير مباشرة؛ إذ كان جميع أفراد عائلتي الصغيرة والكبيرة ينتمون إلى إحدى المجموعتين الآتيتين:
- متعلمون وخريجو جامعات، ولديهم وظيفة مريحة براتب ثابت ضمن شركة كُبرى.
- عمال يدويون شقوا طريقهم بجد واجتهاد واستمروا بارتقاء سُلَّم المناصب في إحدى الشركات الكبرى.
كان القاسم المشترك بين المجموعتين هو الحصول على راتب ثابت من إحدى الشركات الكبرى، وقد كان ذلك تعريف النجاح المتفق عليه ضمنياً في عائلتي، وقد كنت شخصاً فاشلاً في حياتي، وما زلت كذلك وفقاً لذلك التعريف، فقد حصلتُ على شهادة جامعية، لكنَّني اخترت التنقل بالعمل بين شركات ناشئة صغيرة، وقد كانت الرواتب التي أحصل عليها منخفضة، ولم أكن مستقراً في وظيفة، لكنَّني كنت أتعلم في كل مرة.
بعد استمراري سنوات عديدة في ذلك، تركت وظيفتي اليومية وسط انهياري نتيجة تراكم المآسي والمصائب في حياتي، للتفرغ بشكل كامل لمشروع جانبي، وهو مدونة "مارك وآنجل هاك لايف" (Marc and Angel Hack Life)، التي كنتُ أنا وزوجتي "آنجل" (Angel) نطورها تدريجياً.
بالطبع كانت عائلتي تشك في مسيرتي المهنية المتطورة وقراراتي؛ لكنَّني أدركت في مرحلة ما أنَّه يتحتم عليَّ التخلي عن تعريف عائلتي للنجاح، كما تحتم علي التخلي عن أي تعريف للنجاح قد وضعه الآخرون أيضاً.
بالطبع، لم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق؛ فتعاريف النجاح التي زُرِعت في عقلي في طفولتي، والمعتقدات التي حملتها كانت متأصلة وراسخة بعمق في التقاليد والحكايات التي اعتدتها، لدرجة أنَّها أصبحت إلى حد كبير معياراً أقيِّم حياتي بناء عليه؛ لذا استغرق الأمر مني بعض الوقت لتصفية ذهني وفهم ما يعنيه النجاح بالنسبة إلي.
لا بد أنَّك ستتفهمني إلى حدٍّ معين، فلا أحد مُستَثنى من هذه الظاهرة في حياته، فحتى رواد الأعمال الأكثر خبرة والأشخاص المبدعون الذين أعرفهم، ما زالوا يقعون في فخ تصديق الفكرة المبالغ بها المتعلقة بأنَّ الشهرة والثروة رمزان للنجاح.
خلاصة القول: على الرغم من أنَّ التخلي عن تعريف الآخرين للنجاح وعدم التأثر به هو أمر صعب ويتطلب جهداً كبيراً، إلا أنَّه يحررك من قيود التبعية للآخرين، ويتيح لك التعبير الكامل عن هويتك الحقيقية؛ لذا أريد منك التفكير ملياً في هذا الأمر؛ فالآخرون لن يقبلوا الأخذ بقراراتك واختياراتك؛ لذا ما من سبب يدعوك إلى العيش وفقاً لتعريفهم للنجاح؛ فمعظمنا تبنَّى تعريفه للنجاح ومعتقداته من الناس حوله بكل بساطة، بدلاً من التفكير ملياً بما يعنيه النجاح له بصدق واعتماد تعريفه الخاص.
لقد أخبرتنا إحدى عميلاتنا في الكوتشينغ أنَّها ترغب في أن تصبح مليونيرة لاتخاذ خطوات معينة لتحقيق النجاح، لكن حينما تعمقنا أكثر في قصتها وأسبابها وتفكيرها، اتضح أنَّ معظم الأسباب التي دفعتها إلى الرغبة في أن تصبح مليونيرة لم تكن تتطلب مليون دولار لتحقيق النجاح في الواقع، وكل ما في الأمر أنَّها تربَّت على هذا الاعتقاد، وهو ما دفعها إلى الضحك حين أدركت ذلك بعد نقاشنا المطوَّل.
يسهُل التخلي عن الإيمان بتعريفات الآخرين ومعتقداتهم المختلَقة عبر فهم جوهر أهدافك وتعريفك الحقيقي الخاص للنجاح من وجهة نظرك، واعلم أنَّ المغزى ليس أنَّ أحد مقاييس النجاح أفضل أو أسوأ من الآخر؛ بل أن يتسنى لك اختيار تعريف النجاح الخاص بك وفقاً لوجهة نظرك وشروطك الخاصة، فما عليك إلا أن تدرك أنَّه كلما زاد وعيك وتروِّيك بشأن معنى النجاح بالنسبة إليك، تعززت قدرتك على متابعة طريق النجاح المناسب لك، وقلَّ شعورك بالندم في نهاية رحلتك.
3. انتظار العثور على الشغف خارج إطار أنفسنا:
تعلَّم أن تعيش كل يوم من أيامك بشغف وهدف، واعلم أنَّ كل لحظة جديرة بالاهتمام، فالشغف ليس شيئاً تعثر عليه في الحياة، بل هو شيء تمارسه، لذلك عندما تريد أن تجد الحماسة والقدرة الداخلية التي تحتاجها لتغيير وضع ما، فيجب أن تُجبر نفسك على اتخاذ خطوة إلى الأمام.
ما يزال الكثيرون منا يحاولون بيأس أن يجدوا شغفهم، معتقدين أنَّهم بذلك سيحققون لأنفسهم السعادة والحياة التي يحلمون بها، ومتناسين أنَّ الشغف ليس شئياً مفقوداً علينا البحث عنه، وإنَّما هو الإخلاص في كل عمل نقوم به صغيراً كان أم كبيراً.
عندما تعتقد أنَّ الشغف موجود خارج نفسك، فهذا يعني أنَّك تنتظر الظروف حتى تصبح مثالية ومن ثمَّ تبذل كل جهدك وطاقتك لتحقق النجاح، لكن نادراً ما تتحقق الظروف المثالية، وهذا يعني أنَّ انتظارك سيطول.
أما إذا سئمت الانتظار، وتتوق إلى أن تعيش حياتك بشغف بدءاً من اليوم، وتجري بعض التغييرات الإيجابية في حياتك، فما عليك سوى أن تشعر بالشغف تجاه الشيء الذي ستفعله لاحقاً.
لنبسِّط الأمر، فكِّر في آخر مرة أجريت فيها محادثة مع شخص عزيز عليك دون أن يتشتت انتباهك بعوامل خارجية، وآخر مرة مارست فيها الرياضة وبذلت أقصى طاقتك، وآخر مرة حاولت فيها بذل قُصارى جهدك في شيء ما.
من المحتمل، أنَّك مثل معظم الناس، تقوم بمعظم الأشياء بعزيمة واهنة، والسبب أنَّك ما زلت تنتظر العثور على شيء تصبح شغوفاً به، شيء له تأثير السحر يجعلك تحقق الحياة التي تحلم بها، لكن عليك التوقف عن الانتظار.
عندما كنت طفلاً، لطالما قالت لي جدتي: "توقف عن انتظار الفرص الأفضل، فالفرصة التي أمامك الآن هي أفضل فرصة، وتوقف عن التخطيط لإنجاز كل شيء بطريقة مثالية، واعمل على إنجازه بما هو مُتاح لديك، وتوقف عن الانتظار حتى تصبح الظروف مثالية، وابذل قُصارى جهدك لإنجاز ما ترغب به بالموارد المُتاحة أمامك، وحسِّن النتيجة لاحقاً".
جميع هذه النصائح مدعومة بأبحاث علم النفس الحديث؛ فلطالما اعتقد علماء النفس أنَّ حالتنا النفسية تؤثِّر تأثيراً مباشراً في حالتنا الفيزيولوجية، ولكن لا تؤثر حالتنا الفيزيولوجية في حالتنا النفسية، لكن، تبيَّن حديثاً أنَّ تعبيرات وجهنا، ووضعية وقوفنا مثلاً تؤثِّر بشكل مباشر في حالتنا النفسية؛ أي إنَّ الحالة النفسية والوضع الفيزيولوجي يتبادلان التأثير، وهو ما يمكنك استثماره لصالحك.
إذا أردت الشعور بمزيد من الشغف والسعادة، فوجِّه كل طاقتك ومشاعرك إلى المهمة التي تعمل عليها، ولا تنتظر حتى تُتاح لك فرص أفضل في المستقبل، بل ركِّز واستمتع بالفرصة المُتاحة أمامك في الوقت الحاضر، ولا تفكر بمهام الغد، بل وجِّه تركيزك على مهام اليوم، وامنح كل اهتمامك لعلاقاتك الحالية.
لديك بلا شك كثير مما يستحق وقتك وطاقتك، ولديك مواقف وأشخاص في حياتك يحتاجون إلى تركيزك، وأنت تمتلك مقداراً كبيراً من الشغف الذي ينتظر أن تطلق له العنان.
في الختام:
تدرَّب على الانتباه لجمال وسهولة عيش حياتك بتصميم وشغف وهدف أكبر في ظلِّ بيئة صحية.
أضف تعليقاً