10 طرق لمواجهة الاضطراب العاطفي الموسمي

كنت أشعر وكأنَّني لست على ما يرام منذ أن أُخِّرَت الساعة؛ أي ما يُعرَف بنهاية التوقيت الصيفي، ثم بدأ الأمر يتحسن تدريجياً. وعلى الرغم من أنَّ الأمر قد يبدو وكأنَّني أشتكي، إلا أنَّ لديَّ أسبابي المشروعة، بدايةً، بالنسبة إلى الكثيرين منَّا، يُعَدُّ التغيير من التوقيت الصيفي إلى التوقيت القياسي مصدر إزعاج كبير؛ ذلك لأنَّه يعطل روتيننا بشكل أساسي، لا سيَّما النوم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن "ألبيرت كوستيل" (Albert Costill) مسوِّق المحتوى في موقع "كاليندر" (Calendar)، والذي يخبرنا فيه عن تجربته في مواجهة الاضطراب العاطفي الموسمي.

يقول الطبيب "كريس وينتر" (Chris Winter)، مؤلف كتاب "حل النوم" (The Sleep Solution) ورئيس عيادة "شارلوتس فيل لطب الأعصاب وطب النوم" (Charlottesville Neurology and Sleep Medicine clinic) في "ولاية فرجينيا" (Virginia)، لشبكة "أخبار إن بي سي نيوز" (NBC News): "يُعَدُّ النوم نوعاً من الرموز لعمليات توقيت الجسم؛ إذ تعمل أجسامنا وفقاً لجدول زمني داخلي، بدءاً من إفراز الهرمون، وصولاً إلى درجة حرارة الجسم، فالإدراك، ويرتبط النوم بها جميعاً".

علاوة على ذلك، يمكن أن تتأثر أيضاً شهيتنا ومزاجنا؛ إذ وُجِد أيضاً أنَّ تغييرات التوقيت الصيفي يمكن أن تؤثر في الأداء الإدراكي؛ وهذا يؤدي إلى مزيد من الحوادث بما في ذلك حوادث السيارات وإصابات مكان العمل.

ثم بمجرد أن تعتقد أنَّك تكيفت أخيراً، تأتي الأيام القصيرة والطقس الأكثر برودة ليمثلان مشكلة أخرى، وهي "الاضطرابات العاطفية الموسمية" (seasonal affective disorder).

غالباً ما يؤدي التغيير في المواسم إلى حدوث اضطراب عاطفي موسمي (SAD)؛ إذ يبدأ غالباً أواخر الخريف، ويزداد هذا الاكتئاب الموسمي سوءاً في الشتاء، ثم ينحسر في الربيع، ويعاني منه 5% من البالغين في "الولايات المتحدة" (United States).

ومع ذلك، إنَّ الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، وفقاً لملاحظات المركز الطبي "كليفلاند كلينك" (Cleveland Clinic)، هو أكثر بكثير من مجرد "كآبة الشتاء"؛ لأنَّه يمكن أن يتداخل ويؤثر في حياتك اليومية بالطرائق الآتية:

  • الحزن والقلق.
  • عدم القدرة على التركيز.
  • التعب ونقص الطاقة.
  • كثرة النوم.
  • الرغبة الشديدة في تناول الكربوهيدرات وزيادة الوزن.
  • فقدان الاهتمام بالنشاطات المعتادة.

وعلى الرغم من ذلك، لحسن الحظ، يمكنك تخفيف أعراض الاكتئاب الموسمي والتغلب عليه عن طريق القيام بما يأتي:

1. عدم الانتظار حتى فوات الأوان (السرعة في المعالجة):

تتعرض بعض مساحة المنصة الخشبية لسطح المنزل بشكل مباشر لقطرات المطر، ويتآكل الخشب بتجاهل هذا الأمر بعض الوقت، تاركاً حفراً صغيرة، فلو كنتُ قد عالجت هذه المشكلة مسبقاً، فلن أضطر إلى استبدال اللوح أو البحث عن حل آخر لإصلاح المشكلة.

قد لا يكون ما ذكرته تشبيهاً مثالياً، إلا أنَّ المفهوم مشابه؛ بدلاً من انتظار تدخُّل الاضطراب العاطفي في حياتك، ابدأ بالاحتياطات الآن، على سبيل المثال: اكتساب هوايات جديدة تستمتع بها أو التخطيط للالتقاء مع الأصدقاء.

علاوة على ذلك، إذا كنت قد عانيت من أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD) سابقاً، فقد ترغب في تحديد موعد مع مختص الصحة العقلية؛ إذ إنَّ بإمكانه مساعدتك على تقبل وفهم أفكارك وسلوكاتك من خلال العلاج بالكلام، مثل العلاج السلوكي المعرفي، وقد يصف لك مضادات الاكتئاب في الحالات الأكثر شدة.

2. الخروج إلى الهواء الطلق:

أظهرت الأبحاث مراتٍ عدة أنَّ قضاء الوقت في الخارج هو أفضل طريقة لمحاربة الاضطراب العاطفي الموسمي؛ ذلك لأنَّ التنزه في الطبيعة يرفع المعنويات ويحسن المزاج، فضلاً عن أنَّها طريقة غير مباشرة توفِّر من خلالها الوقت لبعض تمرينات النشاط البدني.

بالطبع، لن ترغب في أن تقضي وقتك خارجاً عندما تهب الرياح وتتلبد السماء بالغيوم، لكن مع ذلك، حتى خمس دقائق فقط قد تفي بالغرض.

وفقاً لدراسة أجرتها "جامعة إسيكس" (Essex University)، كانت خمس دقائق من ممارسة بعض النشاطات والتمرينات في الطبيعة، أو الوجود في الخارج، كافية لتعزيز مزاج المشاركين واحترامهم أنفسهم، وأمَّا إذا كنت قادراً على البقاء في الخارج مدة عشر دقائق، فستحصل على بعض فيتامين (د) الذي تشتد الحاجة إليه. وبعد عشرين دقيقة، ستشعر بتوترٍ أقل.

لذا، فكِّر في الذهاب في نزهة سريعة بعد الغداء، أو حاول التخطيط لنشاطات الطقس البارد التي تجعلك تخرج، مثل التزلج أو بناء رجل ثلج مع أطفالك.

إقرأ أيضاً: فوائد الخروج وقضاء الوقت في الهواء الطلق

3. تحسين الحالة المزاجية:

يوصي المستشارون والمعالجون النفسيون ودائرة الصحة الوطنية (NHS) باستعمال صندوق ضوئي أو منبهات ومصابيح للاضطراب العاطفي الموسمي (SAD) للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب؛ إذ تشرح "ليندسي جورج" (Lindsay George) المعالجة النفسية أنَّ: "الفكرة وراء العلاج بالضوء هي إنشاء محاكاة لأشعة الشمس من خلال الجلوس أمام صندوق ضوئي خاص مدة 20-30 دقيقة يومياً؛ إذ يمكن لمستقبلات الميلانوبسين (melanopsin) في العين أن تحفز إفراز السيروتونين (serotonin) المطلوب داخل الدماغ لدورات النوم الطبيعية والشعور العام بالعافية".

4. ترتيب مكان عملك:

نحن نعلم أنَّ مساحة العمل الخاصة لها تأثير مباشر في الإنتاجية، ولكن يمكن لطريقة إعداد بيئة العمل الخاصة بك أن تساعدك أيضاً على تخفيف أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، على سبيل المثال: يمكنك نقل مكتبك ليكون بالقرب من النافذة للحصول على مزيد من الضوء الطبيعي.

إليك أيضاً بعض الاقتراحات الأخرى حول كيفية تجميل مكان عملك في الشتاء:

  • تنظيم وتنظيف بيئة عملك الخاصة للتخلص من التوتر والجراثيم الضارة.
  • إضفاء الطابع الشخصي على مكان عملك لإعطائك شعوراً أكبر بالسيطرة والتحكم والحفاظ على تركيزك.
  • إضافة بعض النباتات الحية، مثل نبات الصبَّار، لإضفاء جو الطبيعة في الداخل وتحسين مزاجك.
  • استثارة حواسك من خلال العلاج بالروائح؛ على سبيل المثال، يساعد البرتقال الحلو على تخفيف القلق، ويحسن النعناع الأداء، ويزيد إكليل الجبل من التركيز.

5. ممارسة الهوجي (Hygge):

تحول العديد من الناس على مدى السنوات العديدة الماضية، إلى ممارسة الهوجي (Hygge)، ومن السهل معرفة السبب.

نشأ هذا المفهوم الدنماركي من عاصمة السعادة في العالم، وهو يشير إلى إيجاد الراحة والمتعة والدفء في الأشياء الصغيرة في الحياة، وتشمل الأمثلة بعضاً من الآتي:

  • قراءة كتاب إلى جوار نافذة أو مدفأة.
  • الاستمتاع بالأطعمة الخفيفة والمشروبات الدافئة.
  • إظهار الامتنان.
  • ممارسة الألعاب.
  • ارتداء ملابس مريحة ودافئة.
  • تعلُّم حرفة.
  • الذهاب في نزهة مع الأصدقاء أو العائلة.

والأهم من ذلك، وفقاً لما قاله "مايك ويكينغ" (Meik Wiking) الرئيس التنفيذي لـ "معهد أبحاث السعادة" (CEO of the Happiness Research Institute) في "كوبنهاغن" (Copenhagen): "إنَّ الأمر كله يتعلق بالجو والتجربة، وليس بالأشياء، ويتعلق الأمر بالوجود مع الأشخاص الذين نحبهم، وبالشعور بالراحة والسكينة والأمان، وأنَّنا محميون من العالم الخارجي، ونسمح لأنفسنا أن نتخلى عن حذرنا".

6. ضبط النظام الغذائي:

تقول "سوزان ألبرز" (Susan Albers) الطبيبة النفسية في مركز "كليفلاند كلينك" (Cleveland Clinic): "تماماً مثلما تغير ملابسك لتتوافق مع الموسم والطقس، فقد يكون الوقت قد حان للتفكير في تحديث ما تأكله ليتماشى مع الموسم ولتمنع استسلامك للأكل العاطفي المصاحب للاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)".

إليك اقتراحات لبعض العناصر الغذائية التي يجب أن يحتويها نظامك الغذائي في الأشهر الباردة:

  • الأطعمة الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية (omega-3)، مثل سمك السلمون، والبيض، والجوز.
  • الخضروات الجذرية، مثل البطاطا الحلوة؛ لأنَّها غنية بالألياف ومليئة بالفيتامينات.
  • الحبوب والفواكه والخضروات الطازجة الغنية بالكربوهيدرات والألياف.
  • الطعام المخمر، مثل اللبن، لصحة الذهن والأمعاء.
  • الأطعمة المعززة للسيروتونين (Serotonin-boosting)، مثل الديك الرومي (turkey) والبيض وسمك السلمون والجبن.

شاهد بالفديو: أسباب الاكتئاب الشتوي وطرق علاجه

7. تغيير قصَّة الشعر:

يُعتقَد أنَّ للضوء تأثيراً في قدرتنا على الاستيقاظ، فهو يحفز أجزاءً من الدماغ عن طريق الدخول عبر الجمجمة، وهذا هو السبب في أنَّ الطيور قادرة على الاستيقاظ في وقت مبكر جداً في الصباح؛ إذ إنَّ لديها جماجم رقيقة.

لذلك، من الممكن أن يساعد قص الشعر على الحفاظ على توازن جسمك من خلال جعلك أكثر حساسية لأشعة الشمس القادمة من النوافذ، وحتى لو كان ذلك الاحتمال بعيداً، فإنَّ الحصول على قصة شعر جديدة يمكن أن يعزز ثقتك بنفسك، بالإضافة إلى ذلك، إنَّها فرصة جديدة مريحة تشعر فيها بالراحة في التواصل مع مصفف الشعر أو الحلاق.

8. تدوين الأفكار:

يمكنك تحسين حالتك المزاجية بسهولة عن طريق تدوين أفكارك، فقد تجد أنَّ هذا الإجراء سهل للغاية؛ لكنَّه طريقة فعَّالة للتخلص من الأفكار السلبية التي تثقل كاهلك.

يمكن أيضاً أن تساعدك الأفكار التي تدونها في دفتر اليومية في تحديد المشكلات الأكثر أولوية في الحياة، وتحديد أسباب الاكتئاب، وما الذي يحسن مزاجك؛ وذلك وفقاً لـ "مركز جامعة روتشستر الطبي" (the University of Rochester Medical Center) في "نيويورك" (New York).

9. الالتزام بالروتين:

كتبت "أنجيلا روث" (Angela Ruth) في مقال سابق على موقع "كاليندر" (Calendar): "ليست هناك حاجة إلى أن تكون صارماً للغاية بشأن هذا الأمر، ولكنَّ الروتين الجيد يمكن أن يساعدك على التغلب على الاكتئاب الموسمي؛ إذ يخفف الروتين من وقت الخمول، والذي يمكن أن يكون خطيراً لمن يحاول محاربة الاكتئاب، كما يساعدك هذا النظام على الحفاظ على عادات صحية، مثل اتباع نظام غذائي جيد وجدول نوم، وكلاهما أساسي لتحمُّل وإنهاء فصل الشتاء بسلام".

وعملياً، يعني هذا الالتزام بجدول نوم ثابت، وكذلك الأمر في تناول الطعام وممارسة الرياضة والعمل.

إقرأ أيضاً: تعلم من المقاهي: روتين جديد ووجهة نظر جديدة

10. تحديد أهداف واقعية:

ينصح الخبراء في "جامعة جونز هوبكنز" (Johns Hopkins) بالقول: "لا تُثقل كاهلك بالكثير من الأعباء، وقسِّم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة، وحدد الأولويات، وافعل ما يمكنك فعله قدر المستطاع".

حاول أن تكون واقعياً بشأن المدة الزمنية التي تستغرقها لبدء الشعور بالتحسن؛ إذ يضيف الخبراء: "نادراً ما يخرج الناس من الاكتئاب، ولكن يمكنهم أن يشعروا بتحسنٍ خفيف يوماً بعد يوم".

في الختام:

لا تتوقع راحة فورية إذا استعملتَ أياً من الاستراتيجيات المذكورة آنفاً، فتحلَّ بالصبر، وركِّز في الإيجابيات، ثم تذكَّر دائماً: "مهما كان الشتاء بارداً، فهناك ربيعٌ قادم".

المصدر




مقالات مرتبطة