ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة "روزيل أوملاس" (Roselle Umlas)، وتُحدِّثنا فيه عن 10 دروس حياة يجب أن يعلِّمها الآباء للأطفال.
لِحُسن الحظ، أنا أعمل في مجال التدريس، الأمر الذي ساعدني كثيراً على تربية طفلي، فاعتمدت على دراستي في علم النفس لمعرفة أهم دروس الحياة التي يحتاجها، وأستعرض فيما يأتي 10 دروس في الحياة يجب أن يعلِّمها الآباء لأطفالهم، وذلك وفقاً لعلماء النفس وخبراء تنمية الأطفال.
10 دروس في الحياة يجب أن يعلِّمها الآباء لأطفالهم
1. لا شيء في الحياة يأتي دون مقابل
سأبدأ بدرس هام جداً يهدف إلى غرس مفهوم العمل الجاد في نفوس الأطفال، ومنعهم من زيادة شعورهم بالاستحقاق، وإنَّه أمر صعب، لأنَّ الآباء يرغبون بتسهيل حياة أطفالهم، فأتذكر في سنوات طفولتي أنَّني كنتُ أكره الاضطرار إلى القيام بالأعمال المنزلية أو توفير المال لشراء لعبة، وقد أردت الحل الأسهل، لكنَّ أمي لم تسمح لي بذلك، وهذا أدى إلى خلافات بيننا، ولكنَّني أفهمها الآن تماماً.
لقد كانت أمي على حق، ويتَّفق معها خبراء تنمية الأطفال، إذ يجب أن يتعلَّم الأطفال أنَّ بذل الجهد هام في الحياة، ولا شيء يضاهي لذة كسب شيء تعبت لتحصيله، ويبني العمل الجاد الشخصية والقوة الداخلية، لذا فإنَّ امتلاك أخلاقيات عمل قوية هو من أفضل دروس الحياة التي يمكنك منحها لطفلك.
2. لا يحصل المرء دوماً على ما يريد
على الأطفال أن يتعلموا أيضاً أنَّ الحياة ليست عادلة، وأحياناً لن يحصلوا على ما يريدونه حتى لو عملوا بجد، وصحيح أنَّ الآباء لا يتحملون أن يروا أطفالهم يفشلون، أو يشعرون بالتعاسة حين لا يستطيعون الحصول على ما يريدونه، لكنَّ خيبة الأمل جزء من الحياة، وفهم ذلك يساعد الأطفال على التأقلم بصورة أفضل عندما لا تسير الأمور كما خططوا لها.
تقول الأخصائية في تنمية الطفل "بيكي لينوكس" (Becky Lennox): "يحتاج الأطفال إلى تعلم كيفية الشعور بخيبة الأمل، وتجربة هذا الشعور تحت كنف الوالدين يساعدهم على التعامل معه على الأمد الطويل، وإنَّ خيبة الأمل على أي مستوى هي عاطفة صحية وإيجابية تساعد على تشكيل النمو العاطفي والفكري والاجتماعي للطفل".
أتمنَّى أن يُطمئِن هذا قلب كل أم وأب في الأوقات التي يضطرون فيها إلى مشاهدة أطفالهم وهم في حالة حزن.
3. الرفض هام
يُعدُّ هذا درساً ثميناً في الحياة يمنح الأطفال القوة حتى مرحلة البلوغ، إذ يجب أن يتعلموا منذ نعومة أظفارهم أنَّ لديهم الحق في رفض الأشياء والمواقف التي لا تشعرهم بالراحة، ويقول عالم النفس السريري "راماني دورفاسولا" (Ramani Durvasula): "يتيح الرفض للأطفال تعلم الدفاع عن أنفسهم، فيبقون بذلك آمنين، وإنَّهم يتعلمون رفض ضغوطات الأقران لممارسة سلوكات مؤذية قد تكون محفوفة بالمخاطر، وذلك لتطوير إحساسهم بذاتهم، وتعلم التعبير عمَّا يفضلونه بصورة مناسبة".
يعزِّز الرفض ثقة الأطفال بأنفسهم وقدرتهم على وضع الحدود الشخصية، فكلمة "لا" تمكِّنهم من اتخاذ خيارات صائبة بشأن حياتهم دون الشعور بالذنب أو الاضطرار إلى شرح الأسباب، وبالنتيجة سيتعلمون أيضاً احترام الآخرين حين يرفضون أمراً طلبوه، ويحافظون على حدودهم الشخصية.
4. تقبُّل النقد
هذا الأمر صعب، نظراً لصعوبة تقبُّل النقد، حتى بالنسبة إلى البالغين، ولكن لهذا السبب بالذات يجب أن يتعلَّم الأطفال كيفية تلقِّيه، إذ إنَّ تقبُّل التغذية الراجعة والنقد هو جزء من تنمية الذكاء العاطفي، وهو بالتأكيد مهارة تؤثر في النمو الشخصي والمهني، وابدأ بتعليم طفلك ذلك من خلال إظهار السلوك غير الدفاعي، واطرَحْ عليه أسئلة مثل: "ما هو رأيك في العشاء الذي أعددته؟" وإذا كان جريئاً وأخبرك بأنَّه كان عادياً، فأظهر امتنانك على تعليقه.
يوصي معهد "فاميلي إنستيتيوت" (Family Institute) بالرد على الأطفال بعبارات مثل: "أنا أقدِّر تعليقاتك، وسأفكِّر فيما قلته وسأقرر ما عليَّ اختياره أو رفضه".
الهدف من ذلك هو أن يروا أنَّهم قادرون على التحكم بالطريقة التي ينظرون بها إلى النقد، وأنَّهم يستطيعون تقييم أية تغذية راجعة بأنفسهم، وقبول ما يناسبهم منها.
5. الاستمرار في التعلم
إذا أردت أن يشعر طفلك بالحماسة لتعلم أشياء جديدة دوماً، ويتمكن من التكيُّف مع المواقف غير المألوفة، ركِّزْ إذاً على تطوير عقلية النمو لديه، فكشفت عالمة النفس "كارول دويك" (Carol Dweck) في دراستها عن الأطفال وتوجهات التعلم، أنَّ أولئك الذين كانوا يرغبون بمواصلة التعلم على الرغم من الفشل كانوا أكثر مرونة، ومن ثم أكثر نجاحاً، فحين يحبُّ الأطفال التعلم، ويستمرون في التغلب على العقبات، سيكونون مستعدين للنجاح في العالم.
6. الحياة رحلة شخصية يخوضها المرء بوتيرته الخاصة
من أهمِّ دروس الحياة التي علينا تعليمها لأطفالنا هو أنَّ لكل منهم رحلة شخصية في الحياة، وأنَّ لهم الحق بخوضها بالوتيرة التي تناسبهم دون الاهتمام بما يفعله الآخرون، وهذا الدرس هام كي لا يقعوا في فخ مقارنة أنفسهم بالآخرين، لأنَّ هذه العادة السيئة تؤثر سلباً في احترامهم لذاتهم، ويجب أن نعلِّمهم أنَّ الحياة ليست منافسة؛ بل رحلة شخصية نحو تحقيق نجاحاتهم وسعادتهم، وما داموا يفعلون ذلك بكرامة، فسيكونون على ما يرام، وسيزداد شعورهم باحترام الذات.
7. إذا كان يجب الاختيار بين أن تكون على حق أو لطيفاً فاختر اللطف دوماً
لقد كان هذا درساً صعباً بالنسبة إلي، ناهيك عن تعليمه لطفلي، إذ من الصعب التراجع عن كلمتك إذا كنت على حق، ولكن حين يراقب الصغار تصرفاتنا، علينا أن نختار التعامل بلطف بدلاً من إثبات كوننا على حق، فلا يعني ذلك أنَّنا نريدهم أن يكونوا ضعفاء (وهو مفهوم خاطئ، لأنَّ اللطف لا يعني الضعف)؛ بل كل ما في الأمر أن نجعلهم عطوفين ومهتمين بمن حولهم، ذلك لأنَّ الدرس الذي نريدهم أن يتعلموه في النهاية هو أنَّ جودة علاقاتنا تؤثر تأثيراً كبيراً في جودة حياتنا، فالعلاقات أهم بكثير من الرضى المؤقت الناتج عن كونك على حق، وغرس هذه القيمة في نفوس أطفالك يساعدهم على اكتساب التعاطف والرحمة والحفاظ على علاقات صحية.
شاهد بالفيديو: تنمية المهارات الحياتية للطفل
8. الصدق
قد يرى الأطفال النزاهة مفهوماً معقَّداً، ولكنَّها تتعلَّق باتخاذ السلوك الصائب حتى عندما تكون وحدك ولا يراقبك أحد، ولكن تتمحور النزاهة حول أكثر من ذلك بكثير، فيتعلم الأطفال أيضاً كيفية تحمُّل المسؤولية، ويتعلمون مفهومَي العواقب والثقة، والأهم من ذلك، أنَّهم يتعلمون كيفية الحفاظ على ضمائرهم مرتاحة دوماً، حتى يناموا قريري العين دون أن تزعجهم أية معضلة أخلاقية حين يصبحون بالغين، فالتمتع بالصدق والنزاهة أمر هام جداً في عالم مليء بالخداع والخيانة.
9. القاعدة الذهبية
من الهام ذكر القاعدة الذهبية مع أي دروس في الحياة، والتي تنص على معاملة الآخرين كما تحب أن تُعامَل، وهي قاعدة تصلح لكل زمان ومكان، لأنَّها تلبِّي حاجة إنسانية أساسية، ألا وهي الاحترام، إنَّها قاعدة هامة، لأنَّها تبرز أفضل سماتنا، فمن المفترض أن نعيش معاً في وئام في المجتمع، والعمل بالقاعدة الذهبية هو ما يساعدنا على القيام بذلك.
10. الإنسان هام ولكنَّه جزء من شيء أكبر من ذاته
يبلغ أطفالنا سناً علينا فيه تركهم يتعاملون مع العالم، ونأمل أن يتصرفوا تصرفات لائقة، وأن يصبحوا أفراداً منتجين في المجتمع، ولهذا السبب من الهام تعليمهم هذين الأمرين:
أولاً: إنَّهم هامُّون، ولهم قيمة متأصلة بداخلهم، ولا يمكن لأحد أن يسلبها منهم، وثانياً: إنَّهم ينتمون إلى مجتمع وعالم أكبر منهم، لذا يجب أن تكون لهم قيمة فيه أيضاً، وأن يفهموا كيف لأفعالهم تأثير مضاعف.
في الختام
تتعلق جميع الدروس التي أتينا بذكرها في مقالتنا هذه بالموازنة بين إحساس الأطفال بأهميتهم وبين شعورهم بالمسؤولية، فإذا كان بإمكان الآباء تحقيق ذلك، فهذا يعني أنَّهم أدوا مهمتهم بنجاح، وعملوا على تربية إنسان لطيف وواثق بنفسه وقلبه مليء بالرحمة.
أضف تعليقاً