يؤدي تحمل المسؤولية إلى إخراج الذنب من الموقف ويساعد الآباء على التركيز على الخطوة التالية؛ لذا اغفر لنفسك عن هذه الأخطاء الأبوية التالية لتضمن تنحية اللوم جانباً والتسامح مع نفسك على أخطائك وتقصيرك المتصور والمضي قدماً بمنظور جديد.
1. اغفر لنفسك لأنَّك فقدت أعصابك:
سامح نفسك على فقدانها السيطرة والصراخ في وجه أطفالك بدافع الغضب أو الإحباط، فقد نشعر جميعاً بالإحباط ولدينا مشاعر سلبية تجاه أطفالنا في بعض الأحيان، ومن الطبيعي أن تشعر بالغضب أو الإحباط أو خيبة الأمل عندما لا يتصرف أطفالك بالطريقة التي تتوقعها، وبالتأكيد ليس من الممكن أن تظل هادئاً طوال الوقت.
إذا كنت مثل معظم الآباء فمن المحتمل أنَّك ترفع صوتك أو تصرخ على أطفالك بين الحين والآخر، ودعونا نواجه الأمر، الأطفال بارعون في الاستفزاز والضغط على الأعصاب، فافهم أنَّه من الطبيعي تماماً الشعور بالذنب بعد فقدان السيطرة، لكن لهذا دائماً جانب مضيء؛ إذ لديك الآن فرصة لتقديم نموذج للمسؤولية وحل المشكلات مع طفلك.
على سبيل المثال، يمكنك الاقتراب من طفلك وإبداء اعتذار صادق وتحمل مسؤولية فقدان أعصابك، كما يمكنك أيضاً إخباره كيف ستحل المشكلة بشكل أكثر فاعلية في المرة القادمة، واستغل هذه اللحظة لتعليم طفلك كيف يكون نادماً وكيف يعتذر وكيف يتحمل المسؤولية.
2. اغفر لنفسك لكونك تتعارض مع الانضباط:
جزء من عمل الوالد هو وضع قيود على أطفاله، فاعلم أنَّه من الطبيعي أن تواجه صعوبة في التوافق مع هذه الحدود والقيود أحياناً، فقد تكون متعباً أو تشعر بالإرهاق أو لست متأكداً من كيفية التعامل مع سلوك طفلك، وربما لديك طفل يحتد ويغضب عندما تضع حدوداً، وكل هذه العوامل تجعل الاتساق أكثر صعوبة.
إذا كان هذا هو الحال معك، فتذكر إذا لم ينزعج طفلك منك على الإطلاق، فمن المحتمل أنَّك لا تقوم بعملك بشكل صحيح، فعندما تضع حدوداً صحيةً لطفلك سيشعر في بعض الأحيان بالحزن أو الغضب منك، وإنَّ دورك هو وضع الحدود، ولن يكون طفلك سعيداً بها جميعاً، وهذه هي طبيعة الحدود.
لكي تصبح أفضل في الاتساق معها، اسأل نفسك بعض الأسئلة؛ ما الذي يجعلك تتعثر في المتابعة؟ وهل نسيت ما قلت إنَّك ستفعله أم أنَّك مرهق جداً بحيث لا يمكنك المتابعة؟ حدد العقبات التي تواجهك، ثم ضع خطة لمعالجتها واحدة تلو الأخرى، وقرر مسبقاً كيف ستحاسب طفلك إذا لم يحترم الحدود، وتوقع في البداية أنَّ طفلك سوف يعترض بقوة وقد يهتاج، لكن كن حازماً وستستقر الأمور على الفور.
شاهد بالفديو: 7 أخطاء تدمر الطفولة
3. لا تلم نفسك على سلوك طفلك في الأوقات الصعبة:
عندما تمر الأسرة بأوقات عصيبة، مثل الطلاق أو الانتقال أو فقدان الوظيفة أو تحدث وفاة فيها، فمن المغري أن تلوم نفسك على سلوك طفلك الحاد، أو في حال انتقل شريكك أو انفصلتما ستشعر بأنَّك يجب أن تعوِّض غيابه بطريقة ما، وفي هذه المواقف من المستحسن التنازل عن معاييرك وحدودك؛ وذلك لأنَّ طفلك يمر بوقت عصيب وتشعر أنَّه يحتاج إلى استراحة.
مهما كان وضعك تذكر أنَّ هذا جزء من الحياة؛ إذ تريد أن تكون متعاطفاً وأن تستمع لطفلك وأن تساعده إذا احتاج إليك، لكن هذا لا يعني أنَّه يجب عليك السماح له بالتصرف بشكل غير لائق، وإنَّه درس صعب للأطفال، لكن لا أحد لديه حياة مثالية، ولا يكبر أي طفل في فقاعة تحميه من الصراعات والعواطف السلبية.
بصفتنا آباء وبقدر ما نرغب في ذلك، لا يمكننا منع الصراع أو المأساة أو الخسارة ومحاولة تعويض صعوبة صراعات الحياة من خلال الإفراط في التساهل، فهو فعل خاطئ، ولا يمكنك التحكم بالأشخاص الآخرين أو العالم من حولك، لكن يمكنك التحكم بنفسك وكيف تكون أباً لطفلك، ومن الأفضل دائماً التركيز على ما يمكنك التحكم به وتذكير نفسك بأنَّك تبذل قصارى جهدك وأنَّك تفعل الشيء الكافي.
4. اغفر لنفسك لأنَّك فعلت الكثير لطفلك:
إنَّ القيام بالكثير من أجل طفلك، والمعروف أيضاً باسم فرط الدلال، وهو فخ آخر يسهل على الوالدين الوقوع فيه، فكل يوم يطلب الآباء من أطفالهم القيام بالأعمال المنزلية على سبيل المثال، ويخبرونهم مرة ثم ثلاث مرات، ومن الأسهل عليهم الاستسلام والقيام بذلك بأنفسهم، أو ربما يعاني طفلهم من صعوبة في مشروع مدرسي ويبكي ويستمر في الحديث عن مدى صعوبة الأمر، فتجد نفسك تلقائياً تساعده أو تنجزه عوضاً عنه.
افهم أنَّه من الهام عدم التدخل في إنقاذ طفلك من التحديات مهما كانت هذه التحديات، فإنَّ بذل الكثير من الجهد لمساعدة طفلك سيعطي طفلك رسالة مفادها أنَّك لا تراه قادراً بما يكفي أو ذكياً بما يكفي للقيام بذلك وحده.
لذلك في المرة القادمة التي تفكر فيها في القيام بشيء لطفلك يمكنه القيام به وحده ويجب أن يفعله وحده، فكر في كيفية توجيهه بدلاً من القيام بذلك من أجله، فلا تحرمه من فرصة تعلُّم درس هام في الحياة، لكن عندما تنزلق وتبدأ بالإفراط في العمل من أجله، سامح نفسك وحاول أن تفعل ما هو أفضل غداً.
5. سامح نفسك لفرض عقاب غير فعال:
في بعض الأحيان عندما يصاب الآباء بالإحباط بشكل مفرط فإنَّهم يصلون إلى أبعد مما ينبغي في محاولتهم إيجاد حل يجعل أطفالهم يغيرون سلوكهم على الفور، فيلجؤون إلى العقاب؛ إذ يقول معظم الآباء شيئاً مثل: "أنت معاقب مدى الحياة!"، "هذا يكفي، أنت محروم من الألعاب الإلكترونية والهاتف لمدة ثلاثة أسابيع!"، "إذا لم تنفذ طلبي الآن فسأجمع كل ألعابك وألقيها في سلة المهملات!".
لقد مرت هذه العبارات على مسمعنا أجمعين؛ ولهذا السبب "أنت معاقب مدى الحياة!" هي عبارة عن شعار كلاسيكي ودعابة عند الآباء، فعندما تقول هذا حتماً، ابدأ بمسامحة نفسك فلا وجود لوالد كامل، وبعد كل شيء نقول جميعاً أشياء لا نعنيها عندما نكون مستائين أو غاضبين؛ لذا حاول أن تتذكر هذه النصيحة في المرة القادمة "عندما تهدد أو تعاقب في لحظة ثوران، فإنَّ الأشياء التي تقول إنَّك ستفعلها غالباً ما تكون أشياء لا يمكنك تنفيذها بشكل واقعي، ومن ثمَّ فإنَّ النتيجة ليس لها أي تأثير".
ما يحدث أيضاً هو أنَّك تستخدم كلمات غير فعالة في تعليم طفلك المهارات التي يحتاجها لتغيير سلوكه، فالعقاب المفرط والتهديد في أحسن الأحوال غير فعالين؛ وذلك لأنَّك لا يمكنك فرضهما بشكل مستمر، لكن في أسوأ الأحوال يعلم طفلك أنَّ التهديدات طريقة مشروعة للتعامل مع الناس، كما أنَّ طفلك يعلم أنَّك لا تقصد ما تقوله وأنَّ كلماتك لها وقع خفيف.
إذن ماذا يجب أن تفعل؟ خذ نفساً عميقاً وتوقف عن التهديد والعقاب في خضم اللحظة، وابتعد واهدأ، وبعد ذلك يمكنك لاحقاً تحميل طفلك مسؤولية أفعاله وتحديد العواقب جيداً وبواقعية.
شاهد بالفديو: 10 خطوات ليتعلم الأطفال من أخطائهم
6. اغفر لنفسك الشعور بأنَّك لست معطاءً بشكل كافٍ:
يشعر العديد من الآباء أنَّهم غير قادرين على قضاء وقت ممتع بقدر ما يرغبون مع أطفالهم، ومن أهم الأسباب في ذلك هو هذا العالم الذي نعيش فيه، فنحن نعمل بجد لدعم عائلاتنا، والحياة الحديثة سريعة الخطى وممتلئة، لكن تذكر أنَّك شخص واحد فقط، ولا يوجد الكثير مما يمكنك القيام به في يوم واحد.
اجعل قائمة المهام والتوقعات واقعية، فقط حاول أن تحدد وقتاً للاستمتاع مع طفلك في معظم الأيام سواء كان ذلك بلعب لعبة لوحية بعد العشاء أم المساعدة على أداء الواجبات المنزلية أم تحضير الكعك معاً أم الذهاب في نزهة على الأقدام، كما يمكنك أيضاً محاولة تحديد وقت عائلي أسبوعي منتظم إذا استطعت؛ إذ تتناوبون جميعاً على اختيار نشاط عائلي بعيداً عن الهواتف والمكالمات والحواسيب وضغوطات العمل.
إضافة إلى عدم وجود وقت كافٍ، هل يمتلك أي شخص ما يكفي من المال؟ بالنسبة إلى معظمنا، لدينا دائماً فواتير يجب دفعها ونفقات تظهر بشكل غير متوقع، فالحياة مكلفة جداً، ويبدو أنَّ الآباء يتنافسون مع بعضهم بعضاً لمنح أطفالهم الأفضل؛ أفضل منزل وأفضل هاتف وأفضل ملابس وأحدث الألعاب وما إلى ذلك.
في كثير من الأحيان، سيكون لدى أفضل صديق لطفلك شيء رائع لا يمكنك تحمل شرائه لطفلك، وسيشعر طفلك بالغيرة والإهمال، وقد تشعر بالذنب لأنَّك لا تستطيع شراء الأشياء التي يمتلكها جميع أصدقاء طفلك؛ لذا يمكنك أن تختار التفكير فيما يشعر به طفلك، أو أن تحول تركيزك، واسأل نفسك "ما هو الأهم هنا؟ وماذا أريد أن يتعلم طفلي في الحياة؟".
من الهام جداً تعليم طفلك قيماً قوية، مثل العمل الجاد وتوفير المال والإنفاق الدقيق والامتنان لما لديه والعطاء للناس الأقل حظاً، وبالنظر إلى كل هذه الأشياء، هل من الهام أن يمتلك طفلك أحدث جهاز (IPhone)؟ بدلاً من تدمير نفسك في السعي إلى شراء هذا العنصر الفاخر لطفلك، لماذا لا تساعده على التفكير في بعض الطرائق لكسب المال وتوفيره لشرائه بنفسه؟ ربما إذا ساعدك على إتمام الواجبات المنزلية وحده، يمكنك مكافأة عمله الشاق بإعطائه مالاً ليدخره ويشتري به ما يريد، وحينها يتعلم المسؤولية والسعي والكسب.
في الختام:
الأطفال المثاليون والآباء المثاليون لا وجود لهم، فالأبوة والأمومة هما شيء نتعلمه أولاً بأول، فكلنا نرتكب الأخطاء، وكلنا نفعل أشياء نأسف عليها، ونحن جميعاً آباء غير كاملين، ولكنَّ الشيء العظيم هو أنَّ غداً يوم جديد ويمكنك اختيار مسامحة نفسك، فقط تعلم من أخطائك وامضِ قدماً.
أضف تعليقاً