تدخين التبغ هو إدمان جسدي وعادة نفسية في الوقت نفسه، فيؤدي النيكوتين الموجود في السجائر إلى الإدمان وإلى نشوة مؤقتة، ويؤدي تفويت جرعة النيكوتين هذه إلى ظهور أعراض الانسحاب الجسدي والرغبة الشديدة في التدخين، وبسبب تأثير النيكوتين المريح في المزاج، قد تلجأ إلى السجائر بوصفها وسيلة سريعة وموثوقة لرفع معنوياتك وتخفيف التوتر والاسترخاء؛ أو للتعامل مع الاكتئاب أو القلق أو حتى الملل، ويعني الإقلاع عن التدخين العثور على طرائق مختلفة وصحية للتعامل مع تلك المشاعر.
التدخين عادة يومية أيضاً، فقد تدخِّن مع قهوتك الصباحية، أو في أثناء الاستراحة في العمل أو المدرسة، أو في طريقك إلى المنزل في نهاية يوم حافل بالعمل، أو ربما تدخن لأنَّ أهلك أو أصدقاءك أو زملاءك يدخنون.
للإقلاع عن التدخين بنجاح، عليك معالجة الإدمان والعادات المصاحبة له، فمع الدعم المناسب وخطة للإقلاع عن التدخين، يمكن لأي مدخن التخلص من الإدمان حتى لو كان قد حاول وفشل عدة مرات من قبل.
خطتك الشخصية للإقلاع عن التدخين:
ينجح بعض المدخنين في الإقلاع عن التدخين فوراً، لكن معظم المدخنين يحتاجون إلى خطة تتناول كلاً من التحدي قصير الأمد المتمثل في التوقف عن التدخين والتحدي طويل الأمد المتمثل في الوقاية من الانتكاس؛ لذا ينبغي أن تكون الخطة مصممة حسب احتياجاتك وعادات التدخين التي تتبعها.
أولاً: أسئلة مفيدة لتحديد العلاج المناسب
حدد أي نوع من المدخنين أنت، والأوقات التي ترغب فيها بالتدخين، وسبب ذلك، فيساعدك هذا على تحديد النصائح أو التقنيات أو العلاجات المناسبة لك.
- هل أنت مدخن شره؟ (تدخن أكثر من علبة في اليوم)؟ أم أنَّك تدخن في المناسبات الاجتماعية فقط؟ هل تكفيك جرعة نيكوتين صغيرة؟
- هل ثمة نشاطات أو أماكن أو أشخاص معينين تشجعك على التدخين؟ هل تشعر بالحاجة إلى التدخين بعد كل وجبة أم عند الاستراحة لشرب القهوة؟
- هل تدخن عندما تشعر بالتوتر أو الإحباط؟ أم أنَّ عادة التدخين لديك مرتبطة بعادات إدمان أخرى، مثل الكحول أو لعب القمار؟
ثانياً: استراتيجيات الإقلاع عن التدخين
1. تحديد موعد الإقلاع عن التدخين:
اختر موعداً في الأسبوعين المقبلين حتى يكون لديك ما يكفي من الوقت للاستعداد دون أن تفقد حافزك للإقلاع عن التدخين، فإذا كنت تدخن كثيراً في العمل، فأقلع عن التدخين في عطلة نهاية الأسبوع، بحيث يكون لديك بضعة أيام للتكيف مع التغيير.
2. إخبار الآخرين برغبتك في الإقلاع عن التدخين:
أخبر أصدقاءك وعائلتك بخطتك للإقلاع عن التدخين واطلب دعمهم وتشجيعهم، وابحث عن صديق يريد الإقلاع عن التدخين أيضاً لكي يساعد كل منكما الآخر على اجتياز الأوقات العصيبة.
3. الاستعداد لمواجهة التحديات:
يعود معظم المدخنين إلى التدخين في الأشهر الثلاثة الأولى، فيمكنك مساعدة نفسك على اجتياز هذه المرحلة بالاستعداد مقدماً للتحديات الشائعة، مثل نقص نسبة النيكوتين في الجسم والرغبة الشديدة في التدخين.
4. التخلص من السجائر:
تخلَّص من جميع السجائر ومنافض السجائر وأعواد الثقاب والولاعات، واغسل ملابسك وأي شيء تفوح منه رائحة الدخان، واغسل سيارتك، ونظف الستائر والسجاد، وعطِّر المنزل.
5. مراجعة الطبيب:
يمكن لطبيبك أن يصف دواءً للمساعدة في أعراض الانسحاب، أو يمكنك الحصول على العديد من المنتجات المتاحة دون وصفة طبية في الصيدلية المحلية، ومن ذلك لصقات النيكوتين وأقراص الاستحلاب والعلكة.
شاهد بالفديو: كيف تتصرّف إذا اكتشفت أنّ ابنك مدمن على التدخين؟
تحديد محفزات التدخين:
أحد أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها لمساعدة نفسك على الإقلاع عن التدخين هو تحديد الأشياء التي تجعلك ترغب في التدخين، ومن ذلك الظروف والنشاطات والمشاعر والأشخاص.
1. تخصيص مفكرة للتدخين:
قد تساعدك هذه المفكرة على التركيز على أنماطك ومحفزاتك؛ لذا قبل موعد الإقلاع عن التدخين بأسبوع، اكتب في مفكرتك الملاحظات التي تتعلق بهذه الأسئلة:
- في أي وقت شعرت برغبة في التدخين؟
- ما مدى شدة الرغبة (على مقياس من 1 إلى 10)؟
- ماذا كنت تفعل؟
- مع من كنت؟
- كيف كان شعورك؟
- كيف كان شعورك بعد التدخين؟
2. هل تدخن للتخفيف من المشاعر البغيضة؟
يدخن كثير منا للتخلص من المشاعر البغيضة مثل التوتر والاكتئاب والشعور بالوحدة والقلق، فعندما تمر بيوم سيئ، قد يبدو الأمر كأنَّ السجائر هي ملاذك الوحيد، وعلى الرغم من الراحة التي توفرها السجائر، ثمة طرائق مفيدة وناجحة للتحكم في المشاعر البغيضة، مثل: ممارسة الرياضة، والتأمل، واستراتيجيات الاسترخاء، وتمرينات التنفس البسيطة.
يريد معظم المدخنين العثور على طرائق بديلة للتعامل مع هذه المشاعر البغيضة دون اللجوء إلى السجائر، وحتى لو لم تعد السجائر جزءاً من حياتك، فإنَّ المشاعر المؤلمة والبغيضة التي دفعتك إلى التدخين في الماضي ما تزال موجودة؛ لذا يجدر بك التفكير في كيفية التعامل مع المواقف العصيبة والمضايقات اليومية التي عادةً ما تجعلك ترغب في التدخين.
3. المحفزات الشائعة:
المدخنون الآخرون:
عندما يدخن الأصدقاء وأفراد العائلة وزملاء العمل من حولك، قد يكون من الصعب جداً الإقلاع عن التدخين أو تجنب الانتكاس؛ لذا أعلن عن قرارك بالإقلاع عن التدخين حتى يعرف الناس أنَّهم لن يتمكنوا من التدخين عندما تكون معهم في السيارة أو في أثناء الاستراحة، وابحث في مكان عملك عن أشخاص غير مدخنين لقضاء فترات استراحة معهم، أو ابحث عن أشياء أخرى يمكنك القيام بها، مثل المشي.
بعد تناول وجبات الطعام:
يدخن معظم المدخنين بعد وجبات الطعام مباشرة، ومن الصعب التخلي عن هذه العادة، ومع ذلك، يمكنك محاولة استبدال تلك اللحظة بعد الوجبة بشيء آخر، مثل قطعة من الفاكهة، أو حلوى صحية، أو قطعة من الشوكولاتة، أو العلكة.
التعامل مع أعراض نقص النيكوتين:
بمجرد التوقف عن التدخين، من المحتمل أن تواجه عدداً من الأعراض الجسدية عندما تنقص نسبة النيكوتين في جسمك، فينقص النيكوتين بسرعة، وعادةً ما يبدأ في غضون ساعة من تدخين آخر سيجارة ويصل إلى ذروته بعد يومين إلى ثلاثة أيام، ويمكن أن تستمر أعراض نقص النيكوتين بضعة أيام إلى عدة أسابيع وتختلف من شخص لآخر.
تشمل أعراض نقص النيكوتين الشائعة ما يأتي:
- الرغبة الشديدة في التدخين.
- التهيج أو الإحباط أو الغضب.
- القلق أو العصبية.
- صعوبة في التركيز.
- زيادة الشهية.
- الصداع.
- الأرق.
- الارتعاش.
- زيادة السعال.
- التعب.
- الإمساك أو اضطراب المعدة.
- الكآبة.
- انخفاض معدل ضربات القلب.
على الرغم من أنَّ هذه الأعراض مزعجة، فمن الهام أن تعلم أنَّها مؤقتة، وأنَّك ستتحسن في غضون أسابيع قليلة بعد طرد السموم من الجسم، وفي هذه الأثناء، أخبر أصدقاءك وعائلتك أنَّك لن تكون على طبيعتك المعتادة واطلب تفهمهم.
ضبط الرغبة الشديدة في التدخين:
على الرغم من أنَّ تجنُّب محفزات التدخين يساعد على تقليل رغبتك في التدخين، فإنَّك ربما لا تستطيع تجنب الرغبة الشديدة في التدخين تماماً، ولحسن الحظ، لا تدوم هذه الرغبة طويلاً، إذ تستمر عادة نحو 5 أو 10 دقائق، فإذا رغبت في التدخين، ذكِّر نفسك بأنَّ هذه الرغبة ستمر قريباً وحاول الانتظار حتى تنتهي، وعليك وضع استراتيجيات مقدماً للتعامل مع الرغبة الشديدة، مثل:
1. إلهاء نفسك:
اغسل الأطباق، أو شاهد التلفاز، أو استحم، أو اتصل بصديق، أو مارس أي نشاط يصرف ذهنك عن التدخين.
2. تذكير نفسك بالسبب الذي دفعك للإقلاع عن التدخين:
ركِّز على أسباب الإقلاع عن التدخين، ومن ذلك الفوائد الصحية (تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب وسرطان الرئة، على سبيل المثال)، وتحسين المظهر، والمال الذي توفره، وتعزيز احترام الذات.
3. الابتعاد عن المواقف المغرية:
قد يكون المكان الذي أنت فيه أو ما تفعله هو ما يثير الرغبة الشديدة، فإذا كان الأمر كذلك، فإنَّ تغيير المكان يفيدك كثيراً.
4. مكافأة نفسك:
كلما تغلبت على الرغبة في التدخين، امنح نفسك مكافأة لتبقى متحفزاً.
نصائح للتعامل مع الرغبة الشديدة في التدخين في اللحظة الحالية:
1. اعثر على بديل تتناوله:
عندما تشعر بالرغبة الشديدة في التدخين، تناول أقراص النعناع أو الجزر أو العلكة أو بذور عباد الشمس؛ أو اشرب العصير باستخدام مصاصة.
2. اشغل نفسك:
اقرأ كتاباً أو مجلة، أو استمع إلى الموسيقى التي تحبها، أو حل الكلمات المتقاطعة أو مارس إحدى الألعاب عبر الإنترنت.
3. اشغل يديك:
تعد كرات الضغط أو أقلام الرصاص أو مشابك الورق بدائل جيدة لتلبية تلك الحاجة إلى التحفيز اللمسي.
4. نظف أسنانك:
تساعدك نظافة الفم على التخلص من الرغبة الشديدة في التدخين.
5. اشرب الماء:
اشرب كوباً كبيراً من الماء ببطء، فيساعدك هذا على التخلص من الرغبة الشديدة وعلى تقليل أعراض نقص النيكوتين.
شاهد بالفديو: أضرار قلّة شرب الماء
6. أشعل شيئاً آخر:
بدلاً من إشعال سيجارة، أشعل شمعة أو بعض البخور.
7. كن نشيطاً:
اذهب للنزهة، أو مارس الرياضة أو اليوغا، أو اركض حول المبنى.
8. حاول الاسترخاء:
افعل شيئاً يهدئك، مثل الاستحمام بماءٍ دافئ، أو التأمل، أو قراءة كتاب، أو ممارسة تمرينات التنفس العميق.
9. اذهب إلى مكان لا يسمح فيه بالتدخين:
اذهب إلى مبنى عام، أو متجر، أو مركز تجاري، أو مقهى، أو صالة سينما، على سبيل المثال.
في الختام:
لقد تحدَّثنا في هذا الجزء عن بعض النصائح والاستراتيجيات للإقلاع عن التدخين، وسنقدم نصائح واستراتيجيات أخرى في الجزء الثاني الثاني والأخير.
أضف تعليقاً