على الرغم من وجود بعض القيمة لاستعادة ذكريات الماضي بشكل إيجابي، يجد بعض الناس أنَّهم يعانون من الشوق لتلك الفترة الزمنية مرة أخرى، على أمل أن يتمكنوا من التخلي عن مسؤولياتهم الحالية والعودة في الوقت المناسب إلى تجربة متعة الطفولة الخالية من الهموم مرة أخرى، ومع مرور الوقت، قد يُصاب هؤلاء الأفراد بعدم الرضى في حياتهم في مرحلة الرشد نتيجة لذلك.
لاحظ فوائد أن تكون راشداً:
إذا كنت شخصاً يجد أنَّه يكافح من أجل الخروج من ماضيه، فقد يساعدك أن تبدأ بتركيز طاقتك على إدراك فوائد كونك بالغاً؛ الفوائد التي لم تكن تملكها ببساطة عندما كنت طفلاً، على سبيل المثال، على الرغم أنَّ لديك المزيد من المسؤوليات، إلا أنَّك تتمتع بحرية أكبر في اختيار الطريقة التي تريد أن تعيش بها حياتك، وبصفتك شاباً كنت مقيداً في كيفية عيشك والقواعد التي يجب عليك اتباعها، لكن بصفتك شخصاً بالغاً، فإنَّك تنشئ القواعد الخاصة بك.
إضافة إلى ذلك، كونك بالغاً يعني أنَّك حر في فعل أي شيء تعتقد أنَّه ممتع، وغالباً مع توفر المزيد من الموارد المالية للقيام بذلك، فإذا وجدت أنَّك لا تستمتع فأنت ببساطة بحاجة إلى إيجاد طريقة جديدة لدمج هذا الاستمتاع في حياتك، فقد تجعل تجربتك الحياتية اتخاذ القرارات الأفضل لصحتك العقلية سهلاً، ويمكنك اختيار كيفية إحداث تأثير أكبر في نفسك وفي من حولك، وهذا نادراً ما كان ممكناً عندما كنت طفلاً.
مزايا أن تكون راشداً:
توجد عدة فوائد لمرحلة البلوغ التي لا توجد في مرحلة الطفولة، وعدة طرائق يمكنك من خلالها جعل حياتك البالغة أكثر إمتاعاً، فإذا كنت تكافح من أجل جمعهم معاً، فربما يكون من المفيد رؤية معالج نفسي لمناقشة كيفية التكيف مع مرحلة البلوغ والشعور براحة أكبر مع من أنت الآن وأين أنت في الحياة.
كونك بالغاً يعني ببساطة أنَّك لا تتصرف مثل الأطفال، وبتعبير أدق أنَّك تركت معظم الصفات السلبية للطفولة وراءك، وهذا يعني أنَّك قد نَمَوت وتكيفت وتعلمت وتطورت إلى حالة أعلى من الوجود - شخص ناضج - وأعتقد أنَّ هذا يتلخص في المزايا الآتية:
1. الشخص البالغ لديه ضبط شديد للنفس:
لا تهيمن العواطف والرغبات على الشخص البالغ؛ إذ يمارس قوة الإرادة ولديه فكرة واضحة عن أهدافه وغاياته الشخصية ونقاط الضعف الشخصية التي قد تمنعه من تحقيق هذه الأشياء.
2. الشخص البالغ يقوم باختياراته الخاصة:
لا تهيمن إرادة شخص بالغ على شخص آخر، فهو يختار طريقه الخاص ولا يمنح الآخرين تأثيراً لا داعي له في مصيرهم.
3. الشخص البالغ يتحمل المسؤولية عن أفعاله:
يدرك الشخص البالغ أنَّه مسؤول عن الأشياء التي يفعلها ويقولها في العالم، ولا يحاول التهرب من هذه المسؤولية، ولا يأخذ الفضل على عمل قام به الآخرون، وفي الوقت نفسه يفهم حدود مسؤوليته الشخصية.
4. الشخص البالغ لديه معرفة معقولة بالعالم:
يعرف الشخص البالغ ما يكفي عن العالم للتعرف إلى اهتماماته الخاصة وإيجاد حلول لمشكلاته والتعرف إلى الخبراء في مجالات المعرفة التي يفتقر إليها، وعلى الجانب الآخر لا يدَّعي الشخص البالغ المعرفة التي لا يملكها.
5. الشخص البالغ يعطي الثقة بناءً على الدليل:
الثقة العمياء للأطفال، فقد يمنح البالغون الثقة بناءً على الإجراءات السابقة والحقائق التي يمكن التحقق منها والتي جُمِعَت مع مرور الوقت، ولا يعطي الشخص البالغ ثقته بناءً على شخصية شخص آخر أو كلمات لم يُتحقَّق منها.
شاهد بالفديو: 25 نصيحة فعالة لتعزيز الثقة بالنفس
6. الشخص البالغ يراعي وجهات النظر الأخرى:
يدرك الشخص البالغ أنَّه ليس سوى واحد من مليارات الأشخاص المختلفين بشدة في العالم، ويدرك أنَّ وجهة نظره ونظرته للعالم تعتمد على تجاربه الحياتية، وبناءً على ذلك فإنَّ البالغ سوف يأخذ في الحسبان وجهات النظر الأخرى ويتسامح معها في حدود المعقول.
7. الشخص البالغ لا يقابل الإساءة بالإساءة:
يدرك البالغ أنَّ العدو الجيد هو شيء جيد، لكن عموماً يجب تجنب الأعداء حيثما أمكن ذلك، وبناءً على ذلك لا يوجه البالغون الإهانات المتعمدة أكثر من اللازم، ويحاولون تجنب الإهانات العرضية كلما أمكن ذلك.
8. الشخص البالغ يتواصل:
يدرك الشخص البالغ أنَّ الآخرين ليسوا نفسانيين، ويتحدث مع الآخرين بطريقة أساسية لحل المشكلات، ولا يتوقع البالغون أن يتعرف الآخرون إلى أفكارهم أو آرائهم أو رغباتهم أو احتياجاتهم دون التواصل.
تعلُّم كيفية الاستمتاع مثل الأطفال رغم أنَّك من الكبار:
- ماذا يعني أن تكون ناضجاً أو بالغاً؟
- هل هذا يعني أنَّك لم تعد تحب الرسوم الكرتونية المتحركة؟
- هل هذا يعني أنَّك لم تعد تذهب في جولة في عالم ديزني؟
- هل يعني ذلك أنَّك توقفت عن الذهاب إلى المقاهي أو حفلات الرقص؟
- ماذا يعني أن تكون بالغاً؟
يرى الكثير من الناس أنَّ سن الرشد يتجاوز حب الطفولة والمراهقة؛ إذ يتخلى الذكور عن ألعاب الفيديو، وتتوقف الإناث عن إنفاق الأموال على الفساتين الخاصة بحفلات الرقص، كما يتوقفون عن مشاهدة الدراما الكورية أو الرسوم المتحركة أو أفلام الحركة التي كانوا يحبونها، وإنَّهم يدخلون مرحلة البلوغ، ويعتقدون أنَّهم بحاجة إلى تولي دور الكبار هذا وترك كل متعة الطفولة وراءهم، والمشكلة هي أنَّ هذا خطأ تماماً.
البالغ لديه مسؤوليات، فإذا كنت أحد الوالدين على سبيل المثال، فربما يتعين عليك الذهاب إلى العمل، وعندما تعود إلى المنزل عليك إعداد العشاء لأطفالك والتأكد من قضاء بعض الوقت في الهواء الطلق، كما يجب عليك تنظيف المنزل والغسل والذهاب إلى الفراش في ساعة محددة حتى تتمكن من القيام بذلك مرة أخرى في اليوم التالي، وبالتأكيد لديك مسؤوليات على عاتق البالغين ولا يتحملها الأطفال.
لكن بعيداً عن تلك المسؤوليات، فإنَّ دخول مرحلة البلوغ لا يعني أنَّ عليك ترك كل متع الطفولة وراءك، ففي الواقع قد يؤدي القيام بذلك إلى الشعور بأنَّك محاصر في دور ليس لك، دور يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات الاكتئاب والقلق، أو على الأقل فقدان الرضى عن الحياة.
شاهد بالفديو: 6 حقائق قاسيّة ولكنّها واقعيّة عن الحياة
استمتع وامرح حتى بالمرح الطفولي:
ليس من المقبول فحسب أن تحب بعض الأشياء التي أحببتها في طفولتك، فمن نواحٍ كثيرة يُعَدُّ الاستمتاع بمرح الطفولة أمراً هاماً جداً لكونك بالغاً، فهو يعزز أداءً متوازناً ويُظهر ما تريد أن تكونه.
ما تزال بحاجة إلى أن تكون مسؤولاً، لكن ما يزال بإمكانك قضاء يوم في الحديقة المائية، وقد تحتاج إلى الذهاب إلى العمل، لكن ما يزال بإمكانك الذهاب إلى حديقة الحيوان في عطلات نهاية الأسبوع أو شراء لعبة (FiFa) لتلعبها على (PS4)، وقد تحتاج إلى الراحة، لكن ما يزال بإمكانك النوم مع حيوانك المحشو المفضل.
الاستمتاع بهذه الأشياء ليس طفولياً؛ بل هو حب الأشياء التي تحبها، فالفارق الحقيقي الوحيد بين البلوغ والطفولة هو المسؤولية، ولكنَّك ما تزال حراً في أن تكون أنت، ويجب أن تشعر بالحرية في استعادة طفولتك المرحة من حين لآخر.
كيف تؤدي مشكلات الطفولة دوراً في حياة الرشد؟
الكل يريد أن يشعر كما لو أنَّه خارج الاختيار، ونريد أن نصدق أنَّنا لا نتحكم فقط بمصائرنا؛ بل أيضاً بما نحب ونكره، وكيف نتفاعل مع الآخرين، وما يجعلنا سعداء و/ أو حزينين، وأكثر من ذلك بكثير، وأيضاً نريد أن نصدق ذلك، ولكنَّه ليس صحيحاً تماماً في كثير من الأحيان؛ إذ تتشكل شخصياتنا إلى حد كبير من خلال الطريقة التي وصلنا بها إلى هنا اليوم؛ أي تجارب طفولتنا.
طفولتنا تُنقل إلى مرحلة الرشد:
توجد أدلة كثيرة على أنَّ مشكلاتنا وتجاربنا التي مررنا بها في وقت مبكر من الحياة نُقِلَت إلى حياة رشدنا؛ كيف تفاعلنا مع الوالدين والأصدقاء؟ وكيف كانت أنماط حياتنا؟ وكيف كانت أسوأ وأفضل لحظاتنا؟ كلها جزء ممن نحن اليوم، وهذا لا يعني أنَّهما متماثلان تماماً بالطبع، فالمشكلات التي واجهناها في طفولتنا ليست هي نفس المشكلات التي نحملها معنا إلى حياتنا البالغة، ولكنَّ آثار مشكلات الطفولة هذه فيمن نحن اليوم ما تزال ذات صلة، على سبيل المثال، إذا أهملتك والدتك أو طردتك من منزلها، فستبدأ بالشعور وكأنَّها لا تهتم بك، فقد تكبر لتجد نفسك:
- تشعر بالقلق من أنَّ النساء الأخريات في حياتك سوف يتركنك.
- لا تشعر باحترام كبير للمرأة/ الأمهات.
لاحظ، يوجد أكثر من خيار واحد هنا، فليس الأمر كما لو أنَّ مشكلات الطفولة لها مسار مباشر لقضية قد يواجهها شخص ما بوصفه شخصاً بالغاً، وبدلاً من ذلك، عندما لا يتلقى الشخص المساعدة بشأن المشكلات التي واجهها عندما كان طفلاً، فإنَّه يميل إلى إيجاد طرائق للتعبير عن نفسه بصفته بالغاً، وقد تكون الطريقة التي تواجهها بها مختلفة، ولكنَّها ما تزال موجودة مع ذلك.
العلاج والعمل من خلال قضايا الطفولة:
أحد أسباب استمرار مشكلات الطفولة هذه هو أنَّ القليل من الأطفال يأخذون الوقت الكافي لمعالجتها، ويقللون اهتمامهم بتخليص أنفسهم من هذه المشكلات بوصفهم بالغين، ومع ذلك إذا وجدت أنَّك تكافح في حياتك البالغة، من إدارة العلاقات والصراع مع السلطة والقلق والاكتئاب وأكثر من ذلك بكثير، فقد تكون لديك مشكلات لم تُحل تتعلق بالطفولة.
يوصي أطباء النفس بشدة بجلسات العلاج لمناقشة المشكلات التي تزعج الشخص كثيراً، فقد تكون المشكلة ناتجة عن الطفولة، ومن ثمَّ فإنَّ معالجة هذه القضايا قد يكون لها تأثير قوي في صحة الشخص وسعادته في المستقبل.
في الختام:
كنا معكم في هذا المقال لإيضاح أهمية أن تكون راشداً ومزايا هذه المرحلة، كما تكلمنا عن الدور الذي تؤديه الطفولة في حياة الرشد، وأنَّه يجب الاستمتاع والمرح بالطفولة حتى في نضجنا، وتعلمنا كيف نستمتع بها، على أمل تحقيقه للفائدة المرجوة منه.
أضف تعليقاً