ما هو الرطب؟
إن أردنا تعريف الرطب، فسنقول عنه مرحلة من مراحل تشكُّل التمر وخاصةً هو المرحلة الأولى من البَلَح الناضج، وهذه المرحلة عادةً يكون وقت تخزينها قصيراً كونها تحوي على كمية كبيرة من الماء الذي يجعلها عرضة للتَّلف، كما يتميَّز الرطب عموماً بحجمه الكبير وشكله الدائري، كذلك أكَّد العلماء احتواءه على عناصر غذائية كثيرة تشمل الفيتامينات المتنوِّعة والبروتينات ذات القيمة الغذائية العالية، كما أنَّه فاكهة مناسبة تماماً لمرضى الضغط، لاحتوائه على كمية عالية من البوتاسيوم، إضافة إلى أنَّه غني بمضادات الأكسدة بسبب امتلاكه مركَّبات بيولوجية نشِطَة، مثل المركَّبات الفينولية والفلافونويد والبيتاكاروتين.
يحتوي الرطب أيضاً على كمية عالية من السيلينيوم الفعَّال في منع الجسم من الإجهاد، ولكن في حال استخدامه بكميات كبيرة فوق الحد الطبيعي يسبِّب أضراراً كثيرة، مثل انتفاخ البطن، وهذا يعود إلى احتوائه على نسبة عالية من الألياف الغذائية التي تؤدي إلى تغيُّرات في وظيفة الجهاز الهضمي عند استخدامها بمقادير عالية، إضافة إلى الإصابة بفرط البوتاسيوم في الدم، وتفاقم حالة عدم تحمُّل اللاكتوز.
الفرق بين الرطب والتمر
إنَّ التشابه بين التمر والرطب يجعل بعضهم يظنُّ أنَّه لا يوجد فروقات بينهما، إلَّا أنَّ العلماء أكَّدوا أنَّ كلَّاً من الرطب والتمر يحتوي على خصائص متباينة فيما بينهما، وإنَّ الفرق بين الرطب والتمر يتجسَّد بالشكل والنوع والقيم الغذائية وغير ذلك، وإليك بعض هذه الفروق:
1. الشكل
إنَّ الرطب يمثِّل ثمرة النخيل وتحديداً الثمرة الناضجة، فهو يتميَّز بقشرته الناعمة وشكله الدائري ولونه الأصفر أو البني الفاتح مقارنة بالتمر الذي يمثِّل مرحلة النضج الكامل من الثمرة ذات اللون الأغمق والتي تجفَّف بطرائق خاصة لتتمكَّن الثمرة من البقاء لوقت أطول قد يصل إلى سنة في بعض الأحيان، ولهذا فإنَّ التمر يملك الشكل المختلف عن الرطب، فتكون الثمرة دائرية مجعَّدة ذات لون بني غامق، أمَّا غلافها فهو قشر أقسى من الرطب وأكثر جفافاً منه.
2. الفوائد
تكون الفوائد الغذائية للرطب عادة أكثر من التمر، ويعود ذلك إلى أنَّ الرطب فاكهة طازجة مفيدة كونها تحوي على العناصر الغذائية الكثيرة التي تقوِّي العضلات والأعصاب كالعصب السمعي، كما يقوي الجهاز الهضمي لدوره في ترطيب الأمعاء، ولا ننسى أنَّه هام لحماية العين والمحافظة على رطوبتها وتقوية النظر، إضافة إلى أنَّه هام لتهدئة الأعصاب والتخلُّص من التوتر.
قد تفقد هذه الفوائد بعضاً منها في الثمرة المخزَّنة أو المجفَّفة، كما في حالة التمر الذي يملك عناصر غذائية أقل نتيجة التخزين والتجفيف، وإنَّ عوامل التجفيف تجعل الثمرة تفقد الجراثيم النافعة المساعِدة للأمعاء والجسم على سرعة الهضم والاستقلاب، وللتمر فوائد هامة أخرى مثل الوقاية من التهابات الأمعاء والقولون نتيجة خصائصه المضادة للبكتيريا، كما يقي من البواسير وسرطانات الجهاز الهضمي، ويُحافظ على صحة مينا الأسنان ويقي من تسوسها.
شاهد بالفيديو: فوائد الإفطار على التمر في رمضان
3. الأنواع
تختلف أنواع الرطب والتمر، ويكون العامل الرئيس المسبِّب لاختلاف النوع هو بلد المنشأ أو طريقة زراعة شجر النخيل، فمن أنواع الرطب (سكري رطب) الذي يتميَّز بلونه الأصفر الفاتح وحجمه المتوسط وطعمه الحلو المقارب للسكر، وينتشر بكثرة في دول الخليج العربي، أمَّا النوع الثاني فهو (رشودية الرطب) يتميَّز هذا النوع بلونه الأصفر البني وحجمه الكبير وطعمه الحلو اللذيذ، وهو ينتشر انتشاراً واسعاً في المملكة العربية السعودية.
تنتشر بعض أنواع الرطب في دولة الإمارات العربية المتحدة، مثل رطب النغال ورطب الخنيزي ورطب الفرض ورطب البرجي ورطب السكري، أمَّا التمر فمن أبرز أنواعه تمر العجوة الذي يتميَّز بطعمه السكري، ويوجد منه أنواع صلبة وأخرى طرية وينتشر انتشاراً واسعاً بمصر والسعودية، ويوجد التمر الخضري الذي يمتلك شعبية كبيرة، ويمتاز بأنَّه رخيص الثمن وطعمه لذيذ، ويُميَّز بلونه البني الداكن وقشرته المجعَّدة.
4. القيمة الغذائية
إنَّ التمور تختلف بالشكل والحجم والوزن وفقَ ظروف النمو، وعادة ما تكون مستطيلة ويكون متوسط وزن ثمرة الرطب الواحدة ٧ غرامات إلى ١٠غرامات، وإنَّ ثمرة الرطب تحتوي وسطياً على ١٣٠٣ سعرة حرارية، وعلى أكثر من ٥ غرامات من الكربوهيدرات، كما تحتوي من الماء ٥٩ مليلتراً، ومن البروتينات ٠.٩ غرامات و٠.٣ غرامات دهون و٣٧.٦ كربوهيدرات و١.٣ غرامات من الألياف.
أمَّا التمر فهو يمنح الجسم كثيراً من الطاقة نظراً لارتفاع الجلوكوز فيه، فتتوزَّع القيم الغذائية، فكلُّ حبة تمر تحوي على ٢.٨١ غرامٍ من السعرات الحرارية تقريباً، و٠.٠٤ غرامات من الليبيد، كما يحوي على نسبٍ قليلة من الصوديوم تصل كحد أقصى الى ٠.٢ غرام، و٦.٦٣ غرام من البوتاسيوم، كما يحوي التمر على فيتامين c وحديد وفيتامين B6 ومغنيزيوم بكميات قليلة.
5. الوفرة والثمن
وفقَ الدراسات التي أُجريت في عام ٢٠٢٢ على الوفرة والثمن، وُجِدَ أنَّ أكثر دول العالم إنتاجاً للتمور والرطب "مصر" التي احتلَّت المركز الأول بكمية تصل إلى ١٧٣ مليون طن سنوياً، لتحتل السعودية المركز الثاني بكمية تصل الى ١.٦ مليون طن سنوياً، واحتلَّت الجزائر المركز الثالث بكمية تصل الى ١.٢٤ طن سنوياً.
مع ذلك فإنَّ تلك الدول تعدُّ أكبر مستهلك للتمور والرطب كونها تحتوي على كثافة سكانية كبيرة، فلذلك فإنَّ أسعار التمور تكون متوسطة إلى مرتفعة بالرغم من كثرة الإنتاج، والدول التي تتوفَّر فيها التمور والرطب بأسعار باهظة الثمن هي الدول التي تستورد تلك الثمار مثل دول الاتحاد الأوروبي بسعر ٣٠٦.٥ مليون دولار سنوياً، والهند الذي سجَّلت ٢٣٠ مليون دولار تقريباً، والمغرب التي تبلغ ٢١٠مليون دولار، ويوجد أيضاً الولايات المتحدة وفرنسا بأسعار متقاربة بين ٩٠ الى ٨٠ مليون دولار سنوياً.
استعمالات التمر والرطب
أحد أهم استخدامات الرطب في دول الشرق الأوسط، استعماله بوصفه نوعاً من أنواع الضيافة كما يُدخل في صنع كثير من الحلويات والأطعمة، ولكن من الشائع استخدامه في الأغراض الصحية كونه مضاداً للالتهابات، ومعزِّزاً لجهاز المناعة، كما يُستخدم لمعالجة الإمساك وكبح الجوع ومعالجة الأرق.
أمَّا التمر فيدخل في كثير من الصناعات، وأكثرها الحلويات التي تُصنع في المنزل، ويعود ذلك إلى فوائده العظيمة ولذة مذاقه، وخاصة الحلويات العربية كونها تعتمد معظمها على التمر.
كما يمكن استخدام التمر أو الرطب في بعض مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة بفضل خصائصه التي تدخل في تجديد خلايا الجلد، إضافة إلى ذلك يمكن استخدام مسحوق لبِّ التمر والرطب في المستحضرات التي تدخل في مجال العناية بحالات تساقط الشعر، لأنَّه يقوِّي بصيلات الشعر ويُغذِّيها ويُخلِّصها من خلايا الجلد الميتة (القشرة)، كما أنَّه يعالج مشكلات أخرى كتقصُّف الشعر عن طريق جعله أكثر مرونة وحيوية.
أضرار التمر والرطب
أُجريت الدراسات على ثمرة الرطب، وأكَّدت أنَّه لا يوجد أية أضرار لتناوله إلَّا في حالات خاصة جداً، مثل زيادة الوزن في حال الإفراط في تناوله على فترة طويلة؛ كونه يحوي على كمية كبيرة من السعرات الحرارية، كما يسبِّب أمراض الكِلى كونه يحوي كمية كبيرة من البوتاسيوم، لذلك يجب مراقبة ظهور أية أعراض حساسية معيَّنة، مثل آلام البطن أو الإسهال والطفح الجلدي، كما قد يسبِّب تفاقم بعض أعراض الربو مثل الأزيز.
أمَّا بالنسبة للتمر، فقد يسبِّب تناول كمية كبيرة منه صدمةً للجسم في حال عدم الاعتياد على هذه الكمية، وهذا يسبِّب مشكلات هضمية كالمغص والإمساك وأضرار أخرى كعدم تحمُّل الفركتوز، وهي حالة يعاني منها بعض الأشخاص تتمثَّل بعدم قدرتهم على تكسير سكر الفركتوز، وهذا يؤدي إلى غازات وانتفاخ البطن وزيادة خطر الإصابة بالسكري، فمن المعروف أنَّ التمر من الأطعمة السكرية هذا الأمر الذي يزيد من خطر الإصابة بحالة ارتفاع نسبة السكر بالدم، الأمر الذي يعدُّ خطيراً على مرضى السكر والذين يعانون من الوزن الزائد، لذلك يجب تناوله بحذر شديد والانتباه إلى الكميات المتناوَلة، ويفضَّل إدخاله في نظام غذائي متَّزن.
في الختام
بعد أن تعرَّفنا على الرطب، وما الفرق بينه وبين التمر، يجب إضافتهما إلى النظام الغذائي إضافةً روتينيةً ودوريةً، والاستفادة من فوائدهما مع الحذر من تناولهما بكميات كبيرة الأمر الذي قد يُلحق الضرر بالجهاز المناعي والهضمي.
أضف تعليقاً