وفي الحقيقة إن قدرات مركبات العناصر الغذائية النباتية مذهلة جداً.
ويؤكد الباحثون أنه توجد طريقة واحدة تحصل بها على العناصر الغذائية النباتية التي يحتاجها الجسم وهي الحصول عليها من العبوات الموجودة في الطبيعة الأم، أي الخضروات والفواكه والبقول، وأن تتناول من خمس إلى تسع حصص غذائية على الأقل في اليوم. سنستعرض بعض هذه الكيماويات وهي :
1- كبريتيد الأليلي: عندما تقطع ثمرة من الثوم أو البصل الطازج فإنك سوف تتعرف على أحد أقوى العناصر الغذائية النباتية الطبيعية وهو كبريتيد الأليليك، إن هذه المركبات تعرف بقدرتها على استثارة دموعك قد تمتلك القدرة كذلك على الوقاية من أمراض السرطان وأمراض القلب. إن كبريتيد الأليليك هو نوع من العناصر الغذائية النباتية التي تستحث نمو الأنزيمات الطاردة للسموم. لقد أثبتت الأبحاث أن هذا المركب فعال على وجه الخصوص في محاربة سرطان جهاز المعدة والأمعاء.
وفي دراسة أجريت على 120.000 رجل وامرأة في هولندا فحص الباحثون كميات البصل المحتوي على الكبريتيد التي تناولها هؤلاء الهولنديون وقارنوها بمعدلات الإصابة بسرطان المعدة. وقد وجد أنه كلما زادت معدلات البصل التي تناولها الخاضعون للدراسة، انخفض خطر الإصابة بسرطان المعدة.
وفي دراسة أخرى أظهر الثوم أحد أعضاء عائلة البصل مقدرة مماثلة في سحق الأورام فقط أعطى الباحثون المجموعة من الفئران كميات كبيرة من الثوم كل يوم على مدار أسبوعين، بينما لم تتلق مجموعة ثانية أي ثوم. وعندما تعرضت الحيوانات للكيماويات المسببة للسرطان، كانت نسبة إصابة المجموعة التي تناولت الثوم بالأورام السرطانية منخفضة بمقدار 76% عن المجموعة الأخرى التي لم تتناول سوى الطعام العادي.
البيتاكاروتين هو الذي يعطي الطماطم اللون الأحمر الجميل:
إن كبريتيد الأليليك يملك كذلك قدرة هائلة على الحيلولة دون ترسب الكوليسترول والدهون الثلاثية في تجلطات الدم وتصلب الشرايين المهددة للصحة. وفي إحدى الدراسات عبأ الباحثون غذاء للمتطوعين بمزيد من الزبد والدهون من تلك التي قد نجدها في أحد المخابز الفرنسية، ثم راقبوا معدل ارتفاع الكوليسترول وتجلط الدم لديهم. وبعد ذلك أعطوا نفس المتطوعين مستخلص بصل عالي نسبة الكبريتيد. ولم يعمل هذا المستخلص فقط على منع ارتفاع الكوليسترول الناتج عن تناول الكثير من الدهون ولكن رفع أيضاً من قدرة أجسام المتطوعين على إذابة الجلطات.
2- الجزرانيات: الجزرانيات هي أصباغ نباتية يتكون من حوالي 600 صبغ نباتي أصفر وأحمر والذي يشمل البيتاكاروتين هو الذي يعطي الطماطم اللون الأحمر الجميل ويكسب الجزر والشمام لونهما البرتقالي البراق. وتوجد الجزرانيات في الخضروات ذات الأوراق الخضراء الداكنة مثل السبانخ والبروكلي ونحن لا نستطيع رؤيتها لأن الكلوروفيل أو ما يعرف باليخضور في هذه النباتات يفوق قوة لونه الأخضر على قوة أصباغ الكاروتين الأفتح لوناً منه.
تعتبر الجزرانيات من مضادات الأكسدة القوية، مما يجعلها أحد المحاربين الأساسين ضد أمراض القلب والسرطان. إن هناك علاقة واضحة بين تناول الكثير من الأطعمة الزاخرة بالبيتاكاروتين والنسب المنخفضة للإصابة بأمراض القلب والسرطان. وقد ترجع بعض هذه الفوائد لنوع آخر من الجزرانيات في الفواكه والخضروات والذي لم يكتشفه العلماء بعد.
لقد كشفت الأبحاث التي أجريت على عدد من الجزرانيات منها على سبيل المثال الليكوبين وهو مركب يوجد في الطماطم ومركب الليوتين والذي يوجد في اللفت والسبانخ والزيكساثين الذي يوجد في معظم الخضروات ذات الأوراق الخضراء. لقد وجد الباحثون أن من تناولوا سبع حصص غذائية أو أكثر من الطماطم النيئة كل أسبوع انخفض لديهم معدل الإصابة بمرض سرطان القولون والمستقيم والمعدة بنسبة 60% عن هؤلاء ممن تناولوا حصتين أو أقل. وما دام الليكوبين المكون الفعال في الطماطم لا يتأثر بالحرارة والمعالجة فيبدو أنه حتى الكاتشاب وصلصة الطماطم يمدان الجسم بفوائد مشابهة للطماطم النيئ.
البيتاكاروتين يكسب الجزر اللون البرتقالي البراق:
لقد أصيب باحثوا جامعة هارفارد بالدهشة بعد فحص الخضروات ذات الأوراق الخضراء وخاصة السبانخ فقد وجدوا أن الناس الذين يتناولون أعلى معدلات من الليوتين والزيكساثين وهما اثنان من الجزرانيات انخفض لديهم خطر الإصابة باضمحلال بقعة الشبكية والذي هو السبب الرئيسي في فقدان البصر لدى هؤلاء ممن تعدوا سن الخمسين.
3- الفلافونيدات: الفلافونيدات مثلها مثل الجزرانيات تكسب بعض الفواكه والخضروات التي نأكلها بعض الألوان خاصة الأحمر والأصفر والأزرق. وكما يحدث مع الجزرانيات فإن هذه الألوان عادة ما يخفيها اليخضور الموجود في النبات.
إن الفلافونيدات التي توجد بكميات كبيرة في التفاح والكرفس والتوت البري والعنب والبروكلي والبصل والهندباء والشاي الأخضر والأسود، تعد من مضادات الأكسدة القوية، مما يجعلها من أعتى الدفاعات التي يستخدمها الجسم ضد أمراض القلب والسرطان. والفلافونيدات تعمل على تغليف مئات الأقراص أو الخلايا الصغيرة في الدم والمعروفة بالصفائح الدموية فهي تمنع الصفائح الدموية من التجلط معاً داخل مجرى الدم مسببة الجلطات، الأمر الذي يساعد في الوقاية من الأزمات القلبية.
قام علماء من هولندا بدراسة أنماط تناول الطعام لنحو 805 من الرجال تتراوح أعمارهم بين 65 إلى 84 عاماً وقد وجدوا أن هؤلاء ممن تناولوا أقل كميات من الفلافونيدات في طعامهم ارتفع لديهم خطر الوفاة جراء الأزمات القلبية بنسبة 32% عن هؤلاء ممن تناولوا أعلى كميات. إنه لا يستلزم الأمر تناول الكثير من الفلافونيدات للحصول على الفوائد. فقد كانت المجموعة التي تتناول أعلى معدل من الفلافونيدات تتناول ما يعادل 4 أكواب من الشاي ونصف كوب من التفاح وثمن كوب من البصل يومياً.
4- الإندول: إن جميع الخضروات التي تتبع الفصيلة الصليبية مثل الكرنب والبروكلي والخردل لها مذاق لاذع لا يروق للحشرات والعنصر الغذائي النباتي الذي يقدم الحماية للنبات يسمى إندول-3 كاربينول. وفي الإنسان يلعب هذا المركب دوراً في تنظيم الهرمونات، وهو الأمر الذي قد يكون مفيداً في الوقاية من سرطان الثدي.
فقد ثبت أن مركب "أندول-3 كاربينول " يعمل على خفض معدلات الأشكال الضارة من الإستروجين في حين يرفع المعدلات الحميدة منه. وقد وجد دكتور برادلو وزملاؤه في معمل أبحاث سترانج للسرطان أنه عندما أخذت السيدات 400 ملليجرام من هذا المركب في اليوم ( وهي تعادل الكمية الموجودة في نحو نصف رأس من الكرنب ) ارتفعت لديهن معدلات الإستروجين غير الضار بدرجة كبيرة. في الحقيقة لقد كانت لديهن نفس المعدلات التي توجد لدى عداءات الماراثون، الأمر الذي يعد كسباً كبيراً، حيث أنه قد ثبت أن التمارين العنيفة لها آثار إيجابية على معدلات الإستروجين.
يضيف الدكتور برادلو قائلاً " قد يعمل مركب "أندول-3 كاربينول" على محاربة سرطان فقرات العنق ". ويتوقع أن يأتي اليوم الذي تستطيع النساء تناول مكملات أندول -3 كاربينول للوقاية من سرطان الثدي وأنواع السرطان الأخرى المرتبطة بالهرمونات.
أضف تعليقاً