قد يظنُّ البعض أنَّ التخطيط الشخصي أمرٌ يجري إعداده مرةً واحدة، وهذه نظريةٌ خاطئةٌ تماماً، فنحن نحتاج إلى التخطيط الشخصي في جميع مراحل حياتنا، إذ أنَّ في كلَّ مرحلةٍ تختلف العديد من الأشياء، سواءً بالنسبة إلينا فيما يتعلَّق بطريقة التفكير، أم بالنسبة إلى الوضع الذي نعيشه وظروفنا المحيطة.
يبدأ التخطيط الشخصي عندما نتخذ القرار بتغيير نظرتنا إلى الحياة، وبأنَّنا سوف نتخلَّص من حالة العشوائية التي نعيشها، مع التركيز على احتياجاتنا وأفكارنا. ولا يشترط بالتخطيط أن يُمارَس بالكتابة فقط، علماً أنَّ الكتابة هي الوسيلة الأفضل لإتمام عملية التخطيط؛ ذلك لأنَّها تساعدك في العودة إلى الخطوات التي وضعتها في أيِّ وقت، والتي سوف ترشدك في المرحلة القادمة، وتساعدك في معرفة مدى نجاح هذه الخطوات من خلال النتائج التي سوف تنعكس إيجاباً عليك.
كيف يبدأ التخطيط؟
التخطيط مجموعةٌ من المراحل التي تتألَّف من العديد من التفاصيل، والتي تتدخل بكلِّ ما نفعله في حياتنا بشكلٍ يومي، وما الذي سنقوم بإنجازه في المراحل القادمة؛ ولا بدَّ من وجود دافعٍ قويٍّ حتَّى تتمكَّن من تنظيم حياتك لكي تصل إلى الهدف المحدَّد، وإنَّ أيَّ خطةٍ نضعها تعتمد على عدَّة مراحل:
1- الشغف:
طاقةٌ داخليةٌ متجددةٌ لا تتأثَّر بأيِّ مشاعر أو انتقاداتٍ سلبية، فهو شعورٌ لا يمكن حصره بنشاطٍ محددٍ، إذ أنَّه مجموعةٌ متغيرةٌ من الأنشطة التي تولِّد لدينا طاقةً إيجابية. تساهم هذه الطاقة بقضاء وقتٍ طويلٍ في تنفيذ هذه الأنشطة دون أن نشعر بالتعب أو الملل، وتتشكَّل عندما لا يستطيع الإنسان أن يمنع نفسه من القيام بنشاطٍ مفضلٍ لديه؛ لهذا يتوقَّع علماء النفس أن تكون نتائج الشغف رهيبةً ومثمرة، ويتمتَّع الأشخاص الشغوفون بصفاتٍ تميِّزهم عن غيرهم، فهم يعملون على تحقيق ذاتهم، إضافةً إلى الصبر ومقاومة مخاوفهم.
2- الأفكار:
الأفكار هي القضايا التي تهمُّنا ونفكِّر فيها، وقد تكون أفكاراً تخصُّ حياتنا الشخصية بشكلٍ بحت، وتكون هذه الأفكار إيجابية مثل: أن نملك حلولاً لقضايا معينة، أو فكرةً لتطوير شيءٍ ما موجود، والاستعانة بما يُنفَّذ من قبل الآخرين؛ أو سلبيةً ناتجةً عن المشاكل التي نعاني منها.
على العموم، إنَّ الأفكار المرتبطة بوضع الخطط الشخصية يجب التركيز فيها على ذكر الأفكار الإيجابية الموجودة لدينا.
3- التحديات:
لا تخلو حياة أحدنا من التحديات التي تواجهنا بشكلٍ يومي، فهي ضروريةٌ في التخطيط الشخصي؛ لأنَّ تأثيرها فينا يظهر طوال الوقت، وذلك من خلال التفكير فيها، والبدء بتحديد جانب التحدي بالضبط. يمكن ترتيب هذه التحديات طبقاً لصعوبتها، أو لأولوية المواجهة التي ترى أنَّك تحتاج إليها من وجهة نظرك، فقد تكمن المشكلة في جزءٍ معينٍ وليس في الأمر ككل؛ لذا عند وضع الخطة الشخصية، من الضروري أن تذكر نوعية التصنيف الذي اتبعته في كتابة هذه التحديات.
4- المهارات:
هي الأشياء التي تتقن عملها، سواءً أكانت مهارةً شخصيةً أم في العمل، وقد يرى بعض الناس أنَّه من الصعب عليهم أن يحدِّدوا هذه الأشياء، لكن يمكنهم الحصول عليها بالتفكير في التجارب السابقة والخبرات المكتسبة منها، أو عبر سؤال الأشخاص الذي عملوا معهم أو الذين يعرفونه منذ وقتٍ طويل؛ وبالتالي فإنَّنا نعرف بأنَّنا نمتلك هذه المهارات. لذا، يفضَّل كتابة هذه المهارات في أثناء التخطيط الشخصي، ولا تنسَ أن تذكر معها درجة إتقانك هذه المهارة.
5- الخبرات السابقة:
لا بدَّ في أثناء عملية التخطيط من ذكر المهارات العملية سابقاً، سواءً بمفردك أم مع فرق العمل، وقد تكون هذه المهارات عبارةً عن الأعمال التي جرت في منظماتٍ ربحيةٍ أو تطوعية، مع ذكر الأنشطة التي كنت تقوم بها؛ لأنَّ هذه الخبرات ترتبط ارتباطا وثيقاً مع التخطيط الشخصي.
ما أهمية التخطيط في الحياة العملية؟
لابدَّ من أنَّ التخطيط سوف يأخذ منَّا وقتاً وجهداً مضاعفاً، إلَّا أنَّه يعود علينا بالنفع في حياتنا اليومية، ويضمن نجاح الأعمال وسير العمل دون الوقوع بأيِّ أخطاء؛ كما أنَّه يمنحنا المرونة الكافية لاتخاذ القرارات ووضع حلولٍ للمشاكل الطارئة. فيما يلي سنعرِّفك عزيزي القارئ على أهمية التخطيط في الحياة العملية:
1- إنَّ العمل بدون تخطيطٍ سيؤدِّي إلى اتخاذ قراراتٍ خاطئةٍ في المستقبل، ممَّا يعرِّضك إلى الفشل؛ ولكنَّ التخطيط المسبق يسمح لك بالنجاح والتقليل من احتمالية الإخفاق في حياتك المهنية.
2- يقوم بوظيفة الرقابة، وذلك من خلال تحديد مستويات الأعمال والتأكُّد من أنَّ المراحل التنفيذية للأعمال متطابقةٌ مع الخطط التي جرى وضعها، واكتشاف الأخطاء في حال وجدت؛ وبالتالي ضمان نجاح العمل.
3- إنَّ التخطيط لأيِّ عملٍ قبل تنفيذه من شأنه تحديد الصعوبات والتحديات التي سوف تواجهك في أثناء عملية التنفيذ ووضع خططٍ وحلولٍ بديلة، وهذا ما يساعد في تحقيق النجاح في العمل.
4- يساعد التخطيط في وضع الأهداف المطلوبة في ضوء الإمكانيات المتاحة، و في رسم رؤيةٍ واضحةٍ للمشروع الذي نعمل علي؛، وبالتالي الوصول إلى النجاح والتميِّز في الحياة العملية.
5- يعمل التخطيط على تحفيز الأفراد، وذلك من خلال الاستخدام الأمثل للإمكانيات التي تساهم في تحقيق الأهداف المطلوبة، وهذا ما يحقِّق النجاحات العملية.
التخطيط الشخصي ليس حبراً على ورق، فهو أولى عمليات النجاح، وذلك من خلال: وضع الرؤى، وتصوُّر الأهداف والبرامج، والعمل على تنفيذها، ومن ثمَّ التقويم المستمر. وهو ما يخلق النجاح؛ لأنَّه معلوماتٌ حقيقيةٌ يمكنها أن تساعدك في تغيير حياتك نحو الأفضل إن أردت ذلك، من خلال متابعتك للأهداف التي كتبتها وطبَّقتها؛ وعند نجاح خطتك بعد التخطيط المدروس الذي قمت به، سيكون وسيلةً لتحفيزك للتقدُّم المستمر وتحقيق مزيدٍ من الإنجازات في المستقبل.
أضف تعليقاً