نظام الدوبامين في الدماغ هو أحد العوامل الرئيسية التي تكمن وراء أعراض الاكتئاب، وفقًا للبحث الذي أُجري في عام 2021. حيث يمكن أن يرتبط انخفاض الدوبامين بمشاعر قلة الدافع وفقدان القدرة على الشعور بالمتعة، ويمكن أن يمنح التسوق دماغك الدوبامين الذي يفتقر إليه عندما تتعايش مع الاكتئاب.
الاكتئاب يرجع إلى اختلال كيميائي في الناقلات العصبية في الدماغ، عندما يقوم شخص بشراء سلعة، يتعرف الدماغ عليها كمكافأة ويفرز مواداً كيميائية، وتحديداً الدوبامين. ولكن الشعور الأولي بالسعادة من الشراء ذو فترة قصيرة. عندما يتلاشى، قد تبدأ في الشعور بالرغبة في الحصول على دفعة مزاجية للتسوق مرة أخرى.
يظهر التسوق الناجم عن الاكتئاب، أو ما يُعرف بالعلاج بالتسوق، كوسيلة لتحسين المزاج. ويمكن تحقيق ذلك ليس فقط عن طريق التسوق ولكن عن طريق سلوكيات مكافأة أخرى، مثل الجنس واستخدام المخدرات.
إذا كان شخص ما يشعر بالاكتئاب، فإنه من الطبيعي أن يبحث عن وسائل لرفع مزاجه، التسوق هو وسيلة منها للقيام بذلك، حتى وإن كانت للحظة قصيرة.
في هذا المقال، سنستكشف العلاقة المعقدة بين الاكتئاب وعملية التسوق. كيف يصبح التسوق أحياناً استجابة للمشاعر السلبية، وكيف يؤثر ذلك على الصحة النفسية، مع التركيز على كيفية فهم هذا السلوك وتحويله إلى استراتيجيات أفضل للتعامل مع التحديات العاطفية.
هل التسوق القهري اضطراب؟
التسوق القهري، المعروف أيضاً باسم "أونيومانيا"، يُعرف على أنه الرغبة العارمة والمتواصلة في شراء الأشياء. وهو ليس تشخيصاً رسمياً مدرجاً في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الطبعة الخامسة (DSM-5). ولكن لا يتفق جميع الخبراء على عدم تضمينه.
تمت مناقشة أن التسوق القهري يشترك في ملامح اضطرابات الإدمان واضطرابات التحكم في الاندفاع واضطراب الوسواس القهري (OCD). وعلى الرغم من عدم تدريجه في DSM-5، تم الاعتراف بسلوك شراء الأشياء القهري كحالة صحية عقلية شائعة يمكن أن تسبب إعاقة في مجالات حياة هامة، وفقاً لبحث أُعد في عام 2016. ونظراً لأن التسوق القهري يحدث عادة جنباً إلى جنب مع اضطرابات صحية عقلية أخرى، فإن الحد الفاصل بين التسوق الناجم عن الاكتئاب والتسوق القهري غالباً ما يكون غامضاً.
علامات التسوق الناجم عن الاكتئاب
قد تكون علامات التسوق الناجم عن الاكتئاب مشابهة جدًا لعلامات التسوق القهري. ولكن التسوق الناجم عن الاكتئاب يرتبط بشكل خاص بالارتفاع المزاجي الناتج عن النشاط المكافئ.
قد تتضمن علامات التسوق الناجم عن الاكتئاب:
- أفكار مستمرة حول التسوق أو امتلاك عنصر معين.
- شعور ملحوظ بالسرور أو الإثارة عند إجراء عملية شراء.
- التخطيط الواسع أو الاستعداد أو البحث قبل حدث التسوق.
- الشعور بالرغبة في التسوق رداً على مواقف أو تفاعلات سلبية.
- الشعور بالذنب أو الندم بعد عملية الشراء.
- إنفاق المزيد من المال أكثر مما يمكنك تحمله.
- شراء أكثر مما تحتاج.
- اللجوء إلى عدة خطوط ائتمان موجهة للمتاجر لشراء أغراض.
- جعل التسوق يأخذ الأولوية على أمور حياتك الأخرى المهمة.
- نادراً ما تستخدم الأشياء التي تشتريها.
- عدم القدرة على التخلص من العناصر التي قمت بشرائها.
- إخفاء الفواتير وغيرها من الأدلة على إنفاقك.
شاهد بالفديو: 6 أسئلة عليك أن تسألها قبل شراء سلعة باهظة الثمن
نصائح للتعامل مع التسوق الناجم عن الاكتئاب
التسوق القهري يحدث عندما تأتي عادات الشراء من رغبة لا يمكن إدارتها. إذا كانت هذه هي الحالة، قد تجد أن استشارة محترف في مجال الصحة النفسية مفيداً. وقد لا تكون قادراً على التحكم في التسوق الناجم عن الاكتئاب، خاصة إذا تحول إلى التسوق القهري، لذلك هناك طرق يمكنك من خلالها التحكم في التسوق الناجم عن الاكتئاب:
1. البحث عن أنشطة ممتعة أخرى
التسوق يرفع مزاجك لأن دماغك يعترف به كمكافأة. يوصي الأخصائيون بإعادة ممارسة أنشطة واهتمامات أخرى استمتعت بها في وقت سابق كوسيلة للتحكم في رغبات التسوق الناجم عن الاكتئاب.
2. املأ قائمة أماني
إن جزءً من جاذبية التسوق عبر الإنترنت هو عملية استعراض العناصر واختيار الأشياء التي تعجبك، ولكنك لست مضطراً دائماً لإتمام عملية الشراء.
يتم إطلاق الدوبامين أثناء عملية مقارنة العناصر والنظر في الميزات وتخيل امتلاك العنصر، لذلك إن ملء سلة التسوق أو قائمة الأماني يوفر نفس المتعة دون الإنفاق.
3. جعل الإنفاق أمراً صعباً
يوصي الخبراء بتبني تكتيك آخر لجعل شراء السلع بشكل فجائي أمراً صعباً. مثل:
- عدم حمل بطاقات الائتمان معك.
- الاحتفاظ بمبلغ صغير من المال فقط.
- وضع بطاقات المتاجر في مكان يصعب الوصول إليها في المنزل.
- حذف أرقام بطاقات المتاجر من أجهزتك.
- إلغاء الاشتراك في رسائل الخصم.
- حذف تطبيقات التسوق من أجهزتك.
إن الاحتفاظ بقائمة بخيارات الرعاية الذاتية المناسبة للميزانية هو خطوة ذكية نحو الاستثمار في نفسك. فالرعاية الذاتية، التي تشمل مجموعة متنوعة من الممارسات مثل ممارسة الرياضة والتأمل، لا تتطلب بالضرورة إنفاق الكثير من المال. حيث يمكن أن تكون بسيطة ومجانية، مثل القيام بنزهة أو الاستمتاع بوقت هادئ مع كتاب.
ووفقاً لبحث أُعد عام 2020، فإن هذه الممارسات يمكن أن تكون مفيدة بشكل خاص في إدارة التحديات العاطفية مثل الاكتئاب والقلق. لذا، حدد الأنشطة التي تستمتع بها والتي تناسب ميزانيتك، وستجد أن الرعاية الذاتية هي استثمار مجزي في صحتك ورفاهيتك.
استبدال العلاج بالتسوق بعلاج يناسبك
غالباً ما يكون التسوق الناجم عن الاكتئاب عرضاً للحالة الاكتئابية. فهو ليس مجرد سلوك تلجأ إليه عندما تشعر بهبوط المزاج. والعيش مع الاكتئاب غالباً ما يعني البحث عن نوع من أنواع العلاج الذي يعزز أنماط سلوك ذات فائدة طويلة الأمد واستراتيجيات التكيف.
إليك بعض الخيارات لاستبدال العلاج بالتسوق بعلاج يناسبك:
1. عبر الإنترنت
استخدام خدمات محترفي الصحة النفسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مكالمات الفيديو، أو صيغ أخرى عبر الإنترنت.
2. الواقع الافتراضي
احجز لقاءً مع أخصائي نفسي باستخدام شخصية افتراضية تقلد حركات وتفاعلات الإنسان.
3. المجموعات
إعطاء واستلام الدعم من خلال لقاء مع أخصائي نفسي يوجه مجموعة لديها تجارب مشتركة في التسوق الناجم عن الاكتئاب.
4. الجماعات عبر الإنترنت
جلسات جماعية موجهة عبر الإنترنت تشجع على المشاركة والدعم بين الأقران.
5. الجماعات الذاتية المساعدة
العمل مع مجموعة ذاتية المساعدة للحديث عن استراتيجيات التكيف بدون إرشاد من أخصائي نفسي.
6. وجهاً لوجه
الحديث التقليدي مع أخصائي نفسي.
7. توجيه الحياة
العمل مع مدرب يساعدك في العمل على أهداف حياتية معينة وبناء عادات صحية.
شاهد بالفديو: 7 علامات تدل على إصابتك بالاكتئاب
ما هو الرابط بين الاكتئاب والتسوق؟
عندما نشعر بالاكتئاب، نعاني من نقص في الدافع وقلة تقدير الذات ومشاعر اليأس. والتسوق الناجم عن الاكتئاب هو تقنية مكافحة توفر بعض الإغاثة لفترة وجيزة.
عندما نشتري شيئاً جديداً، نشعر مؤقتاً بالإثارة، ونتمكن من تجربة قليلاً من الدوبامين - الناقل العصبي المرتبط بمشاعر السرور والمكافأة. غالباً ما نخلق قصة في عقولنا أن العنصر القادم الذي نشتريه سيكون الدافع لتغيير نمط حياتنا وسنكتسب إحساساً بالسيطرة في حياتنا. لكن هذا الشيء هو فقط في رؤوسنا.
يتم تسويق المنتجات لنا من خلال العاطفة، ليس بالضرورة من خلال فعالية العنصر. فالسعادة، والصداقة، والإشباع، والفرح تُباع إلينا من خلال الإعلانات باستمرار، لذا نعتقد على بعض المستويات أن شراء المنتج سيجلب لنا التجربة العاطفية التي وعد بها الإعلان.
كيف يمكنني كبح رغبتي في التسوق عندما أشعر بالاكتئاب؟
إليك بعض الطرق لكبح الرغبة بالتسوق الناتجة عن الاكتئاب:
- لاحظ إذا كان هناك قصة مرتبطة بالعنصر الذي تخطط لشرائه. ماذا تعتقد أن هذا العنصر قد يغير في حياتك؟ مدى احتمال أن يخلق النتيجة المرجوة؟ هل هناك وسيلة أخرى لتحقيق التغييرات المرغوبة؟
- إدارة الاندفاعية في التسوق الناتج عن الاكتئاب، قدّم لنفسك فترة زمنية معينة لوضع العنصر في سلة التسوق عبر الإنترنت قبل شرائه. لاحظ الشعور الذي تحصل عليه من إضافة العنصر إلى سلة التسوق - هناك معلومات هامة يمكنك استكشافها. على سبيل المثال، إذا كنت تعتقد أن شراء سترةً أنيقة جديدة قد تكون سبباً في التفاخر به أمام أصدقائك، قد تشعر برغبة في التواصل معهم. باستخدام هذه الرؤية، يمكنك التواصل مع صديق بدلاً من إجراء عملية شراء.
- إلغاء الاشتراك في قوائم البريد الإلكتروني للتسوق وإلغاء متابعة العلامات التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي التي تجدها غير ضرورية.
في الختام
إن التسوق الناجم عن الاكتئاب يعكس تفاعلاً معقداً بين الحالة العاطفية والسلوك القهري. فعندما يصبح التسوق وسيلة مؤقتة للهروب من الاكتئاب، يصبح من المهم فهم التفاعل بين العوامل النفسية والاقتصادية التي تلعب دوراً في هذا النوع من السلوك. من خلال التفاعل مع العواطف وفهم القصص التي نروجها لأنفسنا حول الشراء، يمكننا العمل نحو تحسين استراتيجيات التعامل مع الاكتئاب والتسوق الناجم عنه.
إدارة الاحتياجات العاطفية واستكشاف وسائل بديلة للرعاية الذاتية يمكن أن تساهم في تحسين الصحة النفسية وتعزيز التوازن في الحياة. لذلك علينا أن نتذكر دائماً أن السعادة والرضا لا يأتيان فقط من ممتلكاتنا، بل من التوازن والرعاية الصحية لأنفسنا.
أضف تعليقاً