تربط عمليات كيميائية غير مرئية بين أولئك الذين يهتمون ببعضهم بعضاً؛ حيث يشعر العشاق الذين تنبض قلوبهم لبعضهم بأنَّهم أكثر تقارباً واستقراراً، كما يشعر العملاء الذين يتوافقون مع المعالجين بأنَّ جلساتهم العلاجية تؤتي ثمارها، وقد وجد العلماء أيضاً أنَّ العواطف الحادة تتعارض مع معدل ضربات القلب، وقد كتب أحدهم: "خلال تجربة المشاعر السلبية مثل: الغضب والإحباط والقلق، تصبح إيقاعات القلب أكثر اضطراباً وتقلباً، مما يدل على تزامن أقل بين الجهاز العصبي الودي (sympathetic) والجهاز العصبي اللاودي (parasympathetic) من الجهاز العصبي اللاإرادي (ANS)". بعبارة أخرى، تنتج العواطف غير المتزامنة معدلات قلب غير متزامنة، فالقلب ليس مجرد استعارة للحب؛ بل هو جزء منه، كما وجدَت دراسةٌ أخرى أنَّ الأزواج في حالات الصراع المحتدم يكون لديهم شرايين سباتية أكثر سماكةً، مما يشير إلى أنَّ القلب المتحجر أمر سيء للزواج والصحة.
ومع ذلك، يمكِن أن تكون المشاعر الإيجابية النابعة من أحد الشريكين بمثابة قوة شفائية، فعندما يُقدِّم المرء ببساطة شعوراً بالرعاية أو القلق تجاه الآخر، فإنَّه يؤدي إلى تغييرات قابلة للقياس في قلب المتلقي، فالمشاعر الجيدة واضحة وتنتشر بين الناس المرتبطين؛ حيث وجدَت دراسةٌ أخرى في حفل زفاف أنَّ مستويات الأوكسيتوسين (Oxytocin) للعروسين والأقارب المقربين والأصدقاء ارتفعَت دفعةً واحدة.
يربط الحب الشركاء ويُغيِّرهم؛ فهل لاحظتَ من قبل كيف يبدو الزوجان المتزوجان منذ فترة طويلة متشابهين؟ العلم يدعم هذا الأمر أيضاً؛ حيث عرض عالم النفس الاجتماعي "روبرت زايونتس (Robert Zajonc) على بعض المتطوعين صوراً لأزواج، بعضهم في السنة الأولى من زواجهم، وبعضهم في عامهم الخامس والعشرين، وأزال الباحثون معلومات إضافية من الصور لترك الوجوه فقط، وكان المتطوعون قادرين على اختيار الأزواج ذوي العلاقات طويلة الأجل في كثير من الأحيان أكثر من الأشخاص غير المرتبطين أو الأزواج ذوي العلاقات قصيرة الأجل، وأصبحَت وجوه الناس بالفعل أكثر تشابهاً مع مرور الوقت، وتكهَّنَ الباحثون أنَّ أحد الأسباب هو أنَّ العشاق ينظرون إلى بعضهم بعضاً ويتعاطفون مع بعضهم لسنوات، ويحاكون ويعكسون ما يرونه، وللأزواج ذوي العلاقات طويلة الأمد وظائف كلى مماثلة بشكل غير عادي، ومستويات كوليسترول متشابهة في الدم، وقوة عضلية متقاربة أيضاً.
العلاقة الحميمة ليست مجرد اتفاق اجتماعي؛ بل هي صفقة تغيير للحياة تجعل الشخصان شخصاً واحداً له الشكل والتصرف نفسه والهوية أيضاً؛ فهذه هي قوة الحب.
أضف تعليقاً