في المقابل أظهرت باقي الدراسات الترابط الذي يتوقَّعه المنطق بين الاثنين، أي أنَّ الجنس يُعَدُّ أساسيَّاً في قضايا العلاقات الزوجية. حيث تساءلت "ليندزي هيكس" (Lindsey Hicks) من جامعة ولاية فلوريدا إذا ما كان الموضوع برمَّته يتعلق بطريقة طرح السؤال كما هو الحال مع العديد من الأمور في الحياة. حيث تعطي معظم استطلاعات الرأي النفسية الأشخاص الذين تُستطلَع آراؤهم وقتاً للتفكير، في حين كانت السيدة "هيكس" التي لم تكن مقتنعةً بذلك ترغب في الحصول على إجاباتٍ فوريةٍ وفطرية.
بدأت الدراسة التي أجرتها السيدة "هيكس"، والتي نُشرَت في مجلة (Psychological Science)، بالقيام بما قامت به الدراسات السابقة، فقد تعاونت مع فريقٍ من زملائها على جمع 240 رجلاً وامرأة تزوجوا حديثاً، ومن ثمَّ فُصِلَ الأزواج عن بعضهم وطُلِبَ منهم الإجابة عن استطلاعٍ حول مدى رضاهم عن أزواجهم وكم مرةً يمارسون الجنس (وهي الحقيقة التي يتفق عليها الأزواج والزوجات على الرغم من وجود من يشكك فيها).
بيد أنَّ السيدة "هيكس" لم تقف هنا، إذ إنَّها كانت تظنّ أنَّ السبب الذي جعل نتائج الدراسات التي أُجريَت على هذا الموضوع متباينةً هو أنَّ العديد من الناس يريدون أن يروا أنَّ زواجهم في حالةٍ جيدة على الرغم من ندرة ممارستهم للجنس أو أنَّهم يريدوا أن يقنعوا أنفسهم أنَّ ممارسة الجنس بصورةٍ منتظمة يجب ألَّا تكون مهمةً في الحفاظ على علاقة صحية. ولكنَّ الرغبة في رؤية أمرٍ ما أو الرغبة في الاعتقاد به شيء ورؤيته والاعتقاد به حقيقةً شيءٌ آخر. لذا كانت "هيكس" في حاجةٍ إلى طريقةٍ للتمييز بين الأمرَين.
اقرأ أيضاً: 6 فوائد صحيّة تمنحُها العلاقة الحميمية للزوجين
كان الحلّ بالنسبة إليها يكمن فيما يُعرَف باختبار السلوك الآلي، إذ تقيس مثل هذه الاختبارات المشاعر الفورية، حيث يُعرَض على المشاركين صورة ومن ثمَّ تَظهَر لهم إمَّا كلمة إيجابية (رائع- مدهش- ساحر) وإمَّا كلمة سلبية (بغيض- مزعج- مُريع). ويجب عليهم حينما يروا الكلمة أن يُحدّدوا بأسرع ما يمكن إذا ما كانت الكلمة سلبيةً أم إيجابية حيث تقاس سرعة استجابتهم باستخدام لوحة مفاتيح تقيس الزمن الذي استغرقته ردة فعلهم. وكانت دراساتٌ سبقت هذه الدراسة قد أظهرت أنَّ السرعة في تحديد الكلمات الإيجابية والبطء في تحديد الكلمات السلبية تشير إلى أنَّ المشارك يُبدي سلوكاً إيجابيَّاً تجاه ما رآه في الصورة. أمَّا البطء في تحديد الكلمات الإيجابية والسرعة في تحديد الكلمات السلبية يشير إلى العكس.
ومن أجل استخدام الاختبار لبلوغ أهدافها الخاصة، نظَّمَتْ "السيدة "هيكس" المشاركين بحيث يتعاملون مع عدة مجموعات من الكلمات. في المجموعة الأولى يصنِّف المشاركون الكلمات من دون أن يروا صورة، وفي المجموعات اللاحقة كان يسبق تصنيف الكلمة عرض إمَّا صورة المشارك/ المشاركة نفسه/ نفسها أو صورة زوجه/ زوجها.
اقرأ أيضاً: 5 نصائح صحيّة للحصول على علاقة جنسية ناجحة
وجدت السيدة "هيكس" وزملاؤها أنَّه على الرغم من عدم ربط المشاركين تواتر ممارسة الجنس مع حجم الرضا الذي أظهروه على شركائهم إلَّا أنَّ هذا التواتر مرتبط ارتباطاً كبيراً بالسلوكات الآلية لأحدهم تجاه الآخر. إذ إنَّ أولئك الذين قالوا إِنَّهم يمارسون الجنس مع أزواجهم مرَّتَيْن أو أكثر في الأسبوع كانوا أكثر سرعةً في تحديد الكلمات الإيجابية وأبطأ في تحديد الكلمات السلبية بعد رؤية صور أزواجهم. والعكس كان صحيحاً عند أولئك الذين يمارسون الجنس مع أزواجهم مرةً في الأسبوع أو أقل. مع العلم أنَّ هذه التأثيرات لم تظهر على المشاركين بعد أن رأوا صوراً لأنفسهم أو خلال التجربة الأولى الخالية من الصور.
اقرأ أيضاً: 5 أشياء يجب الابتعاد عنها قبل ممارسة العلاقة الحميمة
إنَّ النتيجة التي توصَّلت إليها السيدة "هيكس" لا تعني أنَّ الأشخاص الذين قالوا ألَّا علاقة للجنس بالسعادة الزوجية كانوا يكذبون لأنَّهم قد يكونون مؤمنين بصدقٍ بما يقولون، ولكنَّها تشير إلى أنَّهم يخدعون أنفسهم. إنَّ القضية لا تتعلق بالشهوة الجنسية فحسب، فإذا بدأت العلاقة تسير في الاتجاه الخاطئ وأراد الزوجان أن يصلحا الأمر فإنَّ فهم مَكْمَن المشكلة الحقيقي يُعَدُّ مهمَّاً. هذه دراسةٌ واحدة بالطبع، ولكنَّها إذا أُعيدَت بنجاح فقد يجب على الذين يقدمون الاستشارات الزوجية حول العالم أن يعيروها انتباههم.
أضف تعليقاً