1- احترام الخصوصية:
حينما تعشق شخصاً ما تحبّ التحدّث عنه، لكن في العلاقات الصحية ثمَّة خطٌّ واضح لا يجوز تجاوزه، لا شكَّ في أنَّك قد تتحدّث مع أصدقائك المقربين عن بعض الأمور الرومانسية التي يقوم بها الشريك أو قد تلتفت يميناً ويساراً وأنت تتحدّث عن بعض التصرّفات السخيفة التي يقوم بها، لكن ثمَّة أمور يجب عليك ألَّا تقولها.
ربما أسرَّ لك شريكك بأمورٍ وهو واثقٌ من أنَّك لن تبوح بها إلى الآخرين، حتى إن وعدوك ألَّا يخبروا بها أي أحد، فإذا اكتشف أنَّك فعلت ذلك قد يشعر أنَّه تعرّض للخيانة وسيُقوّض هذا ثقته بك.
الأمر نفسه ينطبق على الشجارات والخلافات، إذ على الرغم من أنَّه لا بأس أحياناً في أن تبوح لشخص موثوق بما يدور في ذهنك إلَّا أنَّ خلافاتك مع شريك يجب أن تبقى بينكما، وإدخال طرفٍ ثالثٍ ليُقدّم لك رأياً منحازاً أو ليجعلك ترى الشريك بصورةٍ أكثر سلبية سيكون استهتاراً كبيراً بالشريك.
2- الاستقلالية:
العلاقة الصحية طرفاها شخصان مستقلان تماماً بقيا معاً لأنَّهما يريدان أن يكونا معاً – وليس لأنَّهما يشعران أنَّهما مجبران على ذلك. هذا يعني أنَّ الشخص يجب ألَّا يكون لديه مشكلة في ممارسة أنشطة خاصة به مثل:
- الخروج مع الأصدقاء.
- اتّباع طريقه المهني الخاص أو السعي إلى تحقيق أحلامه الخاصة.
- ممارسة الهوايات.
- قضاء بعض الوقت وحيداً من أجل التعافي والحصول على قسط من الراحة.
هذا لا يعني ألَّا تشارك في حياة الطرف الآخر وألَّا يشارك الطرف الآخر في حياتك، بل يعني فقط أن يكون لديك أيضاً حياتك الخاصة، وهذا الأمر يُعَدُّ ميزةً إيجابية في العلاقات الصحية.
أمَّا في العلاقات غير الصحيّة قد يغار أحد الطرفين من حياة الطرف الآخر، أو عمله، أو أصدقاءه أو قد يحسده عليهم، ويكون هذا نتيجة الفقر العاطفي، وانعدام الشعور بالأمان، والسعي إلى الحصول على التقدير وهي أمورٌ يمكن أن تؤذي العلاقة على المدى البعيد، وقد يلجأ هذا الطرف إلى جعل الطرف الآخر يشعر بالذنب، أو إلى التلاعب به، أو إلى حججٍ غير منطقية، أو إلى الإكراه للحصول على ما يرغب.
3- الرغبة في العطاء:
يُعَدّ العطاء جزءً أساسياً في العديد من العلاقات لكنَّ الأشخاص الذين يعيشون علاقاتٍ صحية هم فقط الذين يمارسون العطاء بشكلٍ إيجابي، وثمَّة نوعٌ جيدٌ وصحيٌّ من العلاقات يتضمن الشعور بالسعادة في أثناء القيام بذلك ودون توقع الحصول على أي شيءٍ في المقابل. أنت تحب أن ترى شريكك سعيداً وشريكك يجب أن يراك سعيداً لذلك من الطبيعي أن تمارس العطاء وترسم الابتسامة على وجه الطرف الآخر.
في المقابل لا يمارس الأشخاص الذين يعيشون علاقةً سيئة العطاء أبداً إلَّا إذا كانوا يبحثون عن شيءٍ مقابله، وهذا يشيع داخل العلاقة جواً يسوده انعدام الثقة والشعور بالضيق، فقد تشعر أنَّ الهدية التي يقدمها لك شريكك تعني أنَّه يوشك على خيانتك أو ارتكاب خطأٍ ما.
في العلاقات الصحية يعطي الطرفان دون مقابل أمَّا في العلاقات غير الصحية ربما تشعر أنَّك مجبرٌ على العطاء وقد يجعل الشريك شريكه يشعر بالذنب ليحصل منه على شيءٍ ما.
4- الدعم:
في العلاقات الصحية يكون الشخص الذي تحبه موجوداً دائماً قربك ليقدم لك الدعم ويحثَّك على أن تكون شخصاً أفضل، وحينما تسعى إلى تحقيق أهدافك سيدعمك من أعماق قلبه وسيساعدك، وحينما تنجح يمكنك أن تراهن بكل ما تملك أنَّه سيكون موجوداً ليحتفل بنجاحك.
لكن في العلاقات غير الصحية لا يكون المستوى نفسه من الدعم موجوداً وقد تشعر عوضاً عن ذلك أنَّ الطرف الآخر مصدر إحباط، وقد يحصل هذا في بضعة حالات مختلفة مثل:
- الشعور بالعجز: ربما تشعر أنَّك محبطٌ فعلاً حينما تفكر في مستقبلك لأنَّك مضطرٌّ إلى التأكُّد من أن يكون ما تفكر فيه مناسباً لشريكك – وهذا يعني أن تسلك وجهةً تخالف التي كنت تريد سلوكها.
- الافتقار إلى الثقة: قد يحبطك شريكك ويقنعك أنَّك لن تنجح في السعي إلى تحقيق أحلامك.
- الحسد: إذا كان لديك شريكٌ يعتقد بأنَّك منافسٌ له قد يشعر بالمرارة حينما تحقق النجاح وقد يحسدك بشدة كُلّما أحرزت تقدماً في حياتك مما قد يجعلك تشعر بالذنب حينما تقدم أداءً جيداً.
- الغيرة بين الزوجين: قد يمنعك شريكك من السعي إلى تحقيق أحلامك خشية أن تهجره وقد يضع في طريقك العراقيل فعلاً من أجل أن تبقى جانبه.
5- المساواة:
تُعَدُّ المساواة من خصائص العلاقة الصحية، فكِلا الطرفان يحترم أحدهما الآخر ويَعامله كندٍّ له في كل شيء، ولا وجود لفكرة أنَّ أحداً يستحق أكثر ممِّا يستحق الآخر في جميع الجوانب المتعلقة بـ:
- المال.
- الحرية.
- وقت الفراغ.
- العمل.
- المكاسب.
- الاحترام.
- الإنصات.
هذا يعني تقديم التنازلات في الكثير من الأمور فإذا كان أحد طرفي العلاقة يعمل من التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساءاً يجب على الطرف الآخر أن يتولى أداء مزيدٍ من الواجبات، وإذا كان كِلا الطرفين يعملان يجب عليهما أن يتقاسمان تحمُّل الأعباء، إذ لا يمكن في أي حالٍ من الأحول أن يجلس أحدهما أمام التلفاز بينما الآخر منشغلٌ بالقيام بجميع المهام المنزلية وواجبات العناية بالأطفال.
أمَّا العلاقات غير الصحية تسيطر عليها الأنانية التي تؤدي إلى نشوب معارك بين الطرفين لإثبات الأفضلية، ولا تكون الواجبات وحدها سبباً في نشوب هذه المعارك بل يكون للحقوق يدٌ فيها أيضاً، فقد يشعر أحد طرفي العلاقة أنَّ كلامه يستحق أن يحظى دوماً بالإنصات لكنَّه لا يُنصت أبداً إلى الطرف الآخر أو قد يشعر أحد الطرفين أنَّ الطرف الآخر مدينٌ له لأنَّه أدى واجباتٍ إضافية.
6- محاربة المشاكل:
الخلافات ليس أمراً لطيفاً لكن حينما يتم التعامل معها بطريقةٍ إيجابية يمكنها أن تساعد في تقوية العلاقة، وإذا كانت فكرة الخلاف المفيد تبدو غير مألوفةٍ بالنسبة إليك ألقِ معنا نظرةً على هذه الطرائق التي يمكن ممارسة الخلاف فيها بطريقةٍ تنعكس صحياً على العلاقة إذا ما وازناها مع العادات غير الصحية التي يمارسها الأشخاص الذين يعيشون علاقةً غير صحية:
- التعلّم:
حينما تختلفان سيعرف أحدكما المزيد عن الآخر وسيتفهم احتياجاته بشكلٍ أفضل، وإذا أحسنت التعامل مع الحالة ستكون قادراً على فهمه بشكلٍ أوضح، ومعرفة كيفية تجنُّب هذه الخلافات في المستقبل، وستعرف أيضاً كيف تتعامل مع هذه المواقف التي تؤدي إلى الخلاف بشكلٍ أفضل.
في المقابل يجمع الأشخاص الذين يعيشون علاقةً سيئة هذه المعلومات ليستخدموها ضد شركائهم في المستقبل، ولا يسعون إلى التعلم من الخلافات التي تنشب بينهم لمنع نشوبها مجدداً في المستقبل – بل يتعلمون منها ما يستطيعون من خلاله "كَسْب" الخلافات المستقبلية.
- التنازل:
تتضمّن الخلافات الصحية تقديم التنازلات إذ ثمَّة رأيان أو خياران مختلفان ويجب عليك أن تعثر على حلٍّ يرضي كِلا الطرفين. يحتاج هذا إلى أن يبذل الطرفان الكثير من الجهد لكن ثمَّة دائماً خيارٌ سيجعل كِلا الطرفين يشعران بالرضا نسبياً.
في المقابل تُعَدُّ الخلافات غير الصحية خلافاتٍ أنانية حيث يصر أحد طرفي العلاقة في مثل هذه الحالة على أن تسير الأمور وفقاً لما يريد ويرفض التنازل وهذا قد يؤدي إمَّا إلى جدالٍ لا ينتهي وإمَّا إلى إجبار أحد الطرفين على التنازل.
- التعاون:
يجب أن يكون الهدف دائماً من الخلاف حلّ مشكلةٍ ما وهذا يعني أن تحارب أنت وشريكك المشاكل – لا أن يحارب أحدكما الآخر.
في العلاقات الصحية يُعَدُّ هذا واضحاً حيث يحاول كِلا الطرفين الحفاظ على الهدوء وإجراء حوارٍ مثمر والتفكير بشكلٍ إيجابي، بينما في العلاقات غير الصحية ينشغل كِلا الطرفين بالحفاظ على كبريائهما و"كسب" المعركة فلا يتمكنان من العثور على الحل الذي يحتاجون إليه.
7- الشعور بالأمان والثقة:
حينما تكون العلاقة بين الزوجين جيّدة سيشعر كل طرفٍ بالأمان مع الطرف الآخر وسيثق أحدهما بالآخر دون شك، فكم من الرائع أن تعود في نهاية اليوم إلى مكانٍ تعرف أنَّه آمن وإلى شخصٍ تعرف أنَّه يحبك بغض النظر عن أي شيء.
سيمنح هذا كِلا الطرفين أيضاً مزيداً من الحرية إذ سيكون لكل واحدٍ منهما حياته وأصدقاؤه وسيشعر في الوقت نفسه بالأمان الذي يوفره الحب الذي يتبادله مع الطرف الآخر وهذا الأمر يُعَدُّ ميزةً مهمةً في العلاقات الصحية.
لكن في العلاقات غير الصحية سيشعر أحد الطرفين – أو كلاهما – بانعدام الأمان، وسيحسد الطرف الآخر على العلاقات التي لديه وسيتصرف بطريقةٍ متسلطة أو سيتجسس على الرسائل النصية ليعثر على أي دليلٍ يدينه. هذه الأمور تنشئ جواً يسوده انعدام الأمان وتجعل العلاقة غير مستقرةٍ ومتقلبة.
8- العفو والمسامحة:
أنتما إنسانان ولا بدّ من أن ترتكبا الأخطاء في بعض الأحيان لكن بعد أن ينتهي كل شيءٍ وتجلساً معاً للنقاش يكون كل طرفٍ مستعداً للعفو عن الطرف الآخر ونِسيان ما حصل، وهذا ما يُميّز العلاقة الصحية.
أمَّا في العلاقات غير الصحيّة يرى أحد الطرفين أو كلاهما صعوبةً في العفو على الرغم من أنَّهما قد يحاولان ذلك، وسيسود بين الطرفين على الأرجح جوٌّ يعمُّه البغض والاستياء وسيصطدم الطرفان في نهاية المطاف. إنَّ الانشغال بما حدث في الماضي يُعَدُّ مؤذياً ولا يفيد العلاقة في أي شيء.
9- التخطيط:
في العلاقة الصحيّة يعلم الطرفان أنَّهما سيبقيان معاً مدةً طويلة فيضعان هذا في الحسبان حينما يُعِدَّان الخطط التي تُنظِّم حياتهما، ويتّخذان القرارات ويستعدان لما هو قادم كأنَّهما كيانٌ واحدٌ متماسك فيفكران بطريقةٍ إيجابية ويعامل أحدهما الآخر باحترام.
أمَّا في العلاقة غير الصحيّة لا يفعل الطرفان هذا ويمارسان عوضاً عن ذلك سلوكاتٍ أنانية ويتخاصمان لأنَّ كل طرفٍ يرفض التنازل عن رغباته وسيفرض على الطرف الآخر الاستسلام لرغباته الشخصية مستقبلاً من أجل أن يُحقّق هو النجاح، ولك أن تتخيّل كيف سيؤدي هذا إلى التوتر.
10- التقبُّل:
من أساسيات العلاقات الصحيّة أن يحب كِلا الطرفين الطرف الآخر ويحترمه تماماً، هذا يعني تقبل جميع سلوكاته الغريبة، وعيوبه، وخصاله، وأن يحبه كما هو.
في المقابل سيحاول كل طرفٍ في العلاقة السيئة أن يغير شريكه بما يتناسب مع رغباته وقد يتحكّم به أو يجعله يشعر بالذنب ليُغيّر سلوكاتٍ معينةً يمارسها. يُعَدُّ هذا التصرّف تصرّفاً مؤذياً تماماً ويُظهر غياب الحبّ الحقيقي للطرف الآخر.
النمو والتطور الشخصيان ضروريان بكل تأكيد، لكنَّ كلمة السر هنا هي "الشخصي"، أي يجب على الطرف الآخر ألَّا يجبرك على التغير وألَّا يطلب من أن تبدل تصرفاتك، بل يجب عليه عوضاً عن ذلك أن يحثك على النمو والتطور حثَّاً – مثلما يجب عليك أنت أيضاً أن تفعل معه.
باختصار:
قد يكون بناء علاقةٍ صحية عملاً شاقاً لكنَّها تستحق ذلك تماماً لأنَّها ستجعلك سعيداً وستدفعك إلى عيش حياةٍ أفضل ولن تُلْحِق بك الأذى. تذكر هذا مستقبلاً وستستمتع بعلاقاتٍ عظيمةٍ بكل تأكيد.
أضف تعليقاً