المشاعر السلبية والكذب على النفس ضار بالصحة:
كل شخص يتحدَّث مع نفسه من وقت لآخر، ومع أنَّ الآخرين لا يسمعوننا، لكنَّ الكذب والمراوغة أمام "أنفسنا" يمكن أن يؤدي إلى خلاف خطير، فالإنسان محمَّل بالحقد والضغينة، وهذا بدوره يعقِّد المشكلات بداخله ويتسبب بتدنِّي احترامه لذاته إضافةً إلى تدهور الصحة النفسية.
يمكن أن تثير المشاعر السلبية اللامبالاة والاكتئاب لفترات طويلة، وعندما يحدث عدم توازن بين المزاج الداخلي والسلوك، يبدأ الشخص في تأنيب نفسه، ومع ذلك لا يمكننا دائماً رفض المشاعر غير الضرورية والاعتراف بأنَّ السبب الحقيقي للفشل يكمن في أنفسنا، فمن الأسهل على الناس أن يكذبوا على أنفسهم من أن يروا الحقيقة، وفي هذه الحالة تكون مشاعرنا إيجابية تجاه أنفسنا؛ لأنَّنا نلوم الآخرين والظروف على إخفاقاتنا.
الأشخاص الذين يكذبون على أنفسهم معتادون على الهروب من الواقع وتجميله، لكنَّ القدرة على أن تكون حقيقيَّاً تترك بصمة في جميع مجالات الحياة؛ لذلك يجب على الشخص مغادرة منطقة الراحة كون هذه هي الطريقة الوحيدة لتحسين حياته.
من أين نبدأ؟
من الصعب أن تتوقف عن الكذب على نفسك إذا واصلت التفلسف ولم تلاحظ الحقائق الواضحة؛ لذا بدايةً تحتاج إلى اكتشاف المشكلات وتحديد أوجه القصور فيها، ويمكن أن تسبب هذه العملية مشاعر سلبية، لكنَّك تحتاج إليها ولن تنجح دونها.
اكتب كل شيء تريد تغييره على شكل نقاط، ولكن في المقابل اكتب حلاً لكل منها، وتحدَّث إلى نفسك الداخلية واسأل نفسك تلك الأسئلة التي كنت تخشى الإجابة عنها سابقاً، فينصح علماء النفس بإجراء تجربة بسيطة تتضمن تسجيل جميع الإجابات ومن ثم العودة للحوار الذاتي بعد أسبوع.
عند مقارنة الردود ستقدِّر مدى تقدُّمك وما يجب أن تعمل عليه، إذا كنت تريد التوقف عن الكذب على نفسك فأنت بحاجة إلى تطوير ضبط النفس، فعلِّم نفسك أن تلاحظ أخطاءك، واعترف بصدق بعيوبك؛ وسوف يساعدك ذلك على تحمُّل المسؤولية وتغيير حياتك.
لا تعطِ إجابات بسيطة للأسئلة الصعبة:
إذا كنت تريد أن تكون صادقاً للغاية مع نفسك فلا يمكنك ترك الأسئلة دون إجابة؛ لأنَّ الأحكام السطحية لن تساعدك على تغيير أفكارك وعواطفك، بينما تصل البصيرة إلى أعماق نفسك.
يمكن للإجابات المتسرعة أن تجعل الحياة أسهل، لكنَّها غالباً ما تكون بعيدة عن الحقيقة، فالواقع القاسي يدمِّر أحلامنا ويغير مشاعرنا ويجبرنا على الاعتراف بالأخطاء؛ إنَّه يتسبب في أزمة وعي، مما يجعلنا نبالغ في تقدير الحياة، وبعد هذه الصدمات نبدأ في فهم سبب أهمية قول الحقيقة لنفسنا.
أدرك المشاعر الحقيقية:
غالباً ما يدين الناس أنفسهم بسبب العواطف، فأحياناً يكون قبول مشاعرك أمراً معقداً ومن الأسهل خداع نفسك والاعتقاد بأنَّك دائماً ما مررت بمشاعر متوازنة فقط، لكن من الضروري أن تتعلم قبول مشاعرك مهما كانت، وبعد ذلك ستختفي الرغبة في الكذب على "ذاتك" الداخلية.
من الضروري الاستماع إلى نفسك والتعامل مع أحاسيسك باحترام حتى لو كانت تسبب مشاعر سلبية، فالإنسان الذي ينكر دوافعه الروحية نصف ميت، وإذا كنت لا تحترم آراءك فلن يحترمها الآخرون أيضاً.
شاهد بالفيديو: 10 أفكارٍ مدهشة تساعدك على تطوير الذات
عواطف الإنسان: وقف آلية الدفاع عن النفس
إنَّ مشاعر الشخص الذي يريد تلبية توقعات الآخرين متناقضة، وتشتمل أجسادنا على آلية للدفاع عن النفس، فاسمح لنفسك بأن تكون على طبيعتك لتحافظ على شخصيتك، وبمجرد محاولة التكيف مع شخص ما تذكَّر على الفور اهتماماتك فلا تختلق الأعذار ولا تكن شريراً، بل اعترف بنقصك وطوِّر نفسك.
توجد مشكلة أخرى وهي الرفض الكامل للآراء المختلفة عن آراء الشخص، فيُعدُّ عدم الرغبة في سماع الآخرين أحد أعراض الكذب على أنفسنا، فيخفي الشخص عواطفه ويعمد إلى آلية "الدفاع عن النفس" خوفاً من تدمير عالمه الوهمي.
كن واقعياً بشأن قدراتك:
تقييمنا لقدراتنا هو نوع شائع أيضاً من الكذب على الذات، فإنَّ الشخص الذي يقوم بمهام غير منطقية يفتقر إلى الاحتراف، ويفقد ثقة الآخرين به نتيجة لذلك فتضرر سمعته؛ لذا اكتب نقاط ضعفك وقيِّم مهاراتك المهنية على مقياس من خمس نقاط، ثم فكر في كيفية تحسين مهاراتك وركز على نقاط قوتك، واعترف بأنَّ قدراتك محدودة وقرر كيف ستعمل على تطويرها.
عندما يكون الإنسان غير راضٍ عن حياته ولكنَّه في نفس الوقت غير مستعد لتغيير أي شيء، سيبدأ في العيش بأحلام وهمية، ويوهم نفسه أنَّ كل شيء سيكون على ما يرام، وأنَّ الآن ليس الوقت المناسب لاتخاذ إجراء حاسم بل يجب الانتظار، مثل هذا الخداع الذاتي لا يؤدي إلا إلى تفاقم الموقف، فنحن نحلم بأشياء نحتاج إلى بذل جهد من أجلها ولكنَّنا لا نفعل شيئاً.
المعايير الصحيحة أم الكذب على أنفسنا؟
عندما نكون غير راضين عن شيء ما ولكنَّنا نستمر في إقناع أنفسنا بأنَّ التغيير غير ممكن، فإنَّ ذلك يعني أنَّه حان الوقت لإجراء حوار داخلي مع "أنفسنا"، فنحن نحاول أن نقنع أنفسنا بأنَّ كل شيء يسير كما هو مخطط له، ولكن ربما تبدو مهمة معينة صعبة للغاية أو لا تعنينا تماماً، وهنا يجب التفكير ملياً في سبب وصول الموقف إلى حيث نشعر بمشاعر سلبية.
إذا أجبت بصدق على أسئلتك الرئيسة فسوف تفهم إلى أين تتجه بعد ذلك، وعندما يكون الشخص صادقاً مع نفسه، فإنَّه يعتمد على معايير صحيحة وليس على خداع وهمي، ولذلك فإنَّه يقوم بتقييم قدراته تقييماً مناسب ويدير موارده إدارة صحيحة، كما أنَّ عواطف الإنسان عندما يكذب على نفسه تمنعه من النظر بعقلانية إلى ما يحدث، وبسبب ذلك تفشل كل آماله.
في الختام:
إذا كنت تريد أن تعيش في وئام مع نفسك، عليك قبول نفسك واحتياجاتك ورغباتك واهتماماتك، ولا تتنازل عن تميزك من أجل وهم أو فوائد سطحية.
أضف تعليقاً