ويسألون ويستفسرون يومياً عن كيفية توجيه أنفسهم نحو التخطيط الجيِّد والمثالي لضمان مستقبل مشرق، سواءً على الصعيد العملي أم العلمي أم الاجتماعي وغير ذلك، ولهذا سنتعرَّف معاً في هذا المقال كيف تخطِّط لمستقبلك بذكاء من خلال الاستثمار في نفسك.
مفهوم الاستثمار في نفسك:
في البداية سنشرح مفهوم الاستثمار في نفسك لمن ليست لديه فكرة عمَّا يعنيه هذا المصطلح، فالاستثمار بالذات أو بالنفس هو عبارة عن كيفية وضع وقتك ومالك وجهدك ومواردك جميعها في سبيل تطوير شخصيتك وتحسين وضعك وزيادة رفاهيَّتك، ويضمن لك الاستثمار في نفسك عادةً نتائج إيجابيةً في كلِّ جانب من جوانب حياتك، إلَّا أنَّه ولكي تستثمر نفسك بذكاء، يجب عليك أن تنوِّع مجالات استثمارك؛ أي لا يجب عليك وضع كراتك جميعها في سلَّةٍ واحدةٍ، فكما يُقال الشخص الذكي هو من يستطيع التركيز على الاستثمار في جانب معيَّنٍ دون نسيان وتجاهل أية جوانب أخرى، ويمكن أن تخطِّط لمستقبلك بذكاء من خلال الاستثمار في نفسك، لأنَّ نفسك هي أثمن من أيِّ شيءٍ على وجه الأرض.
كيف تخطط لمستقبلك بذكاء من خلال الاستثمار في نفسك؟
الاستثمار في نفسك أهمُّ وأسمى أنواع الاستثمارات التي قد تُحسِّن حياتك وترفع جودتها وتضمن لك مستقبلاً مشرقاً وسنعرِّفك على بعض النصائح:
1. كن شخصاً مسؤولاً عن حياتك الخاصة:
يجب أن تكون واعياً أنَّ مسؤوليَّتك تجاه حياتك وتجاربك هي أمرٌ بغاية الأهمية، ويجب عليك فهمه بوضوح وتعزيزه في جوانب حياتك جميعها، فيعدُّ تحمُّل المسؤولية هو أهمُّ خطوةٍ من الخطوات التي تُخطِّط لمستقبلك بذكاء من خلال الاستثمار في نفسك، فعوِّد نفسك دائماً أنَّ هذه حياتك الخاصة وأنَّ كلَّ ما تفعله أو تنفِّذه في حياتك هو مسؤوليتك وحدك ولا أحد غيرك، فلا شأن لإخوتك وأقاربك وزملائك ومعلِّميك وحتَّى شريكك، فقراراتك يجب أن تكون نابعة منك ومن قناعتك فلا يجب أن يتدخَّل الآخرون بك، فكن شخصاً مسؤولاً عن حياتك الخاصة مع مراعاة مشاعر الآخرين وآرائهم، ولكن أخبر نفسك دوماً أنَّ ما تعمل به وما تدرسه وكل ما وصلت إليه، هو من قرارك وحدك وما زال بإمكانك تغيير الأشياء نحو الأفضل لهذا توقَّف عن إلقاء اللوم على الآخرين وعدِّهم السبب في مصائبك جميعها.
2. حدِّدْ أهدافك بذكاء:
لتنجح في الاستثمار في نفسك، عليك تحديد أهدافك بذكاء إذ يجب عليك أن تضع أفكاراً قابلةً للتَّطبيق والقياس واقعياً، فدون أهداف واضحة أنت كالطائرة التي تطير لا تعرف إلى أين هي متوجِّهة، فقط تحوم في السماء بلا هدف.
استثمر وقتك في الأشياء التي ترغب في تحقيقها والحصول عليها، فأنت بذلك تخطِّط لمستقبلك بذكاء من خلال الاستثمار في نفسك، وعلى أهدافك أن تكون محتوية على الشروط الآتية:
- قابلة للتَّحقيق.
- واقعية.
- مُحدَّدة بزمنٍ مُعيَّنٍ.
- قابلة للقياس.
3. احرص دوماً على القراءة والتعلم:
القراءة توسِّع من رؤيتك للحياة حولك وتزيد من معرفتك في أيِّ موضوع وتُحسِّن نظرتك للعالم عموماً؛ لهذا احرص دوماً على القراءة والتعلُّم من أجل أن تُخطِّط لمستقبلك بذكاء من خلال الاستثمار في نفسك، فالقراءة هي زادُ الفقراء تستطيع بسعرٍ بسيط اكتسابَ خبراتِ أذكى الأشخاصِ في مختلف المجالات، وتخبرنا تجارب بعض الأشخاص عن تأثير القراءة في حياتهم، وكيف قلَبَتها رأساً على عقب وغيَّرتها تغييراً شاملاً، فالشخص القارئ قادرٌ على التنقُّل من موضع لآخر في حياته ببساطة، ويمكنك البدء بقراءة المقالات العلمية أو كتب التطوير الذاتي والاستفادة من النصائح لتحسِّن حياتك من خلالها وتزيد ثقافتك أيضاً.
إضافة إلى أنَّك بواسطة القراءة تستطيع تعلُّم المزيد عن عملك وعن فرع دراستك وجميع جوانب حياتك، كما تتمكَّن من تعلُّم نصائح تُحسِّن من شخصيتك وطرائق تعاملك مع الآخرين ومع شريك حياتك وترشدك نحو استثمار أموالك بالطريقة المثالية والصحيحة، لهذا خصِّصْ كلَّ يوم وقتاً للقراءة ولو حتَّى نصف ساعة سواء لقراءة مجلة أم كتاباً أم أياً يكن.
شاهد بالفديو: الاستثمار في الذات أقصر طريق لتحقيق النجاح
4. حسِّنْ عاداتك وروتينك:
لا يمكن لشخص يقضي نهاره في متابعة التلفاز وتناول الوجبات الجاهزة، أن يكون مستثمِراً جيداً في نفسه، ولا يمكنه بالطبع إعمال عقله نحو التفكير السليم والتخطيط الجيِّد للمستقبل، لهذا حسِّن عاداتك وروتينك من أجل ضمان تحقيق أهدافك بعيدة الأمد، علاوة على ذلك ستضمن بقاء صحتك مثالية وستحافظ على وزنك ضمن حدودٍ جيدة وستبقى قادراً على الإنتاج والعمل كل يوم، فقوَّة العادة هي التي ستدفعك للاستمرار عندما تفقد الإرادة وتنسى الدافع وتشعر بأنَّك ضائعٌ في الحياة ويمكنك الاستثمار في روتينك من خلال الطرائق الآتية:
- وضعُ وقتٍ محدَّدٍ وترتيب عاداتك الرئيسة وممارستها ممارسةً منتظمةً، كما يمكنك مراجعة وتعديل روتينك ليصبح متماشياً مع الأهداف التي تريد تحقيقها في مستقبلك، كما سيساعدك اختيار صديق له أهداف مماثلة لأهدافك فتتشاركون مع بعضكما متاعب الوصول.
- المحافظة على الاستثمار الجيِّد في أدوات وتطبيقات تمكِّنك من الحصول على المال دائماً، وتمكِّنك من أن تخطِّط لمستقبلك بذكاء من خلال الاستثمار في نفسك ومالك، إذ يمكنك المشاركة في برامج تساعدك على النجاح في الأمور المالية.
- كتابة يومياتك دائماً تساعدك على معالجة عواطفك وتنظيم جميع أفكارك تنظيماًمثالياً، وعندما تفقد الأمل، تُذكِّرك بما أنجزته وحقَّقته فتعطيك دفعةً نحو الأمام.
5. استثمِرْ في علاقاتك الاجتماعية:
لا يمكن أن تُخطِّط لمستقبلك بذكاء من خلال الاستثمار في نفسك من دون أن تستثمر في علاقاتك الاجتماعية استثماراً مثالياً، إذ يجب عليك تكريس وقتك ومواردك من أجل تنمية علاقات جيدة مع كلِّ الأشخاص حولك، فمثلاً إذا كنت تعاني من الرهاب الاجتماعي، لن يمكنك تحقيق معظم أهدافك في المستقبل فكما هو متعارفٌ عليه، الإنسان الناجح يكون لديه الكثير من المعارف والأصدقاء ويكون محبوباً في المجتمع الذي يعيش فيه.
يمكنك حضور ندوات تثقيفية عن معالجة الرهاب الاجتماعي وكيف تصبح صديقاً أفضل ويحبك الناس، كما يمكنك أن تقرأ كتباً عن كيف تكون شخصاً ذا كاريزما ومحبوباً في المجتمع، وتوجد عدة فيديوهات على يوتيوب يمكنها أن تساعدك على الاستثمار في علاقاتك الاجتماعية وتُحسِّنها.
6. استثمِرْ في نفسك روحياً:
يجب عليك رعاية نفسك من الناحية الروحية والنفسية، واستكشاف عالمك الداخلي وتحديد ما تحبُّ وما تكره وتحديد ما تؤمن به من معتقدات وهذا يمكنه أن يظهر بأشكالٍ عديدة، فبعضهم مثلاً يلجأ لممارسة طقوسٍ دينية خاصة، وبعضهم يقضي وقتاً طويلاً في تأمُّل الطبيعة والاندماج فيها إذ يمكن لذلك أن يُعزِّز رفاهيتك العقلية والباطنية، ويُقلِّل من حدَّة توترك ويُعزِّز جانبك المبدع ويشجِّعك على أن تتَّبع أسلوب حياة صحي ومثالي، ويساعدك على أن تخطِّط لمستقبلك بذكاء من خلال الاستثمار في نفسك، لهذا استثمر في نفسك روحياً من خلال الذهاب للمشي مسافات طويلة، وتقضية بعض الوقت في الهواء الطلق، وممارسة الامتنان والشكر الذي يساعدك على تحويل تركيزك نحو الجوانب الإيجابية في حياتك وتحسين صحتك العقلية وتحسين العلاقات ومستوى السعادة العامة لديك.
كذلك خصِّص بعض الوقت لممارسة النشاطات التي تجلب لك السعادة والإثارة، وكن دائماً على استعداد لصنع ذكريات لا تُنسى، فالتفكير بذلك يُحسِّن رفاهيتك ويزيد إبداعك ويوفِّر لك إحساساً دائماً بالإنجاز، اعمل دائماً بجهدٍ لتحقيق أهدافك لكن لا تنسَ أنَّه ما زال بإمكانك الاستمتاع بالحياة.
كيف تبدأ الاستثمار في نفسك؟
توجد الكثير من نصائح الاستثمار الذاتي التي تحثُّك على القيام بأشياءٍ كثيرةٍ من أجل أن تُخطِّط لمستقبلك بذكاء من خلال الاستثمار في نفسك، ولا بدَّ أنَّك عندما تبحث عن هذه النصائح، ستشعر بالضياع ولن تعرف كيفية تحديد أولوياتك وكيف تبدأ الاستثمار في نفسك، لهذا إليك بعض الملاحظات:
- تقسيم الأهداف التي تنوي القيام بها في حياتك إلى أهداف طويلة الأمد وتحتاج لوقت طويل في تحقيقها (دراسة فرع مُعيَّن، الزواج وإنجاب الأولاد، الادِّخار لشراء سيارة أو منزل وغير ذلك)، وأهداف قصيرة الأمد مثل (القيام برحلة حول مدينتك، شراء ملابس جديدة، تغيير نظام أكلك، متابعة برامج توعوية).
- تحديد موقعك الحالي وأين أنت بالنسبة لأهدافك؟ وما هي أولويات حياتك التي تنوي تحقيقها؟
- استكشاف الخيارات المُتاحة أمامك وبناء مستقبلك معتمداً على الواقع لا على الخيال والأحلام.
في الختام:
بعد أن تعرَّفت كيف تخطط لمستقبلك بذكاء من خلال الاستثمار في نفسك، يمكنك البدء من اليوم في وضع الخطط المُفصَّلة التي تحتاجها لتكون عندك الجرأة الكافية للقيام بالخطوة الأولى.
أضف تعليقاً