ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، ويحدثنا فيه عن أهمية قوة الاستثمار في نفسك.
مهما كانت أهدافك لهذا العام ومهما كانت أفكارك، يجب أن يكون لها عنوان محدد؛ وبهذه الطريقة يصبح العنوان بمنزلة البوصلة التي تدفعك إلى تحقيق أهدافك السنوية النهائية؛ لقد كان عنواني في العام الماضي بسيطاً؛ وهو "عام الروتين"، ولقد حددت أنَّه من أجل تحقيق مستوى النجاح الذي أردته، كنت بحاجة إلى أن أكون مجتهداً ومركِّزاً، ولم أكن أبداً شخصاً يلتزم بجدول زمني صارم، وكنت أعرف أنَّه دون قرارات مع سبق الإصرار، لن أكون ناجحاً كما أريد.
في كل مرة أردت أن أنام فيها أو آخذ يوم عطلة أو ألَّا أذهب إلى صالة الألعاب الرياضية أو أسوِّف في أمر ما، كنت أقول في نفسي: لا، هذا هو عام الروتين، وعلى مدار العام الماضي على الرغم من أنَّه لم يكن مثالياً، إلَّا أنَّني تمكنت من إنشاء روتين بنَّاء في إطار جدول زمني فعال ومستمر، وما يزال هذا الروتين مستمر إلى هذا اليوم.
لذا قلت في نفسي: "هذا العام ماذا سيكون العنوان؟ وما هي العبارة التي ستجعل هذا العام ناجحاً؟ مع كل المشاريع الجارية، والوقت والمال اللازمين، أحتاج إلى التركيز في الاستثمارات المالية وغيرها، فقد أكسب المال من كل مشروع وربما لا"؛ لذا كنت بحاجة إلى عنوان منطقي من شأنه أن يساعدني على استثمار الموارد المناسبة؛ وفي حال لم أتغلب على المشكلة، فلن اعُدُّها تجربة فاشلة، وهو ما قادني إلى عنوان هذا العام: "عام الاستثمارات الشخصية".
فكما ترى بصرف النظر عن مقدار الوقت والمال الذي تستثمره في مشروع أو شغف أو فكرة، فإنَّ هذا يُعَدُّ فشلاً فقط إذا لم تتعلم؛ إذ إنَّها تجربة طويلة حقاً؛ ولذلك حتى إذا استثمرت 10000 دولار في تأسيس شركة ما وتراجع هذا العمل، فيجب عد مبلغ 10 آلاف دولار بمنزلة استثمار في تعليمك سيحقق عوائد على الأمد الطويل.
عام الاستثمار الشخصي:
ألا ينبغي أن يكون كلَّ عامٍ عامَ الاستثمار الشخصي؟ وألم تكن سنة الروتين استثماراً في اجتهادي؟ وألن تكون سنة التأثير المركب - في المثال أعلاه - استثماراً في مستقبلك؟ ففي الواقع يجب أن يكون هدفنا النهائي - عاماً بعد عام - هدفاً للاستثمار الشخصي؛ أي استثمار طويل الأجل يحقق مكاسب طويلة الأجل، ولا يهم بالضبط ما تستثمر فيه طالما أنَّك تستثمر في نفسك.
بالتأكيد الاستثمارات النقدية منطقية للغاية، ولكنَّ هذه ليست الطريقة الوحيدة للاستثمار في نفسك؛ فالاستثمار الشخصي هو إنفاق الموارد النادرة على القيمة المستقبلية لسعادتك. فالاستثمار الشخصي هو عملية تخصيص الموارد النادرة نحو سعادتك الحالية والمستقبلية؛ إنَّه أهم استثمار يمكننا القيام به؛ وذلك لأنَّه يشمل كل شكل من أشكال الاستثمار النقدي أو غير ذلك.
بهذه الطريقة لا يوجد قدر من الوقت أو المال يمكن أن تضيعه طالما أنَّك تنفقه على الأشياء التي تستمتع بها أو الأشياء التي ستزيد من إمكانات مستقبلك، فدعونا نلقي نظرة على مثال آخر: أنا أكتب رواية خيالية وسوف أنشرها؛ فلقد استثمرت ساعات لا حصر لها في كتابة هذه الرواية، وسأستثمر قدراً غير معروف من الوقت والمال لتسويقها والترويج لها، فهل أعرف ما إذا كانت ستنجح؟ وهل أعرف حتى ما إذا كانت جيدة؟ لا، فهل أنا أضيع وقتي وأموالي؟ لا؛ لأنَّه شيء أريد أن أفعله؛ إنَّه جزء من رؤيتي لمستقبلي المثالي وأنا أستثمر في شيء أحبه، فهل يمكن أن يكون إخفاقاً عاماً؟ ربما؛ لكن طالما أنَّني أستمتع بالعملية وأصقل مهاراتي في الكتابة، فإنَّ الوقت والمال اللذين استثمرتهما في المشروع سيحققان بالفعل عوائد لا تُصدَّق؛ وهي سعادتي الحالية، وسيستمر في التأثير الإيجابي في المستقبل كالمهارات المتزايدة ومعرفة كيفية نشر الكتب وقدرة أفضل على الكتابة، وناهيك عن احتمال تحقيق دخل فعلي؛ مما يجعل الاستثمار ناجحاً.
الاستثمار لا يعني المال:
خلاصة القول هي أنَّ أي استثمار يُعَدُّ استثماراً جيداً إذا زاد من قيمة وقتك، ففي الواقع عندما تفكر في الأمر بهذه الطريقة، فإنَّ الاستثمار في نفسك أمر لا يحتاج إلى تفكير، وإذا كانت الأرباح الخاصة بك هي حب نوعي للحظة، فمن المنطقي أن تزيد الاستثمارات المناسبة باستمرار من القيمة المستقبلية للحظة.
نعرف جميعنا ما هي الأسهم؛ ففكر في أسهم شركات مثل "أمازون" (Amazon) و"فيسبوك" (Facebook) و"آبل" (Apple)، وعندما تستثمر في شركة مطروحة للتداول العام، فإنَّك تشتري أسهماً من الأسهم، مع الاعتقاد بأنَّ قيمتها غداً ستكون أكبر من قيمتها اليوم.
شاهد بالفديو: 7 طرق لإحداث تغيير مذهل في حياتك بشكلٍ فوري
مع ذلك كما نعلم قد تستغرق أفضل الشركات سنوات لتحقيق عوائد إيجابية، وعندما نستثمر أموالنا بشكل تقليدي، فإنَّنا نفهم ذلك، ولدينا أفق زمني نشعر فيه بالراحة في إبقاء أموالنا على شكل ممتلكات خاصة، وهذه هي العقلية الدقيقة التي نحتاج إلى تنميتها من خلال استثماراتنا في أنفسنا.
إذاً، ماذا لو كان عليك استثمار 1000 دولار و20 ساعة في فصل دراسي يزيد من مهاراتك في التحدُّث أمام الجمهور؟ ويجب أن تفترض أنَّ المعرفة والممارسة المكتسبة ستحقق أكثر من ألف دولار من الدخل المستقبلي وأكثر من 20 ساعة من السعادة المتزايدة؛ إذ يمكن أن يمنحك الفصل الثقة بالبحث عن فرصة للتحدث أمام الجمهور، وعلى سبيل المثال يمكنك التواصل مع منتور جديد، يساعدك على بدء شركتك التالية.
لذا كلما احتجت إلى إنفاق الأموال أو تخصيص الوقت، فكِّر في نفسك: هل سيجعلني هذا سعيداً أو سيحقق عوائد مستقبلية تزيد عن الاستثمار الأولي؟ ولا يهم إذا كانت العوائد نوعية أو كمية، فإذا كانت الإجابة نعم، فاستثمر في نفسك، فلنكن صريحين؛ سعادتك هي أهم استثمار يمكنك القيام به.
أضف تعليقاً