أهمية النجاحات الصغيرة:
كتب البروفيسور "تيموثي بيشل" (Timothy A. Pychyl): "يزيد التقدم نحو أهدافنا من سعادتنا ورضانا عن الحياة"، وهذا هام؛ لأنَّك عندما تلاحظ المحطات الرئيسة خلال رحلة حياتك، فإنَّك لا تُؤخِّر تحقيق هدفك؛ بل تُبقيك هذه اللحظات القصيرة من السعادة متحمساً لتستمر بالعمل نحوه، ويمكنك ملاحظة ذلك في جوانب حياتك جميعها، سواءً كان يتعلق الأمر بفقدان الوزن أم توسيع شركتك، فإنَّ رؤية التقدُّم تشجعك على الاستمرار ببذل الجهد.
كما أنَّه يُعزِّز الثقة؛ حيث يقول الدكتور "جيم تيلور" (Jim Taylor): "الثقة هامة جداً؛ وذلك لأنَّك قد تتمتع بالقدرة على تقديم أداء جيد، ولكن إذا لم تؤمن بأنَّ لديك هذه القدرة، فلن تستثمرها، على سبيل المثال: قد يكون لاعب الجمباز قادراً جسدياً وتقنياً على أداء حركة معقدة، لكنَّه لن يجربها ما لم يكُن لديه الثقة بقدرته على أدائها بنجاح".
بالطبع، يجب على لاعب الجمباز أن يتدرَّب كي يتمكَّن من أداء هذا النوع من الحركات، فلا أحد يولَدُ ماهراً؛ بل يجب أن يتدربوا بشكل صحيح لزيادة قوَّتهم الجسدية ومرونتهم، إضافة إلى اكتساب المهارات التقنية المناسبة، ويستغرق كل ذلك وقتاً طويلاً ويتطلب العمل بجد، لكن سرعان ما يلاحظ اللاعب حتى أقل علامة تدل على بدء تعلُّمه الحركة، سيتوقف نقده الذاتي وستزداد ثقته بمهاراته وقدراته.
إليك 8 طرائق للاحتفاء بالنجاحات الصغيرة وتشجيع نفسك على مواظبة العمل حتى تحقيق الهدف النهائي:
1. كتابة اليوميات:
كتب "روب سميث" (Rob Smith)، الباحث في مشروع "ذا أوديشس بروجيكت" (The Audacious Project): "اليوميات ليست حكراً على المراهقين مرهفي العواطف، في الواقع، يمكنك تدوين اليوميات لتحفيز نموك الشخصي عبر استخدامها لتسجيل نجاحاتك".
تؤيد "تيريزا أمابيل" (Teresa Amabile) البروفيسورة في "كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد" (Harvard Business School) فكرة كتابة اليوميات لتتبُّع التقدم أيضاً، وتقول عنها المعلمة والمُتحدِّثة "مهرناز بصيري" (Mehrnaz Bassiri): "يساعدنا ذلك على التفكير في أيامنا وتتبُّع كل تلك الإنجازات الصغيرة التي عادة ما تمرُّ دون أن يلاحظها أحد؛ حيث تساعدنا على اكتشاف نجاحاتنا الصغيرة والاحتفاء بها حتى خلال الأيام المحبطة حين نعتقد أنَّنا لم ننجز شيئاً يُذكَر، كما تساعدنا على التغلب على الصعوبات وتحديد نقاط الضعف التي يجب أن نعمل على تقويتها".
2. مشاركة النجاحات:
نستمتع بالرحلات أكثر حين يرافقنا شخص آخر، وينطبق الشيء نفسه على النجاحات؛ لذا أخبر الآخرين عما تشعر به وشاركهم سعادتك، فحتى لو لم تدرك ذلك، ستنتقل حماستك إليهم أيضاً؛ إذ وجدَت الدراسات أنَّه عندما يحقق لاعبو كرة القدم الاحترافيون مراكز أعلى في التصنيفات، تكون إحصائيات الفريق بالمجمل أفضل، وفي حين أنَّ هذا مخصص لحالات العمل ضمن فريق، لكن كخيار بديل يمكنك إنشاء مجموعة على تطبيقات التواصل الاجتماعي من الأصدقاء أو العائلة أو زملاء العمل؛ حيث يمكنكم تهنئة بعضكم بعضاً، وسيكون ذلك حافزاً خارجياً ممتازاً.
3. مكافأة نفسك:
يمكنك مكافأة نفسك على إنجازاتك بغضِّ النظر عن حجمها، على سبيل المثال: ربما أعجبَتك قطعة ملابس رأيتَها في متجر محلي، في حينها أَمسِك عن شرائها حتى تستحقها وكافِئ نفسك بذلك حينئذٍ، وبالطبع لا حاجة إلى أن تكون المكافأة مادية، فربما تكون ببساطة طلب الطعام ومشاهدة مسلسل تحبه، أو الاستماع لأغنيتك المفضلة، أو إيقاف تشغيل هاتفك وممارسة العناية بالذات عبر الاستحمام أو قراءة كتاب جديد، وفكرة أخرى هي الاستثمار في نفسك، على سبيل المثال: يمكنك التسجيل في درسٍ عبر الإنترنت لتحسين مهاراتك، أو إيداع بعض المال في حساب التوفير لحالة طارئة أو تقاعدك.
4. تكرار عبارات التحفيز:
تقول المساعدة التنفيذية "كلين سكيرسيز" (Kaleen Skersies) والعضو في جمعية "ثرايف" (Thrive): "في كل مرة أُحقِّق إنجازاً صغيراً، أقول في نفسي: "أنجزتُ حتى الآن أكثر مما كنتُ قد أنجزتُه قبل عشر دقائق"، ويذكِّرني ذلك بأخذ نفس عميق والانتقال إلى المهمة أو المشروع التالي الذي يتطلب انتباهي، وبحلول نهاية اليوم، أشعر أنَّني حققتُ نجاحات متعددة في طريقي نحو الهدف الأكبر".
شاهد بالفديو: خطوات تضمن لك التّحفيز الذاتي للنجاح
5. الاحتفاظ بعلبة نجاحات:
يمكنك صنع علبة نجاحات صغيرة لنفسك، فالفكرة بسيطةٌ للغاية، اكتب كل نجاح صغير تحققه على ورقة صغيرة، ثم ضعها في العلبة؛ قد يبدو ذلك مبتذلاً قليلاً، ولكنَّه فعال كطريقة لتتبُّع تقدُّمك أو كوسيلة حاضرة دائماً لتذكيرك بما أنجزتَه.
6. التعبير عن الامتنان:
قد تعمل بمفردك وربما أنت وحدك المسؤول عن إنجازاتك، لكنَّ شخصاً ما ساعدك خلال رحلتك من غير شك؛ لذا توقَّف لحظة وفكِّر فيمن ساعدك على تحقيق نجاحاتك، ربما كان شريكك الذي شجعك، أو منتور أرشدك أو زميلك في العمل شارك معك معلومات هامة، فاشكرهم وأَرسِل لهم بطاقة مكتوبة بخط اليد، أو هدية صغيرة سيحبونها.
7. ترك وقت فراغ في تقويمك:
لا نقصد ترك تقويمك فارغاً بالكامل، ففي حين أنَّ هناك بعض الفوائد لترك الأمور تأخذ مجراها، إلَّا أنَّ ذلك يؤدي إلى السير بلا هدف، كما أنَّ ملء تقويمك يُسهِّل التخطيط لأسبوعك وتجنُّب التعارض بين المواعيد، لكن من ناحية أخرى، بعد الانتهاء من العمل على أولوياتك في الصباح، يمكنك ترك تقويمك فارغاً في فترة ما بعد الظهر لقضاء وقت الفراغ هذا كما تريد، فأنت تستحق استراحة من العمل والأشغال الدائمة.
8. تغيير طريقة تفكيرك:
كتب المعالج والمتحدث "كيفن فو" (Kevin Pho): "تدفعنا غريزة الإنسانية الطبيعية لأن نصرف قدراً كبيراً من تركيزنا وطاقتنا الذهنية على الأشياء التي لم تحصل كما يجب أو على أشياء لا يمكننا التحكم بها، وهذا جزء من غريزة البقاء لدينا، ووظيفته مساعدتنا على تجنب الألم في المستقبل، لكن يجب أن تدرك أنَّ الإخفاقات حتمية، ومع الاستمرار في بذل الجهد فإنَّ التقدم الإيجابي حتمي أيضاً"، فكما يقول المخترع "توماس إديسون" (Thomas Edison): "أنا لم أفشل؛ بل وجدتُ 10000 طريقة لم تنجح".
برأي "فو" كان "إديسون" ينظر إلى الأمور بشكل صحيح؛ حيث يقول: "يبدو أنَّه وجد طريقة للاحتفاء حتى بالفشل في الحياة"، ويضيف: "يتطلب الأمر بذل جهد للتخلص من الأفكار السلبية والتركيز على الأشياء الجيدة في الحياة"، ويساعد ذلك التركيز على النجاحات الصغيرة؛ حيث يقول "فو": "عندما تُنمِّي هذه الإيجابية ستكون قادراً على إحراز تقدُّم نحو أهدافك بشكل أفضل، وقد يكون هذا أحد مفاتيح السعادة الحقيقية".
أضف تعليقاً