الجزء الأول، تحويل الاهتمام:
1- البحث عن العبرة:
حتى الأحداث السلبية التي نتعرّض لها في حياتنا تُعَدُّ دروساً يمكن استقاء العِبَر منها. يتعلّم البشر من التجارب التي يمرون بها والأخطاء التي يرتكبونها وهذا لا يُعَدُّ ممكناً دون أحداثٍ سلبيةٍ تساعدنا في التحلي بالإبداع والابتكار. في كلّ تجربةٍ تَمُرُّ بها ركز الاهتمام على فرصتَي التعلم والتطور. تعلَّم أن تفصل نفسك عن الأمور التي تحدث لك، وعوضاً عن افتراض أنَّ الأشياء السيئة تصيب الأشخاص السيئين فقط تذكَّر أن الاشياء السيئة تحدث كلّ يومٍ وأنَّ مسؤولية التعامل معها يقع على عاتقك. يمكنك النظر إلى الجانب السلبيّ بوصفه تجربةً يمكن أن تستقي العِبَر منها، لا تأخذ الأحداث على محملٍ شخصيّ واتركها خلف ظهرك وامضِ.
2- اسأل نفسك ما أسوأ ما يمكن أن يحدث:
التفكير في الأشياء التي تزعجك بهذه الطريقة يمكن أن يجرد مشاعر الخوف التي تُحِسُّ بها من بعض تأثيرها. مصدر الجزء الأكبر من مشاعر الخوف هو التفكير في كلّ سيناريو من الممكن أن يحدث إلى درجةٍ يصبح معها هذا التفكير مرهقاً. في المقابل يمكن أن يكون التعامل مع الخوف بطريقةٍ واقعيةٍ عملاً مفيداً. حدد أسوأ النتائج التي يمكن أن تحدث ثمَّ أقنع نفسك أنَّ حدوث ذلك -إن حدث- ليس نهاية العالم. يستطيع هذا النوع من التفكير السلبيّ أن يجعلك تُحِس بألمٍ حقيقيٍّ فعلاً وقد يؤدي إلى اضطراب النوم ومشاكل أخرى. من المهمّ أن تبحث عن طريقةٍ لتخطِّي الخوف والعيش دون هذه الأعراض.
3- التخلص من أسباب اجترار الأفكار:
ربما يدفعنا حَدَثٌ معيَّنٌ في بعض الأحيان إلى "اجترار الأفكار". أمعن النظر جيِّداً في السلوكات التي تمارسها عند "اجترار الأفكار" وحدد الأسباب التي تدفعك إلى ممارسة تلك السلوكات، ثمَّ ابحث عن طريقةٍ للتخلص منها.
من أفضل الطرق التي يمكن اتباعها في البداية للتعامل مع السلوكات التي تُمارَس عند "اجترار الأفكار" الاحتفاظ بدفتر مذكرات تُدوَّن فيه تلك السلوكات. في اللحظة التي تمارس فيها سلوكاً من هذه السلوكات سجِّل الأفكار أو المواقف التي أدَّت إلى البدء في ممارسة السلوك، بهذه الطريقة يصبح لديك قائمة تتضمن أبرز الأسباب التي تدفعك إلى "اجترار الأفكار".
من الأمور التي يمكن ضربها مثالاً عن الأسباب التي تؤدي إلى اجترار الأفكار الزيارات التي تقوم بها حماتك إلى منزلك. إذا كانت علاقتكما قد شهدت توتراتٍ سابقاً قد تثير زيارتها القادمة غير المُعلنة توجُّسك لأنَّك تخشى من أن تنتهي نهايةً سيئة.
4- العثور على بدائل مفيدة:
أفضل طريقة لتغيير العادات السيئة البحث عن بديلٍ لها -يكون أفضل منها في الحالة المثالية- يحقق الهدف نفسه. إذا كنت تميل إلى الانشغال كثيراً بالتفكير في حالات الطوارئ خصص وقتاً للاستعداد لها حتى تتأكَّد بأنَّك ستكون بخيرٍ حتى لو وقعت إحدى هذه الحالات. أحسِن الاستفادة من أفكارك واستثمرها في مساعدة الآخرين للاستعداد لتلك الحالات أيضاً. تُعَدُّ هذه من أروع الإجراءات التي يمكن اتباعها لتشتيت انتباهك بعيداً عن التفكير مراراً وتكراراً في أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تحدث.
الجزء الثاني، السيطرة على المخاوف:
1- ممارسة التأمُّل:
التأمل يعني التواصل مع الأفكار، والتصرفات، وردود الأفعال، وهو أيضاً عمليةٌ تَستخدم أنشطةً تبعث الهدوء في النفس، مثل اليوغا، للتخلص من الضغط وصرف الاهتمام بعيداً عن الأمور السلبية.
حينما تكتشف أنَّ لديك ميلاً إلى الإكثار من التفكير في الأمور السلبية فإنَّ هذا يُعَدُّ خطوةً رائعةً نحو اكتساب الوعي، لأنَّك تستطيع من خلال ذلك إرجاع سبب معظم مشاعر الضغط التي تُحس بها إلى هذا الميل والتأكُّد من أن الأحداث ليست سببها الحقيقي. يساعد فهم النتائج المترتبة على الإحساس بالضغط في منع الضغط من إلحاق الأذى بنا على المستوى البدني أيضاً.
2- تخصيص فترة للتعبير عن القلق كلّ يوم:
ربما لا تكون قادراً على التخلص نهائيَّاً من التفكير في الوساوس لكن في إمكانك جعل التفكير فيها منحصراً بفترةٍ قصيرةٍ من اليوم. خصص 30 دقيقةً كلّ يومٍ للجلوس والكتابة عن الأمور التي تثير القلق في نفسك. إذا راودتك تلك المخاوف في بقية فترات اليوم تذكَّر أنَّك لن تفكِّر في الأمور التي تثير الضغط إلَّا في الفترة المخصصة لذلك.
3- ممارسة التمارين الرياضية:
في إمكان التمارين الرياضية أن تساعدك في تخفيف التوتر وتحسين المزاج، إذ تدفع هذه التمارين الدماغ إلى إفراز مواد كيميائية تعزز شعور الإنسان بالارتياح يُطلَق عليها اسم الأندروفينات.
يُعَدُّ الخروج في نزهةٍ طويلةٍ سيراً على الأقدام أو ممارسة التمرينات في النادي الرياضي من أفضل الأمور التي تصرف الانتباه بعيداً عن "اجترار الأفكار" وطريقةٍ لتطهير الجسم من السموم أيضاً. يرى العديد من الناس ممارسة التمارين الرياضية عمليةً تتيح للإنسان الإحساس بالحرية إضافةً إلى كونها تثير الحماسة في النفس بشكلٍ طبيعي.
4- تدوين المذكرات:
اكتب في هذه المُذكِّرات عن مخاوفك وعمَّا حدث لها في النهاية بحيث تتمكن مستقبلاً من الموازنة بين المخاوف التي تراودك ونتائجها النهائية. يساعدك هذا في اكتشاف السيناريوهات السيئة التي تفكر فيها ولا تحدث عادةً.
5- مراجعة أخصائي لعلاج الأفكار أو الذكريات العصيّة على النسيان:
إذا كان التفكير الزائد يؤرق حياتك اليومية قد يكون من الحكمة طلب المساعدة من الأخصائيين. من ضمن الطرق المُتَّبعة لعلاج "اجترار الأفكار" علاجٌ يُعرَف باسم "إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة" (Eye Movement Desensitization and Reprocessing)، وعمليات تدخل تقويم السلوك، ثمَّة أيضاً أدويةً تؤخذ بعد الحصول على وصفةٍ طبيةٍ لتهدئة الأفكار الزعجة.
الجزء الثالث، التحلي بسلوكٍ أكثر إيجابية:
1- تقاسم العبء مع الآخرين:
امنح ثقةً لأحد الأصدقاء لا سيما إذا كان قد نجا من مواقف تشبه المواقف التي تُمرُّ بها إذ قد يكون لدى هذا الصديق العديد من النصائح المفيدة حول كيفية التعامل مع هذه المواقف. ويُعَدُّ دعم الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب أو يمارسون "اجترار الأفكار" مفيداً جدَّاً لاكتساب الثقة والتخلص من وصمة العار المرتبطة بمثل هذه الحالات.
2- التخلي عن الهوس بالكمال:
يؤدي التفكير في أنَّ كلّ شيءٍ يجب أن يؤدى بمعايير مثاليّة إلى الإرهاق الذهني والقلق. يبدأ التخلي عن السلوك الذي يُمجِّد المثالية بقبول أنَّ الأخطاء والعيوب تُعَدُّ أموراً لا مفرَّ منها. تعلَّم أن تكتشف إن كنت مهووساً بالكمال؛ أتواجه غالباً مشاكل في تلبية المعايير التي تضعها أم أنَّ هذا لا يحدث إلَّا حينما تبذل الكثير من الوقت والجهد؟ أتَشعر دائماً بالإحباط كلما حاولت تلبية المعايير التي وضعتها؟
يمكنك اتباع طريقة تفكير أكثر واقعية عبر تذكُّر عبارات مثل: "كلّ الناس يرتكبون الأخطاء"، أو: "أنا إنسانٌ عادي". حاول أن تفعل ذلك حينما ترتكب خطأً ما أو تعجز عن تلبية التوقعات، ومع مرور الوقت ستُعامل نفسك بقسوةٍ أقل.
3- التخلي عن الرغبة في السيطرة على كلّ شيء:
غيِّر الأشياء التي تسطيع تغييرها وتعلَّم أن تتقبل الأشياء التي لا تستطيع تغييرها. تعامل مع المواقف المثيرة للتوتر بردود أفعالٍ جديدة وحاول جاهداً أن تتخلّص مع مرور الوقت من الوساوس التي تشغل تفكيرك.
تعاون مع الأصدقاء وأفراد الأسرة على العثور على طرق يمكن اتباعها للتخلّص من الأسباب التي تؤدي إلى الرغبة في السيطرة على كلّ شيء. توفُّر الدعم من قِبَل الأشخاص العزيزين على قلوبنا يمكن أن يكون أمراً لطيفاً وأن يُضفي على المهمة مستوىً جديداً من المساءلة.
4- توجيه الانتباه إلى الأشياء الإيجابية الموجودة في حياتك:
يتعلّم الإنسان من المواقف التي يتعرّض لها في حياته سواءً كانت سلبيةً أم إيجابية لكنَّ الأشخاص الذين ينشغل تفكيرهم بالوساوس يركزون اهتماماً أكبر على المواقف السلبية. خصص وقتاً كلّ يوم لتدوين ثلاثة أشياء رائعة أو مُفرحة حدثت خلال اليوم، ثمّ في وقتٍ لاحق حدِّث الأشخاص العزيزين على قلبك عن تلك الأشياء ودع ذلك يكون من ضمن أولوياتك. يمكنك أن تطلب منهم أيضاً الحديث عن الأشياء الرائعة أو المُفرحة التي حدثت لهم خلال اليوم نفسه.
5- ممارسة أنشطة تعيد توجيه الأفكار السلبية:
قد لا تدرك تماماً كم من هذه الأفكار يراودك حتى تُقدِم على هذه الخطوة. الهدف من هذه الأنشطة مساعدتك في اكتشاف أنماط التفكير المؤذية وتبني أنماط تفكير أقوَم وأقل انشغالاً بالأفكار السلبية مكانها.
من أبسط أشكال هذه الأنشطة ارتداء رباط مطاطي حول المعصم وشدُّه كلَّما أحسست أنَّك تفكر في بشيءٍ سلبيٍّ حينما لا يكون الوقت مناسباً للتفكير فيه.
أضف تعليقاً