لغة جسدنا في أثناء الإلقاء، والتي يمكن أن تجعل ما نقوله مثيراً للاهتمام وجاذباً لانتباه الجمهور، أو أن تدحض ما نقوله مهما كانت حججنا مقنعة.
إنَّ لغة الجسد جزء هام من الإلقاء الفعَّال، فهي تؤثر في كيفية إدراك الجمهور لنا، وإذا أحسنا استخدامها استطعنا التواصل بشكل أكثر فاعلية، ومن حيث لا ندري تكون أحياناً لغة الجسد سبباً في فشل الإلقاء؛ إذ يظهر التوتر والانفعال عبر الحركات اللاإرادية، أو يكون الصوت مشوشاً أو مستوياً دائماً وغير لافت، أو نشعر أنَّ الملقي ينظر إلى كائن وهمي أمامه، لذا في هذا المقال سوف نتحدث عن التحكم بلغة جسدك في أثناء الإلقاء ليكون خطابك أبلغ تأثيراً وأكثر فاعلية.
كيف تؤثر لغة الجسد في الإلقاء؟
هل لاحظت أنَّك تنجذب للانتباه إلى بعض المتحدثين بينما تنفر وتمل من بعضهم الآخر؟ السر في استخدامهم للغة الجسد، لذا استخدام لغة الجسد في الإلقاء بشكل جيد يؤثر في الجمهور وفق ما يأتي:
- تؤثر في انطباع الجمهور عنك: يمكن أن تجعلك لغة الجسد الواثقة والمفتوحة تبدو موثوقاً وأكثر صدقاً.
- تساعدك على التواصل بشكل أكثر وضوحاً: يمكن أن تساعدك لغة الجسد على إبراز النقاط الهامة في خطابك، ويمكن أن تجعل رسالتك أكثر جاذبية.
- تساعدك على جذب انتباه الجمهور والاحتفاظ به: يمكن أن تساعدك لغة الجسد النشطة والتفاعلية على إبقاء الجمهور منتبهاً لما تقوله، ومن أجل الحصول على جميع هذه الفوائد، ومن أجل أن يكون خطابك ذا تأثير عميق في الجمهور إليك هذه النصائح للتحكم في لغة جسدك في أثناء الإلقاء.
كيف تتحكم في لغة جسدك في أثناء الإلقاء؟
لغة الجسد في أثناء الإلقاء لها تأثير كبير في تعزيز ما تقول، فكيف تطوع لغة الجسد وتتحكم بها ليكون خطابك أكثر فاعلية؟
1. حافظ على اتصال العين في الإلقاء:
الحفاظ على اتصال العين مع الجمهور هو جزء هام من الإلقاء الفعَّال، ويمكن أن يساعدك على التواصل بشكل أكثر وضوحاً وتأثيراً، ويمكن أن ينشئ علاقة قوية مع جمهورك.
بعض النصائح للمحافظة على اتصال العين في أثناء الإلقاء:
- تدرَّب على الحفاظ على اتصال العين قبل أن تبدأ في الإلقاء، ويمكنك القيام بذلك أمام المرآة أو مع صديق أو أحد أفراد الأسرة.
- ركِّز على مجموعة صغيرة من الأشخاص في كل مرة، فيساعدك ذلك على الشعور بالراحة وعدم الخوف من التحديق في أي شخص بشكل مباشر.
- انظر إلى جمهورك بانتظام إذا كنت تقرأ من ورقة أو شاشة ما، ولا نقصد أن تنظر إليهم طوال الوقت، ولكن ألقِ نظرة عليهم كل بضع ثوانٍ.
- استخدم اتصال العين لإبراز النقاط الهامة في خطابك، مثلاً إذا كنت تتحدث عن شيء هام، فيمكنك النظر إلى شخص معين في الجمهور.
أخطاء يجب تجنبها أثناء التواصل البصري خلال الإلقاء:
على الرغم من أهمية اتصال العين في أثناء الإلقاء، إلا أنَّ هناك بعض الأخطاء التي يجب تجنبها، ومنها:
- لا تنظر إلى أسفل أو إلى الجانب؛ إذ سيبدو ذلك وكأنَّك غير مهتم أو خائف.
- لا تنظر إلى شخص واحد فقط طوال الوقت، وسيبدو ذلك وكأنَّك تخاطبه هو فقط.
- لا تنظر إلى جمهورك بشكل متوتر؛ إذ سيلاحظ الجمهور ذلك ويشعر بعدم الارتياح.
إنَّ الحفاظ على اتصال العين هو مهارة يمكن تعلمها، ومن خلال الممارسة يمكنك أن تصبح أكثر راحة وتأثيراً عند التحدث أمام الجمهور.
2. حافظ على ابتسامتك في أثناء الإلقاء:
الابتسامة هي علامة على الترحيب والثقة، ويمكن أن تساعدك على إنشاء علاقة قوية مع جمهورك.
بعض النصائح للمحافظة على ابتسامتك في أثناء الإلقاء:
- تدرَّب على الإلقاء بابتسامة على وجهك، ويمكنك القيام بذلك أمام المرآة أو مع صديق أو أحد أفراد الأسرة.
- ركِّز على النقاط الإيجابية في خطابك، وسوف يساعدك ذلك على الشعور بالراحة والسعادة؛ وهذا سيجعل ابتسامتك أكثر طبيعية.
- استخدم ابتسامتك لإبراز النقاط الهامة في خطابك، فعندما تصل إلى جزء هام من خطابك، فيمكنك أن تصنع ابتسامة عريضة لجذب انتباه أكثر لما تقول.
- كن على دراية بما تفعله، وإذا لاحظت أنَّك تفقد ابتسامتك وتنشغل بالأفكار، فحاول استعادتها.
أخطاء يجب تجنبها:
على الرغم من اهمية الابتسامة بوصفها جزءاً من لغة الجسد في أثناء الإلقاء، لكن توجد أيضاً بعض الأخطاء التي يجب تلافيها:
- لا تحاول أن تبتسم بشكل مصطنع؛ إذ سيبدو ذلك غير طبيعي وسوف يفقد الجمهور ثقته بك.
- لا تبتسم طوال الوقت؛ إذ سيبدو ذلك وكأنَّك غير جاد أو غير مهتم بما تقوله.
- لا تبتسم بطريقة متوترة سيلاحظ الجمهور ذلك.
3. وظِّف الإيماءات في أثناء الإلقاء:
الإيماءات هي حركات الجسد التي يمكن استخدامها للتواصل، ويمكن أن تساعدك الإيماءات في أثناء الإلقاء على التواصل بشكل أكثر وضوحاً، وتجعل رسالتك أكثر جاذبية.
بعض النصائح لإدراج الإيماءات في أثناء الإلقاء:
- استخدم الإيماءات لتعزيز الكلمات: مثلاً إذا كنت تتحدث عن شيء كبير، فيمكنك فتح ذراعيك.
- استخدم الإيماءات لإبراز النقاط الهامة: على سبيل المثال إذا كنت تتحدث عن شيء هام، فيمكنك رفع صوتك والإشارة بذراعيك.
- استخدم الإيماءات لإنشاء إيقاع: يمكن أن تساعدك الإيماءات على إنشاء إيقاع في خطابك، وهذا يجعله أكثر جاذبية وإثارة للاهتمام، كأن توظف أصابعك في تعداد النقاط في حديثك.
- استخدم الإيماءات لإثارة عاطفة: يمكن أن تساعدك الإيماءات على نقل العاطفة في خطابك، وهذا يجعله أكثر ارتباطاً بالجمهور.
كما توجد بعض الأخطاء التي يجب تجنبها عند إدراج الإيماءات في أثناء الإلقاء أهمها عدم المبالغة في استخدام الإيماءات؛ إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى تشتيت انتباه الجمهور.
شاهد بالفيديو: مهارات فن الالقاء أمام الجمهور
4. وظِّف نبرة الصوت في الإلقاء:
نبرة الصوت هي الطريقة التي تتحدث بها، وبالتأكيد تؤثر نبرة صوتك في كيفية إدراك الجمهور لك، ويمكن لتوظيفها بشكل صحيح أن يساعدك على التواصل بشكل أكثر فاعلية.
بعض النصائح لإدماج نبرة الصوت في الإلقاء:
- استخدم نبرة صوتك لتعزيز الكلمات ودعمها: على سبيل المثال إذا كنت تتحدث عن شيء مثير، فيمكنك رفع صوتك.
- استخدم نبرة صوتك لإبراز النقاط الهامة: إذا كنت تتحدث عن شيء جاد أو مؤسف، فيمكنك خفض صوتك.
- استخدم نبرة صوتك لإنشاء إيقاع: يمكن أن تساعدك نبرة صوتك على إنشاء إيقاع في خطابك، وهذا يجعله أكثر جاذبية وإثارة للاهتمام، وفي بعض الأحيان تكون القافية للكلمات أو ما يسمى لغوياً "السجع" من عوامل جذب الانتباه، وبخاصة عندما يكون الجمهور من الأطفال، ولكن انتبه إلى الإكثار منها على حساب المعنى.
أخطاء يجب تجنبها عند إدماج نبرة الصوت في الإلقاء:
فيما يأتي بعض الأخطاء التي يجب تجنبها عند إدماج نبرة الصوت في الإلقاء:
- لا تتحدث بصوت عالٍ أو منخفض جداً؛ إذ سيؤدي ذلك إلى صعوبة فهمك من قبل الجمهور.
- لا تتحدث بسرعة أو ببطء جداً؛ سيؤدي ذلك إلى جعل خطابك غير ممتع أو ممل.
- لا تتحدث بصوت مسطح أو غير واضح؛ إذ سيبدو ذلك غير مثير للاهتمام وسيفقد الجمهور اهتمامه.
5. تدرَّب تدرَّب تدرَّب:
الإلقاء هو مهارة يمكن تعلمها وتطويرها من خلال التدريب، فمن خلال التمرين المستمر على الإلقاء أمام المرآة أو بوجود جمهور مصغَّر من العائلة والأصدقاء يتحسن أداؤك بشكل كبير، لذا لاحظ المتحدثين المحترفين، إنَّهم بالتأكيد لم يكونوا بهذه الحرفية في خطاباتهم الأوائل؛ بل تعاظمت خبرتهم بفضل التدريب وتكرار عملية الإلقاء.
بعض الفوائد الرئيسة للتدريب على الإلقاء:
- زيادة الثقة: يساعد التدريب على الإلقاء على الشعور بمزيد من الثقة عند التحدث أمام الجمهور.
- تحسين المهارات التقنية: يساعد التدريب على الإلقاء على تحسين مهاراتك التقنية، مثل لغة الجسد، ونبرة الصوت، والتواصل البصري.
- تطوير المحتوى: يمكن أن يساعدك التدريب على الإلقاء على تطوير محتوى خطابك وجعله أكثر إثارة للاهتمام وتأثيراً.
بعض الأمثلة لكيفية استخدام التدريب على الإلقاء لتحسين خطابك:
- إذا كنت تشعر بالتوتر عند التحدث أمام الجمهور، فيمكنك ممارسة التنفس العميق والاسترخاء قبل البدء.
- إذا كنت تجد صعوبةً في التواصل بوضوح، فيمكنك ممارسة نطق الكلمات والجمل ببطء ووضوح.
- إذا كنت تجد صعوبةً في جذب انتباه الجمهور، فيمكنك ممارسة استخدام لغة الجسد والتواصل البصري.
يمكنك أن تصبح متحدثاً أكثر فاعلية وتأثيراً، وذلك من خلال التدريب على الإلقاء.
نصائح إضافية:
إليك بعض النصائح الإضافية لتحسين التحكم بلغة الجسد في أثناء الإلقاء:
- تدرَّب على الإلقاء أمام المرآة، فسوف يساعدك ذلك على رؤية كيف تبدو من منظور الجمهور.
- اطلب من صديق أو أحد أفراد الأسرة أن يعطيك ملاحظات بشأن لغة جسدك في الإلقاء، ويمكنهم مساعدتك على تحديد أي الجوانب تحتاج إلى تعديل، وهم سيكونون بمنزلة جمهورك.
- خذ دروساً في التحدث أمام الجمهور: قد لا تستطيع تعلم التحكم بلغة الجسد في أثناء الإلقاء وحدك، لذا يمكن أن يعلمك المختصون الذين تلجأ لهم كيفية استخدام لغة جسدك بشكل فعَّال.
في الختام:
إنَّ لغة الجسد هي جزء كبير من المحتوى الذي تقدمه في أثناء الإلقاء، وإذا أحسنت استخدامها، فسوف تكون قيمة مضافة لمحتواك، وستعزز من انتباه الجمهور إليك وأخذه لأفكارك بالحسبان وعلى محمل الجد، وإنَّ إهمال لغة الجسد في أثناء الإلقاء يكون له مفعول مناقض للأسف؛ إذ سيكون خطابك مملاً على الرغم من أهميته ولن يلتفت إليه أحد، وفي هذه الأيام أصبح جذب اهتمام الناس وتركيزهم أصعب من ذي قبل، فاحرص على التحكم بلغة جسدك في أثناء الإلقاء ليجد خطابك الأذن الصاغية.
أضف تعليقاً