ما هي فوبيا الظلام؟
فوبيا الظلام أو ما يُعرف بالنيتكوفوبيا: هو اضطراب نفسي يُعاني المصابون به من الشعور بالقلق المُبالغ فيه والذعر الشديد تجاه الظلام والأماكن المظلمة، وغالباً ما تبدأ هذه الفوبيا في مرحلة الطفولة، وتتفاقم مع تقدم العمر.
يُعاني عقل المصاب بها من وجود صور مُشوهة، حول تخيُّل وتوقُّع حدوث أشياء مرعبة في الأماكن المظلمة، تُعيقه من ممارسة حياته بشكلٍ طبيعي.
أعراض فوبيا الظلام:
هناك أعراض جسدية ونفسية لرُهاب الظلام، وتَحدث الأعراض الجسدية بسبب الرسائل التي يُرسلها الدماغ إلى الأعصاب، لإجراء ردود فعل مختلفة من الجسم عند القلق، كما يتم إفراز هرمونات التوتر في الدم كهرمون الأدرينالين؛ مما يؤدي إلى الأعراض الجسدية التالية:
التعرُّق، وجفاف الفم، وتسارع معدل ضربات القلب (خفقان)، وصعوبة في التنفس، والشعور بالغثيان، ورعشات، وانقباضات في المعدة، وألم أو ضيق في الصدر، ودوخة أو دوار، وموجات من البرودة أو الحرارة.
1. الأعراض النفسية لفوبيا الظلام:
شعور غامر بالقلق والخوف، والشعور بالانفصال عن الجسد (اللاواقعية)، والشعور بفقدان السيطرة أو الجنون، وعدم القدرة على الحركة، والإحساس كأنَّ الشخص قد اقترب من الموت أو فقدان الوعي، وإحساس طاغٍ بضرورة الهرب من المكان، وإحساس بقلة الحيلة تجاه الظلام، والأرق، والعصبية، والتوتر في المكان المظلم، وعدم الخروج في الليل، والشعور بالغضب الشديد إذا حاول شخص تشجيعه على قضاء الوقت في الظلام، ونوبات هلع في الليل.
2. اضطرابات النوم بسبب فوبيا الظلام:
إذ يوجد علاقة وثيقة بين فوبيا الظلام والإصابة باضطرابات النوم (الأرق)؛ حيث وَجدت بعض الدراسات الحديثة أنَّ هناك أشخاصاً؛ يستطيعون النوم في الأماكن المضيئة وسط الضوضاء دون الإصابة باضطرابات النوم، مقارنةً بالنوم في الأماكن المظلمة الهادئة!
أسباب فوبيا الظلام:
أسباب فوبيا الظلام غير معروفة بالضبط، لكن يمكِن إرجاعها للأسباب الآتية:
- يعتقد كثيرٌ من خبراء النفس أنَّ سبب فوبيا الخوف من الظلام؛ هو التعرض لصدمة في الماضي تتعلق بالظلام، مما ولَّد لدى الشخص خوفاً باللاوعي من الظلام والأماكن المظلمة.
- أيضاً يُمكِن إرجاع الخوف من الظلام إلى أنَّه عندما تنعدم الرؤية تزداد حدة شعور الإنسان بمحيطه، كما ويزيد الظلام من القدرات الحسية للإنسان، مثل: الشم، والسمع، واللمس، مما يجعله حساساً لأي صوت أو ملمس شيء بدا له غير مألوف.
- قد تعود أسباب فوبيا الظلام لمرحلة الطفولة، إذ إنَّ الخوف من الظلام من سمات الطفولة الطبيعية، التي تختفي عند النضوج والبلوغ، ولكن قد تجعل بعض ممارسات الأهل الخاطئة الأمر يتفاقم ليصل لفوبيا الظلام، مثل: اعتماد الأطفال اعتماداً كبيراً على أهلهم في إنجاز مهامهم، وتخويف الطفل من الأماكن المظلمة (بأساطير الأشباح والوحوش)، ويُمكِن للجينات الوراثية أن تكون عاملاً للإصابة بفوبيا الظلام.
- أيضاَ أحد أسباب فوبيا الظلام؛ أفلام الرعب والأساطير والقصص المتناقلة جيلاً عن جيل، التي ربطَت كثيرٌ من الجرائم وقصص القوى الخارقة بالظلام.
- قد يُعاني الإنسان من حياةٍ مضطربة، وضغوط ومشكلات لا يجد لها حلاً، تجعله يُصاب بفوبيا الظلام.
- يمكن أن تكون فوبيا الظلام نتيجةً لأخذ مضادات الاكتئاب.
- هناك بعض الدلائل التي تُشير لوجود صلة بين فوبيا الظلام لدى الكبار، وبين نقص معدلات السكر لديهم في الدم.
نصائح علم النفس للتغلب على فوبيا الظلام:
ينصح علماء وخبراء علم النفس باتباع النصائح التالية للتغلب على فوبيا الظلام:
1. اعرف السبب الحقيقي للخوف:
أن يحاول الإنسان معرفة السبب الحقيقي وراء خوفه من الظلام، هل هو بسبب تعرضه لموقف سابق رسخ لديه شعوراً سلبياً عند الحضور في مكان مظلم؟ أو نتيجة قصة ما رواها أحدهم له عن الظلام؟ أم نتيجة أفلام الرعب التي يُشاهدها؟
1. حكِّم المنطق:
بعد ما يُحدِّد الإنسان السبب الأساسي لهذه الفوبيا، يُمكِنه التفكير بمنطق، وتحديد مقدار إمكانية حدوث ما يخاف منه على أرض الواقع، وفي حال حدث، ما هي سبل الأمان التي يمكِن استخدامها؟ فمثلاً إذا كانت مخاوفه من الظلام بسبب توقُّعاته عن هجوم لص على المنزل، يستطيع إغلاق النوافذ والأبواب جيداً قبل النوم.
2. فكِّر في أشياء أخرى:
من أهم الطرائق للتغلب على الخوف هي خلق أفكار جديدة بدلاً من التفكير في الهواجس والأفكار السلبية، مثلاً التخطيط لليوم التالي، أو للإجازة القادمة.
3. نَم بمفردك:
غالباً ما يود الشخص المصاب بفوبيا الظلام، النوم مع أبويه أو أخوته أو حتى مع كلبه، لكن للتغلب على هذا الخوف عليه البدء بتدريب نفسه على النوم منفرداً، وأن يبدأ بذلك تدريجياً كأن ينام معهم نصف الوقت، ثم يحاول أن يُكمل النوم بمفرده.
4. أدرِك الحقائق العلمية:
يجب على الشخص المصاب بفوبيا الظلام أن يُدرك أنَّ سماع بعض الحركات ليلاً يرجع إلى نظرية علمية موضوعها التمدد والانكماش، على سبيل المثال تتمدد الأخشاب نهاراً، وتنكمش ليلاً، وينتج عن هذه العمليات بعض الأصوات.
5. خفِّف إضاءة الغرفة تدريجياً:
بحسب الدراسات فإنَّ النوم في الظلام أكثر راحةً وعمقاً من النوم والأنوار مضاءة؛ لذا يجب على الشخص المصاب بفوبيا الظلام أخذ هذا الأمر كنقطة بداية للتشجيع على النوم في الظلام، وأن يُدرب نفسه على تقليل الإضاءة تدريجياً في غرفة نومه.
6. رتِّب الغرفة:
يُنصح بترتيب غرفة النوم وجعلها مريحة وجذابة، وأن تكون جدرانها أو أثاثها بألوان دافئة ومريحة تبعث على الهدوء والاسترخاء، والمحافظة على كمية مناسبة من الأثاث، بحيث لا تزدحم الغرفة، كل هذا يخلق جواً مريحاً يساعد على الشعور بالأمان والاستغراق في النوم بصورةٍ أفضل.
7. استرخِ قبل النوم:
يساعد الاسترخاء في تقليل التوتر والخوف، والحصول على نومٍ مريح؛ لذا على الإنسان أن يمنح نفسه بعض الوقت قبل النوم ليهدأ قليلاً، وأن يُغلق جميع الأجهزة الإلكترونية قبل الذهاب إلى النوم بنصف ساعة على الأقل، وتجنُّب المشروبات التي تحتوي على الكافيين ابتداءً من وقت الظهيرة، والقيام ببعض الأنشطة المريحة والمهدئة للأعصاب كممارسة اليوغا أو قراءة كتاب، أو الاستماع لموسيقى هادئة.
شاهد بالفديو: 4 أخطاء فادحة عليك أن تبتعد عن ممارستها قبل النوم
8. تجنَّب ما يُثير القلق:
يجب على الشخص المصاب بفوبيا الظلام الابتعاد عمَّا يُثير قلقه ومخاوفه، مثل: مشاهدة الأخبار الليلية، أو متابعة أفلام الرعب، أو القيام بالواجبات في آخر لحظة، أو إجراء بعض المحادثات الجادة المتأخرة.
9. استمِع إلى الضوضاء البيضاء:
يُقصد بالضوضاء البيضاء أشياء مثل: صوت المروحة، أو أي صوت ستاتيكي، أو صوت البحار والمحيطات أو أي آلة موسيقية مهدئة للأعصاب، حيث تساعد هذه الأصوات على حظر الأصوات التي تسبب الخوف.
10. غيِّر الفكرة عن الظلام:
حتى يتغلب الإنسان على خوفه من الظلام، عليه أن يُغيِّر فكرته عن الظلام، وأن يستبدل جميع الأفكار السلبية (موحش أو غامض أو خطير)، بأفكارٍ إيجابية، بأن ينظر للظلام على أنَّه وسيلة مفيدة للراحة والاسترخاء، ويتحدى مخاوفه فيه، ويسأل نفسه مما يخاف في الظلام؟ ويقوم بالتأكد من عدم وجود ما يخاف منه، فإن كان يخاف وجود أحدهم في الخزانة أو تحت السرير أو في زاوية الغرفة، يذهب بنفسه للمكان ويتأكد من عدم وجود ما يخشاه، سيشعر عندها بالشجاعة، وأنَّ أفكاره عن الظلام مجرد هواجس لا صحة لها.
11. لا تأكل أو تشرب قبل النوم:
أن يتجنب الإنسان الوجبات الثقيلة قبل النوم، وكذلك المنبهات، مثل: الكافيين والتبغ، والسكر، قبل النوم بأربع ساعات؛ لأنها تزيد من نشاط العقل، وبالتالي صعوبة التوقف عن القلق والتفكير، وعدم الشعور بالهدوء.
12. لا تخجل:
ألا يخجل من يخاف الظلام من خوفه أمام الآخرين؟ فالجميع لديه مخاوف باختلاف أسبابها؛ بل يجب أن يكون صادقاً مع نفسه ويعترف بالمشكلة ولا ينكرها، فكلما كان الإنسان أكثر وضوحاً في التعبير عن خوفه، استطاع التغلب عليه أكثر، وأيضاً التحدث مع الآخرين عن الموضوع قد يفتح مجالاً لمشاركة التجارب مع الآخرين، وقد يحصل الشخص منها على بعض النصائح التي قد تفيده.
13. ابحث عن المساعدة:
عندما لا يستطيع الشخص التغلب على خوفه من الظلام بمفرده، وشعر أنَّ خوفه أصبح غير محتملاً، وأصبح يسبب له التعب، فمن الأفضل في هذه الحالة اللجوء لأخصائي نفسي دون أي حرج، والبحث عن علاج نفسي وطبي.
العلاج الطبي لفوبيا الظلام:
يوجد أكثر من استراتيجية نفسية مستمدة من مدارس مختلفة لعلم النفس لعلاج اضطراب الخوف من الظلام، مثل:
- العلاج بالتعرض: يُعرِّض هذا العلاج الشخص مراراً وتكراراً للشيء الذي يخشاه، مثل: الجلوس في الظلام، ويُعرف أيضاً باسم استراتيجية الغمر من مدرسة العلاج السلوكي المعرفي؛ والتي تعتمد غمر الشخص بما يُخيفه حتى يُصبح غير مخيف.
- العلاج المعرفي: يتم التعرف على الأفكار المسببة لمشاعر الخوف، والعمل على استبدالها بأفكار ومشاعر إيجابية وأكثر طمأنينة.
- العلاج بالاسترخاء: يتم العلاج بالاسترخاء عن طريق تعلُّم استراتيجيات التنفس العميق، التي أثبتَت فاعليتها في تهدئة الشخص في مواقف القلق والخوف.
- العلاج الدوائي: لم يُثبت العلاج الدوائي إلى الآن أيَّة فاعلية في الحد من الأعراض أو التحكم بها؛ لذا فهو لا يُستخدم كثيراً في علاج فوبيا الظلام.
خاتمة، عالِج فوبيا الظلام قبل أن تُحوِّل حياتك لظلام!
يُعدُّ الشعور بالخوف رد فعل طبيعي للإنسان خاصةً في مواقف معيَّنة، والخوف في أثناء الظلام من أكثر هذه المواقف شيوعاً، وهو أمرٌ إيجابيٌّ طالما بقي ضمن نسبه الطبيعية؛ لأنَّه يُساعدنا في التعرف على الخطر المحتمل، لكن تكمن الخطورة عندما يتحول رد الفعل هذا لرد فعل مبالغ فيه، ويصاب الشخص باضطراب الخوف من الظلام، الذي يُحوِّل حياته لجحيم وظلام، ويجعل الليل الذي هو أكثر الفترات راحةً وهدوء في اليوم كابوساً حقيقياً، ويحرمه من متعة العيش بشكلٍ طبيعي، حيث يمنعه من الخروج عند حلول الظلام، وعدم القدرة على النوم بمفرده، والأرق وصعوبة النوم وما ينتج عنهما من تعب وإرهاق في صباح اليوم الثاني، مما يؤثِّر في أداء الشخص وإنتاجيته خلال النهار؛ لذا يجب عدم التهاون مع هذه المشكلة، أو عدها أمراً بسيطاً؛ بل النظر إليها على أنَّها مشكلة حقيقية، والعمل بشكل جدي للتغلب عليها.
أضف تعليقاً