حتى بعد تطوُّر العلم وإجراء كثير من الأبحاث والدراسات وإنتاج أدوية متنوعة لمعظم الأمراض، ما يزال معظم الناس يعتمدون في علاجهم على استخدام النباتات الطبية سواءً وحدها أم إلى جانب الأدوية التي تستخدمها بموجب وصفة طبيب.
لكنَّ النباتات الطبية على اختلافها تشبه الدواء بفكرة أنَّها لا تناسب الجميع، فقد يرتاح صديقك المصاب بالزكام كثيراً عند استخدام عشبة معيَّنة، بينما قد يصل بك الأمر للمستشفى عند استخدامها لأنَّك تعاني من مشكلات قلبية مثلاً، وهذا ما يجعل التعرُّف إلى فوائد وأضرار النبات أمراً ضرورياً قبل استخدامه، لذلك سنتحدَّث في مقالنا الحالي عن نبات الزعرور شائع الاستخدام بكثرة، وسنعرِّفك إلى فوائده الهامة وأضراره أيضاً، فتابع القراءة.
نبات الزعرور
يتبع نبات الزعرور إلى الفصيلة الوردية، وهو شجرة شوكية معمِّرة، أوراقها خضراء اللون متقابلة ومفصصة، وحوافها ناعمة، أمَّا أزهارها فهي ذات لون أبيض تتحول فيما بعد إلى ثمار عنبية بحجم صغير نوعاً ما، وبيضوية الشكل وذات لون أحمر أو أصفر أو أسود وَفقَ نوعها، وموطنها الأصلي هو بلاد الشام ولبنان والأردن وفلسطين.
استُخدِمت سابقاً من قِبَل الإغريق لصناعة عروش الزفاف وتيجان العرائس، أمَّا الألمان فقد استخدموا نبات الزعرور في الجنائز، والفرنسيين آمنوا في قدرة نبات الزعرور على طرد الأرواح الشريرة؛ لذلك يعدُّ تاريخ الزعرور طويلاً جداً، أمَّا ثمار الشجرة فهي صالحة للأكل ذات مذاق حلو ولب عصاري، غنية بفيتامين سي وفيتامين ب وحمض الفوليك.
تُستخدَم بعدة أشكال مثل صناعة المربيات أو صناعة العصائر أو إضافة النبات الطازج أو المجفف إلى الشوربات والصلصات والسلطات والأطباق المطهوة المختلفة، وكذلك يمكن تحضير شاي نبات الزعرور بإضافة ملعقة كبيرة من العشبة المجففة إلى كوب من الماء الساخن، ثمَّ شربه بعد تركه مدة 10 دقائق.
فوائد نبات الزعرور
يمتلك نبات الزعرور عدة فوائد جعلت منه نباتاً طبياً هاماً جداً، وأبرز الفوائد ما يأتي:
1. علاج أمراض القلب
يساعد الزعرور على علاج أمراض القلب مثل عدم انتظام ضربات القلب أو قصور القلب الاحتقاني وأيضاً ارتفاع ضغط الدم، فهو يساعد على تنظيم وتحسين كمية الدم التي تُضخُّ في التقلصات إلى خارج القلب، ويساهم في توسيع الأوعية الدموية وحمايتها من التلف ويزيد انتقال الإشارات العصبية.
في إحدى الدراسات أعطوا بعض الأشخاص ممَّن يعانوا من قصور في القلب نبات الزعرور، وتناوَلَ قسم آخر دواءً وهمياً غير نشط، ليجدوا بعد شهرين أنَّ الأشخاص ممَّن استخدموا الزعرور، لديهم القدرة على ممارسة تمرينات رياضية لفترة أطول بكثير ممَّن تناولوا الدواء الوهمي.
2. تقليل الدهون والكوليسترول
تؤدِّي عشبة الزعرور إلى زيادة إفراز الصفراء، فالتقليل من تكوين الكوليسترول وتُخفِّض البروتين الدهني، وتُقلِّل تراكم الدهون في الكبد والشرايين كما تُعزِّز نشاط مضادات الأكسدة.
3. تحسين عمل الجهاز الهضمي
يُستخدَم الزعرور للمساعدة على تحسين عمل الجهاز العصبي والتخلص من المشكلات التي تعوق عملية الهضم، ويعود ذلك لاحتواء الزعرور على الألياف الغذائية التي تعالج الجهاز الهضمي من الإسهال أو عسر الهضم أو آلام المعدة أو المغص.
لوحظ أنَّ إضافة الزعرور إلى الطعام في الطهي، تؤدي إلى تتناول الطعام دون آثار جانبية وتحسِّن الشهية أيضاً، وتقول الدراسات إنَّ ثمار الزعرور لها دور في خفض الوزن الزائد، وإنَّ تناولها قبل بربع ساعة من موعد الوجبة، يقلِّل من الشهية، فتقل كمية الطعام التي تُتناوَل، فينخفض الوزن بمرور الوقت.
4. علاج الأمراض الجلدية
إنَّ لنبات الزعرور دوراً هاماً في علاج المشكلات الجلدية، لكونها تحتوي على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، فتساعد على علاج الالتهابات، لذلك يمكن استخدامها في علاج الدمامل والحكة والقروج الجلدية.
5. تحسين الحالة النفسية
يمتلك نبات الزعرور تأثيرَ المهدئ الخفيف، فيساعد على التخلُّص من حالات التوتر والقلق وسوء الحالات المزاجية التي تؤدي للاكتئاب وحُبِّ العزلة، كما أنَّ الزعرور يساعد على توسع الأوعية الدموية التاجية في القلب، فيزداد تدفُّق الدم إلى أنحاء الجسم كافة، فيزيد ذلك من مستوى الطاقة وحدَّة اليقظة، ومن ثم تحسين المهارات المعرفية والتركيز والاستقرار الذهني والنفسي.
6. تحسين صحة الشعر
هي إحدى الفوائد الجمالية للزعرور، فهو يساعد على تقليل تساقط الشعر ويزيد من حجم البصيلات، لِيُعطي الشعر مظهراً كثيفاً وحيوياً، وغالباً السبب وراء ذلك هو احتواء نبات الزعرور على مركَّب "البوليفينول" الذي يمتلك دوراً هاماً في تعزيز صحة الشعر.
7. تحسين صحة الجهاز التنفسي
يساهم الزعرور في علاج الجهاز التنفسي من بعض المشكلات، مثل السعال الديكي والتهاب الشعب الهوائية وأيضاً الشعور بتعب في الصدر عند التنفُّس فتصبح عملية التنفس مريحة أكثر.
8. مضادات أكسدة
يحتوي الزعرور على نسبة عالية من مضادات الأكسدة خاصة في الأوراق والأزهار التي تحتوي نسبة عالية من مركبات "البروسيانيدينات" و"الفلافونويد"، وهي مركَّبات من أهمِّ مضادات الأكسدة، وتساعد مضادات الأكسدة الموجودة في نبات الزعرور، على تقليل آثار الجذور الحرة في الجسم والتي تزداد ازدياداً طبيعياً عند التقدُّم في العمر والتعرض للتلوث البيئي والقيام بسلوكات خاطئة مثل التدخين، وزيادة مستوى الجذور الحرة تؤدِّي إلى ضرر في خلايا الجسم، وأمَّا مضادات الأكسدة فتعمل على تثبيتها ومنع تضرر الخلايا.
شاهد بالفيديو: 9 انواع من الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة
أضرار نبات الزعرور
على الرغم من امتلاك الزعرور لفوائد عظيمة، إلَّا أنَّه يمتلك أضراراً، وأبرزها ما يأتي:
1. يتفاعل الزعرور مع بعض العقاقير الطبية
قد تتسبَّب نبتة الزعرور بكثير من الأضرار في حال استُخدِمت في العلاج بالأدوية الآتية:
2.1. أدوية الخلل الجنسي الذكوري
مثل التادالافيل والسيلدينافيل والفاردنافيل، والتداخل بين نبات الزعرور وهذه الأدوية كبير جداً؛ لأنَّ نبات الزعرور يؤدي لانخفاض ضغط الدم كما ذكرنا آنفاً، وأدوية الخلل الجنسي لها التأثير ذاته، فاستهلاك الصنفين يؤدي لانخفاض شديد في ضغط الدم تنتج عنه أضرار كثيرة.
2.2. أدوية مخصصة لمشكلات القلب والأوعية الدموية
أبرزها ما يأتي:
- دواء ديجوكسين: الذي يساعد على زيادة ضخ الدم لعضلة القلب، واستهلاكه مع نبات الزعرور يؤدي إلى زيادة تأثير الدواء تأثيراً كبيراً وزيادة أعراضه الجانبية أيضاً.
- أدوية حاصرات بيتا: التي تستخدم خصوصاً من قِبَل المصابين بارتفاع ضغط الدم بهدف خفض ضغط الدم، وكما ذكرنا آنفاً فإنَّ نبات الزعرور يعمل على خفض ضغط الدم أيضاً واستخدامه مع هذه الأدوية يؤدي إلى نتائج خطيرة غالباً.
- أدوية حاصرات قنوات الكالسيوم: التي تستخدم هذه الأدوية أيضاً عند المصابين بارتفاع ضغط الدم، فينطبق عليها الكلام المذكور آنفاً ذاته.
- أدوية نيتريت: التي تساعد على زيادة تدفق الدم إلى القلب كما يفعل ذلك نبات الزعرور، فتناولها مع نبات الزعرور يؤدي إلى حدوث دوار ودوخة نتيجة زيادة تأثير الدواء.
2. يزيد خطر النزيف بعد العمليات الجراحية
يُنصَح بتجنُّب استخدام نبات الزعرور قبل إجراء الجراحة بما لا يقل عن أسبوعين لتأثيره في تبطيء عملية تخثُّر الدم، فيؤدي إلى زيادة خطر حدوث نزيف في العمليات الجراحية أو بعدها.
3. يزيد خطر الإصابة بحصوات الكلى
تناول الزعرور يعدُّ غير آمن عند الأشخاص ممَّن لديهم تاريخ مَرَضي متعلِّق بحصوات الكلى؛ لأنَّه يؤدي دوراً في زيادة خطر الإصابة بها عند تناوله تناولاً متكرراً.
4. اضطرابات عامة
يختلف تأثير نبات الزعرور من شخص إلى آخر، فيُسبِّب تناوله عند بعضهم حدوث تعرُّق أو شعور بالتعب أو مغص واضطرابات في المعدة ينتج عنها قيء أحياناً، وقد يؤدي إلى اضطراب في حركة الأمعاء أو زيادة في ضربات القلب أو الشعور بالدوار ودوخة أو صداع أو نعاس أو رعاف.
إقرأ أيضاً: فوائد حب العزيز وما قيل عنه
5. الحمل والرضاعة
يعدُّ نبات الزعرور غير آمن كثيراً بالنسبة إلى النساء في مرحلة الحمل أو الرضاعة، بالرغم من عدم وجود أضرار أو دراسات تثبت ضرره، إلَّا أنَّ الاضطرابات السابقة قد تحدث مع النساء وتسبِّب توتراً في حالتها الصحية.
في الختام
نبات الزعرور من النباتات الطبية ذات التاريخ الطبي القديم، فقد عُرِف هذا النبات بدوره الهام في علاج كثير من الأمراض، مثل علاج أمراض القلب والأوعية الدموية وكذلك تحسين عمل الجهاز الهضمي والتخلُّص من الإسهال وعسر الهضم، كما أنَّه يساهم في علاج بعض الأمراض الجلدية مثل الدمامل والقروح، كما أنَّ نبات الزعرور يقلِّل الكوليسترول.
إضافة إلى ذلك، فإنَّه يؤدي إلى تأثير إيجابي في الحالة النفسية، فيُخلِّص من التوتر والقلق كما يعزِّز صحة الشعر، ولكن يؤدي إلى بعض الأضرار في حال وجود مشكلات صحية وخاصة عند الأشخاص ممَّن يعانون من مشكلات قلبية وارتفاع أو انخفاض ضغط الدم، لأنَّ نبات الزعرور يتفاعل مع الأدوية، فيزيد من آثارها الجانبية أيضاً، لذلك يجب مراجعة الطبيب المختص في حال وجود مشكلات صحية والتأكد من إمكانية استهلاك نبات الزعرور والجرعة المناسبة أيضاً.
أضف تعليقاً