في البداية لم أكن أُدرِك مدى أهمية الموضوع بالنسبة إلي، ولكن بمرور الوقت شعرت بأنِّي أدرس بتركيز أكبر وبسرعة عالية عندما أجلس بين النباتات والأزهار، وتطوَّر الأمر بمرور الزمن ليصبح مكانَ الدراسةِ الخاصَّ بي هو شرفة المنزل، وعندما أنهيت دراستي، أصبح المكان ذاته هو مكاني المُفضَّل لشرب كوب القهوة صباحاً أو الجلوس عصراً والتنفُّس للتخلُّص من التوتر الذي شعرت به خلال النهار في وقت العمل.
كلُّ ذلك جعلني أُدرِك أهميةَ وجود النباتات في المنزل وأهمية إعداد حديقةٍ خضراءَ على شرفة المنزل على اختلاف مساحتها، فمن خلال التنظيم والخبرات الهندسية، يمكننا إعداد حديقة تتناسب مع المساحة المتاحة لذلك، فلا تعتقد أنَّ وجود النباتات في المنزل غير هامٍّ لأنَّ الحديقةَ المنزلية تُعدُّ إضافةً مميَّزةً للمنزل، ومن خلال مقالنا الحالي سنوضِّح أهمَّ فوائد الزراعية المنزلية، لتُسارعَ وتُعِدَّ حديقة خاصة على شرفة منزلك، فتابع القراءة.
فوائد الزراعة المنزلية وإعداد حديقة خضراء على شرفة المنزل:
يوجد عددٌ من الفوائد والميِّزات الخاصة بوجود النباتات والحديقة في المنزل على اختلاف أنواعها ومساحتها، وفيما يأتي أبرز الفوائد:
1. مصنع أوكسجين خاصٍّ بك:
التنوع النباتي الذي تحتويه الحديقة المنزلية يجعلها مصنع أوكسجينٍ خاصٍّ بمنزلك، فاليوم يعاني معظم الناس من الازدحام المروري القريب من منزلهم أو من الغبار الموجود في الهواء أو من ارتفاع درجات الحرارة صيفاً، فيحتاج كلٌّ منَّا إلى مكان يمكن أن يشعر ضمنه بالهواء المُنعِش واللطيف، ويمكن أن يُنقَّى من خلاله الهواء الذي يدخل إلى المنزل قبل دخوله الحديقة المنزلية، وهذه وسيلة لتوفير هواء نقي يختلف عن الهواء الموجود في الشارع.
تُشير الدراسات إلى أنَّ النباتات قادرةٌ على تخليصنا من 60% من الانبعاثات الناتجة عن عوادم السيارات، وجميعنا نعلم أهميةَ النباتات في هذا الأمر، فاليخضور الموجود فيها يدفعها للقيام بعملية التركيب الضوئي وامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون ثمَّ إصدار غاز الأوكسجين الضروري لعملية التنفس.
2. التعرُّض لأشعة الشمس:
أحياناً ونتيجة كثرة الأعمال والواجبات لا نجد الوقت الكافي لنخرجَ من المنزل ونذهب إلى الحديقة أو أيِّ مكان يمكن الجلوس فيه والاستمتاع بأشعة الشمس والحصول على فيتامين "د"، وفي هذه الحالة تكون الشرفةُ المنزلية التي تحتوي الأزهار والنباتات الخضراء ملاذاً لنا وخاصة بالنسبة إلى الأطفال، فلا يمكن للأبوين السماح لهم بالخروج كثيراً من المنزل.
أيضاً تُعدُّ الحديقة المنزلية أمراً هاماً جداً بالنسبة إلى كبار السن، فمعظمهم يصبح غير قادر على الخروج والتجوُّل بسهولة فيستعيض عن ذلك بالجلوس بجانب النباتات المنزلية.
3. توفير المال:
يمكن الاستفادة من الحديقة المنزلية بأشكال مختلفة فكما ذكرت آنفاً، يمكننا زراعة بعض الخضروات والفاكهة بدلاً من شرائها من السوق، وفي وقتنا الحالي نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة، يلجأ معظم الناس إلى زراعة البصل والنعناع والأعشاب الطبية وغيرها من النباتات سهلة الزراعة، ويعتنون في حدائق منازلهم لتوفير المال وإنفاقه على أشياء أخرى بهدف تأمين كافة مستلزمات الحياة.
من الجوانب الإيجابية للموضوع فضلاً عن توفير المال، أنَّها طريقة مثالية لتناول خضار وفاكهة صحية وطازجة خالية من الملوِّنات والمواد الكيميائية التي أصبحت تُضاف بكميات كبيرة إلى الخضار والفاكهة التي نتناولها يومياً.
4. التشجيع على ممارسة الرياضة:
يشعر كثيرون منَّا بالكسل عندما يتعلق الأمر بممارسة الرياضة، فلا يلتزم بالذهاب إلى النادي الرياضي أو لا يجد الوقت الكافي للخروج من المنزل والذهاب إليه، ولكن وجود حديقة منزلية يمنحك الفرصة المناسبة لممارسة الرياضة، فإن جرَّبت ممارسة التمرينات بين النباتات صباحاً أو عصراً مع الاستماع إلى موسيقى مناسبة، ستشعر بأنَّك تريد تكرار ذلك يومياً، وفي حال كانت مساحةُ الحديقة المنزلية كبيرة نوعاً ما، فيمكن المشي ذهاباً وإياباً لمدَّة نصف ساعة يومياً، فيشجِّعك ذلك على ممارسة الرياضة.
فضلاً عن ذلك، فإنَّ العنايةَ بالنباتات المنزلية الموجودة في شرفتك يومياً يُعدُّ رياضةً، فيجب عليك ريَّها وتقليمها وتنظيف المكان باستمرار، وربَّما تحتاج إلى استخدام أدوات الزراعة المختلفة، وجميع الحركات التي تقوم بها في هذه الحالة تُعدُّ نوعاً من أنواع الرياضة.
5. الراحة النفسية:
تساعد الشرفة المنزلية التي تحتوي نباتات خضراء وأزهار متنوعة وَفقَ عددٍ من الدراسات على مقاومة ودفع الشعور بالوحدة التي يشعر به كثيرٌ من الناس، نتيجة السكن وحدهم، فالفرد يمكنه الجلوس على شرفته والاستمتاع بألوان وأشكال النباتات، وأيضاً الاستمتاع بالمشهد الذي تُطلُّ عليه الشرفة، فوجود النباتات يجعل المشهد أجمل بالطبع.
يمكنه ممارسة اليوغا أو التأمُّل والاستماع للموسيقى الهادئة، فهذه التفاصيل تساعده على التخلُّص من التوتر والقلق والطاقة السلبية التي يُشحَن بها نتيجة العمل في الخارج والازدحام في الشوارع وسوء العلاقات الاجتماعية أو غيرها من الأسباب التي تجعل مزاجنا سيئ، وتُعدُّ أيضاً الشرفة المليئة بأنواع مختلفة من النباتات والحديقة المنزلية عامة، مكاناً مناسباً للجلوس مع العائلة أو الأصدقاء وتناول الطعام والقيام بحفلات الشواء وغيرها من النشاطات التي يمكن القيام بها في يوم العطلة، فإنَّ وجود النباتات يُشعرهم بأنَّهم في منتزهٍ أو حديقة فينعكس ذلك إيجاباً على حالتهم النفسية.
شاهد بالفيديو: 10 نصائح للحصول على الراحة النفسية
6. رفع قيمة المنزل المادية:
النباتات المنزلية على شرفة المنزل أو الحديقة المنزلية بجانب المنزل لها أثرٌ كبيرٌ في زيادة جمالية المنزل، لكونها تُضفي الحيوية والطاقة الإيجابية للمكان وخاصةً بالنسبة إلى المنازل الموجودة في المناطق المزدحمة من المدن، وهذا السبب الرئيسِ وراء ارتفاع سعر المنزل الذي يَضمُّ حديقةً منزليةً، وخاصةً لمن يحتاج إلى مكان يسترخي فيه من ضغوطات الحياة.
نصائح للحفاظ على النباتات في المنزلية في شرفة منزلك:
لتتمكَّن من توفير مكان مناسب للراحة النفسية والاسترخاء عليك الالتزام بعدَّة نقاط هامة، وأبرزها ما يأتي:
1. ازرعْ النباتات الورقية:
تُعدُّ النباتات الورقية هي الأكثر ملاءمةً للمنزل؛ لكونها تبقى خضراء طيلة العام والكثير منها يُزهِر دائماً، وأبرز النباتات الورقية المناسبة للزراعة في شرفة المنزل النباتات العصارية وأشجار الزينة مثل نخيل الزينة والفيكس والسرخسيات.
2. ازرعْ صبَّاريَّات:
تُعدُّ الصباريات من النباتات الكادحة التي تُقاوم الظروف الصعبة المُغايرة لبيئتها الطبيعية والقاسية، مثل قلة المياه أو الجفاف أو الظل، لذلك يلجأ معظم الناس لوضعها على النوافذ لكونها عاشقةً للشمس، ولكن يجب الحذر عند زراعة الصباريات، لأنَّها تتعفَّن إن رُويَت بغزارة أو تُركت في الظلِّ لفترات طويلة.
3. حافظْ على رطوبة النباتات:
من الضروري لتبقى النباتات بمظهر حيويٍّ دائماً أن تُروى ريَّاً مناسباً لكلِّ نوعٍ، فبعضها يحتاج فقط إلى الري عن طريق بخاخ أو رذاذ صغير، ومن الضروري الاطِّلاع على الشروط المثالية لري النباتات، فجميعها يتغيَّر معدَّل ريِّها في فصل الشتاء وفصل الخريف، لأنَّ الرطوبةَ تزداد ومن ثم لا حاجة لريِّها بالكمية نفسها من الماء التي تُضاف للنبات صيفاً، فيُعدُّ الري المُفرِط سبب ذبول وموت الكثير من النباتات.
4. حافظْ على نظافتها باستمرار:
الفوائد التي ذكرناها عن الحديقة المنزلية تنطبق في حال حوفِظَ على نظافة المكان باستمرارٍ وعلى نظافة النباتات تحديداً، فمن الضروري مسحها باستمرار للتخلُّص من الغبار الموجودة على الأوراق أو السيقان، ويُفضَّل من أجل ذلك استخدام قطعة قماش مُبلَّلة بالماء فقط، فبعض المواد قد تُسبِّب إغلاق مسامات الأوراق فتمنعها من القيام بالتركيب الضوئي.
5. تجنَّبْ استخدام الأسمدة:
النباتات المنزلية يمكن أن تنمو ببطء، ولأنَّنا لا نحتاجها إلى بيع ثمارها علينا تجنُّب استخدام الأسمدة في الشتاء أو الخريف الَّتي تُسرِّع من نموها، ويمكن إضافة بعض الأسمدة في فصل الربيع لتعويض النباتات عن النقص في العناصر التي تحتاجها لتحافظ على نموها ولونها الأخضر وأزهارها.
6. استخدِمْ نباتات غريبة:
في حال توفَّرت عدة شرفات في المنزل أو حديقة منزلية واسعة، يمكنك تخصيص مكان ضمنها لزراعة نباتات غريبة لم نعتد على رؤيتها، والفائدة من ذلك أنَّ النباتات الغريبة تضيف طابعاً مميزاً لحديقةِ المنزل، فيشعر أصحابها بالحيوية والجمال والذوق الرفيع في آن معاً.
7. حدِّدْ المكان المناسب للزراعة:
عندما تريد زراعة فاكهة أو خضار أو أعشاب طبية وعطرية، اخترْ المكانَ المناسب ضمن حديقة المنزل، لأنَّ كثيراً منها لا يمكنه العيش في أماكن تتعرَّض للشمس طيلة النهار، وبعضها لا يمكنه العيش في الظلِّ، كما يجب عليك ترك مساحة مناسبة لكلِّ شجرةٍ فمستقبلاً ستنمو وتأخذ حيِّزاً كبيراً من المكان.
في الختام:
الحديقة المنزلية الخضراء أو الشرفة التي تُزرع فيها النباتات المتنوعة منها نباتات الزينة أو الخضار والأعشاب العطرية، تُعدُّ مكاناً مميَّزاً في المنزل يضيف إليه الجمالية والقيمة المادية والمعنوية أيضاً، لأنَّ وجودَ الحديقة المنزلية يُشجِّع على ممارسة الرياضة ويوفِّر الراحة والسكينة والجوَّ المناسب للتخلُّص من القلق والطاقة السلبية.
كما أنَّ الحديقةَ المنزلية تُعدُّ مصنعاً للأوكسجين لأنَّها تنقِّي الهواءَ من الغبار والملوثات الناتجة عن عوادم السيارات وتوفِّر هواءً لطيفاً ومُنعشاً وخاصةً في فصل الصيف، إضافة إلى أنَّ زراعةَ الخضار والفاكهة تضمن توفير بعض المال وتوفير الغذاء الصحي أيضاً.
أضف تعليقاً